شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
ماذا حدث في هذا السجن سيئ السمعة؟... عن ليلة

ماذا حدث في هذا السجن سيئ السمعة؟... عن ليلة "إيفين" في طهران

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 16 أكتوبر 202205:50 م

في بداية الأسبوع الخامس من الاحتجاجات في إيران على خلفية وفاة الفتاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً خلال اعتقالها من جانب شرطة الحجاب، اندلع حريق في سجن "إيفين" في طهران مساء أمس السبت 15 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، في حادث يُعدّ الثاني من نوعه خلال الفترة الأخيرة، بعد المواجهات التي وقعت قبل أيام في سجن "لاكان" في مدينة رَشْت، شمال إيران، وشهدت إصابة ومقتلَ عددٍ من السجناء.

وأدى الانقطاع أو التعطل الشديد في الإنترنت في طهران،  لا سيما في المناطق القريبة من سجن إيفين، إلى زيادة المخاوف بشأن الأحداث الجارية، وإلى روايات متضاربة عن الحادث.

وفي ظلِّ تواصل حجب مواقع التواصل الاجتماعي، وفرض قيود على الإنترنت في إيران، لم تصل أنباء كثيرة ودقيقة عن الحادث في الساعات الأولى من وقوعه. واكتفت وسائل الإعلام الرسمية بالإعلان فقط عن وقوع حريق في السجن. ثم أظهرت لقطات انتشرت على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفارسية التي تُبث من خارج إيران، ناراً ودخاناً يتصاعدان من السجن، كما أفادت بعض المصادر بأصوات طلقات نارية وأجهزة إنذارٍ آتية من السجن.

لتأكيد أكثر على عدم ارتباط الحادث بالسجناء السياسيين والأمنيين، طلبت سلطات السجن من السجناء السياسيين الاتصالَ بعوائلهم لطمأنتهم على سلامتهم. ونقلت وكالة إرنا الرسمية عن مدعي عام طهران، أن هذه الاضطرابات "ليس لها علاقة بأعمال الشغب الأخيرة في البلاد"

ونشرت مجموعة "تصوير 1500" الإيرانية المعارضة، والتي ترصد أحداث واحتجاجات إيران، مقاطع فيديو للحريق تمّ سماع هتافات "الموت للديكتاتور" في خلفيتها.

ونشرت شبكة بي بي سي الفارسية مقطع فيديو يظهر أشياء تُطلق على السجن من خارج محيطه، وسماع دوي انفجار.

وأُغلقت الطرق المؤدية إلى السجن، وشهدت الطرقُ الحضورَ الكثيف للقوات الأمنية الإيرانية، وشرطة مكافحة الشغب، وسيارات الإطفاء والإسعاف، وزحمةً في حركة السير والمرور، كما أفادت تقارير بحضور واسع لعائلات السجناء القلقين بشأن صحة أقاربهم. وانتشرت قوات الأمن في بعض من مناطق طهران، تحسباً لتداعيات الحادث.

ورغم أنه غير معروف حتى الآن ما إن كان حادث سجن إيفين مرتبطاً بالاحتجاجات الجارية في إيران أم لا، إلا أنه يُعتبر حادثاً مهماً ومثيراً للجدل، نظراً لأهمية هذا السجن سيئ السمعة، الذي يضم السجناء السياسيين والأمنيين، منهم بعض المعتقلين خلال الاحتجاجات الأخيرة، إلى جانب العديد من الرعايا مزدوجي الجنسية والأجانب.

ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن المسؤولين أن أعمال شغبٍ وقعت بين السجناء المدانين بالتهم المالية والسرقة، وأدت إلى حريق في السجن، ومواجهات بين السجناء والحرّاس، وقد تم إخماد الحريق، والوضع تحت السيطرة. وصرح مسؤول أمني إيراني لوسائل الإعلام الرسمية بأنه تمّ فصل العناصر المتورطة في الحادث عن السجناء الآخرين، وأكد أن السجناء السياسيين لم يشاركوا في هذه الاضطرابات.


ولتأكيد أكثر على عدم ارتباط الحادث بالسجناء السياسيين والأمنيين، طلبت سلطات السجن من السجناء السياسيين الاتصال بعوائلهم لطمأنتهم على صحتهم. ونقلت وكالة إرنا الرسمية عن مدعي عام طهران، علي صالحي، أن هذه الاضطرابات "ليس لها علاقة بأعمال الشغب الأخيرة في البلاد"، في إشارة إلى الاحتجاجات في إيران. وأضاف أن القسم الذي وقع فيه الحريق والاضطرابات بعيد ومنفصل عن القسم الذي يضم السجناء الأمنيين.

وأعلن محافظ طهران، محسن منصوري، في تصريحات صحافية عن احتواء الحريق الذي شبّ في سجن إيفين، وعودة الهدوء إليه. وقال إن القضية الرئيسية كانت إشعال النيران من قبل بعض السجناء، وقد تمكنت فرَقُ الإطفاء من إخماده، مضيفاً أن أوضاع السجن الآن تحت السيطرة الكاملة، والهدوء مستتب في أقسامه، والشوارع المحيطة به تخضع للمراقبة والسيطرة أيضاً.

وذكرت وكالة أنباء "فارس" التابعة للحرس الثوري الإيراني بأن الحادث نتج عن حرق مستودع الملابس وورشة عمل في سجن إيفين، بعد "صراع مفتعل بين سجناء العنبرين السابع والثامن في هذا السجن الذي يضم السجناء البلطجيين والماليين".


وفي توضيح عن دوي الانفجارات التي سُمعت أثناء حادث حريق السجن، زعمت "فارس" أن عدداً من السجناء هربوا بعد الحادث، وبعد اشتباك مع القوات الأمنية في السجن، نحو مرتفعات في ساحة السجن، ودخلوا حقلَ ألغام، وأن دوي الانفجارات التي سمعت تتعلق بذلك.

وزار نائب رئيس السلطة القضائية الإيرانية ورئيس لجنة حقوق الإنسان التابعة لهذه السلطة، كاظم غريب آبادي، سجنَ إيفين اليوم الأحد، وتفقّد الأقسام المختلفة للسجن. وأعلن البرلمان الإيراني عن دراسة قضية سجن إيفين في لجنة الشؤون الداخلية.

ردود الفعل الدولية

دانت الخارجية الأميركية في بيانٍ الاضطراباتِ التي شهدها سجن إيفين، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، في تغريدة على تويتر: "نتابع التقارير الواردة من سجن إيفين على وجه السرعة. نحن على اتصال مع السويسريين باعتبارهم القوةَ الحامية لنا"، في إشارة إلى تمثيل البعثة الدبلوماسية السويسرية للمصالح الأميركية في إيران. وأضاف المسؤول الأمريكي: "تتحمل إيران المسؤوليةَ الكاملة عن سلامة مواطنينا المحتجزين ظلماً، والذين ينبغي إطلاق سراحهم على الفور".

يشتهر السجن لكونه يضم السجناء السياسيين والأمنيين، وسجناء مزدوجي الجنسية وأجانباً تستخدمهم إيران كورقة مساومة مع الغرب

وعلقت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بربوك، على حادثة سجن إيفين، عبر رسالتين على موقع تويتر، وكتبت: "قد يكون الحريق في سجن إيفين قد انتهى، لكن انتباهنا إلى المسجونين هناك وحقوقهم الإنسانية لن ينتهي أبداً... السلطات الإيرانية مسؤولة عن جميع المسجونين هناك، بما في ذلك العديد من السجناء السياسيين والمتظاهرين. سفارتنا على اتصال مستمر بسلطات البلاد منذ مساء أمس".

وطالبت منظمة العفو الدولية، السلطاتِ الإيرانية بحماية السجناء، مشيرةً في تغريدة لها على تويتر إلى أن "نشوب حريق وإطلاق نار داخل سجن إيفين يُعد أمراً مخيفاً، ويترتب على السلطات التزام قانوني باحترام وحماية أرواح جميع السجناء".


كما أفادت تقارير إعلامية بتجمع عدد من الإيرانيين المقيمين في بريطانيا أمام السفارة الإيرانية في لندن، وفي ألمانيا أمام مبنى وزارة الخارجية الألمانية في برلين، إلى جانب تظاهر الإيرانيين والنشطاء الكنديين في مدينة فانكوفر، على خلفية حريق إيفين، وللتضامن مع السجناء السياسيين.

آخر حصيلة لضحايا الحادث

في الساعات الأولى من وقوع الحادث نفت السلطات الإيرانية سقوطَ قتلى في حادث حريق سجن إيفين، وتحدثت عن إصابة 8 أشخاص في الحادث، إلا أنها أعلنت بعد ساعات أن 4 سجناء قُتلوا بسبب استنشاق الدخان الناجم عن الحريق، وأصيب 61 آخرون. وأفادت تقارير بأن حالة عدد من السجناء حرجة، وتمّ نقلُهم إلى المستشفى.

وأفادت وكالة أنباء "ميزان" التي تُعتبر المركز الإعلامي للسلطة القضائية الإيرانية، بمحاولة هروب من جانب "سجناء خطيرين"، وفشلها بعد مواجهة السلطات الأمنية في السجن، كما أعلنت أن السلطات أعلمت أُسرَ السجناء المتوفين بوفاتهم، وستنشر أسماءهم لاحقاً.

وإلى جانب الإحصاءات الرسمية، تحدثت تقارير غير رسمية عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في هذا الحادث.

عن سجن إيفين

شُيد هذا السجن الذي يقع في منطقة باسم "إيفين" شمال غرب طهران، قرب منطقة سعادت آباد، عام 1972 في عهد الشاه الأخير لإيران، محمد رضا بَهْلَوي.

ويشتهر السجن لكونه يضم السجناء السياسيين والأمنيين، وسجناء مزدوجي الجنسية وأجانباً تستخدمهم إيران كورقة مساومة مع الغرب. ويُتهم السجن بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وبالمعاملة السيئة مع السجناء، وبسبب أحداث وفاة غامضة بين السجناء السياسيين.


في شهر آب/أغسطس من عام 2021، اخترق قراصنةٌ باسم مجموعة "عدالت علي" كاميرات مراقبة سجن إيفين، وأظهرت المقاطع المسرَّبةُ بعد عملية القرصنة ضربَ حرّاس السجن للمعتقلين وإساءة معاملتهم. وفي اعتراف نادر من السلطات الإيرانية، أقرّ رئيس منظمة السجون الإيرانية بارتكاب عناصر في أجهزته "ممارسات غير مقبولة" في سجن إيفين.

في عام 2018، أدرجت الإدارة الأمريكية هذا السجن على قائمة سوداء بسبب ما يشهده من "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image