شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"قد أكون الضحية التالية" ... من يوقف جرائم قتل النساء في تونس؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 22 نوفمبر 202203:26 م

"عندما أقرأ عن جرائم قتل النساء في بلدي، أشعر بأنني الضحية التالية، وبأن حقي في الحياة مهدّد"؛ بهذه الكلمات عبّرت سلمى (36 عاماً) عن مخاوفها من ارتفاع ضحايا العنف القاتل ضد نساء تونسيات في السنوات الأخيرة.

سلمى (اسم مستعار)، واحدة من مئات النساء اللواتي كنّ ضحيةً للعنف داخل الفضاء الأسري، حيث عانت من العنف الزوجي لسنوات طويلة ولا زالت تتعرض لتهديدات بالقتل بسبب اتخاذها قراراً بالانفصال، وفق ما حكَت خلال حديثها إلى رصيف22.

مخاوف سلمى تبدو مشروعةً بالعودة إلى جرائم القتل الفظيعة والمروّعة التي استهدفت نساءً تونسيات منذ بداية العام الحالي، ففي منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أقدم رجل تونسي على قتل زوجته طعناً بسكين في منطقة وادي الليل في محافظة منوبة بالقرب من العاصمة، قبل أن يحاول قتل ابنته البالغة 11 عاماً، كما قُتلت بعدها امرأة أخرى من محافظة بنزرت طعناً على يد شقيقها بسبب الميراث، وهي رابع جريمة قتل في أقل من شهر.

"عندما أقرأ عن جرائم قتل النساء في بلدي، أشعر بأنني الضحية التالية، وبأن حقي في الحياة مهدّد"

في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، شهدت محافظة الكاف شمال غرب البلاد، جريمة قتل مروعة راحت ضحيتها وفاء السبيعي (40 عاماً)، بعد أن أضرم زوجها النار في جسدها، ثم حاول حرق ابنته (15 عاماً)، كما قُتلت في الفترة نفسها امرأة أخرى ضرباً على يد زوجها في قرقنة في محافظة صفاقس.

تقول ناشطات من الجهة، إن وفاء السبيعي تقدمت بطلب إلى السلطات المختصة تطلب فيه حمايتها من زوجها، لكنه قوبل بالرفض وتم تجاهلها إلى أن فقدت حياتها بطريقة بشعة.

 أوقفوا قتل النساء!

ارتفاع جرائم القتل دفع المنظمات النسوية في تونس، إلى إطلاق صيحة فزع ورفع شعار "أوقفوا قتل النساء"، للفت أنظار السلطات إلى ضرورة التحرّك وتطبيق القوانين المناهضة للعنف ضد المرأة، ووضع خطة وطنية لمناهضة العنف الزوجي والأسري وحماية حياة النساء.

تتهم الكاتبة العامة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، أحلام بوسروال، السلطات التونسية باتّباع سياسة الصمت واللا مبالاة تجاه جرائم القتل التي تطال النساء.

وتؤكد في حديثها إلى رصيف22، أن مركز الإنصات وتوجيه ضحايا العنف التابع لجمعية النساء الديمقراطيات (غير حكومية)، أحصى نحو 12 حالة قتل و4 محاولات قتل خلال سنة ونصف.

أضافت بوسروال قائلةً: "تتحمل منظمات المجتمع المدني مسؤوليتها في حماية النساء حسب الإمكانيات المتوفرة، لكن من  الواضح أن الدولة التونسية تخلت عن دورها في حماية النساء وحماية حقهن في الحياة". تتابع: "حق التونسيات في الحياة مهدّد وجرائم قتل النساء في ارتفاع والسبب هو تواصل ظاهرة الإفلات من العقاب في قضايا العنف المسلط عليهن، لذلك نسمع اليوم عن نساء يُحرقنَ حيّات وأخريات يُقتلن رمياً بالرصاص أو طعناً".

"من  الواضح أن الدولة التونسية تخلت عن دورها في حماية النساء وحماية حقهن في الحياة"

وتؤكد الناشطة النسوية أن "قضايا العنف المسلط على النساء تأخذ ما بين ثلاث وأربع سنوات للبتّ فيها"، مستذكرةً قضية الشابة رفقة الشارني، التي قُتلت على يد زوجها رمياً بالرصاص في أيار/ مايو 2021، وهي قضية لم يتم البتّ فيها إلى اليوم، على حدّ قولها.

وترى بوسروال، أن الدولة التونسية قادرة على إيقاف جرائم قتل النساء، وذلك من خلال اتخاذ خطوات جدية للحدّ من هذه الظاهرة وتطبيق ترسانة القوانين التي وُجدت في بلادها لحماية المرأة من العنف.

من جهتها، تؤكد المديرة التنفيذية لجمعة "أصوات نساء"، سارة بن سعيد، أن قائمة النساء اللواتي فقدن حياتهن في تونس نتيجة العنف الأسري والزوجي طويلة، وأن هذه القائمة قد تضم قريباً أسماء ضحايا جدد في حال لم تتحرك السلطات لإيجاد حلول لظاهرة العنف المسلط على المرأة التونسية.

تضيف بن سعيد، في حديثها إلى رصيف22، قائلةً: "هناك ضحايا أخريات ينتظرن دورهنّ في ظل غياب الدولة التونسية ونحن اخترنا إطلاق صيحة فزع لإيقاف قتل النساء وضمان حقهن في الحياة". 

تم تسجيل أكثر من 3 آلاف بلاغ عن حالات عنف تعرضت لها النساء التونسيات منذ بداية العام الحالي، 74 في المئة منها صادرة عن الأزواج

تتابع: "ندعو السلطات التونسية إلى تطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017، المؤرخ في 11 آب/ أغسطس 2017، والمتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة وحماية نساء تونس من التقتيل والتشويه وكل أشكال العنف".

وتقرّ منظمات المجتمع المدني أن ترسانة القوانين التي وضعتها تونس على مرّ السنين لحماية النساء لم تنجح فعلياً في القضاء على العنف المسلط على المرأة، سواء داخل فضاء الأسرة أو في العمل أو في الشارع.

القانون وحده لا يكفي!

ترى المحامية والناشطة الحقوقية، بشرى بالحاج حميدة، في حديث إلى رصيف22، أن القانون وحده لا يكفي لحماية النساء من العنف وأن السلطات التونسية مطالبة بوضع آليات واعتمادات مالية ولوجستية للحد من هذه الظاهرة.

وتؤكد بالحاج حميدة، أن المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة، والذي كان من المفترض أن يقع إحداثه طبقاً للقانون عدد 58 لسنة 2017، ومهمته رصد حالات العنف وتوثيقها ومتابعة تنفيذ التشريعات والسياسات وتقييم نجاعتها وفاعليتها في القضاء على العنف ضد المرأة، لم يبدأ فعلياً بالعمل إلى اليوم بالرغم من مرور خمس سنوات على المصادقة على القانون.

"يحتاج القضاء على العنف ضد المرأة جهداً كبيراً من جميع الوزارات في البلاد، وأعتقد أن الإرادة غير متوفرة لدى من يحكمون اليوم لحماية النساء من القتل ومن العنف الزوجي"

كما تقول: "للأسف لم تقدّم وزارة المرأة أرقاماً دقيقةً عن عدد النساء اللواتي فقدن حياتهن بسبب العنف خلال السنة الحالية أو السنة الماضية، والحل هو أن يبدأ المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة بالعمل بشكل عاجل".

تضيف: "يحتاج القضاء على العنف ضد المرأة جهداً كبيراً من جميع الوزارات في البلاد، وأعتقد أن الإرادة غير متوفرة لدى من يحكمون اليوم لحماية النساء من القتل ومن العنف الزوجي".

وتقول وزارة المرأة التونسية إن "ظاهرة العنف الزوجي في ارتفاع"، داعيةً "مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وقطاع الإعلام إلى تعزيز الجهود للتوعية والتحسيس والتثقيف وإلى مزيد من التعريف بالقانون المتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة والتمسك بالتطبيق الصارم لأحكامه".

بحسب تقرير رسمي صادر عن الوزارة المعنية في شهر آب/ أغسطس الماضي، تم تسجيل أكثر من 3 آلاف بلاغ عن حالات عنف تعرضت لها النساء منذ بداية العام الحالي، 74 في المئة منها صادرة عن الأزواج.

جاء في التقرير أيضاً أن حالات العنف المرصودة ضد النساء تراجعت، غير أنها بقيت مرتفعةً إذ تعاني النساء من أشكال مختلفة للعنف داخل الأسرة التي أصبحت تصنّف فضاءً غير آمن للنساء.

ويؤكد التقرير أن الزوج هو المتّهم الأول بممارسة العنف ضد المرأة، فيما تمارَس بقية أشكال العنف في الأغلب من قبل أفراد العائلة، ما يعني أن الفضاء الأسري لم يعد آمناً، في الكثير من الأحيان، للنساء التونسيات.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard