توفي مؤخراً "عمو حاجي" الملقب بـ"أقذر رجل في العالم" عن عمر 94 عاماً في إيران وذلك بعد مرور بضعة أشهر فقط على استحمامه لأول مرة منذ ما يزيد عن 6 عقود.
يقال إنه أصيب بانتكاسات عاطفية في شبابه، فقرر العزلة، واختار نمط حياة مختلفاً، بعيداً عن الجميع في قرية نائية بالقرب من مدينة شيراز جنوبي إيران. رفض الماء والصابون وأي نظافة وطعام صحي في حياته، خوفاً من أي إصابة بالمرض، وعندما بدأت الصحافة الإيرانية تسلط الضوء على حياته قبل عشر سنوات، قال: "الاستحمام للعروسات ليس لي".
لم تفلح المحاولات المتعددة لسكان القرية على مدى سنوات في إقناعه بالاستحمام، فالرجل الذي يدعى "حاجي"، وقد لقبه الأهالي بـ"عمو حاجي"، احتراماً له، لم يقبل بالاستحمام أبداً، بل كان يهرب من بعض هذه المحاولات، ويحزن للخدع التي كانت تهدف أن توصله إلى النهر القريب من القرية.
يشبه مظهره رجل الكهف، بل كان مخيفاً أكثر؛ وجهه مغطى بالسخام والقيح، وملابسه لا تشبه أي كائن آخر، ولكن يعترف أهالي القرية بأنه رجل حنون لم يؤذ أحداً.
أكلات من جثث الحيوانات
وعلى الرغم من أنه لم يسكب الماء على جسمه، إلا أنه كان يشرب 5 لترات من المیاه غير الصحية في عبوة زيت قديمة يومياً، وأما الشاي فكان يحتسيه في خوذة حرب يضعها على رأسه لتحميه من الأمطار.
على الرغم من أنه لم يسكب الماء على جسمه، إلا أنه كان يشرب 5 لترات من المیاه غير الصحية في عبوة زيت قديمة يومياً، والشاي يحتسيه في خوذة حرب يضعها على رأسه لتحميه من الأمطار
لم ينس سكان القرية بأن يجلبوا له جثث الحيوانات بين الحين والآخر، كالقطط والكلاب والخنازير والثعابين والدجاج وغيرها، فنظامه الغذائي يتكون من هذه اللحوم الفاسدة، إذ كان يضعها في حفرة ثم يشعل النار فيها، وبعد فترة يجلس ليتناولها دون أي منكهات. وإذا ما استلم طعاماً صحياً من أحد فلا يتناوله إلا بعدما يضعه في إنائه المتسخ.
وفي لقاء سابق أجراه مع صحيفة طهران تايمز عام 2014، كشف عمو حاجي عن وجبته المفضلة، جثة الدعلج، وهو نوع من القوارض.
سيجارة من فضلات الحيوانات
كان يشكل الدخان جزءاً مهماً من نمط حياته، وككل أساليبه الخاصة صنع عمو حاجي، غليوناً من أنبوب مياه تالفة، وأخذ يحشوه كل مرة بفضلات الحيوانات، ثم يشعل النار فيه، وإن لم يجد ذلك فيشعل أربع أو خمس سيجارات معاً وينفث في وقت واحد.
تعوَد عمو حاجي العيش في حفرة إلى جانب النفايات في قرية دِجكَاه بالقرب من شيراز، ولم يرغب في النوم في المنزل برغم إصرار شقيقه على ذلك. وبعد محاولات السلطات المحلية، اقتنع عمو حاجي أن يتم بناء كوخ من الطوب له في نفس الموقع ليكون بمثابة منزل له.
كان يمزق الملابس التي تعطى له بأسنانه ليقصّ أجزاءً منها، فهو يحبذ القمصان بأكمام قصيرة والسراويل القصيرة أيضاً، أما حلاقة شعر الرأس أو اللحية فتتم عبر حرقها، وبذلك لا حاجة للمقص في حياته.
اختبارات طبية ونتائج غريبة
لم يدخل عمو حاجي المستشفى ولم يستخدم الأدوية في حياته قط، بل ولم يمرض أبداً، كما يقول سكان القرية، وبعد أن أثارت حياته غير المعتادة ضجةً في الإعلام المحلي قبل سنوات، بادر الأطباء ومسؤولو القطاع الصحي بإجراء فحوصات طبية له.
قامت السلطات بتكوين فريق يتكون من 4 أطباء لتجري فحوصات متعددة عليه، فجاءت النتائج بأنه لا يعاني من أي مرض طفيلي، وأن اختبارات الإيدز والتهاب الكبد جاءت سلبية، حسبما يقول الطبيب غلام رضا مولوي من جامعة شيراز الطبية.
وأثارت نتائج الاختبارات دهشة الشارع الإيراني وقتها، وأعلن مولوي أن الأمر غريب فعلاً، وهو ناتج من المناعة القوية التي يتمتع بها عمو حاجي عبر سنوات مديدة من العيش وسط القذارة.
وعن صحته العقلية، فكان يتمتع حاجي بذاكرة جيدة، ويمتلك معلومات عن الثورة الفرنسية والثورة الروسية، كما كان يعرف أسماء رؤساء إيران وآخر المستجدات عبر تعامله مع الآخرين وتلقي المعلومات منهم.
كان يفكر بالزواج
ونقلت وسائل إعلام محلية عنه أنه ما زال يفكر بالزواج برغم حياته غير المعتادة، كما أصدر له المسؤولون المحليون في شيراز بطاقة هوية وطنية وتأميناً صحياً على نفقة الحكومة، لكنه لم يستخدمهما طوال حياته.
واشتكت السلطات المحلية تسليط الأضواء على حياة عمو حاجي في الماضي والحديث عنه وكأنه إنسان وحش، واعتبرت أن هذه التقارير الصحافية جلبت الأذى للرجل الطاعن في السن، كما أكدت على امتلاكه شخصيةً لطيفة وغير مؤذية بالنسبة للآخرين.
عند شيخوخته، حاول الأهالي من جديد في سبيل استحمام عمو حاجي، ونجحوا هذه المرة التي كانت قبل بضعة أشهر، ولربما كان القرار خارج إرادته لطعنه في السن. وتم تداول مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي توثق لحظة سكب المياه عليه على يد رجلين شابين من القرية.
لم يدخل عمو حاجي المستشفى ولم يستخدم الأدوية في حياته قط، بل ولم يمرض أبداً، كما يقول سكان القرية
ولكن لم تمر إلا أشهر قليلة حتى مرض الرجل بعد استحمامه لأول مرة منذ عقود، فقد توفي في 23 من تشرين الأول/أكتوبر الحالي، بعد قضاء 94 عاماً مرت أكثر من 60 سنة منها في عزلة أذهلت الجميع، ودفن أمس الثلاثاء،
وبقيت قصة حياته يجري تداولها في وسائل إعلام إيرانية وعالمية، وقد وثق حياته المخرج الإيراني جمشيد خاوَري في فيلم تحت عنوان "الحياة الغريبة للسيد عمو".
رجل هندي على خطى الإيراني
وبقي الجدل والخلاف قائمين حول موضوع إن كان عمو حاجي صاحب الرقم القياسي في العالم لأطول مدة دون استحمام أم لا.
في عام 2009 نشرت تقارير عن رجل هندي يسمى "كالائو"، لم يستحم منذ 30 عاماً حتى ذلك الوقت، إذ كان يرفض الاستحمام بالمياه، فكان ينظف جسمه عبر الاستحمام بالنار.
وكان يشعل "كالائو" ناراً في قريته القريبة من مدينة بنارس المقدسة للهنود، وينفث في سيجارة ماريجوانا، ويقف بجانب النار على قدم واحدة ليصلي ويعبد الرب.
"هذا العمل هو كالاستحمام في المياه، التحميم في النار يساعد في إزالة الجراثيم والعدوى"؛ هكذا رد هذا الرجل الهندي على وسائل الإعلام المحلية التي نقلت حكايته، ثم لا يُعرف ما الذي حدث لـ"كالائو" في ما بعد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 11 ساعةمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
Ahmed Adel -
منذ 3 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ أسبوعلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعاخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.