شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
فرص نجاح المدنيين والعسكر في إنجاز تسوية سياسية بالسودان

فرص نجاح المدنيين والعسكر في إنجاز تسوية سياسية بالسودان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الثلاثاء 18 أكتوبر 202204:20 م


في ظل حالة من التكتم الشديد، وتضارب بشأن ما يجري في غرف التفاوض، أكد قادة عسكريون ومدنيون في السودان، أنّ تسوية سياسية جديدة تلوح في الأفق، من شأنها إنهاء الأزمة السياسية التي تعانيها البلاد منذ قرر قادة الجيش الاستيلاء على السلطة في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

وعانى قائد الجيش، الجنرال عبد الفتاح البرهان، خلال تلك الفترة من تصاعد الاحتجاجات الشعبية، وتراجع الاقتصاد جراء توقف الدول المانحة عن دعم السودان، علاوة على عجزه في تكوين حكومة طيلة عام كامل نتيجة لضعف القوى السياسية التي ساندته في تحركاته للإطاحة بالحكومة الانتقالية.

وعاش المكون المدني حالة من الانشقاقات الحادة إزاء التعامل مع الوضع القائم، حيث ترى قوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة المعزولة) ضرورة إعمال الحل السياسي جنباً إلى جنب مع ما تصفه بالعمل الثوري في الشارع، مقابل رفض الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين وبعض من تنسيقيات المقاومة التي تنظم التحركات المطالبة بالحكم المدني، لأي أطروحات بخلاف الإطاحة بالعسكر المسنودين من نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وتحالف الحرية والتغيير لخيانته مبادئ الثورة (على حد تعبيرهم).

ولا تنتهي قائمة الرافضين عند هذا الحد، إذ يطل الإسلاميون بتياراتهم المختلفة، وشركاء نظام البشير، كممانعين للتسوية، خشية ألا يجدوا موطئ قدم في المعادلة الجديدة.


الموقف العلاني

طبقاً لتصريحات صادرة عن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، فإن القوى السياسية قدمت تنازلات هي محل ترحيبهم الكبير، في سبيل حل الأزمة في البلاد، بينما أكد المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية الحكومة الانتقالية المعزولة)، الصديق الصادق المهدي، أن عملية إنجاز تسوية مع العسكريين اقتربت أكثر من أي وقت مضى.

أسس واشتراطات التسوية

تنطلق التسوية الجديدة بين شركاء الحكم السابقين على أساس عجز كل طرف عن إزاحة الآخر في معركة كسر العظم التي استمرت لعام كامل، في ظل رغبة دولية في طي هذه الخلاف لصالح كبح السيناريوهات التي قد تدفع بالسودان إلى الحرب الأهلية.

وفي ظل انشغال أطراف الصراع بتحقيق النقاط، وجدت الصراعات القبيلة بيئة صالحة للتمدد والانتشار، في وقت تهدد أزمة الغذاء قرابة 18 مليون مواطن.

ورحبت كيانات وجهات دولية تقود عملية الوساطة بين الفرقاء السودانيين، على رأسهم اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية الإمارات)، والآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، وإيغاد) بالتقدم المحرز بين أبرز أطراف الصراع.

وتتأسس التسوية على مشروع الدستور الانتقالي الذي صاغته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، ويحظى بالدعم الدولي، وتشدد بنوده على استعادة السلطة المدنية، وعودة العسكر إلى الثكنات.

وأعلن قائد الجيش انسحاب العسكر من العملية السياسية، وإفساح المجال أمام القوى السياسية للتوافق بشأن تكوين حكومة مدنية.

وفي آخر خطاباته، أمام قادة الجيش، لم ينف البرهان أحاديث التسوية، ولكنه أشار إلى أن طبيعتها شاملة، ولا تنحصر بالحرية والتغيير وحدهما.

في المقابل، أصدر التحالف بياناً، قال إنه لن يرتضي بأي تسوية لا تتضمن خروجاً كاملاً للعسكر من المعادلة السياسية، مع وضع القوى الأمنية تحت أمرة الحكومة المدنية المزمع.


أبرز التسريبات

بشأن أبرز التسريبات عن مفاوضات الطرفين، تسرى أحاديث عن تمسك العسكريين بإقامة مجلس أعلى للقوات المسلحة بصلاحيات واسعة، تخضع لسلطاته الخزينة العامة ممثلة في البنك المركزي، مع تولي العسكريين للجان المختصة بإصلاح المنظومات الأمنية والعسكرية، هذا بالطبع بجانب تمسك المكون العسكري بإعلان حكومة عريضة تضم المكونات السياسية بخلاف حزب البشير الذي جرى حله منذ العام 2019.

في المقابل، تطرح الحرية والتغيير تشكيل مجلس للأمن والدفاع يخضع لولاية رئيس الوزراء المدني، وتذهب لأبعد من ذلك، بجعل رئيس مجلس السيادة (المدني كذلك) قائد للقوات المسلحة. 

ولكن تصريحات طرفي الصراع، تؤكد توافقهما الكامل على إقامة حكومة كفاءات (غير حزبية)، وتعيين رئيس وزراء مدني، والاستمرار في تفكيك نظام البشير.


فرص النجاح

يرهن القيادي في تحالف الحرية والتغيير، سامر عبد اللطيف، نجاح العملية السياسية الجارية بمدى جدية العسكريين. ويقول لرصيف22 إن تجربتهم مع العسكر تحملهم على عدم الثقة في تعهداتهم، إذ سبقت عملية استيلائهم على السلطة، أحاديث كثيرة عن كونهم يحترمون الشراكة، والوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية. مضيفاً أن العسكريين يحاولون حالياً الالتفاف على تعهداتهم بالخروج من المعادلة السياسية، بدعم شركاء سياسيين ينوبون عنهم في الحكم مستقبلاً.

ومع ذلك، عاد سامر ليبدى تفاؤله بالعملية الجارية، لما يراه تعلم الحرية والتغيير من درس 25 أكتوبر/ تشرين الأول بتحصين أي اتفاق من إمكانية خرقه، علاوة على كون المفاوضات مرعية من قبل كيانات دولية داعمة للتحول المدني، ولا ترغب في تحول السودان إلى دولة فاشلة تحت إمرة العسكر.

تهديدات

ترفض قوى سياسية واسعة عملية التسوية المطروحة لأسباب متباينة تصب جميعها في خانة رفض الاتفاق.

يقول أبو ذر عثمان، القيادي في تحالف التوافق الوطني، المكون من الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، وقوى داعمة لإجراءات العسكر، إن رفضهم للاتفاق يتأسس على أمرين.

وأضاف في حديثه لرصيف22 أن الحديث الجاري عن مراجعة اتفاق جوبا مسألة تجد منهم كل الرفض باعتباره نكوصاً عن المكتسبات المتحققة لأصحاب المصلحة المتأثرين بالحرب والنزوح والتهميش.

في الأسبوع الماضي، ذاعت أنباء اقتراب التسوية، بيد أنه، بمرور الوقت وتزايد الضغوط، زادت حدة التصعيد بين أطرافها، وهو ما يمكن تفسيره محاولة لتقوية المواقف التفاوضية، وذلك من دون استبعاد محاولة أحد الأطراف التنصل من تعهداته وهدم سقف الاتفاق فوق رؤوس الجميع

وأعطى اتفاق جوبا أكتوبر/ تشرين الأول 2020 الحركات الموقعة نسبة 25% من السلطة، والحكم الذاتي للأقاليم المأزومة (دارفور والنيل الأزرق).

أما السبب الثاني للرفض في طاولة عثمان، فمتمثل في رفضهم سيطرة الحرية والتغيير والعسكريين، على مقاليد الحكم في الفترة الانتقالية، وهي صيغة مرفوضة بالنسبة إليهم في ظل سعيهم لتوسعة قاعدة الحكم والمشاركة لتشمل جميع القوى السياسية والاجتماعية بخلاف حزب المؤتمر الوطني المحلول.

ترفض قوى سياسية واسعة عملية التسوية المطروحة لأسباب متباينة تصب جميعها في خانة رفض الاتفاق

وفي السياق ذاته، أصدر الحزب الشيوعي، وتجمع المهنيين السودانيين، وحزب البعث العربي الاشتراكي، وبعض لجان المقاومة، بيانات تؤكد فيها رفضها القاطع لأي تسوية سياسية مع المكون العسكري، والتمسك باللاءات الثلاثة المرفوعة في وجهه: (لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية).


كلمة الشارع

ترى المحللة السياسية إيمان عبد الجليل أن نجاح اتفاق التسوية من عدمه، يعود بشكل رئيس إلى الشارع، وقدرة أطرافه على تسويق الاتفاق لعامة السودانيين.

وتقول لرصيف22 إن رفض الشارع سبق أن حمل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للاستقالة من منصبه، عقب إبرامه لاتفاق سياسي شبيه مع البرهان في 21 نوفمبر/تشرين الأول 2021، ولا يستبعد أن يتكرر هذا السيناريو في ظل استمرار لجان المقاومة في عمليات التصعيد.

وبعد أسابيع في الإقامة الجبرية، ضمن الإجراءات التي اتخذها الجيش بعد استيلائه على السلطة، وقع البرهان وحمدوك على إطار سياسي بهدف إنهاء الأزمة السياسية، وهو ما رأت فيه قوى الاحتجاجات تسويقاً للانقلاب (طبقاً لتوصيفها) 

محاذير

في الأسبوع الماضي، ذاعت أنباء اقتراب التسوية، بيد أنه، بمرور الوقت وتزايد الضغوط، زادت حدة التصعيد بين أطرافها، وهو ما يمكن تفسيره محاولة لتقوية المواقف التفاوضية، وذلك من دون استبعاد محاولة أحد الأطراف التنصل من تعهداته وهدم سقف الاتفاق فوق رؤوس الجميع.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image