شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
حوار يُنشر لأول مرة مع أنغام (1 من 3)

حوار يُنشر لأول مرة مع أنغام (1 من 3)

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والنساء

الخميس 1 ديسمبر 202208:00 ص

كنت وقتها أحب وأعرف قيمة كل ما غنته أم كلثوم وفيروز ونجاة والكثير مما غنته صباح ووردة وبعضاً مما غنته فايزة أحمد وشادية، لكن أول مطربة قمت بتعليق صورة لها على حائط مكتبي كانت أنغام. في الحقيقة لم يكن مكتبي لوحدي، كنت أشاركه مع خمسة من زملائي في صحيفة (الدستور) التي كنت سكرتيراً لتحريرها، وكان رئيس تحريرها الأستاذ إبراهيم عيسى يعلق على حائط مكتبه صورة أصالة منافسة أنغام الأبرز في ذلك الوقت، وللناس فيما يعشقون مذاهب.

كنت أجيب من يسألني عن سر اختيار أنغام بالذات بكلام مرسل عن كونها مطربة جيلي وبنت أيامي التي رافقت لحظات حبي التي كنت أظنها ملحمية وكشف لي الزمان بلاهتها.

كنت أجيب من يسألني عن سر اختيار أنغام بالذات بكلام مرسل عن كونها مطربة جيلي وبنت أيامي التي رافقت لحظات حبي التي كنت أظنها ملحمية وكشف لي الزمان بلاهتها، ثم حاولت أن أترجم أسباب محبتي لأنغام في كلام متماسك ضمّه مقال بعنوان (إنها أنغام مطربة مصر الأولى)، نشرته في مجلة (الهلال) عدد أيلول/ سبتمبر 1996، حين دعاني الشاعر الصديق إبراهيم داوود للكتابة عن آخر ألبومات أنغام في باب للمتابعات الفنية والثقافية، ومع أنني بدأت المقال بالتأكيد على أنني لا أكون مبالغاً حين أطلق لقب (مطربة مصر الأولى) على أنغام، إلا أن المقال كان مليئاً بالمبالغات والحماس، "وفي الحماس بعضشي عباطة" على رأي عمنا أحمد فؤاد نجم، لكن أفضل ما في المقال كان محاولتي تقديم رصد على القد لتطور أنغام الفني بدءاً من ألبوم (ببساطة كده) ومروراً بألبوم (إلا أنا) ووصولاً إلى ألبومها الأحدث (باقولك إيه) والذي انفرد بتلحين أغنياته اسم جديد على الساحة الغنائية وقتها هو أمير عبد المجيد، وكان أول خروج فني كامل لأنغام من إهاب/قبضة والدها الملحن الكبير محمد علي سليمان.

أغضب المقال بعض العريقين من قراء العريقة (الهلال) الذين يرون أن الغناء المصري مات بموت أم كلثوم وفايزة وصمت نجاة وشادية واستسلام وردة لشخلعة صلاح الشرنوبي، لكن المقال أسعد محبي أنغام وأسعدها أيضاً بعد أن قرأته. كنت قد اتصلت بها لأول مرة طالباً منها أن تشتري عدد (الهلال) وتقرأ ما كتبته، فردت مستغربة أن ينشر عنها شيء في (الهلال) بالتحديد. اتصلت بها بعد أيام لأسألها هل قرأت المقال؟ فقالت ضاحكة إنها لم تجد المجلة عند أي من باعة الصحف القريبين من بيتها، لكنها وصّت على نسخة، وكدت أقول لها إني يمكن أن أحضر لها نسخة، لكنني اختشيت على دمي وعلى سمعة (الهلال)، ولأني لم أكن أمتلك محمولاً، وكنت أتصل بها من تليفون (الدستور) الذي يقطع تلقائياً بعد دقيقتين من بدء المكالمة توفيراً لفاتورة التليفون، لم أعاود الاتصال للسؤال عن رأيها في المقال الذي فتح نِفسي للكتابة عن المطربات اللواتي أحبهن، فكتبت المقال التالي عن ليلى مراد، والثالث عن نجاة، والرابع عن فيروز، ولم أعرف رأي أنغام فيما كتبته عنها إلا بعد حوالي عامين، حين اتصلت بها في صيف 1998 لكي أجري معها حواراً عن تجربتها الغنائية.

وقتها، كانت علاقة أنغام بالصحافة في أسوأ أحوالها، لأن الصحافة في الغالب الأعمّ لم تنشغل بالحديث عن أحدث ألبوماتها (بتحب مين؟)، ولا بالحفلات الناجحة التي أحيتها في عدد من الدول العربية، بقدر انشغالها بأخبار حياتها الشخصية 

وقتها، كانت علاقة أنغام بالصحافة في أسوأ أحوالها، لأن الصحافة في الغالب الأعمّ لم تنشغل بالحديث عن أحدث ألبوماتها (بتحب مين؟)، ولا بالحفلات الناجحة التي أحيتها في عدد من الدول العربية، بقدر انشغالها بأخبار حياتها الشخصية والحديث عن تفاصيل زواجها المفاجئ بمهندس الصوت مجدي عارف، والذي أغضب والدها الذي كانت الصحف تستدرجه لمهاجمة أنغام كل حين ومين، وحين اتصلت بها لأطلب منها موعداً للحوار، نفعني مقال (الهلال) الذي كان قد أعجبها، وظلت تتذكر حديثي فيه عن حسن اختيارها لشعراء الألبوم وائل هلال وناصر رشوان وجمال بخيت وجرأتها في إسناد كل أغانيه لملحن واحد.


وافقت أنغام على أن نلتقي في شقة الزوجية بالمهندسين دون حتى أن تسألني عن اسم الصحيفة التي سأنشر فيها الحوار، ومع أنني كنت ألتقيها لأول مرة، إلا أنني شعرت أنني صديق قديم للعائلة، فور أن وجدت منشر الغسيل منصوباً في صالة الشقة الصغيرة التي جلسنا فيها، لأن نشر الغسيل في البلكونة القريبة من الشارع كان يوسخه بسرعة، ونجح صوت نقط الماء المتساقطة من الغسيل على طبق بلاستيكي وصوت بكاء طفلها عمر وصوت هدهدة أمها له في إضفاء أجواء مصرية حميمة على الحوار الطويل الذي لم يكن يقطعه إلا ذهاب أنغام لمساعدة أمها في العناية بطفلها.

لم يكن غريباً ألا يجد الحوار طريقه للنشر، لأنني رفضت طلب مسؤولي الصحف والمجلات التي عرضت عليها الحوار، بأن أحذف الجزء الفني والغنائي من الحوار وأكتفي بما قالته عن علاقتها بوالدها وحياتها الخاصة

كنت شديد الإعجاب بأغنيات ألبوم (بتحب مين؟)، ومستاءً من تركيز الصحف الفنية على مقارنة مبيعات الألبوم المتوسطة بمبيعات ألبوم نوال الزغبي التي كانت قد اكتسحت الساحة الغنائية في مصر، وهو ما فتح الباب لحملات هجوم شرسة على أنغام وحديث عن نهايتها الفنية بعد أن أغضبت أباها، وأخبار عن مهمتها الصعبة في العثور على منتج لألبومها الجديد (وحدانية) الذي صدر بعد فترة من حوارنا عن شركة (صوت القاهرة)، وفي ظل هذه الأجواء، حاولت أن أقدم حواراً مختلفاً مع أنغام يساعد قارئه على فهم تفكيرها واختياراتها الغنائية التي كان يراها الكثيرون متمردة ومختلفة في ذلك الوقت، ولذلك لم يكن غريباً ألا يجد الحوار طريقه للنشر، لأنني رفضت طلب مسؤولي الصحف والمجلات التي عرضت عليها الحوار، بأن أحذف الجزء الفني والغنائي من الحوار وأكتفي بما قالته عن علاقتها بوالدها وحياتها الخاصة، أو أن أبدأ الحوار بهذا الجزء وأختصر بقيته، وفضلت أن أحتفظ بالحوار لعله ينشر كاملاً في ظروف أفضل.

ومع أن أنغام أصدرت بعد حوارنا حوالي 14 ألبوم غنائي ساهمت في اتساع وترسيخ نجوميتها عبر السنين، وخاضت تجربة التمثيل وتقديم البرامج، وانفصلت عن مجدي عارف وتزوجت بعده أكثر من مرة، وأصبحت أماً لعبد الرحمن بعد عمر، وواصلت الصبر على سخافة التدخل في حياتها الخاصة، وتصالحت مع والدها بعد جولات من الشد والجذب، إلا أن حواري القديم معها لا زال كما أظن يمثل فرصة مهمة للاقتراب من دماغ وروح أنغام التي لا زلت أعرف قيمتها وأحب كثيراً مما تقدمه، وإن كنت لا أراها "مطربة مصر الأولى"، لأنني أصبحت أعتقد أن من السخافة أن يتم التعامل مع التجارب الفنية بمنطق الألقاب الرنانة الهايفة المفيدفوزية.

وفي انتظار أن يكتمل شفاء أنغام من وعكتها الصحية الأخيرة، تعال نتعرف على أنغام وتفكيرها وهل تغيرت أم ظلت كما هي؟

ـ أنغام، أول ملاحظة على ألبومك الأخير (بتحب مين) إن في حالة تحدي ممكن يعتبرها البعض انتحارية، يعني في مواجهة اكتساح الأغاني ذات الإيقاع السريع في أبرز إنتاجات المطربين والمطربات، قررتي تقدمي شكل مختلف تماما عن السائد، وواضح إن الحالة دي كانت في بالك لما قدمتي حفلة ليالي التلفزيون الأخيرة وقررتي تغني قصيدة صعبة زي (من بعيد) اللي كتبها الشاعر الراحل عصام عبد الله، واللي ممكن تكون صعبة على جمهور رايح ينبسط ويهيّص، عايزك تكلميني عن تفكيرك اللي خلاكي السنين اللي فاتت تحرصي على تقديم شكل مختلف ممكن كثيرين يعتبروا إنه مش هينجح بنفس القدر اللي بتنجح بيه الأغاني الراقصة؟

في رأيي فيه فرق بين اللي الناس لاقياه قدامها ومجبرة عليه، وبين اللي الناس عايزاه فعلاً، إحنا دايما نتهم الجمهور بإنه بس عايز يرقص ويسقّف، أنا شايفة العكس، إحنا مش بندي الناس اختيارات متنوعة، وعشان كده بارفض الأحكام اللي بتتقال على الجمهور، واتهامه بإنه مش بيشجع الفن المختلف، اللي البعض بيصفوه بإنه الفن الخالص أو الراقي والكلام اللي من النوع ده، أنا باخرج الجمهور من الحدوتة دي خالص لإنه فعلاً ما لوش ذنب. يعني زي ما انت لاحظت، في حفلة ليالي التلفزيون، غنيت أغاني معظمها إن ما كانش كلها بتوصف بإنها مش أغاني مسرح، يعني من وجهة نظر اللي عندهم تصور إن الحفلات عايزة أغاني تسخّن الجمهور زي ما بيقولوا، يعني في الحفلة دي قدمت أغنية (بتحب مين) وقدمت قصيدة عصام عبد الله وغنيت (شنطة سفر) اللي برضه بيقولوا إنها مش غنوة حفلات، والأغاني دي كلها كانت مختلفة عن جو الحفلة والمطربين اللي فيها، صحيح كان في رد فعل مختلف في الأول خصوصاً من الجمهور اللي في آخر المسرح واللي أغلبه شباب جاي ينبسط ويرقص، والتجاوب كان أكتر من الجمهور اللي في النص الأول من الصالة، وبعضهم ابتدا يصفّر في الأول، لكن بمجرد ما كملت غُنا وأنا مقررة ما أركزش في أي رد فعل يضايقني، المسرح كله تجاوب مع الحالة والتصفيق كان بيعلا من غنوة للتانية، واتضح إن رهاني على الجمهور كان صح.

أنغام: "أنا رأيي بقى إن المطلوب من الفنانين والمطربين إنهم وسط كل الجنان ده يكونوا الركن الهادي، مش الركن البعيد الهادي (تضحك) لأ، الركن الهادي، المكان اللي يقضي الناس فيه وقتهم العاطفي، ويساعدهم يعرفوا أو يتأكدوا إن لسه قلبهم بيحس وعندهم مشاعر"

طبعاً الناس اللي حذرتني من اختيار الأغاني ده وبتطالبني بإني ألعب في المضمون، منطقهم إن احنا في عصر السرعة اللي بتغلب عليه الماديات وما بقاش فيه عواطف والناس بتجري ورا الفلوس والشغل، وما فيش وقت للمشاعر والروقان، ما نقدرش ننكر إن ده فيه جزء كبير من الحقيقة وإن الحياة محتاجة سرعة في الأداء، انت نفسك كمغني أو كأي بني آدم في أي شغلانة، عشان تعمل شغلك وتنجح ويبقى لك اسم في وسط الهلمّة الفظيعة اللي احنا عايشين فيها دي لازم يكون عندك نوع من السرعة وصبر وذكاء غير عادي عشان تلمع في حتتك، لكن أنا رأيي بقى إن المطلوب من الفنانين والمطربين إنهم وسط كل الجنان ده يكونوا الركن الهادي، مش الركن البعيد الهادي (تضحك) لأ، الركن الهادي، المكان اللي يقضي الناس فيه وقتهم العاطفي، ويساعدهم يعرفوا أو يتأكدوا إن لسه قلبهم بيحس وعندهم مشاعر، لكن لو الفن بيعمل لهم بس نفس السخونية والسرعة ويقدم نفس الأداء المادي، الحكاية هتبقى كلها تشنجات (تضحك).

عشان كده مثلا في رأيي لو أتقدم دلوقتي فيلم رومانسي جداً وحالم قوي وفيه قصة حب هينجح جداً زي الأفلام الكوميدية، ولو حد قال دي حاجة مش بتحصل دلوقتي، يبقى غلطان، أعتقد إن ده هينجح جداً لإن الناس محتاجة دلوقتي، بالعكس كونه مش موجود تقريبا أو قليل جداً، هو اللي يخليه هينجح، وده في رأيي دور الفن.

ـ كلام عظيم ومهم، لكن لما نيجي نحسب نتائجه من الناحية المادية في حالتك مش هنلاقي إنه حصل، مع الأسف، يعني ألبوم (بتحب مين) بلغة سوق الكاسيت ما فرقعش، أو ما ضربش زي ما بيقولوا، وأكتر من غنوة فيه أنا شخصياً باحبها لكن ما حققتش نجاح جماهيري، تفسيرك لده إيه؟

أنا معاك إن الألبوم ما فرقعش وقت ما نزل، ما حققش مبيعات عالية، بس ما أعتقدش إن العيب فيه، ده حصل لإنه نزل في وقت غلط، ما اتعملش ليه دعاية كافية، وكمان ظروفي ساهمت في ده، يعني بمجرد ما نزل الألبوم صورت أغنية واحدة اللي هي (بتحب مين) وبعدين حملت وبسبب ظروف الحمل ما قدرتش أصور أغنية تانية، وما كانش ينفع أخلي شركة الإنتاج لوحدها تلعب دور الدعاية، كان لازم أساعدها وأخدم على الألبوم ده إعلامياً وأغني أغانيه في حفلات كتيرة، حتى لو الشركة ما صورتش أغاني، كان لازم أصورها على حسابي، عشان الأغاني تبقى موجودة والناس تحس بيها، لكن برضه عشان عندي شوية ثقة باتمتع بيها عند الناس، أغاني الألبوم أخدت حقها واحدة واحدة، لإن الناس في رأيي مش بتدور على أنغام عشان ترقص، بيدوروا على أنغام عشان يسمعوا، وعشان كده كنت عارفة إن الجمهور اللي بيحب يسمعني هيسمع الأغاني هيسمعها، مش ضروري يكون يعني الألبوم باع مش عارف كام مليون نسخة، أصلاً أنا عمري ما بعت المبيعات الضخمة دي، يمكن غير في (لا ليلي لا لي) و (في الركن البعيد الهادي)، وبالمناسبة الأغاني دي واللي غنيتها في أول مشواري ونجحت هتلاقيها بتيبع لحد النهارده، عشان ما كانتش شغل يفرقع وينتهي، أنا باحاول دايماً أعمل شغل يعيش، شغل تسمعه في أي وقت وفي أي مزاج، هتلاقي نفسك مش بعيد عنه، وباحاول في كل شريط أو ألبوم أعمل أكتر من حالة مختلفة، بس كلها يجمعها إني باحبها وباصدقها، وطالما أنا كفنانة مصدقة اللي باقدمه وشايفاه لايق عليا، ده بالنسبة لي كفاية، حتى لو أنا ضد ناس كتير، مش قصدي ضد، أقصد حتى لو أنا الوحيدة اللي باعمل ده أنا واتنين زيي كمان، حتى لو بيقولوا علينا إن احنا ما بنبيعش أو إن احنا مطربات للخاصة، ماشي، يسمونا بأي تسمية، ده اللي أنا مصدقاه وده اللي هاعمله، وده اللي شايفة إن هو هيعمل لي مكانة عند الجمهور اللي بيحترم نفسه، وعند الناس اللي لسه شايفة إن الفن مش دوره يمشي دايما على مزاج الناس، أو اللي الإعلام بيقول إنه ذوق الناس.


ـ بس الإعلام مش هو اللي بيخترع الأغاني الناجحة وسط الناس، هي اللي بتفرض نفسها على الإعلام لإنها نجحت عند الناس؟

ما هي دي غلطة في الحقيقة، يعني الإذاعة والتلفزيون مش دورهم ينزلوا السوق يدوروا على اللي موجود ويروحوا مطلعينه كما لو كان هو الحقيقي وهو الصح، المفروض الإعلام يقدم للناس الأفضل، وعشان كده باقول للمسؤولين عن الإعلام انتو الناس بتشوفكم وتسمعكم وتصدقكم فلازم تحاسبوا نفسكم ستين مرة قبل ما تقدموا أي حاجة في الشارع، لإن اللي في الشارع هو حر ومش في إيدك تختار له، لكن الجهاز اللي بافتحه واللي قاعد معايا في البيت لازم يكون بيتغربل تمام وحتى لو بقى دمك تقيل ما أعتقدش إنك لما تقدم الحقيقي والمضبوط والصح هيبقى دمك تقيل، بالعكس هتبقى انت الأرقى.

أنغام: "طالما أنا كفنانة مصدقة اللي باقدمه وشايفاه لايق عليا، ده بالنسبة لي كفاية، حتى لو أنا ضد ناس كتير، مش قصدي ضد، أقصد حتى لو أنا الوحيدة اللي باعمل ده"

ـ بس عدم إذاعة التلفزيون لأغاني أحمد عدوية في زمن عبد الحليم حافظ ما منعش عدوية ينتشر ويشتهر؟

عدوية استثناء لإن الناس بتحبه وليه شعبيته وقاعدته العريضة، وصوت مضبوط وجميل، وبعدين خلي بالك إن نفس القاعدة الشعبية العريضة اللي سمعت أحمد عدوية هي اللي حبت الأطلال لأم كلثوم، وده اللي بافكر فيه دايماً إزاي تشد القاعدة العريضة دي للفن الراقي والإحساس الجميل والصورة الحلوة والكلام اللي معناه حلو، ده أنا اللي مؤمنة بيه، ما فيش حاجة اسمها الناس عايزة كده، هم مش عايزين كده، انت اللي ما بتحاولش تقدم لهم الأحسن.

ـ في الفترة اللي فاتت، مطربين كبار ومتميزين زي علي الحجار ومحمد منير قدموا أغاني اتوصفت بإنها مش شبههم، وعشان كده انتقدها البعض واعتبروها مشي وراء الرايجة، وهما اعتبروا إن ده تغيير واختلاف وتنوع عشان يوصلوا لجمهور أكبر، طيب ليه انتي ما حاولتيش تعملي ده في آخر ألبومين؟

دماغي متركّبة غلط (تضحك) لا والله زي ما قلت لك أنا باختار شغلي ببساطة، يعني مش عاملة غرفة عمليات عشان أختار شغلي، باختار اللي بيعلّم في مشاعري، لما أختار الكلام باسمع بكل حاجة جوه جسمي وعقلي، لو لفظ في وسط الكلام لقيته غريب عليا مش هاقوله عشان يفرقع ويعجب الناس، يعني من فترة قريبة جاني ملحن وشاعر وسمعوني حاجة أعتقد إنه لو غناها حد غيري هتنجح جداً، كانوا متخيلين إني لو غنيتها هاكسر الدنيا، قلت لهم مش هاقدر.

أنغام: "عدوية استثناء لإن الناس بتحبه وليه شعبيته وقاعدته العريضة، وصوت مضبوط وجميل، وبعدين خلي بالك إن نفس القاعدة الشعبية العريضة اللي سمعت أحمد عدوية هي اللي حبت الأطلال لأم كلثوم"

ـ كان إيه مشكلتها؟ كلامها؟ لحنها؟

مشكلتها إني ما لقيتش نفسي فيها، بالعكس هي غنوة حلوة جداً، بس ما أعتقدش هانجح بيها، وأكيد لما تنزل مع حد غيري وتنجح هيقولوا شفتوا العبيطة سابت شغل كسر الدنيا، أنا مش عبيطة، أنا مش مصدقة اللي سمعته فمش هاغنيه، عشان أنا مش مجرد صوت وخلاص تحطه فوق اللحن، أنا لازم أغني حاجة تبقى شبه تكويني، يعني في شوية طباع كده عايشة بيها ممكن تعتبرها عيوب، بس هي أنا.

ـ زي إيه؟ بس طبعا مش هتقولي الطيبة والصدق؟

(تضحك) يعني مش عايزة أكشف نفسي قوي، بس أنا مثلاً عصبية وفي نفس الوقت عاطفية جداً، وبحب الحب، بحب أنوثتي، بحب اللي يعاملني على إني أنثى لها حقوق، ما ينفعش يكلمني بطريقة تجرحني، ما تعديش كلمة على ودني ما أحبهاش، فيه ناس كده ما أقدرش أعرفهم لإني لو قعدت مع حد فيهم هيإذيني، هيبقى قاعد طول الوقت يقول كلام أنا ما باحبش أسمعه، ما أعرفش أقعد مع ست منهزمة قوي في حياتها، ما أعرفش أصاحبها، يعني لو ست حسيت إنها انهزامية في تعاملها مع الناس، ومتكلة قوي على جوزها أو لتاتة من بتوع أمي قالت وخالتي عادت، ما أعرفش أصاحبها، عشان كده تلاقي أصحابي قليلين جداً، ويمكن فيهم مواصفات مش ناس كتير يحبوها، لكن أنا باحبها، يعني باتعامل على إني ست مش عادية فما أحبش أعرف حد عادي، ولا أقول كلام عادي، فبالتالي الكلام اللي هاقوله بسيط أو معقد، المهم إني أكون مصدقاه.

أنغام: "ما أعرفش أقعد مع ست منهزمة قوي في حياتها، ما أعرفش أصاحبها، يعني لو ست حسيت إنها انهزامية في تعاملها مع الناس، ومتكلة قوي على جوزها أو لتاتة من بتوع أمي قالت وخالتي عادت، ما أعرفش أصاحبها، عشان كده تلاقي أصحابي قليلين جداً"

ـ يعني ما بتاخديش رأي مستشارين فنيين ولا شركة إنتاج، انتي المعيار الأول والأهم؟

بالضبط، لازم أحب اللي هاغنيه عشان أكون مسؤولة عنه.

ـ بس أي فنان عايز ينجح لازم يدور برضه على اللي هتحبه الناس أو عايزاه؟

لو بافكر كده ما كنتش غنيت حاجة زي (من بعيد) وكمان في حفلة (تضحك) كذا حد حذرني من إني أغنيها، عشان في رأيهم إنها غامضة شوية، بالعكس هي مش غامضة، هي مش نزار قباني، هي دي الفكرة، يعني لما تغني قصيدة لازم تغني لنزار قباني، أنا ما غنيتش لنزار، مش لإني ما باحبهوش، لأ، لإني مش لاقية نفسي في كلامه، دي حرية وأنا حرة، لقيت نفسي في كلام عصام عبد الله فغنيته.


ـ مشكلتك مع نزار قباني إن كلامه فيه مباشرة، ما فيهوش تركيب فني زي اللي لقيتيه عند عصام عبد الله مثلاً؟

نزار كشاعر ما باحبش أقرأ له، بوصفي ست مش باحب أقرا له، لإني باحس إن في عينه ست عريانة، هو شايفني كده وأنا ما باحبش حد يتعامل معايا بالأسلوب ده، عيني رافضة الست اللي بيحبها نزار، أو الست اللي هو دايما شايفها كده، هو بيشوف الست بطريقة ما باحبهاش. وبمناسبة الصراحة دي اللي ممكن تعمل لي مشاكل، عشان أكون صريحة وصادقة وما أدعيش حاجة أنا ما عملتهاش، عصام كان بيقرا لي كلام تاني خالص، وفجأة قال لي: اسمعي كده حاجة كتبتها بالفصحى، وسمعها لي وهو متخيل بنسبة تسعين في المية إني مش هاخدها، ولما سمعتها حسيت إني لقيت حاجة كنت بادور عليها طول حياتي، طول الوقت كنت عايز أعمل أغنية عاملة زي السيمفونية، فلقيت ده عند عصام عبد الله، لقيت واحدة شبهي، عندها شيء من التمرد على نفسها، على الأوضاع اللي ما بتعجبهاش، واحدة زيي ماشية كده زي ما الريح بتوديني، ما أحبش حاجة تمشيني، بس كمان لقيت فيها الحالة اللي مفروض تكون في الست في العصر ده، ست لا يقودها الرجل وما هياش منساقة ليه عشان هي بتحبه فيمشيها زي ما يمشيها، لأ هي جربت تجربة وشافت إن في الأفضل من ده، وإن ليها كيانها وحياة تانية، ده اللي حببني في (من بعيد) شفت فيها الست اللي مفروض تكون قاضية وتكون وزيرة، ست عصرية جداً، مش ساذجة وبرضه مش مسترجلة، لأ هي ست بس ليها كيان ومتطلبات وليها حاجات بتحبها وطموح وكده.

أنغام: "نزار كشاعر ما باحبش أقرأ له، بوصفي ست مش باحب أقرا له، لإني باحس إن في عينه ست عريانة، هو شايفني كده وأنا ما باحبش حد يتعامل معايا بالأسلوب ده، عيني رافضة الست اللي بيحبها نزار"

ـ التفكير ده هو اللي خلاكي تتمردي على والدك قبل كذا سنة وتقرري ما تستمريش في التعاون معاه، يعني المفروض إنك وصلتي لنجاح ضخم جداً معاه في شريط (إلا أنا)، كان ممكن تستثمري النجاح ده وتكملوا سوا، لكن قررتي تتمردي عليه وتشتغلي مع أمير عبد المجيد اللي ما كانش اسم كبير وقتها؟

لأ، لأ إطلاقاً، ما فيش تمرد هنا (تتردد للحظات) يعني هو جايز تمرد فنانة، مش تمرد إنسانة، عايزة أغني حاجات تانية، نغم تاني وفكر تاني ولون تاني، حد يشوف أنغام بعين تانية، ده اللي خلاني أعمل كده وهيخليني أغير في المستقبل وأتعاون مع ناس كتير لسه ما اشتغلتش معاهم، كل واحد فيهم يشوفني بشكل أستفيد منه، وعلى فكرة دول أسماء قليلة جداً، اللي موجودين في الساحة ويقدرون يشبعوني فنياً كمغنية قليلين، بس المهم إنهم موجودين.

ـ زي مين؟

...

نكمل الأسبوع القادم بإذن الله.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image