هل "رموز" مصر للبيع؟
نتأفف ونشتم الاستعمار في كل مرة نشاهد أخباراً عن الآثار المصرية الموزّعة في أنحاء العالم، لندلل بعد ذلك حلماً نوستالجياً عن عودتها إلى المتاحف المصرية خارج الصالات الأوروبيّة التي تتلاعب بوصفها وتصنيفها. لكن الواضح أن السلطات في مصر، لا يهمها التاريخ المعاصر، بل تركز فقط على الحقبة الفرعونيّة، كونها مربحةً أكثر. أما مابعدها فغير مهم، والدليل هو بداية الجدل حول إزالة مقبرة عميد الأدب العربي طه حسين، ونقل رفاته إلى مكان آخر، لكن محافظة القاهرة نفت الموضوع بوصفه إشاعة.
الحكاية لم تنته عند صاحب "الأيام"، فمقتنيات الفنان المصري نور الشريف معروضة للبيع على بسطات الأرصفة، يمكن للمارة شراؤها، وأصابع الاتهام موجهة لأسرة الشريف لتفريطها بمقتنياته، لكن المسؤولية الأكبر تقع على نقابة الفنانين والسلطات المصرية التي، دون الغوص في التفاصيل، لم تقم بما عليها القيام به لحفظ إرث الشريف الفنيّ.
مقتنيات الممثل المصري نور الشريف تباع على الأرصفة في مصر، كان الأنسب للتاريخ وللفن المصري عرضها ضمن مزاد علني إن كان الهدف من بيعها المال، عوضاً عن تركها للمارة والمقتنين الفضوليين... عصارة الأسبوع في المقتطف الجديد
ضياع الأرشيف الفني بهذا الشكل ليس بالشأن الجديد على العالم العربي، ولكن كنا نتمنى من القائمين على ميراث الفنان نور الشريف إقامة مزاد علني مفتوح أمام المهتمين، إن كان الأمر مادياً بحتاً بالنسبة لهم. هكذا تتاح الفرصة للمقتنين الجديين لشراء ما يريدونه وصونه في مجموعاتهم الخاصة، عوضاً عن ترك ألبومات الصور العائلية ودفاتر الملاحظات لتباع على الأرصفة دون أي فهرسة أو أرشيف.
سوريا التي كانت "نووية"
لم يعد هناك ما يمكن قوله في ما يخص النظام السوري وممارساته، لكن الملفت، هو انتشار وثائق ومقاطع فيديو لغارة إسرائيلية استهدفت منذ 15 عاماً ما يظن أنه مفاعل نووي سوري. الغريب في الشأن لا يتعلق بالمفاعل نفسه، وبرامج النظام السوري للسلاح الكيميائي، بل بالمجال الجوي السوري الخاضع للسيادة السورية، فالطائرات الإسرائيلية "تلعب" منذ سنوات في هذه السماء، وتقصف ما تراه مناسباً دون أي ردّ فعل سوري سوى "الرد في المكان والزمان المناسبين".
ننتظر حالياً تعليقات محور الممانعة، وخسارة هذا المحور لسلاحٍ قادر على تغيير موازين المنطقة، بل يمكن لنا عقد مقارنة: إن كانت صواريخ المقاومة تصل إلى ما بعد حيفا، صواريخ إسرائيل تصل إلى ما بعد دير الزور. نعلم أن السخرية السابقة مبتذلة، لكن لم يعد يمتلك محررُ المقتطف الجديد أيّ كلام ليقوله. لذا نكتفي بطرح أسئلة إشكالية لا نمتلك إجابة عنها: هل الشماتة بتدمير البنى التحتية للنظام السوري في مكانها؟، أم نستهجن ونرفض العدوان على السيادة السورية؟ أي بلاغة يمكن استخدامها لنسخر من النظام السوري دون المساس بالسوريين وأرضهم؟
دعوا الأبقار لشأنها
ضجت المواقع الإخبارية بالحديث عن مدينة هارلم الهولندية، التي تعتبر أول مكان في العالم يمنع الترويج والإعلان للحوم. السبب لا علاقة له بلوبيات الضغط التي يقودها النباتيون، ولا جمعيات الرفق بالحيوان، بل يأتي الأمر كمحاولةٍ للتقليل من الاحتباس الحراري. لماذا؟ لأن بعض الدراسات تقول إن "فساء/ضراط" البقر يتسبب بطرح كمية كبيرة من غاز الميثان المضر للغلاف الجوي.
الكثير من الدراسات أكدت أن فساء الأبقار ليس السبب الوحيد والرئيسي، لكن لا نعلم بدقة سبب استهداف مزارعي الأبقار ومحبي اللحوم. والواضح أن اللوبي المسؤول عن هذا الشأن، لا يمتلك القوى الكافية لمقارعة شركات الأزياء أو شركات إنتاج السيارات أو محطات تكرير النفط، وقرر الاستقواء على مربي الأبقار، وعشاق اللحم.
نطلب من المسؤولين عن هذه القرارات ترك فساء الأبقار لشأنه، والتركيز على مؤسسات وشركت أشدّ تلويثاً للبيئة، وإن كانوا مصرّين على التصدي لما ينبعث من الأبقار، فندعوهم لمشاهدة أي نشرة أخبار في العالم، وتأمل أوجه أصحاب القرار، واتخاذ الخطوات اللازمة للتخفيف من التلوث والخراب الذي يسببونه لكوكبنا.
"اضرب والريح تصيح!" والكهرباء مقطوعة والمياه غير صالحة للشرب والمواطنين بلا عمل
لا يمكن وصف ما قام به وزيران لبنانان أي رمي حجارة تجاه "الأراضي المحتلة" من الجنوب اللبناني إلا بالمهزلة، بل، وللأسف الشديد، لم نجد أمامنا سوى اقتباس إفيخاي أدرعي كردٍّ مناسب على ما حصل، إذ غرّد قائلاً "إن كان بيتك من زجاج لا ترمِ الناس بالحجارة". لكن المفارقة تكمن بأن السلطة اللبنانية لا تستطيع "حماية" حتى بيت من زجاج، إذ دمر انفجار المرفأ في بيروت كلَّ الواجهات، ما حول مشهد "المقاومة" إلى مسرحيّة هزلية.
لا ننفي أكروباتية صور الوزيرين المقاومين اللبنانيين، اللذين استهدفا الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة، ولكن كان الأصحُّ رمي الحجارة على واجهات البنوك، أو وزارة الكهرباء، أو أي مؤسسة من مؤسسات الدولة عوضاً عن إنتاج عرض مسرحي هزلي... المقتطف الجديد
كان الأصح والأكثر تأثيراً هو رمي الحجارة على واجهات البنوك، أو وزارة الكهرباء، أو أي مؤسسة من مؤسسات الدولة عوضاً عن إنتاج عرض مسرحي هزلي، يلعب فيه رجال السلطة دوراً لا نعلم بدقة من جمهوره، أهو إسرائيل، أم جماهير المقاومة، أم اللبنانيون، أم العالم العربي؟
لمن تغني يا هاني شاكر؟
اتَهَمَ هاني شاكر، نقيب الفنانين المصريين السابق، مواطنَه المؤدي حمو بيكا بأنه يغني ويمتدح "زنا المحارم". لا نعلم من أين جاء شاكر بهذه التهمة، لكن نسأله بدورنا: في زيارتك إلى دار الأوبرا في سوريا، وثمن البطاقات الذي لا يتجاوز سعر "كيس شبس"، لمن ستغني فيها؟ للجمهور طبعاً. ولكن أيضاً، في مقابل دار الأوبرا تحديداً وأنت تدخل، هناك بناء مهيب، تحته مئات المعتقلين، ووراء دار الأوبرا أيضاً هناك بناء مشابه، و على بعد أقل من كيلومتر أيضاً هناك بناء يحوي مئات المعتقلين. نسألك بعد أن تغني للجمهور، ألا تعلم أن هناك ديكتاتوراً؟ ألا يعتبر غناؤك والصورة التي ستلتقطها في دار الأوبرا المزينة بصور الأسد غناءً لمن انتهك كلّ السوريين؟
"اإستراتيجيّة" الكحول في قطر
مازالت الكثير من الأسئلة تحيط بمونديال قطر، آخرها كان "إستراتيجيّة" الكحول التي اقترحتها الحكومة. ونقصد هنا كيفية استهلاك المشجعين للكحول في بلد معروف بسياساته الدقيقة والقاسية بخصوص هذا الموضوع. وبالرغم من أنه لم يتم إقرار أي شكل رسمي، وما زالت الاستراتيجيّة تخضع للـ"لمسات الأخيرة"، هناك متخيل عنها انتشر في وسائل الإعلام، إذ نقرأ أحاديث عن منطقة خاصة لشراء الكحول واستهلاكه، تتسع لـ40 ألف مشجع، وهنا لا نعلم كيف يمكن ضبط 40 ألف مشجع سكران يهتف لفريقه.
هناك أيضاً فرضيات أخرى تتحدث عن مساحات خاصة خارج المدينة، كما ذكر البعض أن حاملي التذاكر حصراً سيُسمح لهم بشراء الكحول قبل ثلاث ساعات من بداية المباراة، وبعد انتهائها بساعة، ولكن ممنوع خلالها .
إستراتيجية استهلاك الكحول في قطر تشبه الاختبارات السلوكية، فمن يريد "شرب كأس" ضمن الشروط الموضوعة، عليه أن يعتبر نفسه فأراً ضمن متاهة، وإن تمكن من اجتيازها حصل على البيرة الباردة... عصارة الأسبوع في المقتطف الجديد
نقترح على الحكومة القطرية مقاربة أسهل من نظام الساعات والمساحات المُحير، ليرتدي من يريد شرب الكحول على رأسه قبعة أشبه بأذني فأر، وليدخل متاهة كبيرة، إن تمكن من إيجاد طريقه خارجها حصل على كأس بيرة بارد، وإن عجز، فليُترك مع عطشه إلى حين إيجاد المخرج أو انتهاء المونديال.
100 سنة سجن بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي
خلال أقل من شهر حكمت السلطات السعودية على ناشطتين بالسجن لمدة تقارب المئة عام، موظفة تهماً فضفاضة كتمزيق نسيج المجتمع، وزعزعة أمن الدولة. بالطبع لم تقم الناشطتان بالدعوة إلى ثورة، أو الخروج إلى الشوارع، أو أي شيء من هذا القبيل، بل السبب هو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
لا نمتلك ما نقوله سوى أن الحرمان من حق التعبير عن الرأي في المملكة السعوديّة شأن لا يمكن تجاهله، ولا يمكن لكلّ حفلات الروك ومباريات المصارعة الحرة والمدن المستطيلة والدائرية، أن تنفي حقيقة وجودِ من سيفقدون أعمارهم في السجن. الأمر أشبه بـ"كوتا" من مساجين الرأي يجب أن تحافظ عليها السعوديّة؛ يطلق سراح أشرف فياض من زنزانة، ليدخل غيره مباشرةً. كل هذا لأجل كلمات وآراء لم تعجب "أحدهم".
يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعتين??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 22 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون