هذا التقرير أُنتج ضمن مشروع "المدافعات عن حقوق المرأة"، بدعم من منظمة Civil Rights Defenders.
الدخول في ردهات المحاكم الشرعية الأردنية رحلة نفسية متعبة للزائرة، فكيف على المقيمات اللواتي حفظن تفاصيل القاعات نتيجة كثرة الجلسات التي امتد بعضها سنوات. رافعات قضايا الطلاق، طالبات نفقة، ساعيات للخلع، ساعيات لحضانة أبنائهن، وغيرهن من الأردنيات وغير الأردنيات.
لم تفلح الاتفاقيات الدولية ولا التعديلات التي طرأت على التشريعات المحلية ولا دورات تدريب القضاة، في أن تغير العقلية التي تتعامل مع النساء في المحاكم الشرعية. مجمل الخبراء ممن شاركوا في هذا التقرير يعتقدون أن المشكلة تكمن في وقوف القضاة الشرعيين ضد النساء وليس في التشريع، العقلية التي تصر على التعامل مع المرأة ككائن ناقص، وبالتالي فإن حقوقه بالضرورة منقوصة.
التعديلات التي طرأت على القانون والتزامات الأردن الدولية في الاتفاقيات الدولية كاتفاقية سيداو والعهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية كانت لتغير واقع الحال الذي تعيشه النساء لو انتقلت من النظري إلى العملي، لكن النساء لم يشعرن بهذا التغيير.
أعطني ألف قانون جائر وقاضياً عادلاً وسيتحقق العدل
تلوم النساء اللواتي اضطررن لخوض معركة الطلاق عبر القانون لا الطرق العائلية أو العشائرية عقلية القضاة الشرعيين، تلك العقلية التي لم تتغير ككل شيء حولهن، وهي ذاتها التي تجعل الكثيرات يفضلن الاستمرار في زيجات عنوانها الظلم والعنف، واختيار ما يعتبرنه أهون الشرين بدلاً من الدخول في معترك المحاكم التي غالباً ما تُهزم فيها النساء.تتحدث شاهدات هذا التقرير إلى رصيف22 عن انعدام تعاطف القضاة مع المرأة، وقلة التفهم لمتطلبات الحياة اليومية، ويشرن بوضوح إلى أن بعضهم يصدر أحكاماً على المرأة بناءً على شكلها وحضورها، فغير المحجبة قد تواجه وجهاً متجمهاً من قبل القاضي وكثيرات هن اللواتي طُلب منهن بشكل صريح ومحرج الخروج وعدم العودة إلى قاعة المحكمة بدون غطاء رأس. هذا بالإضافة إلى عدم اقتناع كثير من القضاة الشرعيين بحق المرأة في الولاية على نفسها فكيف بولايتها على أولادها.
غير المحجبة قد تواجه وجهاً متجمهاً من قبل القاضي وكثيرات هن اللواتي طُلب منهن بشكل صريح ومُحرج الخروج وعدم العودة إلى قاعة المحكمة بدون غطاء رأس.
ابتزاز ومماطلة وتحايل وادعاءات بتشويه السمعة وتهديد بسحب الحضانة واختراق هواتف والكثير من الأكاذيب... هذه ليست إلا بعض الأساليب التي يستخدمها رجال بناءً على نصيحة المحامين الذين يدركون نقاط القوة التي يحظى بها الرجل، ويدركون أكثر نقطة ضعف العقلية الشرعية تجاه النساء.
اللافت أن معظم الابتزاز الذي تتعرض له المرأة يأتي من منطلق كونها أماً، في لحظة يستطيع الرجل الراغب بتعذيب المرأة لأنها طلبت منه الطلاق أن يستخدم أبناءه ضدها، فيحول ممتلكاته باسم قريب له ليدعي الإعسار ويقلل النفقة، أو يتخلى عن دفع نفقات تعليم الأبناء في المدارس الخاصة، وكثيراً ما نسمع عن تشويه سمعة المرأة لتظهر في عين القاضي بأنها غير صالحة لتربية أبنائها.
على ماذا ينص قانون الأحوال الشخصية في الأردن؟
أرقام النفقة تكاد تكون مضحكة
حدّد قانون الأحوال الشخصية الأردني نفقة الزوجة والأولاد في حال الزوج المعسر والميسر لكن أزواجاً عديدين تمكنوا من الحصول على منفذ لأموالهم تهرباً من الخضوع للمادة 64 من قانون الأحوال الـشخصـية الأردني رقم (15) لسنة 2019 والتي تنص على: "زيادة النفقة تبعاً لحالة الزوج، على ألا تقل عن الحد الأدنى بقدر الضرورة من القوت والكسوة والسكن والتطبيب، وتُلزم النفقة إما بتراضي الزوجين على قدر معين أو بحكم القاضي".تشاركنا أم جمال (48 عاماً) وهو اسم مستعار، قصتنا، وبحسب حديثها لرصيف22 قام طليقها بنصيحة من محاميه بتخفيض دخله الشهري من خلال كتابة شيكات مالية على نفسه بالاتفاق مع صديق مقرب له، فكانت هذه الشيكات الضمان له أمام القاضي خلال جلسات قضية النفقة التي رفعتها عليه طليقته والتي تثبت أنه غير قادر على دفع تكاليف النفقة.
اللافت أن معظم الابتزاز الذي تتعرض له المرأة الأردنية يأتي من منطلق كونها أماً، في لحظة يستطيع الرجل الراغب بتعذيب طليقته أن يستخدم أبناءه ضدها
ولأن المحكمة الشرعية تتعامل مع الوثائق دون التدقيق في كثير من الأحيان، وصلت قيمة النفقة التي حصلت عليها "أم جما"ل لنفسها ولأولادها الثلاثة 85 دولاراً شهرياً، فتقدمت باعتراض لدى المحكمة لأن زوجها تاجر ولديه عدة ممتلكات، حينها تبين أنه قام بتحويل ممتلكاته باسم أخيه، وادعى أنه يحصل على راتب تقاعدي لا يتجاوز الـ282 دولاراً وهو ما لا يكفي لإعالتها هي وأبنائها.
تنص المادة 59 من نفس القانون على: "أ- نفقة كل إنسان في ماله إلا الزوجة فنفقتها على زوجها ولو كانت موسرة. ب- نفقة الزوجة تشمل الطعام والكسوة والسكنى والتطبيب بالقدر المعروف وخدمة الزوجة التي يكون لمثالها خدم. ج- يلزم الزوج بدفع النفقة إلى زوجته إذا امتنع عن الإنفاق عليها أو ثبت تقصيره".
فيما نصت المادة 64 على أنه :"تفرض نفقة الزوجة بحسب حال الزوج يسراً أو عسراً، وتجوز زيادتها ونقصها تبعاً لحالته، على أن لا تقل عن الحد الأدنى بقدر الضرورة من القوت والكسوة والسكن والتطبيب، وتلزم النفقة إما بتراضي الزوجين على قدر معين أو بحكم القاضي، وتسقط نفقة المدة التي سبقت التراضي أو الطلب من القاضي".
تعليم الأبناء... سلاح للابتزاز الشائع
التعليم سلاح شائع لابتزاز الطليقة أمام المحاكم الشرعية وللتهرب من دفع متطلبات النفقة، خصوصاً في استكمال التعليم الجامعي للأبناء على نهج "إنت كبير دبّر حالك"، وفي مرحلة سابقة فإن التهديد الأكثر شيوعاً هو نقل الأبناء من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية التي هي أقل جودة بكثير في التعليم وفي النشاطات وفي التدفئة والبنية التحتية.هذا التصرف اعتبرته المادة 190 من قانون الأحوال الشخصية مخالفاً لها إذ تنص على أن "الأولاد تجب نفقتهم، وعلى أبيهم الموسر أن يُلزم بنفقة تعليمهم في جميع المراحل التعليمية"، ونصت المادة 191 على أن الولي المكلف بالإنفاق على الصغير إذا اختار تعليمه في المدارس الخاصة لا يملك الرجوع عن ذلك، إلا إذا أصبح غير قادر على نفقات التعليم الخاص، أو وجد مسوغاً مشروعاً لذلك".
وهو ما وصفته ربى (39 عاماً)، اسم مستعار، بأبشع أساليب الاستفزاز التي مارسها طليقها عليها. تقول: "أولادي لا يدرسون فقط في مدارس خاصة بل هم متعلقون بها جداً فقد كبروا فيها منذ المراحل الابتدائية، وهناك كوّنوا عوالمهم وصداقاتهم، ولأن طليقي يدرك مدى تعلقهم بالمدرسة كان تعليمهم أول ما ابتزني به عندما رفعت قضية طلاق عليه بأن يرحلهم إلى مدارس حكومية، مع العلم أن ابني وابنتي في مراحل عمرية حساسة من المراهقة".
"تعليم أبنائي هو أول ما ابتزني به عندما رفعت قضية طلاق عليه بأن يرحلهم إلى مدارس حكومية، مع العلم أن ابني وابنتي في مراحل عمرية حساسة من المراهقة"
تضيف: "أذكر أن ابني خالد وهو في الصف العاشر اقترح أن يعمل في واحد من مطاعم الوجبات السريعة وما منعه عن ذلك هو رفض المطاعم تشغيله لأنه دون السن القانونية، حتى وظيفتي كمترجمة لم تسعفني في دفع تكاليف أبنائي المدرسية، وعندما أبلغت القاضي بأن زوجي قادر على استكمال تكاليف التعليم، تفاجأت بأنه ادعى على لسان محاميه أنني كنت أغصبه على تعليم الأبناء في مدارس خاصة رغم تعثر حالته المادية".
وتكمل: "طليقي قدم ورقة تبيّن أن لديه قرضين من البنك، واحد سكني وآخر شخصي، لكن ما لم يذكره في المحكمة أنه يعمل بشكل حر في سمسرة العقارات التي تدخل عليه مردوداً مادياً جيداً كان يعيلنا بشكل مريح، وبالفعل انحاز إليه القاضي ووافق على قراره في ترحيل أبنائنا إلى مدارس حكومية، لكنني واجهت هذا الحكم وشاركت في أعمال منزلية لبيعها أونلاين من خلال صناعة الحلويات، كما شاركت في إعطاء دورات ترجمة حتى لا أدمر تعليم أبنائي وحالتهم النفسية".
تهريب الأموال لادعاء العسر
وفق التقرير الإحصائي السنوي لدائرة قاضي القضاة، والذي يتضمن أعمال المحاكم الشرعية للعام 2021، تبين أن عدد حالات الطلاق الكلية التي سُجلت في المحاكم الشرعية عام 2021 بلغت 28703 حالة، منها التفريق القضائي ونسبتها 23% من إجمالي حالات الطلاق، والباقي كان من خلال محاكم التوثيقات بواقع 6602 حالة، وحجج الطلاق 20416 حجة مفصلة، منها 4475 حجة طلاق رجعي، و6848 قبل الدخول، و8408 بعد الدخول، و685 بائن بينونة كبرى.من جهته أكد المدير التنفيذي لمعهد تضامن النساء، منير دعيبس، في حديثه مع رصيف22 أن متوسط النفقة التي تحكم بها المحاكم الشرعية لا تتناسب أو حتى تقترب من متطلبات الظروف المعيشية والأوضاع الاقتصادية الحالية في الأردن، النساء والأطفال بشكل خاص يعانون كثيراً خلال الرحلة الطويلة الممتدة من إقامة الدعوى الى إثبات دخل الزوج وانتهاء بتحصيل النفقة، ثم في مرحلة لاحقة يعانون من ضعف المبالغ المحكوم بها وعدم تناسبها لتلبية الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس وتعليم وصحة.
ويشير إلى أن التطبيقات العملية والأحكام القضائية تثبت ضعف قيمة النفقات المحكوم بها كون عبء الإثبات يقع على عاتق الزوجة لتحديد دخل زوجها، وقد يكون من الاستحالة بمكان الوصول إلى معرفة الدخل الحقيقي إن كان عمل الزوج ضمن القطاع الحر مما يصعب الحصول على وثيقة رسمية لإثباته، وفي هذه الحالات يأخذ القاضي الشرعي بإقرار الرجل واعترافه بمقدار دخله، وعادة ما يكون هذا الإقرار بعيداً كل البعد عن الدخل الحقيقي للزوج الذي يسعى جاهداً إلى التهرب من الإنفاق على أولاده وطليقته في حال نشأ خلاف بينهما ولجأت هي إلى المحكمة.
ودعا باسم المعهد إلى إعادة النظر في النفقة، فمعدل نفقة الزوجة في الأردن وصل في العام 2020 إلى 114 دولاراً بينما الحد الأدنى للأجور هو 266 دولاراً، داعياً إلى إجراء تعديلات تسهل عملية إثبات دخل الزوج بكافة طرق الإثبات دون تحميل الزوجة وحدها هذا الشرطـ فالنفقات المحكوم بها تدخل النساء في دائرة الفقر على الرغم من الملاءة المالية لكثير من الأزواج.
طلب أخذ الحضانة منها لأنها تزور الطبيب النفسي
ريما تيم هي منسقة مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي اسمها" الأمهات المعيلات العربيات" وهي مجموعة تسعى إلى دعم الأمهات العازبات سواء المطلقات أو الأرامل في الأردن وفي المنطقة العربية، تحدثنا معها لكونها على تماس مباشر مع قصص قضايا الطلاق ومعاناة النساء الأردنيات في المحاكم الشرعية، تقول: "المشكلة ليست في القانون بل في اللحظة الذي يضرب بها القاضي على طاولته ويطلق الحكم النهائي في القضية".عبء الإثبات يقع على عاتق الزوجة لتحديد دخل زوجها، وقد يكون من الاستحالة بمكان الوصول إلى معرفة الدخل الحقيقي إن كان عمل الزوج ضمن القطاع الحر
"الجكر" بحسبها هو العنوان الأبرز في قضايا الطلاق، ما يؤدي إلى كثير من الآثار السلبية على الحالة النفسية للزوجة وعلى الحكم النهائي للقضية، ناهيك بطول أمد التقاضي الذي "يطلع الروح" وبسببه تحدث كثير من التنازلات، تقول: "أنصح أن تكون المحاكم الشرعية آخر خيار لمن تريد الطلاق، وذلك توفيراً للجهد والمال والحالة النفسية للنساء، الأفضل هو محاولة إجراء الطلاق عن طريق محام في محكمة الأسرة، ففي الوقت الذي من المفترض أن تنتهي العلاقة الزوجية بمجرد سماع "إنت طالق" يبقى مصير الزوجة معلقاً داخل أروقة المحاكم الشرعية وبيروقراطيتها لسنوات.
وعن قضايا العنف تقول: "كثيرات من يفضلن البقاء مع الزوج المعنّف بسبب جهلهن القانون وبسبب السمعة المعروفة عن المحاكم الشرعية بأن أحكامها تنتقص من حقوق المرأة، ناهيك بالخوف من انتقام الزوج أو جلب سمعة سيئة للعائلة".
هناك قصة حصلت عليها رصيف22 حدثت مؤخراً لسيدة ثلاثينية لديها طفلان في حضانتها وفق ما حكمت به المحكمة الشرعية قبل عامين، ولأنها تزور طبيباً نفسياً بسبب حالة الاكتئاب التي تشعر بها، اتخذ طليقها ذلك كورقة ادعى فيها خلال قضية رفعها عليها أخيراً بأنها "مجنونة ولا تصلح لرعاية أبنائهما".
القضية الآن منظورة أمام المحكمة، والسيدة وفق ما سردته صديقتها لرصيف22 بعد نيل الإذن منها اضطرت إلى إيقاف علاجها النفسي خوفاً من خسارة طفليها.
"الجكر" بحسبها هو العنوان الأبرز في قضايا الطلاق، ما يؤدي إلى كثير من الآثار السلبية على الحالة النفسية للزوجة وعلى الحكم النهائي للقضية، ناهيك بطول أمد التقاضي الذي "يطلع الروح" وبسببه تحدث كثير من التنازلات
"المحاكم للنسوان" و"بدها تجمع مصاري"
"المحاكم كلها للنسوان" عبارة تمييزية تحقيرية بحق النساء يتم تداولها بكثرة في الشارع الأردني وفق المحامي الشرعي عاكف المعايطة، الذي يُتهم بأنه "سيداوي" نسبة إلى اتفاقية سيداو ولأنه يدافع عن النساء في المحاكم الشرعية، يقول: "عندما أنشر فيديوهات توعية عن معاناة النساء في المحاكم الشرعية، أتفاجأ طوال الوقت بأن التعليقات تحقّر المرأة التي تطالب بإنصافها من العنف الذي تتعرض له أو تطالب بالطلاق".ويضيف: "من التعليقات المنتشرة عن المرأة التي تطلب نفقتها قولهم (بدها تجمع مصاري)، لا أفهم منطق مبالغ النفقات التي تحكم بها المحاكم والتي تراوح من 100 إلى 110 دولارات ويجب أن تشمل جميع متطلبات الحياة من مأكل وملبس ومسكن وصحة وتعليم، أين هو المنزل الذي إيجاره 100 دولار في الشهر؟".
"المحاكم كلها للنسوان" عبارة تمييزية تحقيرية بحق النساء يتم تداولها بكثرة في الشارع الأردني وفق المحامي الشرعي عاكف المعايطة.
ويكمل المعايطة: "يجدر بالأحكام أن تتفق مع واقع الحال. هناك نساء وصلن إلى حد أن أصبحن مدينات بسبب هذه المبالغ التي لا تكفي شيئاً. كثيرات هن المطلقات اللواتي يعشن مع أبنائهن في منازل كعلب السردين، ومع ذلك نسمع إدعاءات بأن المحاكم تنصف المرأة. وهذا أمر أبعد ما يكون عن الواقع". ومن وحي خبرته يؤكد أن كثيراً من الرجال يتبعون سياسة أسمها "تطفيشها حياتها" إلى الحد الذي تصل فيه المرأة إلى إبراء الرجل من حقوقها أو حتى الخلع منه وإعادة مهرها، فعل أي شيء للتخلص منه.
تقول المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبدالعزيز لرصيف22: "المشكلة في الأردن معقدة أكثر من غيرها، لأنها لا تكمن في الشق التشريعي فحسب، فبعد تعديلات القانون لم تعد قضايا الطلاق بحاجة إلى الإثبات فقط بل إلى التحقق أيضاً. ومن ناحية أخرى تطورت بعض الحقوق في التعديلات، فحضانة الأم أصبحت حتى سن الـ15 عاماً وهو الأمر الذي حقق استقراراً نفسياً للأطفال".
وتضيف: "لا تزال المنظومة تمارس التمييز بحق المرأة وتدفع بتقييدها في بيئات غير صحية كالبيئة المعنفة مثلاً. صحيح أن القانون كفل حق المطلّقة في السكن لكنه لم يعطها النفقة الكافية، كذلك لا يزال الأب هو من يملك دفتر العائلة وبطاقات التأمين الصحي وشروط سفر الأبناء مع والدتهم ومعظم الحقوق".
وتؤكد عبدالعزيز أن أصل المشكلة في العقلية السائدة في أحكام المحاكم الشرعية، وبالطبع في غياب منظومة مساعدة قانونية تضم الأحكام الشرعية لمبدأ المساواة بين الخصوم.
وعن سبب تحول الرجل الذي تطلب منه الزوجة الطلاق إلى شخص انتقامي، ترى الأخصائية النفسية الدكتورة عصمت حوسو أن رد الفعل هذا هو امتداد للسلطة الأبوية الذكورية المتغلغلة في عقلية الرجل العربي، الذي ينظر دوماً إلى المرأة على أنها شخص لا تستطيع العيش بدون الرجل.
سيدة ثلاثينية لديها طفلان في حضانتها، ولأنها تزور طبيباً نفسياً بسبب حالة الاكتئاب، اتخذ طليقها ذلك كورقة ادعى فيها خلال قضية رفعها عليها أخيراً بأنها "مجنونة ولا تصلح لرعاية أبنائهما"
فأن ترفع الزوجة قضية طلاق على زوجها هو بمثابة أنها خلعت عباءته، وتجردت من سلطته، وهو يرى ذلك امتهاناً لكرامته ولصورته أمام نفسه وأمام المجتمع، خصوصاً المجتمع الذي ينظر إلى المرأة المطلقة على أنها دخلت في العيب أو كما يقال في العامية الأردنية: "كأن الزوجة علّمت على زوجها".
كل ذلك يزرع الحقد والحس الانتقامي لدى الرجل، فيلجأ إلى ماراثون المحاكم الشرعية حتى يعود وينظر إلى زوجته على أنها كائن ضعيف، وهي أقرب إلى التوسّل للحصول على حقوقها. مشهد زوجته حين يراها تركض في المحاكم حتى تنتزع حقوقها منه يجعله يغذي أناه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 4 أيامtester.whitebeard@gmail.com