مئات الصور ومقاطع الفيديو تنتشر يومياً في أوساط الشعب السوداني وبين متابعي ثورة ديسمبر الطامحة لإسقاط النظام. في يوم 8 نيسان/ أبريل الماضي، وهو ثالث أيام الاعتصام الشعبي أمام مبنى القيادة العامة للقوّات المسلّحة السودانيّة، انتشرت صورة آلاء صلاح، والتي تعبّر باختصار عن ثورة تلعب فيها النساء دور البطولة.
ترتدي آلاء صلاح الثوب التقليدي ذا اللون الأبيض، أحسب إنها تعزّز ارتباطه الرمزي بالاحتجاجات، حيث خصّص له شهر المرأة، وسُمّي بمارس الأبيض، مع إكسسوارات، وتسريحة شعر بسيطة كلاسيكيّة، تشبه سودانيّات الستينيّات، تبدو بأناقتها تلك وبصوتها الجهور دون مكبرات صوت، كقياديّة وناشطة خبيرة. الملاحظ أيضاً إنها زيّنت وجنتها بصبغة بألوان علم السودان القديم (أزرق، أصفر، أخضر) وهو يُسمّى علم الاستقلال، وكثير من الثوّار اختاروه عوضاً عن علم السودان الحالي.
من هي آلاء صلاح؟
في الحقيقة لا أعرف آلاء، وأفضّل ألا أبحث عنها لأجنّبها الخطر، فرغم إطلاق سراح عدد من المعتقلين البارحة فما زال التهديد قائماً. إلا أن آلاء صلاح صارت أيقونةً بجانب آخرين وأخريات، يهدمون ويهدمن بنضالهم/ن سدَّ النظام المنيع، فهذه الثورة تستمدّ استمراريتها ببساطة المشاركين/ات فيها، شباب وفتيات سخّروا/ ن زمنهم/ن وجازفوا/ن بحياتهم/ن وسلامتهم/ن في سبيل الوطن.
القصيدة كهتاف
في المقطع المسجّل، ينتقل صوت هذه الفتاة الجميلة عبر الإنترنت ليصل الجالسين في المنازل ليُلهمهم، وليدخل بيوت النظام الظالم تحدّياً له، ومن ثمّ ليدخل هواتف رجال الجيش المنوط بهم حسم المعركة لصالح الشعب.
إن هتافات آلاء هي أبيات شعريّة تعود للشاعر أزهري محمد علي، أفهم القصيدة كرسالة وداعٍ واعتذارٍ من ثائر لأمه، يبدأها معتذراً عن نكص العهد الذي قطعه بتجنّب الحديث في السياسة في زمن حكم العسكر، يستلهم الشاعر مجدنا بالانتساب لـ"ترهاقا"، أحد ملوك مملكة كوش ولـ"الكنداكة"، وهو لقب الملكات الحاكمات في الحضارة النوبيّة. حين تسمع البيت بأداء آلاء تشعر بهذه الجملة تحديداً "أنا حبوبتي كنداكة" بأن هذه البطولة هي وراثة القيادة من جدّاتنا اللواتي حكمن منذ آلاف السنين. تستمرّ القصيدة بتعداد أسماء شهداء الحراك السوداني خاصة شهداء2013 وتذكّرنا بأن الموت هو الحياد والصمت، وأن السجن الذي يهدّدنا به النظام إنما هو شرف وعزّ، فهو حبس بدون شبه السرقة ولا الخيانة.
كلمات القصيدة
يا والدة أعفيلي..
وعدي القطعتو معاك..
إنو الكلام ممنوع.. في شلة الحكام
يا والدة دمي بفور.. لما البلد تغلي..
لما العساكر ديل.. الشوهو الإسلام
جايبين تفاهاتم..
سجنونا باسم الدين..
حرقونا باسم الدين..
حقرونا باسم الدين..
كتلونا بإسم الدين..
الدين بريء يمة..
الدين بقول الزول.. إن خلى حقو يموت..
بيخاوي في شيطان..
الدين بقول تمرق..
تمرق تقيف في الضد.. وتواجه الحكام..
الدين بقول الزول.. إن شاف غلط منكر..
ما ينكتم يسكت..
ببقى الغلط ستين..
كوز السجم بيغرف.. في خيرنا ويتمتع..
نحن السقينا النيل.. من دمنا الفاير..
ما بننكتم نسكت.. في وش عميل جاير..
الخوف عديم الساس.. وأنا جدي ترهاقا....
حبوبتي كنداكة.. وعبد الفضيل الماظ
فراس بشيلو الرأس..
يمة الشباب بحيو.. وأنا بالسكوت ميت..
هزاع... وسنهوري.. أيمن ولي الدين..
حازم وفاء وأحمد.. ديل كلهم حيين
أكرم صهيب أحمد.. ومحمد الخاتم..
مازن... منى... وعاصم.. لابسين حرير أخضر
سندس وإستبرق.. وأنا " دمي " بتفرّق
ساكت وبتفرج.. وأم در عروس النيل..
لابسة الرحط والحق.. مليان بخور ولبان..
ويزغردن نسوان.. للكل يوم عرسان
وانا يمة دمي بفور..
ما بنكتم وأسكت..إلا العسس ده يغور..
إن كان سجن يمة.. سجناً يكوسو رجال..
سجناً ملان ثوار.. ما قالوا فيو سرّاق..
ما أندس فيو خائن.. مافيهو ولداً عاق..
فيهو الشرف ذمة.. فيهو الغباش دفاق..
الضاق لهيب الشمس.. راح يقهر الرقراق..
وإن كنتي خايفة الموت.. يمة الرجال أحرار
شن فايدة العيشة.. والروح مولعة نار
الطلقة يمة جواز.. لي حقنا المقلوع
الطلقة يمة خلاص.. لي زول خلاص موجوع
الطلقة يمة طلوع.. من ذل مهانة وجوع
الطلقة يمة غسول..
الطلقة يمة ثمن.. لي كلمة سمحة وقول
الطلقة يمة حياة.. لي زول جريح مقتول
زي وخزة الشوكة.. أقصر كمان في الطول
قال المناضل يوم..
الطلقة ما بتحرق..
بيحرق سكات.. الزول
بيحرق سكات..
الزول.
صارت آلاء صلاح أيقونةً بجانب آخرين وأخريات، يهدمون ويهدمن بنضالهم/ن سدَّ النظام المنيع، فهذه الثورة تستمدّ استمراريتها ببساطة المشاركين/ات فيها، الذين جازفوا/ن بحياتهم/ن وسلامتهم/ن في سبيل الوطن.
إن هتافات آلاء هي أبيات شعريّة تعود للشاعر أزهري محمد علي، أفهم القصيدة كرسالة وداعٍ واعتذارٍ من ثائر لأمه، يبدأها معتذراً عن نكص العهد الذي قطعه بتجنّب الحديث في السياسة في زمن حكم العسكر.
"الكنداكة"، وهو لقب الملكات الحاكمات في الحضارة النوبيّة. حين تسمع البيت بأداء آلاء تشعر بهذه الجملة تحديداً "أنا حبوبتي كنداكة" بأن هذه البطولة هي وراثة القيادة من جدّاتنا اللواتي حكمن منذ آلاف السنين.
الإلهام صورة وأكثر
صورة آلاء ألهمت الشرق والغرب، فهي فعلياً حقّقت ما يُسمّى في عُرف السوشيال، بكسر الإنترنت break the Internet. ما قامت به آلاء مذهل، فليس من السهل التنقّل من موقع لآخر، من الصباح الحارق بدرجة تفوق 40 مئوية وحتى الليل، وتحافظ على نقاء ثوبها الأبيض، وصوتها، وحضورها طاغي الكاريزما، هي مهيرة الجديدة التي تشجّع الثوار. ومهيرة بنت عبود كانت شاعرة حماس، شجّعت المقاتلين في معركتهم ضد إسماعيل باشا.
صورة آلاء ألهمت الشرق والغرب
لكن هنالك ثوّار آخرين خذلتهم الصورة فلم يعرفهم العالم، كتلك الفتاة التي خرجت في المظاهرات منذ بدايتها فاعتقلت وقصّ جهاز الأمن شعرها، ثمّ عادت فشاركت في المظاهرات بعد إطلاق سراحها، فاعتقلت للمرّة الثانية لتضرب حتى تكسر يدها، ثمّ وللمرّة الثالثة تحدّتهم وخرجت بيدها المحمولة على عنقها برباط طبّي وشعرها القصير، من هذه البطلة؟
شكراً آلاء، كم أنا فخورة بك، ليتني كنت في ذلك الطرف من شارع القيادة الطويل لأستمع لك، لكن شاء القدر أن أكون في نفس الزمان والمكان، لكن على بعد أمتار، أشاهد ملهمين كثراً، صغاراً وكباراً، يقاومون القهر بالإصرار، وشكراً للمصوّرة هارون، لقد فهمت تأثير الصورة في هذا العصر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون