موجة عارمة من السخرية أثارتها أنباء افتتاح الجيش المصري مطعماً لبيع "سندوتشات الكبدة" عقب أيام من إغلاق أشهر مطاعم الكبدة بالعاصمة المصرية القاهرة، وسط اتهامات للقوات المسلحة بمحاولة "عسكرة ساندوتش الكبدة" واقتسام الأرباح مع المستثمرين في هذا المجال على غرار قطاعات أخرى.
والأحد 4 أيلول/ سبتمبر 2022، شنت الأجهزة المختصة في محافظة الجيزة حملةً لغلق وتشميع عدد من المحلات والكافيهات وإزالة عدة أكشاك وعربات طعام في منطقة إمبابة بسبب "مخالفتها للشروط والتصاريح والتعدي على الطرق العامة من خلال افتراش الأرصفة". كان مطعم "كبدة البرنس" ومحل "ألبان المالكي" أبرز المتضررين من الحملة.
وعقب يومين، أثار إعلان عن محل باسم "كبدة الاختيار"، نُشر عبر حساب منفذ لبيع منتجات القوات المسلحة في مدينة نصر على فيسبوك، تكهنات بأن إغلاق "كبدة البرنس" كان متعمداً ليحل الجيش محل المطعم الشهير، سيّما وأن المطعم دأب على إشغال الرصيف منذ تأسيسه قبل 30 عاماً ولم يحرك مسؤول ساكناً إزاء ذلك.
واجتاحت موجة من السخرية اللاذعة الإعلان عن "كبدة الاختيار" المطعم الذي حمل اسم مسلسل رمضاني يمجّد بطولات الجيش المصري في ثلاثة أجزاء حتى الآن. وترتب عليها حذف الإعلان أولاً ثم حذف الحساب عبر فيسبوك والذي كان بعنوان "منفذ بيع منتجات القوات المسلحة مدينة نصر".
"الاستثمار في السمين" و"عسكرة سندوتش الكبدة"... سخرية واسعة من إعلان عن مطعم #كبدة_الاختيار ضمن منفذ مزعوم لبيع منتجات الجيش في #مصر تنتهي بحذفه، وأنصار النظام يعتبرونها "كذبة إخوانية"
ولم يتسنَ لرصيف22 التحقق بشكل منفصل من أن الحساب المحذوف كان تابعاً لمنافذ القوات المسلحة بالفعل. لكن لم يصدر أي تكذيب رسمي حول حقيقة وجود المطعم أو تبعيته للجيش حتى نشر هذه السطور، وهو ما رأى فيه البعض تأكيداً ضمنياً على المزاعم.
"الاستثمار في السمين"
ومن التعبيرات الساخرة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي عبر وسم #كبدة_الاختيار، من قبل معارضي ومنتقدي النظام المصري الحالي، القول إن الجيش شرع في "الاستثمار في السمين" وإن "الإخوان مخبيين المخلل عشان يوقعوا كبدة الجيش بس إحنا مش هنسكت".
علاوة على حوار متخيل على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي يقول فيه: "يعنى إيه إمبارح تقفلوا ‘البرنس‘ والنهاردة تفتحوا ‘كبدة الاختيار‘ شعبى يقول عليا إيه؟ متواطئ مع الفلاح (محل كبدة آخر شهير)".
وتوقع معلقون أن يتم الإعلان عن "كشري الاختيار قريباً"، مع وصف القوات المسلحة المصرية بأنها "خير كبداكية الأرض" في استهجان من لقب "خير أجناد الأرض". واتهم البعض الجيش بـ"عسكرة سندوتش الكبدة"، وبالسعي إلى "غزو العالم بالطحينة".
وكتب أحدهم: "اجهز يا صبحي (كابر، أحد أشهر مطاعم العاصمة) السيسي جايلك". وسبق أن شكى صبحي كابر ابتزاز أحد المسؤولين "التقال في البلد" له ومحاولته أخذ خمسة ملايين جنيه مصري عنوةً مهدداً إياه باتهامه ببيع "لحوم حمير" وغلق مطعمه.
كان لافتاً أن البعض تكهن بخطوة مشابهة قبل الإعلان عن المطعم إذ غرد أحدهم: "البرنس قفل... وحواوشي الربيع مغلق... وفرع شلقامي في زايد اتفض… لا يوجد وقت مناسب أكثر من ذلك لتنطلق المتحدة للمشويات".
قلق على الاقتصاد والاستثمار
البعض كان أكثر جديرة بإظهار مخاوفه من تأثير محاولات الجيش المنافسة في القطاعات الاستثمارية المختلفة، لافتاً إلى أن ذلك يهيء مناخاً طارداً للاستثمار الأجنبي ويفتقر إلى الشفافية ومبادئ التنافسية النزيهة.
توقع معلقون أن يتم الإعلان عن "كشري الاختيار قريباً"، مع وصف القوات المسلحة المصرية بأنها "خير كبداكية الأرض" فيما اتهموا الجيش بـ"عسكرة سندوتش الكبدة" والسعي إلى "غزو العالم بالطحينة"
سألت مغردة: "عايز أجانب تستثمر وأنت الجيش مش عاتق (لم يترك) بيزنس إلا ومسيطر عليه؟". ورأى الباحث والكاتب الليبرالي إسماعيل حسني أن "كبدة الاختيار وكرشة الممر وفشة 30 يونيو وممبار 3 يوليو هي حالات نفسية تستدعي العلاج الفوري"، مردفاً "الوطن غالي وأقدار أولادنا وأحفادنا أغلى وليست حقل تجارب لذا وجب التنويه".
وكانت المخابرات المصرية قد استحوذت في الفترة الأخيرة على شركة لصناعة السجائر في مصر، بالتزامن مع دخولها معترك التسويق الرياضي للفرق الكبرى في البلاد، وذلك بعد سنوات من احتكارها سوق الإنتاج الفني عبر الشركة المتحدة لخدمات الإنتاج الفني.
كذبة إخوانية؟
على الجانب المقابل، تكهن مناصرون للنظام المصري بأن الخبر "عاري تماماً من الصحة" مرجحين أنه "مصطنع ومختلق"، من قبل أنصار جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وشبكة الجزيرة القطرية التي روجت للخبر، انتهازاً لأنباء غلق مطعم "كبدة البرنس" كـ"فرصة للكذب وإثارة القلاقل ومحاولة شحن الناس ضد جيشها".
وتساءلوا: "لو افترضنا أن هذا الكلام صحيح، إيه المشكلة إننا نجد منافذ أكثر وأنشطة أكثر طالما ذلك في صالح المستهلك؟"، منتقدين ما رأوا فيه محاولة لتشويه القوات المسلحة والنظام المصريين.
ودشنوا وسم "الاختيار الحراق" للدفاع عن "أشرف مؤسسة عسكرية على وجه الأرض"، مرجحين أن المحل أسسه "واحد سيساوي بيكره الإخوان" واختار تسميته على اسم المسلسل الذي يمجد بطولات الجيش المصري.
تعاطف شعبي "غير مفهوم"
في الأثناء، أعرب معلقون عن دهشتهم من التعاطف الشعبي مع "كبدة البرنس" رغم المخالفات الصارخة التي ارتكبها. قال المخرج عمرو فهمي عبر تويتر: "يا أخى الشعب المصرى ده فيه ناس غريبة جداً مطعم البرنس تم إغلاقه وتشميعه وحكم عليه بغرامة كبيرة. ليه؟ عشان واخد الشارع لحسابه وجايب ميكروفونات وبيزعج الجيران. يقوم البرنس صاحب المطعم يطلع ويصرح ويقول أنا عارف إن احتلالى للشارع طوال الـ30 سنة اللى فاتت كان غلط بس حرام تقفلوا لى المحل".
وكتبت مغردة تُدعى آلاء: "تعاطف الناس مع ناصر البرنس اللي واخد ثلاث حارات عافية (عنوةً) من شارع أربع حارات شئ مش مفهوم بالنسبة لي! آه فاتح بيوت ناس بس مش في مقدرته من سنين السنين أنه ينقل في مكان أكبر وأوسع؟! ولا طالما بيسلك نفسه والحي بالرشاوي ‘اللي بيتكلم عنها عيني عينك كده‘ يبقى خلاص الراجل عمل اللي عليه وزيادة؟".
"إيه المشكلة إننا نجد منافذ أكثر وأنشطة أكثر طالما ذلك في صالح المستهلك؟"... موالون للنظام المصري يدافعون عن استثمار الجيش في "الكبدة"، ومنتقدون يحذرون من خطورته على خلق مناخ طارد للاستثمار الأجنبي والإضرار بقيم التنافسية #كبدة_الاختيار
وزادت: "آه أكله حلو ومعلم من معالم السياحة وكل الكلام الحلو ده بس حطوا نفسكم مكان سكان المنطقة وفكروا حياتكم كانت هتبقى عاملة إزاي وأنتوا لا عارفين تطلعوا ولا تنزلوا".
وأقر ناصر البرنس، في مقطع مصور، بخطأه المستمر منذ 30 عاماً بافتراش حرم الرصيف أمام مطعمه، وتهاون المسؤولين المتعاقبين في البلديات معه، معرباً عن حزنه لتشميع المطعم بسبب الأسر العديدة التي ترتزق من ورائه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...