الاعتقاد السائد بأن الأرق حكر على كبار السن ليس دقيقاً، فلا هو مرتبط بعمر أو جنس أو حالة اجتماعية أو اقتصادية، المراهق يعاني منه كما الكبير في السن، ورب الأسرة كما الشاب، والأم كما العزباء.
تقول منى إن ابنتها (16 عاماً) تعاني من الأرق في المرحلة الثانوية، وهو أمر بدأت تعيشه منذ الإعدادية، بل إن منى نفسها لا تستطيع النوم بسبب تفكيرها في مستقبل ابنتها الذي سيحدده مجموع علاماتها في الثانوية العامة.
أما زهرة (18 عاماً) فلم تعرف هذه المشكلة إلا مع دخول الجامعة، تقول لرصيف22: "بحس إني أخدت قرار غلط لما دخلت كلية الهندسة، المواد صعبة جداً، طول الوقت بفكر في بابا وماما، الأرق مسبب لي التوتر طوال الوقت".
أرق المراهقين
عن هذه الحالات تتحدث الأخصائية النفسية والباحثة في اضطرابات النوم سهى صبحي المصري لرصيف22، فتشير إلى أن اضطراب النوم يرتبط عند المراهقين بعدة إشكاليات نفسية منها الاكتئاب، وأبرز أعراضه المزاج المضطرب، والإحساس بعدم الرضا، والشعور بالإرهاق، وتدني مستويات النشاط البدني.
الاعتقاد السائد بأن الأرق حكر على كبار السن ليس دقيقاً، فلا هو مرتبط بعمر أو جنس أو حالة اجتماعية أو اقتصادية، المراهق يعاني منه كما الكبير في السن، ورب الأسرة كما الشاب، والأم كما العزباء
ومن أبرز مسببات الأرق بحسبها القلق الذي يُعرف بأنه شعور الشخص بمشاعر الخوف وتوقع الشر، مصحوباً بارتفاع في نشاط الجهاز العصبي تؤدي إلى زيادة في معدل دقات القلب، وسرعة في التنفس، ونوبات غضب.
يتساءل محمد (31 عاماً): "ننام إزاي إحنا الجيل اللي شاف كل حاجة، ثورات وحالة اقتصادية ضايعة، حتى الحب مبقاش زي ما كنا بنسمع عنه، إحنا حتى هنشهد تغير المناخ وشقلبة العالم والبيئة، أنا مبقدرش أنام إلا لو اشتغلت كتير وجسمي كان مكسر من التعب".
مهن يخاصمها النوم
تلوم ريم (32 عاماً) عملها كصحافية، وترى أنها مهنة تتسبب بالأرق وقلة النوم، تقول لرصيف22: "بحس إني ملعونة، طول اليوم بجري وبفكر في اللي بعمله، وبالليل ووقت النوم برجع أعيد في ذهني نفس الأحداث، وبحط خطط للي لازم أعمله تاني يوم، أنا بنام 3 ساعات بالكتير كل ليلة".
بعض المهن تسبب صعوبات النوم أكثر من غيرها، كالعمل في الورديات المسائية، الطب، الصحافة، الشرطة، الطيران، وبعض المهن الإبداعية
أما سامية (29 عاماً) وتعمل طبيبة، فتقول لرصيف22: "رغم إني تخرجت من سنين إلا إني لسة بشوف الحلم اللي بروح فيه الامتحان متأخرة ومبقدرش أجاوب على أي سؤال، كرهت منظر السقف وأنا ببحلق فيه كل ليلة وأنا بفكر في العيانين، وبضحك وبقول عيانين مين ده أنا اللي عيانة، ومحتاجة علاج فوري، المشكلة في الصداع، وهو من أكتر الأعراض اللي بتلازمني طول النهار بسبب قلة النوم".
المصري تحدثت عن تأثير بعض المهن على سلب القدرة على النوم أكثر من غيرها، تقول: "كل مهنة ولها متاعبها، لكن هناك مهن ترتبط باضطرابات النوم أكثر من سواها، كالورديات المسائية، حيث يتطلب هذا النوع من الأعمال من عقل الموظف العمل في الوقت الذي يحتاج فيه إلى النوم، وهو ما يجعل الدماغ يفرز مواداً تساعد على التركيز إلا أنها تتسبب في إعاقة النوم وصعوبة النعاس بعد ذلك".
ومن المهن أو المناصب التي تشير إليها: المدير على اعتباره مسؤولاً عن الموظفين وجودة العمل، ضابط الشرطة ورجل الأمن، مراسل الأخبار، صحافي الحوادث، سائق الشاحنة الذي يحتاج إلى درجة عالية من التركيز لتفادي الحوادث، الطيار لنفس السبب السابق، الأطباء وخاصة الجراح والمختص في النسائية والتوليد، إضافة إلى المهن الإبداعية التي تتطلب كثيراً من التفكير.
أصدقاء النوم
وعلى الجانب الآخر من الليل، البعض عقدوا صداقتهم مع النوم، فبمجرد وصولهم إلى السرير يغطّون في نوم عميق دون محاولات النعاس الفاشلة أو أرق الساعات الطويلة.
من هؤلاء داليا محمد (28 عاماً) وهي ربة منزل، تقول لرصيف22: "أول ما بحط راسي على المخدة بدخل في النوم، يمكن لأني بشتغل في البيت طول اليوم وأم لطفلين، بس الحقيقة أنا كده طول عمري مبفكرش كتير ومبحاولش أفلسف الحياة".
من الحلول إعداد الغرفة للنوم عن طريق التأكد من أن درجة حرارتها مناسبة، وأن تكون الوسادة مريحة، وأن يكون غطاء السرير قطنياً، مع ضرورة إطفاء الأضواء والابتعاد عن الشاشات كالتلفزيون والهواتف قبل ساعة من النوم على الأقل
كذلك عماد سيد (33 عاماً) ويعمل مدرساً، يقول لرصيف22: "الحقيقة أنا بنام على طول من كتر التعب، زي الطوبة مبتحركش، بسبب الإرهاق اللي بشوفه مع الأولاد في المدرسة".
ومثلهم محمود حسني (65 سنة) الذي يلتزم بطقسه اليومي الذي يعتقد أنه يساعده على النوم، فهو ينام كل يوم بعد العشاء، ويستيقظ فجراً منذ سنوات، يقول: "خالي البال بينام على طول من غير قلق ولا أرق، زمان كنت بخاف على عيالي وبفضل صاحي بس بعد كده طنشت وبطلت أفكر".
حلول لاستدراج النوم
الباحثة في اضطرابات النوم سهى صبحي السيد تتحدث عن الحلول المقترحة، وتشير إلى أهمية الأساسيات، مثل إعداد الغرفة للنوم عن طريق التأكد من أن درجة حرارتها مناسبة، وأن تكون الوسادة مريحة، وأن يكون غطاء السرير قطنياً، وضرورة إطفاء الأضواء والابتعاد عن الشاشات كالتلفزيون والهواتف، إذ يجب أن تقفل قبل النوم بساعة على الأقل.
وتنصح بأن تكون غرفة النوم بعيدة عن أي مصدر للضوضاء، ويفضل أخذ حمام دافئ لرفع حرارة الجسم، ولأنه يساعد على إفراز هرمونات النوم، وبالطبع قراءة الكتب في السرير.
أما خلال النهار، فيفيد من يعاني من الأرق ممارسة التمارين الرياضية، وتفادي المنبهات ما أمكن، وبالأخص شرب القهوة والشاي في ساعات متأخرة.
ويحذر موقع مايو كلينيك الطبي من مضاعفات الأرق: "يُعد النوم أمراً مهماً لصحتك تماماً كأهمية النظام الغذائي الصحي وممارسة النشاط البدني بانتظام. وأياً كانت الأسباب التي أدت إلى معاناتك من نقص النوم، فقد يؤثر الأرق سلباً على صحتك العقلية والجسدية. وقد أفاد الأشخاص المصابون بالأرق بأن جودة نوعية حياتهم قليلة مقارنة بمن ينالون قسطاً كافياً من النوم".
مايو كلينك: العلاج السلوكي المعرفي للأرق يساعد على اكتساب عادات جيدة للنوم، وتجنب السلوكيات التي تعيقك عن النوم المريح
ويضع الموقع العديد من الاقتراحات للتغلب على هذه المشكلة من خلال الجانب المعرفي في العلاج السلوكي للأرق، إذ تقع علينا مسؤولية تحديد العادات التي تؤدي إلى هذه المشكلة بأنفسنا، "تمييز العادات التي تؤثر على قدرتك على النوم، ومن ثم تغييرها، قد تساعدك في السيطرة على الأفكار السلبية وبواعث القلق التي تجعلك يقظاً أو التخلص منها. وقد تتضمن أيضاً التخلص من الدورة التي تعرضك للقلق الشديد بشأن الدخول في النوم بحيث لا تستطع النوم، أما الجانب السلوكي في العلاج السلوكي المعرفي للأرق فيساعدك على اكتساب عادات جيدة للنوم وتجنب السلوكيات التي تعيقك عن النوم المريح".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 6 ساعاتHi
Apple User -
منذ 6 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا