شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
عزيزي الرجل… ماذا لو ناديتك

عزيزي الرجل… ماذا لو ناديتك "يا أعزب أو يا متزوج" بدلاً من اسمك؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والنساء

الخميس 13 أكتوبر 202203:14 م


في مجتمعنا المصري، تُعرَف المرأة بحالتها الاجتماعية. فعندما تصطف مجموعة من النساء أمام مؤسسة ما، تجد الموظف ينادي: "يا مدام – يا آنسة". وقتذاك، تبدأ كل واحدة في تأكيد المعلومة أو نفيها، فمن قال لها مدام وهي ليست كذلك، تصحح له خطأه وتقول "آنسة من فضلك"، فيعدل كلامه. وفي الغالب، يحدد إن كانت المرأة آنسة أو مداماً من خلال سنها.
عادة، كنت أحتار وأسأل لماذا ننادي المرأة بحالتها الاجتماعية في حين أننا يمكن أنا نناديها باسمها؟ لكن، في مجتمعات أبوية، يرى البعض أن مناداة المرأة باسمها "عيب". بينما ليس هناك أي مشكلة في أن يكشف عن حالتها الاجتماعية "التي من المفترض أنها شيء خاص" أمام الجميع.

أداة التعريف الخاطئة

أبسط حقوق المرأة أن تنادى باسمها هذا ما تقوله الأديان وليس العلوم الإنسانية فقط. لا يعرف بعض الرجال أن هذا يشعرها بكيانها كثيراً وتشعر بالضيق عندما يلصق بها لقب آخر لا يمت لها بصلة. فاسم المرأة بمثابة تكريم لها.

عادة، كنت أحتار وأسأل لماذا ننادي المرأة بحالتها الاجتماعية في حين أننا يمكن أنا نناديها باسمها؟ لكن، في مجتمعات أبوية، يرى البعض أن مناداة المرأة باسمها "عيب"

خانة محددة تم حصر المرأة فيها، ففي رأيهم أنها إما أن تكون زوجة أو فتاة "لم يحالفها" الحظ للزواج. وهكذا نقذف بتلك الألقاب دون تبرير أو فهم.
ذات مرة، خرجت مسرعة من سيارة أجرة ونسيت شيئاً من متعلقاتي ولم أنتبه. وجدت بعدها رجلاً يصرخ من ورائي قائلاً: "يا مدام طيب يا آنسة يا حاجة". وقفت ثم نظرت خلفي فوجدت السائق يتبعني. أخذت منه ما نسيته وشكرته، ثم سألته: "لماذا لا تقول أستاذة إن كنت لا تعرف اسمي". ابتسم وقال: "ما يمكن متكونيش متعلمة"، اندهشت وتركته وذهبت.
زميلتي في الجامعة حدثتني مؤخراً عن زميلها الذي يصمم على أن يناديها بـ"آنسة"، وكيف نهرته لتخبره أنها لم تحصل على كل تلك الشهادات وهذا التعليم حتى تلقب في النهاية بحالتها الاجتماعية. وقالت لي وهي تضحك: "لقد كان الرجل مصعوقاً. وأنا ألقنه الدرس وأعتقد أنه يظن أنني مجنونة أو أصابني مس شيطاني".
الغريب في الأمر أننا لم نسمع يوماً أحداً ينادي رجلاً بلقب "متزوج – أعزب – أرمل"، فعادة في مصر ننادي الرجل الذي لا نعرف اسمه بلقب "أستاذ أو يا أفندم"، ولا يجرؤ أحد أن يناديه على خلاف ذلك.

اسم المرأة "عورة" 

حالة من الذعر قد تصيب البعض إذا سمعوا أحداً ينادي زوجتهم باسمها في الشارع، أو حتى أمام مجموعة من الأصدقاء. فعندما يقوم بتعريفها على زميل له أو قريب يقول بصوت منخفض: "المدام". ولذلك، من الطبيعي أن يصبح بمرور الوقت هذا هو اللقب الأشهر والمتداول بين الجميع في الشوارع والمؤسسات الحكومية وغيرها.
في لقاء قريب لي مع جار لنا ومعه زوجته التي كان يناديها بلقب "أم يوسف" فكرت أن أسألها عن اسمها فنظرت وهي تبتسم ثم ذكرته لي بصوت منخفض وكأنه سر حربي. وبعدها، طلبت مني أن أناديها بلقب "أم يوسف"، كما اعتادت. لم أتناقش مع جارتي كثيراً، ولكني أعرف أن هذا تفكير عدد كبير من السيدات. في الوقت الذي ترفض فيه شقيقتي أن يناديها زوجها بلقب آخر غير اسمها التي تعتز به، وترى أن في اسمها تكريماً لها.

حالة من الذعر قد تصيب البعض إذا سمعوا أحداً ينادي زوجتهم باسمها في الشارع، أو حتى أمام مجموعة من الأصدقاء.

فكرة إلصاق الأسماء والألقاب بالمرأة هي عادة قديمة. وفي بعض الأحيان، تقوم القيامة وتنشب الخناقات "التي قد تصل للقتل" لمجرد أن يذكر أحدهما اسم أم الآخر، وكأن هذا الاسم مسبة أو عيب. ولذلك، تجد المرأة في مجتمعنا الريفي والمدني يقال عنها "مدام وآنسة"، ويمكن حتى أن تنادى باسم ابنها أو زوجها، ولكنها محرومة من التمتع باسمها الحقيقي.

العين بالعين "الحل الأمثل"

أخبرتني صديقتي إنها ذهبت مرة بكل جرأة لتنادي زميلها في العمل بلقب "يا متزوج"، وسط دهشة كل زملائهما. ووقتها، أخبرته أنه إذا صمم على أن يلقبها باسم "آنسة"، فلن تقول له إلا هذه الكلمة ومن وقتها وأصبح يناديها باسمها وقبله كلمة "أستاذة".
تقول صديقتي "العين بالعين"، وضحكت بسبب فعلتها. ثم أخبرتني وهي منزعجة: "ليس من حقه أن يناديني بحالتي الاجتماعية. وإذا كان غيري يسمح بذلك فأنا لن أسمح. ويجب أن تفعل كل النساء ذلك فإذا كانوا يقولون لنا مدام وآنسة فنحن نناديهم بنفس الطريقة دون أي تردد".
في لقاء قريب لي مع جار لنا ومعه زوجته التي كان يناديها بلقب "أم يوسف" فكرت أن أسألها عن اسمها فنظرت وهي تبتسم ثم ذكرته لي بصوت منخفض وكأنه سر حربي

سألت زميلاً لي في العمل: "ما الذي يجعلكم تنادون المرأة بمدام أو آنسة؟"، فأجاب بمنتهى البساطة: "لم نشعر يوماً أنكن منزعجات من هذه الألقاب التي نقولها ولو حدث ذلك كنا سنمتنع". الإجابة مقنعة حقاً وربما منطقية، ولكن ما لا يعرفه زميلي أن هذا متجذر في تراثنا ومن الصعب أن نثور عليه بسهولة مثلما استطعنا أن نحصل على حقوقنا المسلوبة بالعمل والميراث وغير ذلك.
ولذلك، إذا كان يجد الرجل أن مناداة المرأة التي لا يعرفها بحالتها الاجتماعية – وهو الشيء الذي لا يصح- أمراً عادياً وعرفاً متفقاً عليه، يمكننا نحن النساء أن نخلق عرفاً موازياً له قد لا يستطيع الرجل في النهاية أن يرفضه وإلا أصبح متناقضاً. 

أخبرتني صديقتي إنها ذهبت مرة بكل جرأة لتنادي زميلها في العمل بلقب "يا متزوج"، وسط دهشة كل زملائهما

وقتذاك، علينا أن ننادي الرجل بألقاب عدة مثل "متزوج – أعزب – أرمل – مطلق". ولذلك، تكون الأمور متساوية نوعاً ما. وإن كانت هذه الألقاب لا تناسبهم وسيجدون أنها "عيب" يمكننا أن نطلب أن يرفعوا عنا عيبهم لنقوم نحن بالمثل. وهذا هو العدل الذي يعرفه الجميع وهو أن تكون المعاملة متساوية، وأن تحصل المرأة على أبسط حقوقها وهو أن تنادى باسمها المعترف به في بطاقتها الشخصية بكل فخر واعتزاز دون أي تغيير.
تخيل عزيزي الرجل الآن أن تلقب بهذه الأسماء وتنادى بها في كل مكان. فكيف سيكون شعورك؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard