الأبدية
"ينساب الحنين كنهر جارٍ،
ليصبّ في الذاكرة.
ذاكرتي الهشّة والمولعة بك
هي التي تُضنيني،
وتُسجّل جسدي ضمن لائحة من يشتهيهم الموت.
عزيزي، الموت بك هو الخلود!
حفل الشواء القائم داخلي،
اشتمّه كل من حولي إلّاكَ!
*****
حين يغدو الألم أكثر من حالة
فيصير نمط حياة يُدرّس
كما توهب الأرض الزرع لها، وهبته لي
وحسبت نفسي أمّه…
أنا أم الوجع حين أكونه، وابنته حين أعتاده.
لن ترثوني أبداً
ليس طمعاً بالخلود، ولكن، أين أروح بكلّ هذه الآلام؟
منذُ ولادتي، أهداني والدي شتلة منه:
"خُذِي يا ابنتي، هذه شتلة ألمك
اغرسيها في صدرك، لِتَنْمِي وإياها"
ولكن
الشتلة أصبحت شجرة
والشجرة لا يسعها صدري
والعصفور في داخلي
ملّ التنقل بين الأغصان
أليسَ في السماء متسع لكلينا؟!
لتجيبنا السماء بأننا عبء عليها
ومنذ الأزل قد وزّعت الآلام في الأرض
والآمال في السماء.
أمرّر بعض مشاهد الحبّ في رأسي، علّي أكتب بلطف أكثر! فأصطدم بسخافتها... مجاز
بين الآلام والآمال، نسيت أن أعيش!
لأتفاجأ بكبر مشاعري، وقلّة حيلتي نحو الحياة…
لست سوى فرخٍ
أصغر من أن أسكنَ فوق الأعالي
وأن أنصهرَ والرِّيح
نحو اللَّاحدود.
لن ترثوني أبداً، ليس طمعاً بالخلود، ولكن، أين أروح بكلّ هذه الآلام؟... مجاز
أتساءل متى اعتريتُ الصَّمت لغةً للكلام؟
ومتى لقّنتْني الحياةُ كلّ هذه الرَّتابة؟!
وكيف أوهمتْني بجناحَي النَّسر؟
أفقدُ قدرَتي على البوح،
والشَّوك يغزو لساني كصبّارةٍ
أفقدَني الصَّمتُ قدرَتي على الإبحار
فلتجرِ الرِّياحُ كما تشتهي
لا السَّفينةُ سفينَتي ولا الوجهةُ وجهَتي.
*****
"في آخر الشارع حانة، قد جُهّزت لعشاق المجهول…
بنخب الغَيب يشربون،
هم ثواكل الحياة ومسرّاتها اللامتناهية…
كلّ منا يعيش الليل على طريقته،
وأنا أوجّه كلّ طرقاتي نحوكَ…
*****
يشربنا الصباح ككوب قهوة ليُصَحصِح.
الشمس تطلع لتؤدي وظيفتها، فقد ملَّت البلد الذي تشرق فيه.
أحاديث الناس باتت مضجرة
والكلّ جائعٌ للرغيف
يتنافسون، يتقاتلون، يموتون ويحيا الرَّغيف!
تسوق بي السيّارة، أعبر كلّ المسافات كمُشاهد
إذ لا قدرة لي على أن أكون مشهداً
خلعت عني هذه المهام. فمصاب هذا البلد كثيرة وأفلامه كثيرة.
سائق التاكسي يترنّح جانباً: "دقيقة بس"
الركّاب في انتظاره، وهو يشبع رغبته بالتبوّل
يعود برأسه المربّع، وقميص الكاروهات، ليكمل حديثه الغليظ.
هذا الصباح يُثير الغثيان،
حتّى كوب النسكافية خاصتي.
أمرّر بعض مشاهد الحبّ في رأسي، علّي أكتب بلطف أكثر!
فأصطدم بسخافتها.
تسوق بي السيّارة، أعبر كلّ المسافات كمشاهدٍ
أصلُ إلى وجهتي أخيراً، دون وجهي
لأنني تناثرت في كلّ ما شاهدته.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
mahmoud fahmy -
منذ ساعتينكان المفروض حلقة الدحيح تذكر، وكتاب سنوات المجهود الحربي، بس المادة رائعة ف العموم، تسلم ايديكم
KHALIL FADEL -
منذ يومراااااااااااااااااااااااااائع ومهم وملهم
د. خليل فاضل
Ahmed Gomaa -
منذ يومينعمل رائع ومشوق تحياتي للكاتبة المتميزة
astor totor -
منذ 6 أياماسمهم عابرون و عابرات مش متحولون
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامفعلاً عندك حق، كلامك سليم 100%! للأسف حتى الكبار مش بعيدين عن المخاطر لو ما أخدوش التدابير...
Sam Dany -
منذ أسبوعانا قرأت كتاب اسمه : جاسوس من أجل لا أحد، ستة عشر عاماً في المخابرات السورية.. وهو جعلني اعيش...