لم تهدأ إيران حتى بعد كلمة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي جاءت الاثنين الماضي 3 تشرين الأول/ اكتوبر في لقاء حفل خريجي جامعة الشرطة، حيث أسف لوفاة الشابة مهسا أميني وصرح بأن الحادث كان محزناً له.
ووصف خامنئي الاحتجاجاتِ بأنها فوضى ومخطط لها من قبل الأعداء، وقال إن ردود الفعل دون الانتهاء من التحقيقات في وفاة الشابة، أمر غير عادي.
"إعلان واشنطن أسفها عن مقتل الفتاة الإيرانية هو أمر غير حقيقي ومبرر لإيجاد أزمة في إيران"؛ هكذا علّق المرشد الثمانيني على إعلان الولايات المتحدة بأنها تساند المتظاهرين. واعتبر الاحتجاجات "أعمال شغب وزعزعة الأمن في البلاد، وهو مشروع أمريكي وصهيوني، وبمشاركة عملائهما". وعن المسيرات المؤيدة للنظام التي خرجت في أكثر من مدينة ورفعت صورَه قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية: "شعب إيران ظهر قوياً في الأحداث الأخيرة وسيواجه في المستقبل أيَّ محاولة للعدو لاستهداف البلاد".
وأتت تصريحات خامنئي في الأسبوع الثالث على موجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، وبعد ساعات من اقتحام الشرطة جامعةَ شريف في طهران مساء الأحد الماضي، وذلك خلافاً للدستور الإيراني الذي ينص على حظر دخول القوات المسلحة إلى الجامعات.
اقتحام حرم الجامعة وحفيد الخميني يندد
وتم احتجاز نحو 30 طالباً من بين المئات الذين أضربوا عن الدراسة وتظاهروا في جامعة شريف، خلال عملية قمع عنيفة تعرض لها الطلاب مساء الأحد، وأعلن طلاب الجامعة أنهم لن يعودوا إلى الفصول الدراسية حتى يتم الإفراج عن جميع زملائهم، وفي غضون ذلك حولت إدارةُ الجامعة الدراسة عن بعد وعبر الإنترنت.
وكانت جامعة شريف، وهي أرقى جامعة هندسية وصناعية في البلاد، السباقةَ ضمن الاحتجاجات السلمية الطلابية، وقد نالت دعماً من قبل بعض أساتذة الجامعة.
"إعلان واشنطن أسفها عن مقتل الفتاة الإيرانية هو أمر غير حقيقي ومبرر لإيجاد أزمة في إيران"؛ هكذا علّق خامنئي على إعلان الولايات المتحدة بأنها تساند المتظاهرين. واعتبر الاحتجاجات "أعمال شغب وزعزعة الأمن في البلاد، وهو مشروع أمريكي وصهيوني، وبمشاركة عملائهما"
وانتقد حسن خميني، حفيد آية الله الخميني مؤسس النظام الإسلامي، اقتحامَ حرم جامعة شريف، وطالب باحترام الجامعة من قبل المعنيين، كما أوعز سبب الاحتجاجات إلى غلق الطرق القانونية للاحتجاج وتغيير القوانين والسياسات حسب الدستور.
ووفق المادة 27 من الدستور، يمكن لأي جهة أو حزب أو منظمة أن تقيم احتجاجات أو مظاهرات سلمية بعد سماح الداخلية، بيد أن السلطات لم تسمح بتطبيق هذه المادة عملياً طوال سنوات حكم الجمهورية الإسلامية.
خلع الحجاب في الثانويات والإعداديات
وفي تطور جديد انتقلت موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة من الشوارع إلى الجامعات، ثم إلى الثانويات، وحتى مدارس الإعدادية للبنات، بعد بدء الموسم الدراسي الجديد، وانتشرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر طالبات يحرقن حجابهن ويهتفن بشعارات ضد الجمهورية الإسلامية، وهذا يشير إلى أن عملية القمع المتواصلة من السلطات لم تفلح في ردع المتظاهرين، بل وصلت التنديدات بسياسات الحكومة إلى اليافعين واليافعات.
وتداولت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية ومقرها لندن، مقطع فيديو من داخل ثانوية للبنات وهن دون حجاب، لم يسمحن لمسؤول في إدارة التعليم والتربية أن يتحدث إليهن، بل يطردنه من المدرسة، وانتشر الفيديو بين رواد مواقع التواصل خلال اليومين الأخيرين.
في تطور جديد انتقلت موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة من الشوارع إلى الجامعات، ثم إلى الثانويات، وحتى مدارس الإعدادية للبنات
وتمانع الدولة أي تغطية إعلامية حرة لأزمة الحجاب أو ما تعرف بالحركة النسائية التي اندلعت في أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، ويشن الإعلام الحكومي في جميع فئاته حرباً ضد المتظاهرين، ويعبر عنهم بـ"المشاغبين" في تغطياته الخبرية، كما تضع الحكومة قيوداً صارمة على شبكة الإنترنت، وسط اعتقال عشرات الصحافيين والناشطين والمؤثرين في منصات التواصل.
بدورها أكدت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج، عن مقتل ما لا يقل عن 153 شخصاً على أيدي قوات الأمن بعد مرور 20 يوماً على اندلاع الاحتجاجات.
مقتل شابة عمرها 16 عاماً في طهران
ومن بين القتلى ومعظمهم من الشباب والفتيات، أشعل نبأ مقتل الفتاة نيكا شاكَرَمي (16 عاماً)، الأجواءَ الملتهبة في إيران من جديد، حيث عثرت أسرتها على الجثة بعد 9 أيام من اندلاع المظاهرات في إحدى سجون العاصمة، وكانت نيكا قد شاركت في المظاهرات في شوارع طهران، خلال الأيام الأولى منها، وتم اعتقالها على أيدي قوات الأمن، وأعلنت خالة القتيلة عن وجود كسور في أنف ورأس الشابة.
وخطفت قوات الأمن جنازة نيكا شاكرَمي من المستشفى ودفنتها ليلاً، دون إذن والديها، في مكان يبعد عن مسقط رأسها، خشية أن تتحول مراسم جنازتها إلى احتجاجات أخرى على غرار ما حدث لجنازة مهسا أميني في مدينة سقِّز في محافظة كردستان.
خطفت قوات الأمن جنازة نيكا شاكرَمي من المستشفى ودفنتها ليلاً، دون إذن والديها، في مكان يبعد عن مسقط رأسها، خشية أن تتحول مراسم جنازتها إلى احتجاجات أخرى على غرار ما حدث لجنازة مهسا أميني
ونشرت عائلة مهسا أميني بياناً يوم الاثنين الماضي شكرت فيه التعاطفَ الشعبي مع وفاة ابنتها، وأكدت على متابعة شكواها من شرطة الحجاب حتى حصول النتيجة، كما طالبت المحكمة بأن يتم دعوة أطباء أخصائيين في علم الأعصاب والقلب، للإشراف على عمل لجنة الطب الشرعي، وذلك نظراً للتصرفات الصادرة من الطب الشرعي في بادئ الأمر.
ونشر البيت الأبيض بياناً للرئيس الأمريكي جو بايدن، قال فيه إن بلاده ستفرض عقوباتٍ على مسؤولين إيرانيين ممن ارتكبو أعمالَ العنف ضد المتظاهرين السلميين.
وصرح بايدن أن هؤلاء المتظاهرين يطالبون بمبادئ عادلة وشاملة، وستقف الولايات المتحدة مع الإيرانيات اللواتي يلهمن العالم بشجاعتهن.
وانتقدت كلٌّ من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا، الجمهوريةَ الإسلامية في قمع الإيرانيين، كما قامت الحكومة الكندية بفرض عقوبات على مسؤولين في وزارة الاستخبارات والحرس الثوري وشرطة الحجاب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
عبد الغني المتوكل -
منذ 5 ساعاتوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 5 ساعاترائع
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت