شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"بتنجس البوق 40 يوم"... الخمرة حرام لكن الحشيش والهروين والشابو حلال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الخميس 29 سبتمبر 202201:14 م

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة رواجاً للمخدرات بأنواعها الجديدة والقديمة، إذ يتنافس الهيروين مع الحشيش في احتلال المرتبة الأولى من حيث المخدر الأكثر انتشاراً في مصر.

وفقا لصندوق مكافحة الإدمان والتعاطي فقد ارتفع معدل تعاطي الهيروين بنسبة 32% في النصف الأول من عام 2022، وحل الحشيش في المرتبة الثانية بنسبة 31%، يليه الترامادول بنسبة 18%  بينما جاءت المخدرات كالـ"استروكس" و"الفودو" و"البودر" و"الشابو" متأخرة بنسبة 17%.

من حين إلى آخر يصدر الصندوق بيانات توضح نسب التعاطي وأهمية استهداف الشرائح العمرية الأصغر كأولوية وقائية، إلا أن هذه البرامج تتجاهل مدمني الكحول لكون بيعه قانونياً، ولضعف الإقبال عليه بسبب غلاء أسعاره والمحاذير الاجتماعية والدينية.  

"الحشيش مزاجنا والخمور فرايحي بس"  

يشتري أيمن أوكا (22 عاماً) وهو سائق توك توك مقيم في منطقة فيصل في الجيزة ما يكفي للف سيجارتين في اليوم، تبلغ تكلفة الواحدة 70 جنيه أي حوالى 3 دولار، يقول لرصيف22: "السيجارة دي ع الرايق كده، كنت بشرب حاجة جديدة اسمها (بودر) ربنا سترها معايا لأني كنت ح أدمنها، لكن وإنت ضارب سيجارة حشيش بتكون واعي وفاهم الدنيا ماشية إزاي وآخر سلطنة، مقدرش أشرب خمرة بتنجس البوق 40 يوم، جربتها مرتين في الأفراح، بتخليني مش شايف قدامي ولا داري بقول إيه وممكن توقعك في مشاكل مع الناس". 
أوكا... وإنت ضارب سيجارة حشيش بتكون واعي وفاهم الدنيا ماشية إزاي وآخر سلطنة، مقدرش أشرب خمرة بتنجس البوق 40 يوم

علي مرزوق (45 عاماً) وهو اسم مستعار مقيم في منطقة الهرم بالجيزة، ورغم أنه يعمل في أحد محالّ الخمور لا يحبذ شربها، يشير خلال حديثه لرصيف22 إلى أن جيله ومن هم أصغر سناً يفضلون الحبوب مثل الترامادول والحشيش على الكحول، يقول: "ما بتمشيش مع الدماغ المصري، اللي بيشربوها باستمرار كلهم ولاد ذوات، بس عامة الشعب ملهمش تقل عليها، بس أحياناً بيطلبوها في الأفراح والمناسبات". 

ويرى أن الخمور تقف عائقاً بين الشخص ودينه "وإنت شارب خمرة هتلخبط في الكلام وهتقول اللي جواك كله، حتى الصلاة مش هعرف أقربلها".
ويشير إلى أن أسعار البيرة والنبيذ أغلى من المخدرات "لو بصيت على محلات الخمرة مش هتلاقي زباين قد اللي بتشتري حشيش أو بانجو، الشغل كله على الديلرات، هتلاقيهم في الشوارع على التكتك زي الرز، والدولايب أكتر من محلات الخمور بكتير".

والدولاب هي منازل بائعي المخدرات بالجملة يعيشون فيها بشكل طبيعي مع أسرهم داخل الحارات الشعبية والمناطق العشوائية في مصر ، وبداخلها كميات من المخدرات يأتي إليها بشكل يومي جميع "الديلرات" ممن يبعون المخدرات بالقطعة.

أحد مسؤولي البرامج السابقة لدى صندوق مكافحة المخدرات المصري، والذي فضل عدم ذكر اسمه، بيّن لرصيف22 أن الأسباب التي جعلت الخمور أقل مرتبة يعود إلى التحريم الصريح في القرآن، وهي مسألة لا جدال فيها من وجهة نظر المتعاطي الذي يميل إلى التبرير في هذا الإطار، إذ نجد أن ثقافة الابتعاد عن الخمور والميل إلى المخدرات متجذران على أسس دينية، رغم أنهما يفرزان تبعات صحية ومجتمعية. يقول: "المتعاطين بيقولوا ده مجرد عشب  بيتم استخدامه طبياً ونبات مش هيدخلنا في شبهة الحرام والعيب".

ارتفع معدل تعاطي الهيروين بنسبة 32% وحل الحشيش في المرتبة الثانية بنسبة 31%، يليه الترامادول بنسبة 18%  بينما جاءت المخدرات كالـ"استروكس" و"الفودو" و"البودر" و"الشابو" متأخرة بنسبة 17%.

ويرى أن من تناقضات المجتمع المصري أن المتعاطي الدائم أكثر قبولاً في المجتمع من المتعاطي الذي يخضع لبرامج علاجية للإقلاع، رغم أن الأخير يحتاج إلى الدعم إلا أن النظرة المجتمعية إليه دونية وكأنه فعل خطيئة عندما قرر الدخول إلى مصحة". 

عالم أزهري: المخدرات موروث شعبي 

يرجع العالم الأزهري إبراهيم عبد الراضي في تصريحه لرصيف22 مسألة الإقبال على المخدرات إلى الموروثات الشعبية، ويرى أن لا علاقة للنصوص الدينية والشرعية بالأمر، وأن ما يقال حول الفرق بين المخدرات والخمور من تفريق وتفصيل "لا يتردد إلا على ألسنة المدمنين ممن أسروا بأسرها وغللوا بأغلالها لأنها أسهل من حيث الحيازة والشراء"، مؤكداً أن لا فرق بينها وبين الخمور من حيث الحكم الديني، فجميعها تؤثر على العقل بالسلب، مستشهداً بحديث النبي محمد "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام".

من جانبه يؤكد الدكتور هيثم السعدي استشاري العلاج النفسي وتأهيل الإدمان في تصريحه لرصيف22  أن عدد حالات الإدمان على المخدرات أو الخمور أو الأدوية النفسية في مصر لا يقل عن 12 مليون حالة تشكل النساء ثلثهم، ربعهم حالات الإدمان المرصودة فقط هي على الكحول.

يقول: "أكثر مخدر منتشر ما بين  الإناث هو الحشيش ويأتي بعده الهيروين، وفي المرتبة الثالثة الأدوية النفسية التي تعطي شعوراً باللذة والانتعاش والهروب من الضغوط الحياتية". 

أكثر مخدر منتشر ما بين  الإناث هو الحشيش ويأتي بعده الهيروين، وفي المرتبة الثالثة الأدوية النفسية التي تعطي شعوراً باللذة والانتعاش والهروب من الضغوط الحياتية

كما يرى أن إدمان المخدرات وصل إلى حد كارثي، معتبراً أن مصر دخلت في مرحلة القبول المجتمعي لتعاطي المخدرات التي انتشرت بشكل سريع خلال العقد الأخير على العكس من استهلاك الخمور، ويقول: "الفرص العلاجية للإناث في مصر أقل لأنها ببساطة مش بتعرف تصارح نفسها والمجتمع وبالتالي بتستمر في التعاطي مدة كبيرة وده شئ كارثي جداً". 

النساء يفضلن الحشيش

تتذكر منة الله (اسم مستعار) المرة الأولى التي تناولت فيها الحشيش خلال رحلتها التي استغرقت خمسة أيام إلى مدينة الغردقة، وتروي أن صديق شقيقتها كان يتحدث عن مغامراته مع  الحشيش الذي أخفاه بين أصابع قدميه خلال وقوف الباص في الكمائن على الطريق.

تقول لرصيف22: "وقتها كنت في آخر سنة في الكلية في 2014 ولسة مخطوبة، وكنت بسمع عن الحشيش بس دي أول مرة أشوفه، صاحب أختي ده بيطلع من الأوائل على الدفعة ولما سألته قالي ان الحشيش ده أكتر حاجة بتخليه يركز، لما وصلنا قولتله إني بحب أجرب أي حاجة جديدة، وده كانت أول مرة وكان شعور لطيف جداً". 
تخرجت منة الفتاة القاهرية المقيمة في أسيوط بحكم دراستها من كلية الطب البيطري عام 2015، وهو العام نفسه الذي تزوجت فيه من طبيب بيطري مقيم في المحافظة نفسها، بعد فترة وجدت نفسها أمام زوج  يتعاطى الحشيش يومياً ويرفض نزولها للعمل.
تشرح أن حالة ملل شديد أصابتها بسبب بقائها في المنزل لساعات طويلة وحدها بعيدة عن والدتها وشقيقتها في القاهرة: "في الفترة دي كنت بشرب سجاير كتير، وكان جوزي بيخرج الصبح ويرجع بالليل من العيادة، دخلت في حالة اكتئاب وحسيت بحالة إهمال في العلاقة ما بيني وبينه فطلبت منه الطلاق بس كان دايماً يقول راجعي نفسك، في الفترة دي حسيت إني عايزة أشرب حشيش بأي طريقة، كلمت صاحب أختي وقال لي في واحد صاحبي بيدرس في أسيوط هينجزلك الموضوع من أي دولاب". 

منة... جوزي كان شاكك إني بشربه لحد ما اتاكد، بس حالة الفتور في علاقتنا مخلياه حتى ما يعاتبنيش، حتى مسألنيش بجيبه منين

وتضيف: "ببطل وأرجعله تاني، اللي مخليني مش عارفة أسيبه هو إن محدش معترض، جوزي كان شاكك إني بشربه لحد ما اتاكد، بس حالة الفتور في علاقتنا مخلياه حتى ما يعاتبنيش، حتى مسألنيش بجيبه منين، هو مبسوط انه مكبر دماغه وأنا كمان".
تجد منة سهولة في الحصول على مخدر الحشيش خلال وجودها في القاهرة لدى زيارة أهلها  بعكس محافظة أسيوط "لما بتيجي فرصة أنزل القاهرة بدي فلوس لمعارفي الولاد وبيشترولي الكمية اللي تكفيني طول ما أنا موجودة، في أسيوط بشتريه عن طريق واحدة صاحبتي أخوها شغال ديلر". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image