شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
بيوت دمشق القديمة في يد

بيوت دمشق القديمة في يد "تجار الأسود"... منزل آل العظم في متحف قطري

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 10 أكتوبر 202204:54 م

أثار تسجيل مصوّر نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، استياءً واسعاً في الأوساط السورية، إذ يُظهر المقطع المصور بيتاً دمشقياً عريقاً يعود تاريخ تشييده إلى 240 سنةً خلت، بمحتوياته الكاملة في متحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني في دولة قطر. 

كان الإعلامي السوري نضال معلوف، قد كشف عن عملية تهريب بيت دمشقي أثري كامل إلى قطر، ما بين عامي 2014 و2015، مؤكداً أن البيت تم تفكيكه، بما فيه من مقتنيات ثمينة وزخرفية وجدران وأسقف، ونقله من دمشق القديمة إلى دولة قطر بين العامين المذكورين على أعين مؤسسات النظام وحواجزه.

وللتأكد أكثر من صحة حديثه، استعرض معلوف موقع المتحف الذي حوى لوحةً تعريفيةً بالمنزل تشير إلى صاحب المنزل، وهو "حقي بن عبدالقادر مؤيد العظم"، أول حاكم لدولة دمشق بعد الانتداب الفرنسي وأول رئيس وزراء لدولة سوريا، مضيفاً أنه تم تفكيك قطع البيت الأصلي وتهريبها وتركيب قطع أخرى تقليدية عوضاً عن الأصلية وذلك في ذروة تحويل البيوت الأثرية في دمشق إلى فنادق ومطاعم.

والبيت الذي وصل عمره إلى 243 عاماً، والذي يتألف من فناء خارجي ونافورة في بحرة، وديوان وغرف بكامل تفاصيلها ومفروشاتها الأصلية وزخاريف رخامية، قد أعيد بناؤه في المتحف بحرفية عالية، كما تُعرض في داخل البيت "تذكرة هوية"، باسم حقي العظم، وبجانب صورته بالأبيض والأسود في صدر البيت، كُتب: "هو حقي بن عبد القادر المؤيد العظم، وُلد عام 1865 ميلادي، تعلّم في دمشق وأجاد اللغة العربية والتركية والغربية، وهو أوّل رئيس للوزراء في عهد الجمهورية السورية، وحاكم دولة دمشق وترأس مجلس الشورى مرّتين وتوفي في القاهرة عام 1955".

موقع المتحف القطري حوى لوحةً تعريفيةً بالمنزل تشير إلى صاحب المنزل، وهو "حقي بن عبدالقادر مؤيد العظم"

من هو حقي العظم؟

هو حقي بن عبد القادر المؤيد العظم، وُلد في دمشق عام 1865، وتعلم فيها، وأجاد مع العربية التركية والفرنسية، وعُيّن في بعض الوظائف في دمشق والأستانة وانتقل إلى القاهرة فكان مدرّساً للّغة التركية في مدرسة المعلمين التوفيقية سنة 1894-1908، وعُيّن سنة 1909، مفتشاً في وزارة الأوقاف في الأستانة، فمكث سنتين، وقصد مصر فحمل على الاتحاديين وندد بسياسة تتريك العناصر، ونشر رسالةً عن "الانتخابات النيابية في العراق وفلسطين وسوريا"، وحين أُسس في القاهرة "حزب اللامركزية الإدارية العثماني"، اختير سكرتيراً له.

ولما احتل الفرنسيون سوريا، أبرقوا إليه فجاءهم من القاهرة، وعيّنوه حاكماً على ما سمّوه يومذاك دولة دمشق، إلى أن وُحدت أجزاء من سوريا سنة 1925، فزالت وظيفة حاكم دولة دمشق، فتنقل بين رئاسة مجلس الشورى ورئاسة مجلس الوزراء إلى أن عاد إلى القاهرة عام 1938، وأقام فيها إلى أن توفي، وله كتب بالتركية بعضها مطبوع، وبالعربية، منها: حرب الدولة العثمانية مع اليونان، ودفاع بلفنا.

بيوت متداعية 

في حديث رصيف22، مع أم يزن (اسم مستعار)، وهي إحدى سكان حي العمارة الدمشقي، تشير إلى أن أسرتها كثيراً ما عانت من تسرب المياه من سقف غرفة كبيرة في بيتهم الدمشقي القديم، وكان السقف يحتاج إلى إعادة ترميم بنسبة 70%، لافتةً إلى أن والدها كان عاجزاً عن الترميم بنفسه، بسبب ارتفاع التكاليف المادية من جهة، وامتناع المحافظة عن منحه رخصة ترميم من جهة أخرى، والتي تحتاج إلى وساطة ورشاوى.

تضيف الأربعينية التي تعيش خارج سوريا، أن العديد من أصحاب العقارات في الحي وغيره في دمشق القديمة، يعانون من تداخل ملكية بيوتهم، بين مديرية الآثار والأوقاف والمحافظة، ما يعقّد عمليات الترميم، مؤكدةً أن هذه السياسة ممنهجة ومنظّمة منذ ما قبل اندلاع الثورة بهدف إجبار قاطني الحي على بيع أملاكهم وخاصةً بعد نشاط الإيرانيين والمتنفذين في السلطة لشراء البيوت، أو وضع أصحاب البيوت أمام خيارين: إما دفع رشاوى باهظة للحصول على رخص ترميم أو مواجهة العراقيل بخصوص تراخيص الترميم وتالياً تململ الأهالي وهجرتهم من تلقاء أنفسهم وتركهم بيوتهم.

العديد من أصحاب العقارات في دمشق القديمة، يعانون من تداخل ملكية بيوتهم، بين مديرية الآثار والأوقاف والمحافظة، ما يعقّد عمليات الترميم، وهي سياسة ممنهجة لإجبار قاطني الحي على بيع أملاكهم

ويزيد عدد المواقع الأثرية في سوريا عن 4،500 موقع أثري، أدرجت منظمة اليونسكو 6 مواقع منها على لائحة التراث العالمي، وهي: دمشق القديمة بأحيائها السبعة، (حي القنوات، العمارة، الأمين، ساروجة، باب توما، باب شرقي، والقيمرية)، وحلب القديمة، وبصرى القديمة، وموقع تدمر الأثري، وقلعة الحصن وقلعة صلاح الدين، والمدن المنسية شمال سوريا، وقد أدرجت اليونسكو جميع هذه المواقع في قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر منذ العام 2013.

ومن المعايير التي ساهمت في وضع دمشق القديمة على لائحة التراث العالمي:

- أن تمثّل إنجازاً فريداً فنياً أو جمالياً، وتحفةً من عبقرية الإنسان الخلاقة.

- أن تعرض التغييرات المهمة للقيمة البشرية خلال الزمن أو في بقعة ثقافية في العالم، أو تعرض تطور العمارة أو تقنيتها، فن التزيين، تخطيط المدن أو تصميم المواقع الطبيعية.

- أن تظهر تفرد التراث التقليدي الثقافي أو حضارةً اندثرت أو ما زالت حيةً.

- أن تكون شاهداً لنموذج العمارة أو البناء أو المواقع الطبيعية التي تمثل تاريخ البشرية خلال مرحلة معينة.

ويقدَّر عدد البيوت في دمشق القديمة، وفقاً لـ"مديرية آثار دمشق"، بـ6،000 عقار، منها 55% سكنية، ونحو 2،000 منزل ملكيته موزعة ما بين عام وخاص، و19% مستملكة مع وقف التنفيذ، أي من دون ترميم أو إلغاء استملاكها.

مسؤولية مؤسسات النظام

يقول عمر البنية، وهو صحافي سوري مختص بالتراث والآثار، لرصيف22، إن الاهتمام الواسع من شخصيات وجهات عديدة عربية بهذا التراث (البيوت الدمشقية)، يعود إلى فرادته بشكل كبير وخصوصاً البيوت ذات الفن المعماري والزخارف واللوحات الجدارية، والأثاث الدمشقي القديم الممزوج فيه الخشب مع الصدف، حتى أن العديد من المسلسلات الدرامية صُوّرت في أحياء دمشق القديمة، وهذا ساهم في تكوين صورة مميزة عن البيت الدمشقي، بالإضافة إلى أن العديد من كليات العمارة تدرس فن البيوت في دمشق القديمة".

وعن عملية تفكيك بيت العظم ونقله خاصةً في منطقة مكتظة سكانياً وأمنياً، يرى البنية، أن العامل الأكبر هو فساد المديرية العامة للآثار والمتاحف ومسؤوليها المرتبطين بشخصيات نافذة على رأسهم زوجة رئيس النظام أسماء الأسد، مضيفاً أن عمليات النقل تتم عبر ورش الترميم الفاسدة التي تشرف عليها مديرية الآثار، والتي تقوم باستبدال الأصلي بالمزيّف في أثناء أعمال الترميم، وبعدها يكون التهريب من اختصاص ميليشيات السلطة، أو ميليشيات حزب الله التي تمتلك معابر خاصةً عبر الحدود اللبنانية، ناهيك أن دمشق القديمة اليوم تعجّ بالميليشيات الإيرانية.

يُتهم مدير عام للآثار والمتاحف محمد نظير عوض، الذي تقلّد مناصب عدة بالتورط في مشاريع هدم وفساد في دمشق القديمة

يحمّل البنية، نظام الأسد مسؤولية سرقة الآثار قبل العام 2011، ومحاولة استغلال حالة الفوضى التي خلقها في أثناء الثورة لتغطية سرقاته القديمة والجديدة وتحميلها للثورة، وإظهار نفسه أمام المجتمع الدولي على أنه حامٍ للآثار، مؤكداً أنه منذ العام 2007، كانت مديرية الآثار تتاجر بدمشق القديمة وتديرها بالفساد مع المتنفذين لحساب استثماراتهم، والشاهد الحي مشروع "شارع فيصل"، الذي يُعدّ إساءةً إلى نسيج دمشق القديمة، كونه يلاصق سورها، والذي قُرر فيه هدم أحياء كاملة لحساب مشاريع رامي مخلوف ابن خال الرئيس، مثل "مجمع يلبغا"، و"فندق الفورسيزون" وغيرهما.

ويُتهم مدير عام للآثار والمتاحف محمد نظير عوض، الذي تقلّد مناصب عدة بالتورط في مشاريع هدم وفساد في دمشق القديمة، منها تجاهل التوثيق في مجال الآثار والمباني الأثرية، وحرق أرشيف الآثار بعد حريق المعمل الفني المفتعل بحجة ماس كهربائي عام 2007، ما أدى إلى ضياع التراث السوري وعدم القدرة على المطالبة به وإثبات ملكيته، حتى أن مديرية الآثار أجابت الإنتربول مؤخراً بعدم امتلاك أرشيف للآثار السورية لتزويدهم به.

ومن المعروف أن عمليات تهريب الآثار ممتدة منذ عقود من الزمن في تاريخ سوريا، ووفق تأكيد المؤرخ العالمي أندرياس كيلب، فإن تهريب الآثار السورية والإتجار بها كان من اختصاص رفعت الأسد، في ثمانينيات القرن الماضي الذي "خرج من سوريا بثروة مكّنته من شراء شارع كامل في باريس"، فيما يقول عالم الآثار الإسباني رودريغو مارن الذي قاد العديد من بعثات التنقيب في سوريا: "الحقائق تبيّن أن الحكومة تعمل مباشرةً ضد التراث التاريخي للبلاد".

تدمير هوية السوريين

يؤكد الكاتب والباحث، سعد فنصة، الذي عمل لفترة تقارب 30 عاماً في المجال الأثري، بالإضافة إلى عمله مديراً لقسم التصوير العلمي للآثار السورية في المديرية العامة الآثار والمتاحف، أنه "بعد التحريات الواسعة تبيّن أن منزل حقي الأصلي موجود في حي المهاجرين الدمشقي، وأن البيت الذي تم تفكيكه هو أحد بيوت أسرة العظم الذي ينتسب إليه حقي، والذي يُعدّ أحد ورثته".

ويقول: "تمّ نهب الزوايا الأثرية للبيت (الأبلق، العجمي، الحجارة القديمة، العناصر الزخرفية والتراثية ذات القيمة التاريخية)، ونُقلت إلى دولة قطر، وسط تعتيم النظام على الموضوع من خلال البلطجة وتخويف كل من يسأل عن البيت، وعدم إصدار مؤسساته أي بيان أو تعليق عن الموضوع"، مضيفاً أن دمشق التاريخية إحدى أقدم مدن العالم المحمية بقانون منظمة اليونسكو كونها ملكاً للتراث العالمي، ولا يجوز نقل حجر واحد من حجارتها، أو تفكيكه، أو إزالته أو تدميره أو العبث بمحتوياته وطرازه المعماري الأثري.

تمّ نهب الزوايا الأثرية للبيت، ونُقلت إلى دولة قطر، وسط تعتيم النظام على الموضوع من خلال البلطجة وتخويف كل من يسأل عن البيت، وعدم إصدار مؤسساته أي بيان أو تعليق عن الموضوع

ويصف فنصة لرصيف22، عملية التفكيك والنقل بـ"اللصوصية الموصوفة والمحمية، الموازية لسرقة ذاكرة الناس وحياتهم ومستقبلهم، وهي جرت بالتعاون والتواطؤ ما بين مديرية الآثار ولجنة حماية دمشق القديمة وبعض الشخصيات المتنفذة، خاصةً أنها تمّت في فترة ذروة اشتعال المعارك وخسارة النظام مساحات واسعةً من أراضي الجمهورية"، مرجحاً نقل مقتنيات المنزل برّاً عبر لبنان أو الأردن.

ويقول: "نزيف التراث السوري قديم منذ الثمانينيات عبر مافيات رفعت الأسد عم الرئيس الحالي، والحاجة باتت ضروريةً إلى محكمة دولية تسترجع هذه الكنوز وتحاسب المجرمين المشتركين في النهب من النظام والمتواطئين في المعارضة الهزيلة التي لم تكن حريصةً على قيم التراث"، كما انتقد حالة الصمت حيال هذه الجريمة وغيرها، والتمييع الذي سلكه بعض الأثريين والمدّعين بأن البيت غير مسجل في مديرية الآثار، فهذا المنزل غني بتراثه الأثري وتفكيكه ونقله جريمة في حق الهوية السورية، وفق وصفه.

وفي آخر تقرير نشرته "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، وثّقت 97 حادثة اعتداء على 88 منشأةً وموقعاً أثرياً في سوريا منذ عام 2011، 37 اعتداءً منها يتحملها نظام الأسد، يليه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بـ10 اعتداءات، ثم فصائل المعارضة بـ6 حوادث، وبقية الاعتداءات على يد أطراف مجهولة.

وكان معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR)، قد أكد أواخر العام 2014، أن 24 موقعاً قد دُمّر تماماً في سوريا، وأن 189 موقعاً تضرر بشدة أو بدرجة متوسطة، كما تضرر 77 موقعاً آخر في مناطق سيطرة الحكومة السورية، وربما تعرضت للنهب والسرقة.

تم توثيق 97 حادثة اعتداء على 88 منشأةً وموقعاً أثرياً في سوريا منذ عام 2011، 37 اعتداءً منها يتحملها نظام الأسد

وأكدت دراسة أجرتها المدارس الأمريكية للبحث الشرقي (ASOR)، أواخر عام 2015، استخدمت صور الأقمار الصناعية للمواقع الأثرية السورية، ومسحت 202 موقعين على الأقل، أن الضرر الأكبر للعمليات كان في أماكن سيطرة تنظيم داعش، بنسبة 42%، مقابل 23% في مناطق سيطرة النظام، و14% في مناطق المعارضة.

وبالرغم من تحمّل النظام جزءاً كبيراً من تخريب ونهب التراث السوري، ما تزال منظمة اليونسكو تتعاون معه ومع الحكومة الروسية في ملف الآثار، عبر تمويل عمليات الترميم بمبالغ طائلة، كان آخرها منتصف أيار/ مايو الفائت، إذ أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" وقتها، عن بدء أعمال المرحلة الأولى من ترميم قوس النصر في مدينة تدمر الأثرية، والذي تعرّض لدمار واسع على يد تنظيم الدولة "داعش"، في أيار/ مايو 2015.

في هذا السياق، يشير فنصة إلى أن نظام الأسد مفلس اقتصادياً ويحتاج إلى أي مصدر تمويل لقطاع الآثار والبحوث العلمية الأثرية بالتعاون مع روسيا، ومن جهة أخرى، فإن روسيا لا تملك الخبرات المهنية لترميم الآثار الكلاسيكية، والمدن القديمة والأعمدة العملاقة والتيجان، كخبرات البعثات اليابانية والألمانية والفرنسية، بعكس خبرتها في العمارة التقليدية المصنوعة من الآجر المشوي والتماثيل واللوحات والأيقونات، بالإضافة إلى الهندسة المعمارية وإنشاء السدود والخرسانات المسلحة.

القانون والاسترداد

يعرّف قانون الآثار السوري الصادر في المرسوم التشريعي رقم "222" تاريخ 26/10/1963، والمعدل في القانون رقم "1" تاريخ 28/2/1999، في مادته الأولى، الآثار بأنها "الممتلكات الثابتة والمنقولة التي بناها أو صنعها أو أنتجها أو كتبها أو رسمها الإنسان قبل مئتي سنة ميلادية أو مئتين وست سنوات هجرية".

كما أن القانون أبقى ملكيّة المباني التاريخية المسجلة التي لا تملكها الدولة، وحيازتها بأيدي مالكيها والمتصرفين فيها، على أنه لا يجوز لهم استخدامها في غير الغاية التي أنشئت من أجلها، وللسلطات الأثرية أن تسمح باستعمالها لغايات إنسانية أو ثقافية.

ويؤكد عضو مجلس نقابة المحامين السوريين الأحرار، عبد الناصر حوشان، لرصيف22، أنه "وفقاً لأحكام قانون الآثار السوري، يحظر على مالك أحد الآثار الثابتة المسجلة أن يقوم بهدمه أو نقله كله أو بعضه أو ترميمه أو تجديده أو تغييره على أي وجه بغير ترخيص سابق من السلطات الأثرية، وعليه فإذا كان منزل حقّي العظم تتوّفر فيه هذه الشروط ومسجّلاً في السجلّ العقاري كبناء أثري حين التفكيك والنقل والتهريب، فهذا الفعل يُعدّ جريمة تهريب آثار، وهي جريمة جنائيّة الوصف منصوص عليها بالمادة "56" من قانون الآثار.

وتنص المادة 56 على ما يلي: "يعاقب بالاعتقال من خمس عشرة سنةً إلى خمس وعشرين سنةً وبالغرامة من خمسمئة ألف ليرة إلى مليون ليرة كل من هرّب الآثار، أو شرع في تهريبها"، أمّا إذا لم يكن المبنى مسجلاً في مديرية الآثار والسجل العقاري على أنه أثري، فالأمر يخرج عن إطار قانون الآثار إلى قانون العقوبات العام حسب ظروف عملية الاعتداء على البناء.

استعادة منزل حقّي العظم مرهون بقرار مديرية المتاحف، فهي صاحبة الصلاحية في تصنيفه أو عدم تصنيفه أو حتى رفع صفة الأثرية عنه، وإذا كانت هذه المديرية متورطةً في تهريبه فمن المرجّح أنها أعدّت الأمور القانونيّة قبل الفك والتهريب

وكانت منظمة اليونسكو قد وضعت مجموعةً شاملةً من الوثائق الدولية لحماية التراث الثقافي، وتوفر الاتفاقية الخاصة بالوسائل التي تُستخدم لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة وإعادة الممتلكات الثقافية وفق المادتين 7 و13 من اتفاقية عام 1970، واتفاقية التراث العالمي 1972، كأساس متين لحماية التراث الثقافي، كما تشتمل "اتفاقية لاهاي" بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح 1954 وبروتوكولاتها على معايير دولية إضافية تتيح معالجة المخاطر المحددة التي تواجهها الممتلكات التراثية في فترات النزاع. وبالإضافة إلى ذلك، ينص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن التدمير المتعمد للمباني التاريخية يشكل جريمة حرب ويوفر ذلك قاعدةً متينةً، فضلاً عن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139 بشأن سوريا الذي دعا إلى حماية التراث والتنوع الثقافي.

ويتفق حوشان مع فنصة، على أن النظام هو من يقوم بتسهيل عملية تهريب الآثار، لأن القائمين على هذه الجريمة هم مجموعات خاصة من الشبيحة تمتلك الخبرة الكافية في التنقيب والتفكيك والتهريب، وهي جزء من شبكات دوليّة، وملف الآثار انتقل إلى الروس الذين أوكلوا مهمة إدارتها وترميمها إلى متحف "أرميتاج الروسي" الذي استحوذ على عقود ترميم الآثار البالغة ملايين الدولارات بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية ومندوب النظام في اليونسكو.

"بالنسبة إلى استعادة منزل حقّي العظم، فهو مرهون بقرار مديرية المتاحف، فهي صاحبة الصلاحية في تصنيفه أو عدم تصنيفه أو حتى رفع صفة الأثرية عنه، إذا كانت مسجلةً، وإذا كانت هذه المديرية متورطةً في تهريبه فمن المرجّح أنها أعدّت الأمور القانونيّة قبل الفك والتهريب من خلال الصلاحيات الواسعة للمديرية في التصنيف أو عدمه أو تسجيله أو ترقيمه"، يقول حوشان.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard