"ذلك الخطاط كتب ثلاثة خطوط؛ واحد قرأه هو وليس الغير، واحد قرأه هو والغير، واحد لا هو قرأه ولا الغير. أنا ذلك الخط الثالث". (شمس الدين التبريزي) — صفحة تحررها مريم حيدري
1
من فمي،
خذِ الجوعَ
بلسانكَ،
اثقبْ صمتي
بيدك المسنونة،
اذبحِ الألمَ المتكوِّم فوق جسدي
فتش عن طفولتي الضائعة
ثم ضعني على أول الطريق،
ولا تدخل التجربة.
من فمي،/ خذِ الجوعَ/ بلسانكَ،/ اثقبْ صمتي/ بيدك المسنونة،/ اذبحِ الألمَ المتكوِّم فوق جسدي/ فتش عن طفولتي الضائعة/ ثم ضعني على أول الطريق،/ ولا تدخل التجربة... مجاز الخط الثالث
2
حين كنتُ
مضيئةً كالفضيحة،
لينةً كصوت الجدَّة في المساء،
بوجه رومانتيكي،
يشبه أفلام الأبيض والأسود
كانت الحياة تقدم نفسها بسخاء:
جدران البيت رطبة دائماً،
كان من الممكن فركها في يدي،
(ثمة بيوت كثيرة هدمتها،
عندما كنتُ أذهب إلى النوم،
لأصحو في بيت آخر، والعالم،
لم ينهدم أبداً، كنت ممتلئةً،
بشهوة الهدْمِ لكي أصنع الحكاية)
النوافذ مفتوحة على السماء،
السطوح محفِّزة على الصعود،
من أجل الخفَّة،
التي تشبه لحظة الأورجازم،
كانت الحياة سخية،
وجلباب أبي ينز بالعرق،
جلباب أبي فارغ من أبي،
أبي جلباب ينزّ بالعرق،
أبي فقير والحياة سخية،
لماذا لم تمنحيه شيئاً أيتها الحياة؟
في الصباح،
كانت أمي تمرركِ من ثقب إبرة،
تحيك لنا أثواباً بدائية،
نتجول فيها لأعوام،
ولا نتركها حتى يفتتها الزمن،
كانت أثوابنا هي الوطن،
في المساء،
ننتظرك على عتبة البيت،
لكنكِ كنت بعيدة دائماً!
لماذا لم تأتِ ليلاً أيتها الحياة؟
كان أبي،
يفتش عنكِ في الأرض،
يقضي يومَه في الحفر،
يكوِّم الترابَ،
يضع فوقَه الماءَ،
يبني بيتاً جديداً،
ينحني كثيراً من أجلِك،
وأنتِ لم تأت!
ظلَّ يحفر وينحني،
يحفر وينحني،
حتى أصبحتِ أنتِ الحفرة
هل أرضاك هذا أيتها الحياة؟
لنؤمن أنكِ سخيةٌ من أجلك فقط،
من أجل ديمومتك،
لنؤمن بالهزيمة المستحقة،
لننحني كي تمرّي أيتها الحياة!
جلباب أبي ينز بالعرق،/ جلباب أبي فارغ من أبي،/ أبي جلباب ينزّ بالعرق،/ أبي فقير والحياة سخية،/ لماذا لم تمنحيه شيئاً أيتها الحياة؟
3
في الصباح أعبرُ بسهولة بين فجوات الزمن،
أعانق موتاي،
دون أن أنطق كلمةً واحدة،
ولأنني حارة في العناق،
أصل معهم إلى الدرجة القصوى من الحياة
في المساء يقبِّلني،
بحنوٍّ بالغٍ يمرّر يده على الألم البارز،
من صدري تتقافز التجربة،
فوق شفتي تتكوّم القصيدةُ كنقطةِ دم
في الممرّ الضيقِ بين الصباح والمساء عدمٌ يعريني.
4
الإيقاع هادئ
وأنتِ تمسحين عن وجهك،
آثار الحلم.
المارة يقدمون أنفسَهم للحياة،
كلَّ يوم يقدّمون أنفسَهم للحياة،
والحياة إناءٌ فارغٌ تقضمه الشمسُ،
بأسنانِها الفضية،
ليظلَّ الإنسانُ وحيداً،
ما الذي سيبقى للرجل الشاحب،
سوى جلبابِه مشقوقِ الصدر؟
ما الذي ستحصل عليه زوجتُه،
إذا مدّت يدَها في الصدر المفتوح؟
كيف ستحرّك المرأة يدَها بعد أن
وضعتها في الفخ؟
هذا الشقُّ جرحٌ قديم،
تضع فيه المرأة،
خصلاتِ شعرِها البيضاءَ
الإيقاع يهدر في دمِك،
فتعود أعوامُك الضائعة،
هكذا أبقيتِ على شيء
من الحلم.
تهبطين إلى أسفل،
الإيقاع يغوص عميقاً،
إلى منبتِ رأسك،
ليمسك بالجرحِ القديم
الإيقاع يغوص،
وأنت تنحنين،
يغوص
وأنت تنحنين
كزاويةٍ في بيت فقير.
5
أيادٍ سوداء
تلوحُ لي في الليل
لا أستطيع أن أقطفَها،
أيادٍ منتفضة،
كعروقِ بيتي القديم
سأمرِّر صوتي بين أصابعها
سأهمسُ لك
سأمدُّ يدي:
لا تتأخر
فوق صدرك
سألفظ أنفاسي الأخيرة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...