شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
مظاهر عصيانٍ مدنيّ وحظر لـ

مظاهر عصيانٍ مدنيّ وحظر لـ"تيك توك"... ماذا يحدث في الأردن؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الأحد 18 ديسمبر 202202:48 م

أعلن عدد من سائقي الشاحنات في الأردن، التوقف عن العمل قبل أسبوعين؛ احتجاجاً على رفع حكومة بشر الخصاونة، أسعار المشتقات النفطيّة ومادة الديزل، بشكلٍ خاص. ليتبعهم بعد 4 أيام من بدء إضرابهم، سائقو الحافلات والنقل العام في الأردن، معلنين دخولهم في إضراب، اعتراضاً على أسعار المحروقات والتكاليف المتزايدة التي كبّدتهم خسائر في أعمالهم.

نقابة أصحاب السيارات الشاحنة الأردنية العمومية، أعلنت بعد إضراب الشاحنات، عن توصلها إلى اتفاق مع هيئة تنظيم النقل البري، تم بموجبه تعديل أجور نقل البضائع، غير أنَّ أصحاب الشاحنات لم يوقفوا إضرابهم وانضمّ إليهم سائقو قطاع النقل العام الذين شددوا على مطلبهم بتخفيض أسعار المحروقات.

وأشارت النقابة في ردها على المضربين، إلى أن من أسباب ارتفاع المحروقات ارتفاعها عالمياً، نتيجة ظروف عدة، منها الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما دفع وزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول، للتصريح بأنَّ النقابة هي من أعلنت عن بدء الإضراب، وتالياً هي صاحبة الاختصاص التي تضع المطالب على الطاولة وتعلن فكَّه.

بين الشعب ووسائل الإعلام

نشر مرصد مصداقية الإعلام "أكيد"، بياناً قال فيه إنَّ وسائل إعلام رئيسةً عدة، تجاهلت إضراب قطاعات من أصحاب الشاحنات والباصات وسيارات النقل العمومي والتاكسي، بينما قدّمت وسائل أخرى تغطيات محدودة تتعلق بهذا الأمر، وتحيّز البعض الآخر لموقف الحكومة.

في حين استخدمت العديد من وسائل الإعلام خطاباً لامت فيه الشعب على قراره بالإضراب، متذرعينَ بتضرر ميناء العقبة وحركة التصدير، إذ تناقلوا خبراً عن رئيس غرفتَي صناعة عمان والأردن، فتحي الجغبير، صرّح خلاله بأن استمرار إضراب الشاحنات، وما تبعه من انقطاع سلاسل التوريد محلياً، أديا إلى أضرار مهولة، وهذا الحدث أخطر مما حدث للقطاع خلال جائحة كورونا.

من جانبه، أكد أمين عمان يوسف الشواربة، توزيع الدعم النقدي للنقل العام بكافة أنماطه داخل حدود أمانة عمان الكبرى، خلال الأسبوع المقبل، وسيشمل 14 ألف وسيلة نقل تعمل ضمن حدود الأمانة.

وعلى ما يبدو فإن هذه التصريحات والأخبار لم تُهم الناس الذين كان لهم رأيٌ آخر تماماً، شاركوه عبر منصات التواصل الاجتماعيّ.


اعتقالات وحقوق

تلك الأحداث لم تخلُ من اعتقال أشخاصٍ نفّذوا ودعوا إلى مسيرات داعمة للإضراب، مثل اعتقال كُلٍ من سليمان الجمعاني، وسليمان السرياني، وأحمد السعدي، وهم أعضاء من اتحاد النقابات العمالية المستقلة، واعتقال المحامي بشر الخطيب، من منزله وذلك بعد نشره دعوةً لوقفة تضامنية مع المضربين في قطاع النقل.

ويبدو أنَّ للمركز الوطني لحقوق الإنسان رأياً آخر، إذ أعلن عن تشكيله فريقاً لرصد مجريات الاحتجاجات ووصل إلى "عدم رصد أي إشكاليات عملية في ممارسة هذا الجانب، أو منع للأفراد من قبل جهات إنفاذ القانون من ممارسة هذه الحقوق".

وأضاف أنه يدرك التحديات الاقتصادية المترتبة على الدولة والمواطن، داعياً إلى ضرورة ضبط النفس من قبل كافة الأطراف، وتبنّي سياسات اقتصادية واجتماعية فاعلة وقادرة على تحقيق الأمن الاقتصادي للأفراد، وتخفيف الأعباء وتوزيعها بما يضمن الحق في مستوى معيشي ملائم.

شهدت مدن أردنية، ليلة الثلاثاء الماضي، تظاهرات لمؤيدي الإضراب، تطورت إلى إغلاق طرق رئيسية بالإطارات المشتعلة، واشتباكات مع الأمن العام

تكسير واعتراض

هاجم متظاهرون على الطريق الدولي الصحراوي الرابط بين موانئ مدينة العقبة الساحلية جنوب الأردن، ومحافظات المملكة، شاحنات وحافلات وصهاريج محملةً بالمشتقات النفطية، مما دعا قوات الأمن العام إلى تأمين الحماية لتلك الشاحنات، وفتح الطرق التي أغلقها المحتجون.

وشهدت مدن أردنية، ليلة الثلاثاء الماضي، تظاهرات لمؤيدي الإضراب، تطورت إلى إغلاق طرق رئيسية بالإطارات المشتعلة، واشتباكات مع الأمن العام، فيما أطلقت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع من أجل تفريق المحتجين، قبل أن تنسحب القوة الأمنية في ظلّ احتجاج الأهالي بسبب حالات الاختناق التي تسبب فيها الغاز في لواء ذيبان في محافظة مادبا وسط المملكة.

في حين وجه أهالي الجنوب مقاطع يلومون فيها المخربين والذين يعتمدون التكسير، ويهددون بمعاقبتهم في حال استمروا في القيام بالاعتداءات.

مظاهر لعصيان مدني وإضراب غير مسبوق

في الرابع عشر من الشهر الحالي، قرر مجلس الوزراء صرف مبلغ مقطوع كمعونة لفصل الشتاء، تستفيد منه نحو 219 ألف أًسرة فقيرة.

إلا أنَّ القرار لم يكن كافياً للمحتجين الذين توافدوا  من محافظات الجنوب إلى معان، لمؤازرة إضراب سائقي الشاحنات وحافلات النقل العام في المحافظة، وذلك بعد أن شهدت مناطق في جنوب الأردن مظاهر للعصيان المدني؛ مثل محافظتَي الكرك ومعان إذ أغلقت المحال التجارية فيهما أبوابها، احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات.

وتناول رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، القضية خلال لقائه مع ممثلين عن أصحاب الشاحنات، قائلاً إن المجلس على تواصل مستمر مع الحكومة وتم تشكيل لجنة نيابية حكومية للتوصل إلى حلول سريعة بشأن ملف النقل.

في حين دعا مجلس الأعيان إلى انتهاج سبل الحكمة والحفاظ على أمن الوطن واستقراره؛ نتيجة الصراعات والأزمات المحيطة بالبلد والتي رتّبت على الدولة أعباءً كبيرةً.

وعدّ مقرر لجنة الطاقة في مجلس الأعيان العين جميل النمري، مرور هذه المدة على إضراب وسائل النقل، أمراً غير مسبوق، إذ تُعدّ الشريان الحيوي للاقتصاد بأكمله.

فيما شددت أحزاب وقوى وطنية على ضرورة إيجاد الحكومة للبدائل من أجل سدّ عجز الموازنة، وذلك عن طريق وقف أشكال الهدر وسدّ بوابات الفساد وترشيد النفقات غير الضرورية، بالإضافة إلى وقف احتكار الشركات، واصفين إيَّاها بـ"التي باتت تحدد أسعار المحروقات وفق مصالح شريحة همها الوحيد زيادة أرباحها على حساب معاناة الأردنيين".

إلى الملك: نحن فخورون بمعان 

 في الخامس عشر من هذا الشهر، نشرت مواقع محليّة وعربيّة نص تغريدةٍ لملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين، قال فيها إنه فخور بما حققه المنتخب المغربيّ من إنجازٍ كرويّ، إلا أنَّ العديد من التعليقات هاجمته شخصياً وطالبته بالنظر إلى "المونديال الأردنيّ"، والالتفات إلى الجنوب الذي يفخرون به، ما اضطر صفحة التلفزيون الأردنيّ عبر فيسبوك، إلى إيقاف التعليقات وحذف المسيء منها، فيما أبقت صفحة قناة الجزيرة-الأردن، الخبر ولم تحذفه.

حالة وفاة وإصابات في الأمن العام

نعت الأجهزة الأمنية ليلة الخامس عشر من هذا الشهر، العقيد عبد الرزاق الدلابيح، الذي قُتل في منطقة الحسينية، وقال البيان إنَّ "نائب مدير شرطة محافظة معان، توفيَّ إثر تعرضه للإصابة بعيار ناري في منطقة الرأس في أثناء تعامله مع أعمال شغب كانت تقوم بها مجموعة من المخربين والخارجين عن القانون في منطقة الحسينية في محافظة معان"، في حين أُصيب اثنان من رجال الأجهزة الأمنية.

أبناء محافظة معان أصدروا بياناً على خلفية مقتل العقيد، أعلنوا فيه براءتهم من أي شخصٍ يرفع سلاحه في وجه أي أردني عسكري أو مدني، مشددين على أن "لا عشيرة له ولا نسب". 

وأكدوا أنَّ أصحاب أجندات أو مهربين وخارجين عن القانون، أطلقوا رصاص "الغدر" انتقاماً لأنفسهم وتصفيةً لحساباتهم، "مستغلين ما يمر به الوطن من ليلة ظلماء اختفى فيها صوت الحكمة وتبخرت فيها رجالات الدولة"، فيما حمّلوا الحكومة المسؤولية الكبرى جراء هذه الأحداث لعدم قدرتها على أن تكون موجودةً في المشهد منذ بدايته. 


حظر تيك توك

رواد مواقع التواصل الذين اعتادوا التفاعل عليها، استيقظوا على خبر حظر تطبيق "تيك توك" في الأردن مؤقتاً، والذي كان يتم من خلاله تناقل الأحداث في الجنوب واستعمال خاصية البث المباشر للحديث عن المستجدات.

وعلَقت وحدة الجرائم الإلكترونية على أنَّ الحظر جاء بعد إساءة استخدام المنصة التي لم تتعامل مع المقاطع المسيئة المنتشرة فيها، أو أعمال العنف والفوضى والدعوة لها من قِبل بعض المستخدمين، فيما تم نشر مقاطع مصورة من خارج المملكة للتأثير على المواطنين، وهو ما دعا إلى الإيقاف المؤقت.

تلك المبررات لم تكن مقنعةً للناس الذين باشروا تحميل برنامج "VPN"؛ لمساعدتهم من أجل الدخول إلى المنصة، وطالبوا الحكومة بالاستجابة لمطالبهم بتخفيض أسعار المشتقات النفطيّة.

أمهلت قبيلة بني حسن السلطات 3 أيام للكشف عن قاتل ابنها العقيد الدلابيح، واعتذرت عن استقبال أي ممثل للحكومة في العزاء.

الحكومة: لا خيار آخر

وعقدت الحكومة مؤتمراً صحافياً لوزير الداخلية مازن الفراية، ووزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول، ومدير الأمن العام اللواء عبيد الله المعايطة.

وأكد الفراية أن الحكومة تغلّب المصلحة الوطنية، وأنَّ "أصعب قرار على الحكومة ويأخذ شدّاً وجذباً خلال الجلسات، هو قرار رفع أسعار المحروقات"، لافتاً إلى عدم قدرتها على تخفيض الأسعار، لأن ذلك سيؤثر على النفقات المعنية برواتب الموظفين، ولا خيار آخر غير رفع أسعار المشتقات.

وشدد الوزير على أن الدولة ستتعامل "بيدٍ من حديد"، مع كل من يتعدى على الأمن الوطني، مشدداً على أنَّ الحكومة تعاملت مع الأزمة بشكل إيجابي منذ اليوم الأول، وقدمت كل ما يلزم لتلبية مطالب المعتصمين.

 وأعلن وجهاء مدينة معان جميعاً أنه لا غطاء لمن أطلق الرصاص على الأمن، فيما أمهلت قبيلة بني حسن السلطات 3 أيام للكشف عن قاتل ابنها العقيد الدلابيح، واعتذرت عن استقبال أي ممثل للحكومة في العزاء.

ولوّح نواب القبيلة وعددهم 12 نائباً، بالاستقالة أو حجب الثقة عن حكومة بشر الخصاونة، في ضوء إجماع 35 نائباً على توقيع مذكرة طرح الثقة بالحكومة، بعد تطور الأحداث على الساحة المحلية.

وامتدت الاحتجاجات لتشمل أحياءً ومناطق من العاصمة عمّان، وسط دعوات متتالية للخروج إلى الشارع والتظاهر.

المحروقات في الأردن

لم تكن هذه المرة الأولى التي ترفع فيها الحكومة أسعار المشتقات النفطيّة، بل إن الأسعار شهدت 16 ارتفاعاً متتالياً خلال 2021-2022، فيما ارتفعت مادة الديزل بنسبة 45% خلال العام الحالي.

وشهدت معان أعوام 1989 و1998 و2002 و2012، احتجاجات واسعةً لأسباب سياسية مطلبية عدة، إلا أنها كانت تخمد دائماً، من دون أن تجد مطالب أهالي المدينة أذناً تصغي.

وعلى الرغم من كل ذلك، تشهد الساحة غياباً واضحاً لتصريحات رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، الذي أعلن عن رفع المشتقات النفطية، إذ لم يظهر بعد بدء الاحتجاجات، وهو ما يجعل السؤال مفتوحاً حول مصير المملكة في ضوء إغلاق السلطات آذانها عن الأحداث الجارية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image