"لن أستجيب لأي استدعاء للتحقيق، وهي مسرحية قضائية لن نكون طرفاً فيها، ولن نلعب هذه اللعبة، ونقول للسلطة السياسية التي وظفت هذه الشكاية، إن لعبتك مكشوفة ولن تنطلي على أحد"؛ هكذا علّق رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس أحمد نجيب الشابي، خلال ندوة صحافية عقدتها الجبهة يوم الثلاثاء 3 كانون الثاني/ يناير 2023.
وقد تم الإعلان عن تأسيس الجبهة يوم 31 أيار/ مايو 2022، وهي تتكون من 5 أحزاب هي النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس وحراك تونس الإرادة والأمل، إلى جانب حراك "مواطنون ضد الانقلاب" وعدد من النواب السابقين والسياسيين.
وأعلنت الجبهة معارضتها لما تسميه انقلاب رئيس الجمهورية قيس سعيّد، على السلطة والدستور، ورفضها كل إجراءاته الاستثنائية التي أعلنها منذ 25 تموز/ يوليو 2021، ومن بينها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء وإصدار قوانين بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد للبلاد عبر استفتاء تموز/ يوليو 2022، وانتخابات تشريعية مبكرة في كانون الأول/ ديسمبر 2022.
شكاية وتهم
الشابي كشف أن استدعاءه وعدداً من قيادات الجبهة على غرار شيماء عيسى ورضا بالحاج وجوهر بن مبارك، بالإضافة إلى الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي، جاء على خلفية شكاية تقدمت بها ضدهم رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، بتهمة "إيواء الإرهاب وتمويله والاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها".
وكان هذا الحزب قد أوضح في بلاغ له يوم 27 كانون الأول/ ديسمبر 2022، أن هذه الشكايات قُدّمت من أجل "الانخراط في تنظيم يضم في صفوفه أشخاصاً وأحزاباً ذوي علاقة بالجرائم الإرهابية، ووضع محل للاجتماع على ذمة ذلك التنظيم، وتجميع التبرعات لفائدته".
أحمد نجيب الشابي "لن أستجيب لأي استدعاء للتحقيق، وهي مسرحية قضائية لن نكون طرفاً فيها، ولن نلعب هذه اللعبة، ونقول للسلطة السياسية، إن لعبتك مكشوفة
ورأى الحزب في بلاغه أن الاعتراف "بما يُسمّى جبهة الخلاص الوطني والسماح لها بالنشاط، يدخل ضمن تبييض التنظيمات الإرهابية والتستر على أذرع الإخوان الخطيرة في تونس والتشجيع على مواصلة منظومة الربيع العربي التخريبي في ثوب جديد"، حسب نص البلاغ.
الشابي انتقد بشدة عبير موسي، وقال إن "صدرها يضيق بكل من يخالفها الرأي، وإن تونس بالنسبة لها هي السجن لكل هؤلاء بمعنى العودة إلى عهود الاستبداد".
كما انتقد ما عبّر عنه خلال الندوة الصحافية "بعدم تكليف وكيل الجمهورية نفسه عناء تقصّي حقيقة هذه التهم التي لا أساس لها من الواقع والقانون وتمريرها مباشرةً إلى التحقيق".
"تمثيلية سيئة الإخراج"
وأكد رئيس جبهة الخلاص أن استجابته لاستدعاء التحقيق تعني "أنه جزء من هذه التمثيلية سيئة الإخراج وأنه في حال تم جلبه بالقوة وفقاً للقانون، فلن ينبس ببنت شفة، ولن يتكلم عن هويته، ولن يجيب عن أي سؤال حتى صدور الحكم النهائي".
وحمّل القضاة "الذين سيتورطون في مثل هذه العملية"، المسؤولية، وقال إنهم "لن يفلتوا من العقاب وإن دورهم إقامة العدل لا أن يكونوا موظفين لدى رئيس الدولة كما يريد هو ذلك، وكما جاء في دستوره"، وفق تعبيره.
وشدد على أن "الدخول في هذه اللعبة يعني تزكيتها، وذكّر بتحذيرات الجبهة منذ حزيران/ يونيو 2022، من تهيئة السلطة للانقضاض على القيادات السياسية المعارضة من الخط الأول بالرغم من تكذيب السلطة آنذاك ذلك، وأن عشرات الأشخاص يُقتادون اليوم أمام القضاء".
ويرى نجيب الشابي، أن جبهة الخلاص المعارضة ليست فقط هي المستهدفة، "بل كل تونسي حر له رأي مستقل معارض هو عند قيس سعيّد مجرم، لأن رئيس الجمهورية لديه رسالة إلهية وتونس منطلق لرسالة كونية وخصومه شياطين مكانهم جهنم وفي الدنيا السجن تحت الأرض وسيصفّيهم كما يُصفَّى الدم الملوث كما يقول الرئيس".
"معركة وجود"
وانتقد ما وصفها "بهذه العقلية والفلسفة والسياسة التي تدير الشأن العام التونسي"، ونبّه "من ينخرط في هذه العملية عن وعي بأنه سيساءل، وشخصياً سألاحق كل من سيتورط في تتبّعي ولن يفلت من العقاب والمعركة معركة وجود، فإما الديمقراطية والحرية أو الاستبداد والفناء".
وشدد على عزم الجبهة على الدفاع "إلى آخر رمق"، عن حرية الرأي والتعبير والتحرك وأعلن عن تنظيم مظاهرة يوم 14 كانون الثاني/ يناير 2023، إحياءً لذكرى الثورة التونسية، و"تكريماً لروح الشهيد رضا بوزيان الذي استشهد قبل عام دفاعاً عن حرية التجمهر في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة".
وإلى جانب تتبّع قيادات جبهة الخلاص، أعلن المحامي والناشط الحقوقي عياشي الهمامي، عبر صفحته على فيسبوك، يوم الإثنين 2 كانون الثاني/ يناير 2023، عن فتح القضاء التونسي تحقيقاً ضده بتهمة "بث شائعات وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية"، وذلك بناءً على طلب من وزيرة العدل ليلى جفال.
ويأتي ذلك على خلفية اتهام الهمامي في تصريحات إعلامية "السلطات التونسية باختلاق قضايا إرهاب لقضاة عزلهم سعيّد السنة الماضية"، بصفته منسق هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين.
يتعرض العديد من المعارضين التونسيين آخر رئيس جبهة الخلاص لمتابعات قضائية وتحقيق. هؤلاء يأكدون أن نظام الرئيس سعيّد يحاول تكميم أفواههم عبر القضاء
كما تم إيداع رئيس الوزراء الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة علي العريض، السجن، يوم 20 كانون الأول/ ديسمبر 2022، في ما يُعرف "بقضية التسفير إلى بؤر التوتر" بمعنى "تسهيل تسفير تونسيين للانضمام إلى تنظيمات مسلحة للقتال في مناطق النزاع مثل سوريا".
وتأتي مختلف هذه التتبعات في ظل أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة لم تشهدها تونس منذ الاستقلال ويحمّل المعارضون رئيس الجمهورية المسؤولية ويتهمونه "باستهدافهم" من خلال هذه المحاكمات والإيقافات.
"تصعيد ممنهج وخطير"
حركة النهضة وصفت إحالة زعيم جبهة الخلاص الوطني نجيب الشابي، إلى التحقيق، "بالتصعيد الممنهج والخطير الذي قامت به سلطة الانقلاب"، بالإضافة إلى عدد من قيادات الجبهة والرموز السياسيين المعارضين لسعيّد.
وأعلنت في بيان لها تضامنها الكامل مع "كل المستهدَفين" وأدانت ما قالت عنه "تبادل الأدوار بين سلطة الانقلاب وإحدى أذرعها السياسية ممثلة في رئيسة الحزب الدستوري الحر.
وأكدت "مواصلة نضالها إلى جانب كل القوى الحية من أجل استقلال السلطة القضائية التي حققت مكاسب مهمةً بعد الثورة"، وأعربت "عن عدم توانيها في التتبع القانوني لكل من سينخرط في استهداف المناضلين سلميّاً من أجل استعادة المسار الديمقراطي في البلاد".
"تتبّعات سياسية كيدية"
في السياق، يرى المحلل السياسي فتحي الزغل، أن ما يحدث من إيقافات وتتبعات في ظاهرها "عدلية أو قضائية"، ليست في الحقيقة سوى تتبعات كيدية ذات خلفيات سياسية على اعتبار أن كل المتَّبعين هم من خصوم رئيس الجمهورية".
ويقول لرصيف22، إن سعيّد وداعميه "مروا إلى السرعة القصوى في تحقيق الأجندة التي جاء من أجلها رئيس الدولة يوم 25 تموز/ يوليو 2021"، وإن الإيقافات "استهدفت أساساً حركة النهضة وائتلاف الكرامة الفصيلين السياسيين اللذين جاءت القرارات الاستثنائية لتقصيهما من الحياة السياسية في تونس".
وأضاف أن وجهة التتبعات اتسعت اليوم لتشمل كامل مكونات جبهة الخلاص المعارضة التي أعلنت منذ تأسيسها مواجهة مختلف إجراءات سعيّد، في ظل حالة الاحتقان الاجتماعي والسياسي التي عبّرت عنها نتائج الانتخابات التشريعية وعزوف الشعب عن برنامج الرئيس بصفة عامة بالإضافة إلى حالة الاحتقان النقابي وهو "عامل جديد دخل في المعادلة"
أكد سعيّد خلال لقائه يوم الإثنين 2 كانون الثاني/ يناير 2023، رئيسة الحكومة نجلاء بودن، "أن لا أحد فوق القانون وأن أجهزة الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام كل من يحاول المساس بها"
وبرأي فتحي الزغل، فإن البلاد ذاهبةٌ إلى مرحلة "قد تشهد فلتاناً أمنياً واجتماعياً وسياسياً، وهو ما يجب أن تتجنبه كل القيادات السياسية في تونس وخاصةً القيادات التي بيدها السلطة التنفيذية وأقصد معسكر سعيّد ومناصريه".
ويحذر من أنه في حال "لم يقع تغليب الحكمة من هذا الفريق بالذات فليس هناك أملٌ في الإصلاح على المدى القريب أو المتوسط، بل أرى عكس ذلك"، يؤكد.
مسؤولية المعارضة
في المقابل، ينتقد الناشط السياسي طارق الرحالي، بشدة تصريحات المعارضة، ويقول إنها "على استعداد هذه الفترة لتحميل قيس سعيّد مسؤولية ثقب الأوزون".
ونفى في تصريحه لرصيف22، أن تكون الإيقافات والمحاكمات في حق شخصيات معارضة سياسيةً، لأنه "كان يمكن أن تكون كذلك بدايةً من 26 تموز/ يوليو 2021، إبان قرارات الرئيس بتجميد البرلمان، ولكن لا أستغرب من معارضة سعيدة بتأجيل مفاوضات صندوق النقد الدولي مع تونس، أن تتهم الرئيس بمثل هذه الاتهامات"، وفق تعبيره.
وبرأيه، فإن هذه الأطراف المعارضة "تدفع بالأزمة السياسية إلى أقصاها علّها تستفيد من النتائج"، ويرى أن هذه الأزمة "ستنفرج باستكمال المؤسسة التشريعية (البرلمان المرتقب)، وفرض علوّ القانون مع التعويل على لعب الاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة النقابية الكبرى في تونس) دوره الوطني من دون الاصطفاف السياسي مع أي طرف كان".
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد، قد نفى في أكثر من مرة صحة اتهامات المعارضة له باستهدافها.
وأكد سعيّد خلال لقائه يوم الإثنين 2 كانون الثاني/ يناير 2023، رئيسة الحكومة نجلاء بودن، "أن لا أحد فوق القانون وأن أجهزة الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام كل من يحاول المساس بها".
وشدد، وفق بيان لرئاسة الجمهورية، على "حرص الدولة على احترام الحقوق والحريات وعلى تطبيق القانون والحفاظ على مؤسسات الدولة وعلى حق المواطنين في الأمن والعيش الكريم".
وأكد خلال لقائه أيضاً في اليوم ذاته رئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء المنصف الكشو، "ضرورة تطهير البلاد من كل من استولى على مقدراتها ويسعى اليوم إلى التسلل إلى مؤسساتها متحالفاً مع أي جهة كانت للوصول إلى مآربه ويعتقد أنه فوق أي مساءلة أو جزاء".
كما أكد في لقاء سابق يوم 30 كانون الأول/ ديسمبر 2022، بكل من بودن ووزيرة العدل ليلى جفال ووزير الداخلية توفيق شرف الدين، "تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة والدور الذي يجب أن تقوم به كل أجهزة الدولة وخاصةً القضاء لأنه من دون قضاء عادل لا يمكن أن يتحقق أي هدف من أهداف الشعب التونسي في حياة كريمة يسود فيها العدل وتنتفي فيها كل أسباب الفقر والظلم"، بحسب بلاغ رئاسة الجمهورية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع