تشارك أربعة منتخبات عربية في مونديال 2022، هي قطر المضيفة، السعودية التي تصدّرت مجموعتها النهائية في تصفيات آسيا، والمغرب وتونس بعد الفوز توالياً على الكونغو ومالي في المرحلة الثالثة الحاسمة من تصفيات قارة إفريقيا، فيما أضاعت الجزائر فرصة التأهل بعد تلقيها هدفاً قاتلاً أمام الكاميرون في الثواني الأخيرة، وخسرت مصر بالركلات الترجيحية أمام السنغال، ليفوّت العرب على أنفسهم فرصة تاريخية بتواجد ستة منتخبات في المونديال مكتفين بأربعة مقاعد.
مطلع شهر نيسان/ أبريل الفائت، سُحبت قرعة المونديال في العاصمة القطرية الدوحة، وتوزعّت الفرق الـ32 المتأهلة على ثماني مجموعات، تبعاً للنظام المتبع منذ مونديال 1998 في فرنسا، بعد تصنيف المنتخبات إلى أربعة مستويات تبعاً لنتائجها في التصفيات، تاريخها في كأس العالم، ومركزها في جدول تصنيف الفيفا. وُضعت قطر في التصنيف الأول باعتبارها مستضيفة البطولة، ووُضع المغرب وتونس في التصنيف الثالث، والسعودية في الرابع.
بشكل عام، لم ترحم القرعة المنتخبات العربية. جميعها توجد في مجموعات صعبة ومعقّدة، وخاصة منتخبيْ عرب إفريقيا، فيما استفادت قطر من ترؤسها لمجموعة وبالتالي تجنبت منافسة أحد منتخبات الصف الأول، ما يرفع قليلاً من حظوظها ببلوغ الدور الثاني في مشاركتها الأولى.
المجموعة الأولى... عين العنّابي على بطاقة تأهل
تواجه قطر، بطلة آسيا، كل من السنغال، بطلة إفريقيا، هولندا، وصيفة كأس العالم ثلاث مرات، والإكوادور، رابعة أمريكا اللاتينية، للحصول على إحدى البطاقتين المؤهلتين إلى الدور الـ16.
في مشاركتها المونديالية الأولى على الإطلاق، لن يقتصر طموح قطر على تقديم أداء قوي والخروج بشكل "مشرّف" من الدور الأول، فالاتحاد القطري يحضّر منذ سنوات طويلة لكأس العالم.
يدخل العنّابي البطولة بصفته بطل آسيا، والفريق الذي يضم تشكيلة متجانسة تضم كوكبة من أبرز اللاعبين في العالم العربي، في مقدمتهم صانع الألعاب المميز أكرم عفيف والهداف المميز معز علي، تحت قيادة الإسباني القدير فليكس سانشيز الذي بدأ مسيرته مع تدريب شباب برشلونة، ثم وصل إلى قطر في العام 2006 للتدريب في أكاديمية "أسباير" حيث تعامل مع مواهب ناشئة شكلت النواة الأساسية للمنتخب الحالي، قبل أن يصبح مدرب المنتخب الأول منذ العام 2013.
لا تضم المجموعة الأولى أي بطل سابق للعالم. نظرياً، يتفوق المنتخب الهولندي على الباقين، بالرغم من تراجع مستوى "الطواحين" في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى غيابهم عن مونديال 2018 في روسيا. وتضم السنغال، بطلة إفريقيا والحصان الأسود للبطولة، كوكبة من النجوم في مقدمهم أفضل لاعب في إفريقيا للعام الحالي ساديو ماني، وثنائي تشيلسي المدافع خاليدو كوليبالي والحارس إدوارد ميندي، فيما تبدو الأكوادور الاقل حظّاً في المنافسة.
يلعب منتخب قطر مباراة المونديال الافتتاحية ضد الإكوادور. الفوز بها سيعطيه فرصة جيدة لبلوغ الدور الثاني، وسينقل الضغط على المتعثر من مواجهة السنغال وهولندا.
بلوغ قطر الدور الثاني، بحال حصل، سيكون على الأرجح من بوابة المركز الثاني، وبالتالي يُتوقع أن تواجه منتخب إنكلترا المرشح لتصدر المجموعة الثانية، وهي مهمة ستكون غاية في الصعوبة على "العنّابي".
وفي حال حدوث سيناريو آخر صعب نظرياً، كأن تحقق قطر المفجأة وتتصدر مجموعتها، أو أن تحل إنكلترا ثانية في مجموعتها خلف ويلز أو الولايات المتحدة مثلاً، ستكون أمام المنتخب القطري فرصة تاريخية لبلوغ ربع النهائي.
المجموعة الثالثة... "الأخضر" يصطدم بميسي وليفاندوفسكي
يتفق معظم المراقبين والمحللين على أن منتخب الأرجنتين لن يفرّط بصدارة المجموعة الثالثة، فراقصو التانغو بقيادة ليونيل ميسي، الفائز بالكرة الذهبية سبع مرات، حقّقوا لقب "كوبا أميركا" في العام الماضي، ويمتلكون أطول سلسلة لاهزيمة حالياً بين جميع منتخبات العام، وكل المؤشرات تدلّ على أن رجال المدرب ليونيل سكالوني هم من أبرز المرشحين لرفع الكأس الغالية.
"الأخضر" السعودي الباحث عن تأهله الأول إلى الدور ثمن النهائي منذ مونديال 1994 في الولايات المتحدة، يدرك أنه يواجه مهمة صعبة ومعقدة، فهو يقع في مجموعة تضم، بالإضافة إلى الأرجنتين، المنتخب البولندي المتأهل عبر الملحق الأوروبي، والذي يضم النجم العالمي روبرت ليفاندوفسكي، أفضل لاعب في العالم لعام 2021 بحسب تصنيف الفيفا، والمنتخب المكسيكي، بطل الكونكاكاف 11 مرة، والذي يشارك في المونديال للمرة الـ17 في تاريخه، كما نجح بتحطّي دور المجموعات في مشاركاته السبع الأخيرة، ومن أبرز نجومه حالياً، الحارس الشهير غييرمو أوتشوا الذي اعتاد التألق في كأس العالم، والهداف راوول خيمينز.
يراهن جمهور "الأخضر" على الأداء المميز الذي ظهر فيه منتخبهم في السنوات الأخيرة تحت قيادة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد، وتُوِّج بتصدّر مجموعته خلال المرحلة الأخيرة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم بالرغم من أنها ضمت منتخبات قوية جداً كاليابان وأستراليا.
"الأخضر" السعودي الباحث عن تأهله الأول إلى الدور ثمن النهائي منذ مونديال 1994 يدرك أنه يواجه مهمة صعبة ومعقدة، فهو يقع في مجموعة تضم إلى جانب الأرجنتين المنتخب البولندي ونجمه العالمي روبرت ليفاندوفسكي
بعد الخيبات المتكررة للكرة السعودية، وآخرها الخروج المحبط من الدور الأول لمونديال روسيا، تعاقد الاتحاد السعودي مع رينارد ليكون أول فرنسي يتولى تدريب "الأخضر"، ونجح خلال فترة قصيرة في إظهار بصمة واضحة على أداء ونتائج المنتخب، مع تألق واضح لنجوم المنتخب سالم الدوسري، فهد المولد وصالح الشهري.
يلعب جميع لاعبي المنتخب في الدوري السعودي، ما يعطي انسجاماً أكبر بينهم، إذ يعرفون بعضهم جيداً ويلعبون سوياً منذ عدة سنوات، لكن هذا الأمر قد يشكل نقطة ضعف في الوقت نفسه، بسبب غياب المحترفين في الدوريات الكبرى، القادرين على تقديم إضافة في اللحظات الحاسمة. تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد السعودي مدّد قبل أشهر عقد رينارد حتى عام 2027، لإعطاء المزيد من الثقة للجهاز الفني واللاعبين وتقليل الضغوط الواقعة عليهم.
تلعب السعودية أولى مبارياتها في المسابقة ضد الأرجنتين، وهي مطالبة على الأقل بتجنّب الخسارة بنتيجة كبيرة كما حصل معها في البطولة الماضية، وفي بطولة 2002 عندما خسرت 8-0 أمام ألمانيا في مباراتها الأولى، ما من شأنه أن يؤثر نفسياً وذهنياً على اللاعبين، ثم التركيز لاحقاً على مباراتي بولندا والمكسيك ومحاولة تحقيق نتائج إيجابية فيها وسرقة بطاقة التأهل.
بحال التأهل إلى الدور الثاني، ستلعب السعودية في الدور الثاني على الأرجح مع فرنسا بطلة العالم، وبنسبة أقل مع الدانمارك، وبالتالي فإن المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق للمضي قدماً نحو دور الثمانية.
المجموعة الرابعة... "نسور قرطاج" و"المهمة المستحيلة"
من بين الفرق العربية الأربعة المشاركة في كأس العالم 2022، يمكن القول إن تونس كانت صاحبة الحظّ الأسوأ، فقد أوقعتها القرعة في المجموعة الرابعة إلى جانب فرنسا بطلة العالم، وأحد المرشحين الكبار للحفاظ على اللقب، مع تواجد نجوم عالميين من طينة كريم بنزيما حامل الكرة الذهبية وكيليان مبابي في تشيكلتها، والدانمارك التي تطورت بشكل كبير في السنوات الاخيرة، وبلغت نصف نهائي اليورو الماضي، كما نجحت بتصدر مجموعتها في التصفيات بسهولة وبفارق مريح عن منافسيها، وهي تحتل اليوم المركز العاشر في تصنيف المنتخبات بحسب الفيفا.
الفريق الرابع في المجموعة سيكون أستراليا التي تأهلت بشق الأنفس إلى المونديال بعد خوضها الملحق. في مشاركاتها الخمس السابقة في المونديال، لم تنجح تونس قطّ في تخطّي دور المجموعات، ويدرك "نسور قرطاج" أن مهمتهم للوصول إلى ثمن النهائي هو أمر غاية في الصعوبة، في ظل قوة فرنسا والدانمارك.
بقيادة المدرب المحلي جلال القادري، يضم المنتخب التونسي مزيجاً من اللاعبين المحليين والمحترفين في الدوريات الأوروبية وخاصة الدوري الفرنسي. أبرز نجوم "النسور" حالياً هم هدّاف المنتخب وهيب الخزري، مهاجم فريق مونبولييه الفرنسي، علي معلول، مدافع الأهلي المصري، وصانع الألعاب المميز يوسف المساكني، متوسط ميدان فريق العربي القطري.
قدمت تونس مستوى مميزاً في التصفيات يمكن البناء عليه. الشعب التونسي العاشق لكرة القدم يتمسك بآمال منتخبه الضئيلة لصناعة التاريخ وبلوغ الدور الإقصائي، الأمر الذي سيضعهم على الأرجح في مواجهة ميسي ورفاقه، وهناك سيكون لكل حادث حديث!
المجموعة السادسة... مهمة صعبة لـ"أسود الأطلس"
بعدما اصطدم بمنتخبيْ إسبانيا والبرتغال في النسخة الماضية، وجد المنتخب المغربي نفسه مرة أخرى في مجموعة صعبة تضم بلجيكا، صاحبة المركز الثاني بحسب تصنيف الفيفا، بنجومها العالميين كالحارس تيبو كورتوا وصانع الألعاب كيفن دي بروين، ومنتخب كرواتيا، وصيف بطل العالم الذي يضم لوكا مودريتش أفضل لاعب في العالم للعام 2018، بالإضافة إلى منتخب كندا الذي يشارك للمرة الثانية فقط بعد مونديال 1986 في المكسيك.
من بين المنتخبات العربية المشاركة، يمتلك منتخب المغرب التشكيلة الأفضل، بدءاً بحارس إشبيليه ياسين بونو، والظهير الأيمن العالمي أشرف حكيمي لاعب "بي أس جي"، وصولاً إلى المهاجمين يوسف النصيري ومنير الحدادي. جماهير المغرب تتوسّم خيراً بالمدرب المحلي وليد الرقراقي الذي خلف البوسني فاهيد هاليلودزيتش، بعد ما أقاله الاتحاد المغربي خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، بسبب تراجع نتائج المنتخب وظهور مشاكل مع اللاعبين، ما يرفع من فرص تواجد نجم تشيلسي الإنكليزي حكيم زياش في المونديال، بعدما كان قد ابتعد عن المنتخب في الفترة السابقة بسبب خلاف مع المدرب السابق.
من بين المنتخبات العربية المشاركة في مونديال قطر، يمتلك منتخب المغرب التشكيلة الأفضل، بدءاً بحارس إشبيليه ياسين بونو، والظهير الأيمن العالمي أشرف حكيمي لاعب "بي أس جي"، وصولاً إلى المهاجمين يوسف النصيري ومنير الحدادي
سيحاول المنتخب المغربي الاستفادة من بعض الثغرات الموجودة في منتخبي بلجيكا وكرواتيا مع استبعاد إمكانية دخول كندا في المنافسة. فبلجيكا، بالرغم من اكتمال صفوفها، تعاني دائماً في البطولات بعكس التصفيات، ولم يحقق جيلها الحالي أي بطولة حتى الآن، كما يظهر غياب الانسجام بين اللاعبين في بعض مبارياتها ويستغله الخصم. وبدوره، يعاني منتخب كرواتيا من تقدم نجومه الأساسيين في السن، وعلى رأسهم لوكا مودريتش وإيفان راكيتيتش، ما أدى إلى تراجع مستوى المنتخب مؤخّراً.
الخصم المحتمل للمغرب في الدور القادم بحال تأهله إلى الدور الـ16 وتكرار إنجاز مونديال 1986، سيكون على الأرجح إسبانيا أو ألمانيا من المجموعة الخامسة، وبالتالي سيتوجب على أسود الأطلس التفوق على أنفسهم وتقديم مباريات بطولية والاستفادة من كل الجزئيات في حال أرادوا بلوغ دور الثمانية، وهو أمر لم يفعله أي فريق عربي من قبل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...