الحديث مع ياسمين الخطيب قد يكون مفاجئاً، لكنها مفاجأة سعيدة، قد يعتقد البعض أن امرأة بجمالها لا تتمتع بقدر مساوِ من الثقافة والذكاء والأفكار التقدمية، وهو ما يثبت عكسه بعد دقائق من الحوار معها.
وُلدت الخطيب في بداية الثمانينيات لأب مصري، وأم تركية لبنانية، تحمل ملامحها تشابهاً كبيراً مع ملامح الفنانة الراحلة زبيدة ثروت. والدها هو الناشر سيد الخطيب، وجدّها المفكر عبداللطيف الخطيب، مؤسس أكبر مطبعة في مصر والشرق الأوسط في الأربعينيات وهي المطبعة المصرية.
يمكن وصفها بالفاتنة، أو صاحبة الـ"تاتو" الذي يلفت نظر كل من يجلس معها، وهو "مدد بلا عدد"، فقد أخذت هذه الكلمات الصوفية، حيزاً كبيراً من يديها، وتحديدًا اليد اليمنى، حيث تبرز عن هويتها وحبها الدائم لزيارة "أولياء الله".
تسعى ياسمين إلى تكريس فكرة بسيطة؛ أن الجمال ليس سبب نجاح المرأة الجميلة، وإلى إثبات قدرتها على تولي المناصب، فكانت الكاتبة والفنانة التشكيلية، كما تمكنت من أن تصبح رئيسة تحرير إحدى المجلات الكبيرة، بالإضافة إلى خوضها تجربة التمثيل، ومن يدري ما هي المجالات التي ستطرقها بعد.
رصيف22 التقى ياسمين الخطيب، وحاورها حول رحلتها الفنية، وعن الأفكار التي تحكم حياتها، سواء المهنية أو الشخصية.
العائلة
كيف أثرت نشأتكِ في بيت لأم لبنانية وأب مصري، وتربيتك في بيت جدّك على تكوينك النفسي ونشأتك الثقافية؟
أثرت فيّ كثيراً وتحديداً في توازني، أمي بحكم أصولها لبنانية تركية ولكنها من مواليد القاهرة، وبطبيعة نشأتها كانت تهتم كثيراً بأن نولي أنا وأختي اهتماماً كبيراً لمظهرنا، بشكلنا، وشعرنا، أظافرنا، ووجوهنا، وأنا أرى أن هذه التوليفة إن صح التعبير ساهمت كثيراً في صناعة شخصيتي الحالية التي أعتز بها.
نُقل عنكِ حديثك عن الذهاب إلى طبيب نفسي منذ الصغر، وهو اعتراف فيه كثير من الشجاعة، هل خجلتِ من هذا الاعتراف بعدها؟
لم أقل إنني ذهبت لطبيب نفسي في طفولتي، ما قلته أنني في صغري كانت لدي تجربة ما، وهي العصبية الشديدة، فأخذتني أمي إلى الدكتور، قلت هذا على سبيل الدعابة في حينه. لكن الحقيقة أنني ذهبت بنفسي إلى طبيب نفسي في بداية العقد الثالث من عمري، وتحديداً بعد وفاة والدي بعدة أشهر ومروري بأول أزمة نفسية نتيجة هذا الفقد، ولا أرى الأمر مخجلاً.
ذهبت بنفسي إلى طبيب نفسي في بداية العقد الثالث من عمري، وتحديداً بعد وفاة والدي بعدة أشهر ومروري بأول أزمة نفسية نتيجة هذا الفقد، ولا أرى الأمر مخجلاً
تُصرحين أنك ترفضين تجربة الزواج مرة أخرى، ما السبب في هذا القرار؟
الزواج هو تجربة استُهلكت بالنسبة لي، ولا أجد أنني ناجحة فيها، ولا أعتقد أنني مُطالبة بأن أثبت لنفسي أو للمجتمع أو لأي شخص قدرتي على إنجاحها، على العكس، أرى أن من الأفضل الاستسلام والاعتراف بأنني غير ناجحة في الزواج والأهم قناعتي أنه ليس من الضروري أن أنجح فيه، برأيي هناك توازن "ربنا بيدي حاجات وبياخد جاحات"، وربما الزواج من الأشياء التي حُرمت منها، فحياتي الزوجية لم تكن ناجحة أو مستقرة، ولم أعد مهمومة بإنجاحها.
حتى إن وقعتِ في الحب، ألن تتزوجي أو تغيري رأيك؟
أنا لا أحب غير الرجل الـ"توكيسك" الذين لا يصلحون للزواج نهائياً. آخر تجربة زواج كانت مبنية على اختيار العقل ولم تفلح، لا حب نافع ولا عقل نافع، لذا لن أتزوج مرة أخرى.
وكم مرة تزوجتِ حتى الآن؟
4 مرات فقط
متى تتركين العلاقة دون رجعة؟
عند الخيانة، لا اتسامح نهائيا في الخيانة، فمن وجهة نظري أنا بحاول قدر الإمكان أن أنجح العلاقة ولا أعذار في الخيانة، طبعاً لا يوجد شخص كامل، إلا أنني أحاول أن أكون إمرأة كاملة داخل علاقتي بالرجل، ومع هذا فأنا أدرك جيداً وجود متطلبات للطرف الثاني ووجود عيوب، بل وأتسامح معها ، لذا لا أعتقد أنني أستحق الخيانة، أو أن أية امرأة تستحقها.
هل كانت الحرية السبب في انفصالك في المرة الأولى، هل تستطيعين العيش بدونها..؟
لا، لم تكن الحرية، انفصلنا بشكل متحضر، فقد تزوجت في سن صغيرة، واتضح لاحقاً وجود اختلاف في الطباع والشخصيات، وعندما كبرت وجدت أننا غير مناسبين لبعضنا البعض، لكننا ما زلنا أصدقاء، الحرية تهمني طبعاً، لكنني لم أكن في يوم ما شخصية مكبوتة.
أنا لا أحب غير الرجل الـ"توكيسك" الذي لا يصلح للزواج نهائياً. آخر تجربة زواج كانت مبنية على اختيار العقل ولم تفلح، لا حب نافع ولا عقل نافع، لذا لن أتزوج مرة أخرى.
المهنة
حمل كتابكِ المثير للاهتمام والجدل اسم "ولاد المرة"، ماذا كان قصدك بالجملة؟ ومن في حياتكِ يمكن وصفهم بـ"ولاد المرة"؟
عندما استخدمت لفظ "ولاد المره" في الكتاب وفي المقال لم أقصد به شتيمة أو إهانة، بل على العكس أردت أن أعكس المعنى السائد، وقصدت به تعبيراً إيجابياً وليس سلبياً، "المرة" بالعامية هي المرأة وتعني السيدة، وبالتالي "كلنا ولاد مره"، إلا لو هناك نوع من البشر ممن يستطيعون التكاثر عن طريق الانقسام.
ككاتبة وكقارئة، من هم الكُتّاب المفضلين لديكِ؟
حالياً أقرأ تشرنوبل لمحمد المخزنجي، وهي مجموعة قصص واقعية، لا أستطيع القول أنني أحب كاتب بعينه أقرأ لكثيرين ولا يحضرني اسم مفضل حالياً.
لننتقل للحديث عن التمثيل، برأيك هل فشلتِ في التمثيل بعد تجربته في فيلم "2 طلعت حرب" مع المخرج مجدي أحمد علي؟
لا أبداً، أعتبرها تجربة وحيدة وناجحة، لا أعتقد أنني أستطيع تقييم نفسي، وبالتالي ماقدرش أقول نجحت ولا فشلت، إنما يمكنني استعارة كلمات الأستاذ مجدي مخرج الفيلم حين سئل عني، كانت كلماته "ياسمين تمتلك الموهبة والتواضع والالتزام"، ومع هذا أنا غير مهتمة بالاستمرار في هذه المهنة، ولست منشغلة بتكرار التجربة، أو لأكون صريحة غير مهمومة أن يراني الناس كممثلة مرة أخرى.
ما هي هوايتك المفضلة؟
لا أستطيع تسميتها هواية فحسب، لكن للإجابة على سؤالك فهوايتي المفضلة هي واحدة من المهن التي أعمل بها وهي الرسم.
أنت مهتمة بقضايا المرأة إلى جانب الفن التشكيلي، صحيح؟
بالطبع، في العام 2012 أسست جمعية "نون النسوة" وكان مجال عملنا يركز على علاقة المرأة والفن التشكيلي، كما تم تنصيبي كسفيرة للنوايا الحسنة من جامعة الدول العربية في العام 2016.
في العام 2012 أسست ياسمين جمعية "نون النسوة" وكان مجال عملها يركز على علاقة المرأة والفن التشكيلي، كما تم تنصيبها كسفيرة للنوايا الحسنة من جامعة الدول العربية في العام 2016.
بالإضافة إلى مهاراتك في الرسم، أنتِ صحافية أيضاً، حديثنا عن تجربتك الصحافية في مجلة "the elite"؟
كانت تجربة ثرية جداً، جديدة ومختلفة، إلا أنها منهكة جدًا بالنسبة ليّ، لأنه تجربتي مع الصحافة كانت مقصورة على مجالات الرأي، وفي العام 2015 أشرفت على رئاسة القسم الاجتماعي في جريدة صوت الأمة، لكن مسؤوليتي عن مجلة كاملة، شاملة السياسة والاجتماع والاقتصاد والفن وإلى حد كبير الموضة والديكور جعلتني أقول أنها تجربة ثرية ومنهكة، ومع هذا فأنا سعيدة بها، أقول إنها كانت تحدياً كبيراً وأعتقد أنني نجحت فيه.
لعلّ هذا الجواب يجعل السؤال التالي شرعياً، هل ترين نفسكِ كفنانة تشكيلية، أم إعلامية، أم ممثلة؟
في البداية سأستبعد كلمة ممثلة، فأنا لا أرى نفسي كذلك، التمثيل كان مغامرة أردت خوضها تحت إلحاح البعض، أرى نفسي إذا كان لا بد من وصف كفنانة تشكيلية وإعلامية وكاتبة، واعتقادي أن الأصل في الفن التشكيلي هو تعدد المواهب، وليس التخصص.
الأنوثة
هناك قناعة بأن المرأة إما جميلة أو ذكية، وقد بدأت النساء مؤخراً برفضها، هل في المقولة ظلم للمرأة باعتقادك؟
لا، طبعا لا، أنا غير مقتنعة بهذا الكلام أبداً، بل مقتنعة بعكسه، مقتنعة أن المرأة يمكن أن تجمع بين الجمال والذكاء وليس الجمال وحده، حتى اليوم مجتمعاتنا العربية تقولب المرأة في قالب ثابت، فالجميلة يجب أن تكون غبية وتافهة، والذكية يجب أن تكون معقدة، أنا لا أرى أن الجميلة فقط هي من توصم بالغباء والتفاهة، لا، بل أي سيدة تهتم بنفسها ستحسب كذلك وستسمى بالبلدي عايقة، هذا كله غير صحيح وأفكار غلط، الست تقدر تجمع بين كل الأشياء، أن تهتم بشكلها ومظهرها وعقلها وبيتها، هذا التصنيف ظالم للمرأة.
استخدمت لفظ "ولاد المره" في كتابي ولم أقصد به شتيمة أو إهانة، بل على العكس، "المرة" بالعامية هي المرأة وتعني السيدة، وبالتالي كل الناس "ولاد مره"، إلا لو هناك نوع من البشر ممن يستطيعون التكاثر عن طريق الانقسام.
بالحديث عن الجمال، هل هناك نمط حياة صحي تتبعينه؟
نمط حياتي أبعد ما يكون عن نمط الحياة الصحية، مثل كل الفتيات بنام تحت البطانية وأنا بتفرج على نتيفلكيس، للأمانة ما ينفعني هو عدم حبي للحلويات، وهذا جاء لصالح وزني. أما الرياضة، فأذهب إلى النادي ليومين في الأسبوع إن ذهبت، لكن بكسل شديد.
كيف تحافظ النساء على جمالهن بعد الأربعين؟
الاهتمام بالمظهر ليس بالشئ المعقد أو الصعب، المرأة لو اعتنت بشعرها، وغسلت وجهها سيكون شكلها حلو وجميل، أرى أن الجمال في جزء كبير منه مرتبط بالهندام والترتيب أكثر من الماركات والكياج الثقيل، ولا يشترط في الأناقة أن تكون باهظة الثمن، أناقة ونظافة وبساطة، هذا هو الجمال.
أخيرا.. ما هي نصيحتك للفتيات الصغيرات في بداية الحياة؟
أن يكونوا كما يريدون وليس كما يريد المجتمع، نصيحتي لكل بنت أن تفهم أن نجاحها فيما تريد أن تكون وليس فيما يريده لها الآخرون، وتحققه الحقيقى هو نجاحها فيما تريد، وليس بالضرورة أن يكون سقف نجاحها في الزواج والأسرة، والعنوسة هذه أساطير وضعها المتجتمع، وما ولو فيه نصيحة عظيمة ممكن أقولها هو أن تحدد نجاحها وتعمل على تحقيقه بعيدًا عن كلام الناس.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...