شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"أجمل ما قيل في الجندر"... هل يجوز أن نُحارب الميسوجينية بالسخرية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

جسد نحن والنساء

السبت 17 ديسمبر 202211:52 ص

راج هاشتاغ "أجمل ما قيل في الجندر" بقوة خلال الأيام الماضية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية، مثيراً ردود فعل متباينة حول الغرض منه والأثر الذي حققه.

الهدف المعلن للوسم الذي أطلقه عدد من الناشطات النسويات السوريات كان استعراض الصور النمطية المسيئة والعبارات التمييزية ضد المرأة والمفاهيم المغلوطة حول الأدوار الاجتماعية والجندرية للجنسين في مجالات الحياة اليومية والأمثال الشعبية ومشاهد الأعمال الفنية وغيرها.

أملت صاحبات الحملة الإلكترونية أن يُحدث هذا الاستعراض التوعية الكافية بالكثير من الأقاويل التي يرددها الأشخاص، عن وعي أو دون وعي، وهي في صميمها تعكس التحيّز ضد النساء وتُسهم في تكريس عدم المساواة بحقهن بل تحقيرهن والتقليل من شأنهن. لكن بعض المشاركات عبّرن عن تأذّيهن من الطبيعة الساخرة للوسم و"الضحك على العنف الجمعي الممارس ضد النساء". 

ومن أبرز العبارات التمييزية التي استعرضها المعلقون عبر الوسم:

"ع المطبخ" و"البكي للنسوان" و"أنا نسوي أكتر منك"... انتشار واسع لهاشتاغ #أجمل_ما_قيل_في_الجندر، لكن "الأذى" الناجم عن "الضحك على العنف الجمعي بحق النساء" إشكالية حاضرة

 "الهاشتاغ صار مؤذي بالنسبة إليّ جداً جداً... خاصة الأضحكني يلي عم تنطرش وين ما كان. ما بسمح يتم السخرية على قضيتي أو رش الأضحكني بأي مكان وعلى أي موقف ويتحول الموضوع لفكاهة هالشي مؤذي" #أجمل_ما_قيل_في_الجندر

توعية وملهاة وأذى…

مع التفاعل الواسع عبر الوسم، من نساء ورجال على السواء، من منظور جدي أو هزلي ساخر، اختلفت تقييمات المشاركات والمشاركين للوسم الذي انطلق ليحكي وجع النساء إلى أن تحوّل برأي فريق كبير "نضحك على خيبتنا ووجعنا".

لفت الكثيرون إلى أن الهاشتاغ ساعدهم في التعرف على بعض العبارات والأفكار النمطية الموروثة التي لم يكونوا منتبهين لخطورتها. أوضحت صفا علي: "جداً استمتعت بهذا الترند، حتى أني كنت أردد مثل الببغاء بعض العبارات التي قيلت هنا في زمن من الأزمان لأن طبعاً - ومو عيب - أن تتأثر بمحيطك، لكن العيب أن نبقى نردد جُملاً تُقلل وتحجم دور النساء في الطبخ والمنزل والزواج وتكون هذه أقصى الطموحات".

لكن اعتماد الوسم على السخرية وانتزاع الضحكات على العنف الجمعي ضد النساء أزعج الكثيرات. قالت الناشطة سناء النميري: "أنا مع أي ترند بضوي على قضيتي كامرأة وكنسوية. وبغض النظر عن الطريقة يلي بتنطلق فيها الحملات أو الترندات والأداة المستخدمة. كل جملة كتبتها تحت هاشتاغ

 #أجمل_ما_قيل_في_الجندر سمعتها وكل موقف عشته شخصياً وكتير جمل مقرفة وظالمة ومجفة انتشرت أنا سمعتها وبعدني عم أسمعها لهلأ".

واستطردت: "لكن الهاشتاغ صار مؤذي بالنسبة إليّ جداً جداً... خاصة الأضحكني يلي عم تنطرش وين ما كان. حتى مواقف عم ننشرها هي مؤلمة عم يتحول التفاعل عليها لأضحكني. لهيك محيت أكتر من بوست عليهن أضحكني ع صفحتي واكتفيت بكم بوست لمواقف شخصية، ووقفت إني أكتب أي شي لأني ما بسمح يتم السخرية على قضيتي أو رش الأضحكني بأي مكان وعلى أي موقف ويتحول الموضوع لفكاهة هالشي مؤذي مؤذي جداً جداً".

#أجمل_ما_قيل_في_الجندر… "الهاشتاغ الذي، على الأرجح بدأ بمأساة، انتهى إلى ملهاة... وبعض الملهاة حريةٌ وتحقّق. السخرية تُثبت مجدداً أنها أمضى من مضارب الحِدّة وعبوس النضال وصيحات الحرب"

مع ذلك، دافع البعض عن فكرة السخرية باعتبارها أكثر تأثيراً في الشعوب العربية. قالت الصحافية رشا الأطرش: "الهاشتاغ الذي، على الأرجح بدأ بمأساة، انتهى إلى ملهاة... وبعض الملهاة حريةٌ وتحقّق. السخرية تُثبت مجدداً أنها أمضى من مضارب الحِدّة وعبوس النضال وصيحات الحرب".

وكان إيجابياً أن استغلت ناشطات نسويات رواج الوسم لنشر تصحيح لأفكار واعتقادات مغلوطة ومضللة عن الحراك النسوي وقضايا المرأة وعدالة مطالب النساء،ًمنهن الناشطة النسوية السورية براء صليبي التي كتبت في منشور مطوّل عبر حسابها في فيسبوك: "هل تعلم عزيزي الرجل أني كامرأة ببلد متل سوريا (مع إني بنت بيئة منفتحة وعائلة بتقدرني كامرأة، وعايشة حياتي متحررة ومستقلة ومن حقي كتير شغلات) ماني آخدة كل حقوقي؟".

وساقت مثالاً على ذلك: "أنا اليوم لو متزوجة وقرر زوجي الحباب يطلقني بدون سبب هيك بيقدر بكل بساطة متل شربة كاسة الشاي الأكرك العجم يقلي باي، وياكل حقوقي ويرشي المحامي، وياخد ولادي يذلني فيهن لأتنازل عن كلشي. أما أنا لو طلبت الطلاق رح قضي عمري على أبواب المحاكم وحط كلشي معي مصاري ونسترضي خاطر أبو عنتر".

كما أشارت إلى حرمان الإناث من الميراث في أماكن عديدة فقط لأنهن إناث، وحرمان الأم من الكثير من الحقوق المتعلقة بأبنائها وتنشئتهم، والتفاوت في الأجور بين الجنسين، وترهيب النساء بذرائع مثل "السمعة والشرف"، وغيرها الكثير من الحقوق المنقوصة أو المحرومة منها النساء في منطقتنا العربية.

وفي ختام منشورها، أوضحت براء أن السخرية من العبارات النمطية المسيئة عبر الوسم "ليس تطبيعاً مع المشكلة" وإنما "فرصة، فرصة لوصّل بالسخرية عمق مشكلتي اللي ما وصلت بلا هالترند لهالعدد من الناس وأرقت البعض وأزعجتهم". وأردفت: "إذا ما بدن اللي عم يقرأوا وهنن عم يضحكوا يقدروا حجم الألم اللي عم نعيشه ونسخر منه، ويضلوا سطحيين مشكلتن، أنا عم عوّل على 10 من مليون".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

رصيف22 من أكبر المؤسسات الإعلامية في المنطقة. كتبنا في العقد الماضي، وعلى نطاق واسع، عن قضايا المرأة من مختلف الزوايا، وعن حقوق لم تنلها، وعن قيود فُرضت عليها، وعن مشاعر يُمنَع البوح بها في مجتمعاتنا، وعن عنف نفسي وجسدي تتعرض له، لمجرد قولها "لا" أحياناً. عنفٌ يطالها في الشارع كما داخل المنزل، حيث الأمان المُفترض... ونؤمن بأن بلادنا لا يمكن أن تكون حرّةً إذا كانت النساء فيها مقموعات سياسياً واجتماعياً. ولهذا، فنحن مستمرون في نقل المسكوت عنه، والتذكير يومياً بما هو مكشوف ومتجاهَل، على أملٍ بواقع أكثر عدالةً ورضا! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، وأخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!.

Website by WhiteBeard
Popup Image