شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
هل نكون أمام بطل جديد للمونديال؟

هل نكون أمام بطل جديد للمونديال؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 4 نوفمبر 202209:36 ص

مع اقتراب انطلاقة كأس العالم، تنشغل الصحافة الرياضية العالمية، كالعادة، بدراسة وتحليل نقاط قوة ونقاط ضعف كل منتخب، وتضع لائحة بالمنتخبات المرشحة لتحقيق اللقب.

وكالعادة، تأتي في مقدمة المرشحين المنتخبات المنضوية في "نادي الأبطال"، أي تلك التي فازت في السابق بالمونديال، خاصةً تلك التي فازت به أكثر من مرة، كالبرازيل، ألمانيا، الأرجنتين، وفرنسا.

هذه المنتخات التي تُعتبر "مرشحة تقليدية" تستفيد من خبرتها ومن ثقافة الانتصار التاريخية التي يتوارثها لاعبوها، للتعامل مع اللحظات المعقّدة وحسم المباريات لصالحها.

ومع ذلك، نجد في كل بطولة منتخبات تمتلك تشكيلات متجانسة وقوية قادرة على المنافسة وانتزاع للقب للمرة الأولى في تاريخها، فيتبادر إلى الأذهان قبل كل نسخة مونديالية السؤال المتكرر: "هل سنكون أمام بطل عالم جديد؟".

طوال السنوات الأربعين الماضية، نجح منتخبان فقط بدخول نادي أبطال العالم، هما فرنسا على أرضها عام 1998، وإسبانيا في جنوب إفريقيا عام 2010، مع الإشارة إلى أنّ منتخبات عدّة كانت قريبة من تذوق طعم الكأس الأغلى، لكنها افتقرت إلى التركيز والتوفيق في الأمتار الأخيرة، وأبرزها منتخب المجر المرعب الذي خسر نهائي 1954 أمام ألمانيا بشكل دراماتيكي ومنتخب هولندا الذي بلغ المباراة النهائية ثلاث مرات وخسرها.

اليوم، يمتلك أكثر من منتخب الإمكانيات اللازمة والزاد البشري المناسب للحصول على اللقب الكروي الأغلى للمرة الأولى، وفي مقدمها المنتخب الهولندي، المنتخب البلجيكي المدجج بنجوم عالميين، البرتغال بطلة يورو 2016 ودوري الأمم الأوروبية 2019، بالإضافة إلى السنغال بطلة إفريقيا.

الطواحين الهولندية... سعي لفكّ النحس

قدّمت هولندا لكرة القدم أكثر من جيل ذهبي، في مقدمها جيل سبعينيات القرن الماضي بقيادة نجمها الأسطوري يوهان كرويف الذي خسر نهائيين متتاليين في نسختي 1974 و1978، وجيل نهاية الثمانينيات بقيادة ثلاثي ميلان الرهيب ماركو فان باستن ورود غوليت وفرانك رايكارد، والذي توّج بلقب يورو 1988، ما جعل الصحافة الرياضية تطلق عليه لقب "أفضل منتخب لم يتوَّج بكأس العالم".

الجيل المعاصر لمنتخب هولندا كان أيضاً قريباً من تذوق طعم الذهب العالمي، لكن سوء الطالع وقف في وجهه مرّة أخرى، فخسر في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي نهائي 2010 في جنوب إفريقيا، بهدف أندريس إنييستا القاتل، كما خسر نصف نهائي مونديال 2014 بصعوبة أمام الأرجنتين إثر الاحتكام إلى الركلات الترجيحية.

بالإضافة إلى نجومه العالميين، يتميز منتخب الطواحين بمدرسته وثقافته الكروية التي تتوارثها الأجيال، والقائمة على اللعب الهجومي والضغط العالي على الخصم، ومشاركة جميع اللاعبين في الهجوم والدفاع، أو ما يعرف باسم "الكرة الشاملة"، والتي ظهرت للمرة الأولى مع فريق آياكس في السبعينيات، وتمكّن من خلالها من تحقيق ثلاثية دوري أبطال متتالية. واستُخدم هذا الأسلوب الكروي في العديد من الأندية الهولندية إضافة إلى منتخب البلاد، ونقله يوهان كرويف إلى برشلونة لدى استلامه مهمة تدريبه، وكان له دور كبير في معظم تتويجات النادي الكتالوني اللاحقة.

الفشل في بلوغ نهائيات مونديال 2018 في روسيا، بعد الحلول في المركز الثالث في التصفيات خلف فرنسا والسويد، ترك غصّة كبيرة لدى مشجعي الطواحين الكثر حول العالم. وهم اليوم يأملون استعادة مكانتهم العالمية في مونديال قطر.

يمتلك منتخب هولندا خط دفاع حديدي مع تواجد اثنين من أفضل قلوب الدفاع في أوروبا، هما مدافع ليفربول فيرجيل فان دايك، وماتيس دي ليخت المنتقل هذا الموسم إلى بايرن ميونيخ الألماني، ومن الممكن أن يلجأ مدرب المنتخب لويس فان غال للعب بثلاث لاعبين في محور الدفاع من خلال الاستعانة بمدافع مانشستر سيتي ناثان آكيه.

لاعبو خط وسط وهجوم المنتخب لا يعيشون أفضل فتراتهم مع أنديتهم، مثل أرنوت دانجوما، ممفيس ديباي، ودوني فان دي بيك، إلا أنهم أثبتوا جميعاً في الأشهر الأخيرة أن الحال يختلف عندما يمثّلون المنتخب، فهولندا تصدّرت مجموعتها في التصفيات المؤهلة للمونديال متفوّقة على تركيا والنرويج، وحققت نتائج مميزة في دوري الأمم الأوروبية وفي المباريات الودية، وتبدو اليوم في أتم الجاهزية للعرس الكروي العالمي.

الشياطين الحمر... جيل ذهبي بلا تتويجات

دخل منتخب بلجيكا مونديال 2018 في روسيا بصفته مرشح فوق العادة لتحقيق اللقب. ونجح الشياطين الحمر باحتلال المركز الثالث، بعدما أطاحوا بالبرازيل في طريقهم إلى المربع الذهبي، ليسجلوا أفضل مشاركة بتاريخهم، بعدما كانوا قد احتلو المركز الرابع في مونديال 1986 في المكسيك.

تطوّرت كرة القدم بشكل كبير في بلجيكا خلال السنوات الأخيرة، وزخرت تشكيلة منتخب الشياطين بنجوم من الصف الأول يلمعون في أبرز الفرق الأوروبية، ما جعل جميع المنتخبات تخشى مواجهته. ومع ذلك، فشل هذا الجيل الذهبي بالحصول على أي تتويج في البطولات الكبرى، بالرغم من المستويات الكبيرة التي يحقّقها في التصفيات والمباريات الودية، واكتساحه للخصوم في عدد كبير من مبارياته، واحتلاله على الدوام مركزاً متقدّماً في تصنيف منتخبات الفيفا.

يمتلك أكثر من منتخب لم يفز سابقاً بالمونديال الإمكانيات اللازمة والزاد البشري المناسب للحصول على اللقب الكروي الأغلى للمرة الأولى... ما هي وما حظوظها؟

يضمّ منتخب بلجيكا اليوم نجم مانشستر سيتي كيفن دي بروين، أحد أفضل لاعبي الوسط الهجومي في العالم، وحارس ريال مدريد الصلب تيبو كورتوا المتوج بجائزة أفضل حارس في أوروبا، وبجائزة أفضل حارس في العالم، بالإضافة إلى "دبابة" إنتر ميلان روميلو لوكاكو الذي لا يمكن لأي مدافع إيقافه عندما يكون بأتمّ جاهزيته، ناهيك عن نجوم آخرين يقدّمون مستويات جيدة مع أنديتهم مثل لاعب خط وسط فريق ليستر سيتي يوري تيليمانس ونجم برايتون الإنكليزي والمتألق بشدة هذا الموسم ليناردو تروسارد، وجناح بروسيا دورتموند ثورغان هازارد، شقيق لاعب ريال مدريد إيدين هازارد الذي تحول في السنوات الماضية إلى شبح للنجم الكبير الذي عرفه الجمهور عندما كان لاعباً في تشيلسي.

جيل متميز لبرازيل أوروبا والفرصة الأخيرة للدون

كما حال بلجيكا، تحوّلت البرتغال في العقد الأخير إلى قوة كروية عظمى. البلاد التي قدمت للعالم كريستيانو رونالدو المتوّج بالكرة الذهبية خمس مرات، حقق منتخبها بطولة اليورو عام 2016 بعدما هزم منتخب فرنسا في النهائي في عقر داره، كما أحرز لقب دوري الأمم الأوروبية عام 2019 بعد الفوز على هولندا في المباراة النهائية.

في سوق الانتقالات الحالية، صدّرت أندية البرتغال عدة مواهب لكبرى الفرق الأوروبية، مثل فيكتور فيتينا المنتقل إلى باريس سان جرمان، فابيو فييرا لاعب الأرسنال الجديد، ما يعكس الطفرة في المواهب التي تشهدها البلاد.

يُلقَّب منتخب البرتغال بـ"برازيل أوروبا" بسبب الكرة الجميلة التي يقدمها، والقريبة من كرة البرازيليين، وكان للبرتغال تاريخياً بعض المحطات المشرفة في كأس العالم، أبرزها خلال مشاركتها الأولى في مونديال 1966، عندما احتلت المركز الثالث بقيادة أسطورتها أوزيبيو الذي أحرز لقب هداف المسابقة، كما احتلّ المنتخب المشارك في مونديال 2006، بنجوم مميزين مثل نونو غوميز وبيدرو باوليتا بالإضافة إلى اليافع يومها كريستيانو رونالدو، المركز الرابع.

يحتاج أسود التيرانغا إلى عدة عوامل لخلق "معجزة" كروية، أبرزها الثبات الانفعالي في المباريات الكبرى، وهي السمة التي تفتقدها المنتخبات الإفريقية في اللحظات المصيرية

يمتلك منتخب البرتغال أكثر من لاعب مميز في جميع المراكز، في مقدمهم ثلاثي مانشستر سيتي جواو كانسيلو، روبن دياز وبرناردو سيلفا، ومهاجم أتلتيكو مدريد جواو فيليكس، بالإضافة إلى كريستيانو رونالدو لاعب الخبرة والهداّف التاريخي لمنتخبات العالم، والذي سيكون مونديال قطر فرصته الأخيرة لتتويج مسيرته باللقب الأغلى الذي تمنّع عليه في مشاركاته الأربع السابقة، بعدما حقق جلّ الألقاب الفردية والجماعية مع الأندية والمنتخب.

أسود التيرانغا بصفوف مكتملة

لم يسبق لأي منتخب إفريقي أن بلغ المربع الذهبي لكأس العالم من قبل، فيما نجحت ثلاثة منتخبات في الوصول إلى الدور ربع النهائي، هي الكاميرون في مونديال 1990، غانا في مونديال 2010، والسنغال التي افتتحت مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان بفوز على فرنسا حاملة اللقب يومها، ووصلت إلى ربع النهائي وخسرت بصعوبة أمام تركيا بهدف نظيف بعد تمديد الوقت، بحضور نجوم لامعين مثل الحجي ديوف، خاليلو فاديغا والراحل بوبا ديوب الذي توفي عام 2020 بعد صراع طويل مع المرض.

تُقدّم السنغال مستويات مميزة حالياً تحت قيادة المدرب المحلي أليو سيسي، توجتها بإحراز لقب كاس إفريقيا مطلع العام، ولأول مرة في تاريخها، بعد الفوز على مصر في المباراة النهائية.

في النسخ الـ21 الماضية، احتكرت قارتا أوروبا وأمريكا الجنوبية لقب كأس العالم، وفي حال بحثنا عن منتخب قادر اليوم على كسر هذا الاحتكار، لن نجد أفضل من السنغال. فأسود التيرانغا يمتلكون اليوم تشكيلة متجانسة من لاعبين يبرزون في أهم الفرق الأوروبية، ويقدّمون مستويات كبيرة، على رأسهم ساديو ماني المنتقل إلى بايرن ميونيخ مطلع الموسم، وثنائي تشيلسي الإنكليزي، الحارس إدوارد ميندي والمدافع خليلو كوليبالي، بالإضافة إلى لاعبيْ الوسط إدريسا غييه وإسماعيلا سيس، وجناح واتفورد المتألق إسماعيلا سار.

الفوز بكأس إفريقيا يعزز الثقافة الانتصارية لدى كتيبة أليو سيسي، إلا أن التنافس في كأس العالم يختلف كلياً، ويحتاج أسود التيرانغا إلى عدة عوامل لخلق "معجزة" كروية، أبرزها الثبات الانفعالي في المباريات الكبرى، وهي السمة التي تفتقدها المنتخبات الإفريقية في اللحظات المصيرية، ونذكر في هذا المجال ركلة الجزاء التي أهدرها بغرابة لاعب غانا أسامواه جيان أمام الأورغواي، حارماً بلاده من بلوغ المربع الذهبي في مونديال 2010 في جنوب إفريقيا.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image