احتفالاً بأيام التوبة التوراتية، أقدم مئات المستوطنين الإسرائيليين على اقتحام المسجد الإبراهيمي وإقامة حفل غنائي صاخب تخللته رقصات تلمودية في داخل المسجد، وسط حماية مشددة من قبل القوات الإسرائيلية في مشهد وُصف بأنه "استفزاز للمسلمين" و"انتهاك فاضح لدور العبادة".
وأظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية أعداداً كبيرة من المستوطنين يتمايلون وسط غناء وموسيقى صاخبة مدعومة بمكبرات الصوت، من قبل ما يُشبه الفرق الموسيقية التي يتوسطها مغنٍ، فيما كان المزيد منهم يصلون في باحات المسجد.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد أغلقت المداخل المؤدية إلى المسجد أمام الفلسطينيين قبل أسبوع بذريعة الأعياد اليهودية، وحوّلته إلى ما يشبه الثكنة العسكرية تمهيداً لدخول المستوطنين.
"انتهاك فاضح لدور العبادة"
وتعقيباً على ما قام به المستوطنون، قال مدير أوقاف الخليل نضال الجعبري لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا): "تنظيم المستوطنين حفلاً غنائياً صاخباً، والسماح لهم بإدخال آلات موسيقية ومكبرات صوت، يأتي في وقت لا يُسمح للفلسطينيين بإدخال مستلزمات الحرم الضرورية للصيانة والترميم، ولا يُسمح للإعلاميين بإدخال كاميراتهم إلا بتنسيق مسبق مع الاحتلال".
احتفالاً بأيام التوبة التوراتية… مئات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الإبراهيمي ويقيمون حفلاً غنائياً صاخباً داخله، تخللته رقصات تلمودية في مشهد وُصف بأنه "استفزاز لمشاعر المسلمين"
وأردف الجعبري بأن ذلك كله "يندرج ضمن سياسة الاحتلال الاستيطانية، وسعيه إلى فرض الهيمنة الكاملة على الحرم"، منوهاً بأن القوات الإسرائيلية "تتبادل الأدوار مع المستوطنين" في هذه العملية.
ووصف الحادثة بأنها "انتهاك فاضح لدور العبادة وخصوصية المسلمين، يتوجب لجمه بكل قوة"، مناشداً الفلسطينيين "التوافد على الحرم" والقيادة الفلسطينية "وضع السفراء والقناصل وجميع الجمعيات الحقوقية والإنسانية في العالم بصورة ما يجري".
وفي رأي الجعبري، هناك أهداف أبعد من "عمليات التهويد المستمرة" للمسجد منها "بث صور المستوطنين يرقصون داخله وخارجه بكل راحة وطمأنينة" لغرض "الوصول إلى مرحلة تهجير المواطنين الفلسطينيين من الأماكن التي يريد الاحتلال السيطرة عليها في الخليل العتيقة خاصة".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصف فلسطينيون وعرب ما حدث بأنه "استفزاز لمشاعر المسلمين" و"انتهاك لحرمة المساجد" و"مشهد تقشعر له الأبدان"، محذرين من أنه قد يُسفر عن "انتفاضة شعبية شاملة تؤسس إلى زوال الاحتلال وتحرير الأرض والمقدسات".
وشددوا على أنه "بعد تقسيمه زمانياً، يُنتهك المسجد في كل أعياد الاحتلال، إذ يتفرد المستوطنون به ولا يسمح للمسلمين بدخوله خلال احتفالاتهم، محذرين من أن "التقسيم الزماني الكامل خطر يهدد المسجد الأقصى أيضاً" بنفس المصير في الوقت الراهن.
بين محاولاتها "تغيير معالم الحرم التاريخية والحضارية" و"الاعتداءات شبه اليومية للمستوطنين" عليه... كيف تسعى إسرائيل إلى "فرض الهيمنة الكاملة" على الحرم الإبراهيمي؟ وبِمَ يُنذر ذلك؟
المسجد الإبراهيمي والمستوطنون
بحسب (وفا)، تُعد الاعتداءات والممارسات العنصرية والانتهاكات اليومية للمستوطنين المسلحين على المسجد الإبراهيمي "مستمرة وشبه يومية" في حماية السلطات الإسرائيلية التي "تُغلق ساحات ومتنزه الحرم الإبراهيمي منذ عقود وتفرض على الفلسطينيين المرور عبر حواجز عسكرية لأداء شعائرهم الدينية" به.
علاوة على التضييق على المصلين المسلمين، تقول "وفا" إن إسرائيل تسعى إلى "تغيير معالم الحرم التاريخية والحضارية الوقف الإسلامي عبر شق طريق وتنفيذ عمليات حفر بآلياتها الثقيلة بمحاذاة الحرم وفي ساحاته الغربية" في "مسٍ خطيرٍ بمعالم الحرم واعتداءٍ على حرية العبادة فيه باعتباره مسجداً خاصاً بالمسلمين فقط لا يحق لغيرهم منازعتهم عليه" وفق سائر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة.
وبالرغم من أن إدارة المسجد ومسؤولية الاعتناء بساحاته تعودان إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية وبلدية الخليل ولجنة إعمارها، فإن محكمة إسرائيلية أصدرت قبل عامين أمرين عسكريين من شأنهما إخضاعه لسلطتها المباشرة.
انتهزت إسرائيل حدوث مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994 لاقتطاع أكثر من نصف المسجد وتخصيصه للمستوطنين مع إغلاقه تماماً أمام المسلمين أثناء الأعياد اليهودية. عزز هذا التقسيم الزماني المكاني اعتداءات المستوطنين على الوقف الإسلامي
يتعلق الأمر الأول، الصادر في 12 أيار/ مايو 2020، بشق طريق ملتوٍ يصل إلى الحرم الإبراهيمي عبر ساحاته الخارجية، والثاني بالمصادقة على رخصة بناء مصعد في الحرم الإبراهيمي بزعم استغلاله للحالات الإنسانية، فيما يُصر الفلسطينيون على أنه "قرار استيطاني" آخر لتيسير وصول المستوطنين إليه ضمن محاولات "تهويد المسجد".
وكان "التقسيم الزماني والمكاني" الذي فرضته إسرائيل على الحرم الإبراهيمي منتهزةً حدوث مذبحة عام 1994، قد أسهم في تعزيز اقتحامات المستوطنين للمسجد.
وفجر 15 رمضان في ذلك العام، أقدم مُستوطن يُدعى باروخ غولدشتاين على فتح النار على الفلسطينيين أثناء صلاتهم في الحرم، ما أدى إلى مقتل 29 مصلياً وإصابة آخرين، قبل أن ينقض مصلون على غولدشتاين ويقتلوه. إثر المجزرة التي أطلق عليها "مجزرة الحرم الإبراهيمي"، أغلق الاحتلال أبواب الحرم، واحتجز المصلين الفلسطينيين بالداخل ولم يسمح لأي جهة إسعافية بالدخول لمساعدة الجرحى، ولاحقاً أطلق جنود إسرائيليون النار على المشيّعين في اليوم التالي، ترتب عليه ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50.
عقب المذبحة، ورغم مصادقة مجلس الأمن الدولي على قرار يُدين المجزرة ويدعو لاتخاذ إجراءات لحماية الفلسطينيين، بينها نزع سلاح المستوطنين، قرّرت إسرائيل اقتطاع أكثر من نصف المسجد وتخصيصه للمستوطنين مع إغلاقه تماماً أمام المسلمين أثناء الأعياد اليهودية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع