للمرة الأولى منذ عام 2017، أقدمت السلطات الأمنية في قطاع غزة المحاصر، الأحد 4 أيلول/ سبتمبر، على تنفيذ أحكام إعدام بحق خمسة مواطنين فلسطينيين، اثنان منهم أُدينا بـ"التخابر مع إسرائيل"، في خطوة وصفها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأنها "مخالفة لالتزامات فلسطين الدولية".
وورد في بيان رسمي: "نفذت وزارة الداخلية والأمن الوطني، صباح اليوم، أحكاماً قضائية بالإعدام على خمسة من المدانين في قضايا أمنية وجنائية، اثنان منهم أدينا بالتخابر مع الاحتلال"، مضيفاً أن الثلاثة الآخرين "أُدينوا بارتكاب جرائم قتل على خلفية جنائية".
واكتفت وزارة الداخلية والأمن الوطني التابعة لحكومة حماس بذكر الأحرف الأولى وتواريخ ميلاد المعدومين الخمسة، دون الكشف عن هوياتهم كاملة.
وبالنسبة للاثنين المدانين بـ"التخابر"، ورد أن الأول ولد عام 1968 في مدينة خانيونس (جنوب القطاع)، وأدين بتزويد إسرائيل بـ"معلومات عن رجال المقاومة وأماكن إقامتهم... ومعلومات عن موقع منصات إطلاق الصواريخ" عام 1991. والثاني ولد عام 1978 وأدين بتزويد إسرائيل بمعلومات استخباراتية "أدت إلى استهداف واستشهاد مواطنين" على يد إسرائيل عام 2001.
اثنان بتهمة "التخابر" مع إسرائيل وثلاثة أُدينوا في جرائم قتل… حماس تنفذ خمس عمليات إعدام لأول مرة منذ عام 2017، شكوك في "الإجراءات والنزاهة"، ودعوات إلى إلغاء العقوبة واستبدالها بالسجن المؤبد
والإعدامات التي نُفذت فجراً شنقاً ورمياً بالرصاص في مجمع أنصار الأمني (غرب القطاع) هي الأولى من نوعها بالأراضي الفلسطينية منذ عام 2017 الذي شهد تنفيذ ست عمليات إعدام.
وكان حقوقيون قد انتقدوا إعدامات سابقة نُفذت في غزة لا سيّما أنه منذ سيطرت حركة حماس على القطاع، عام 2007، قضت بإعدام عشرات الفلسطينيين ونفذت العقوبة بحق ما لا يقل عن 27 منهم إلى الآن.
قلق حقوقي
واعتبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تنفيذ هذه الإعدامات "دون مصادقة الرئيس الفلسطيني مخالفة للقانون الفلسطيني، ولالتزامات فلسطين الدولية"، معرباً عن قلقه إزاء "تنفيذ أحكام إعدام بالمخالفة للقانون الفلسطيني والدولي"، ومؤكداً أن "العدالة لا يمكن أن تتحقق بتجاوز القوانين".
وأوضح: "إذ يؤكد المركز على ضرورة ملاحقة المتخابرين مع الاحتلال باعتبارهم مشتركين في جرائم حرب، ويشدد على أهمية ملاحقة القتلة وتقديمهم للعدالة لتحقيق السكينة والاستقرار في المجتمع، إلا أنه في الوقت نفسه يؤكد على أن سيادة القانون فوق كل اعتبار، وأن تنفيذ أحكام إعدام بالمخالفة للقانون يمس بقيم العدالة".
وشدد المركز الحقوقي على أهمية "مصادقة الرئيس الفلسطيني على أحكام الإعدام هي شرط قانوني لتنفيذها" وفق عدة قوانين فلسطينية، لافتاً إلى أن "العام الحالي شهد ارتفاعاً في إصدار أحكام الإعدام في قطاع غزة، حيث بلغت أحكام الإعدام للآن 17، منها ثلاثة صادرة عن محاكم عسكرية، وخمسة صدرت تشديداً لأحكام سابقة من قبل محكمة الاستئناف".
وفق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، العام الحالي شهد ارتفاعاً في إصدار أحكام الإعدام في #غزة، حيث بلغت أحكام الإعدام للآن 17 حكماً، منها ثلاثة صادرة عن محاكم عسكرية، وخمسة تشديداً لأحكام سابقة من قبل محكمة الاستئناف
وحث المركز السلطات في قطاع غزة على "احترام القانون، وعدم تنفيذ أي حكم بالإعدام" علاوة على "وقف العمل بعقوبة الإعدام تمهيداً لإلغائها من التشريعات" و"واستبدالها بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة".
يُذكر أن عقوبة الإعدام محظورة في مناطق حكم السلطة الفلسطينية التي تلتزم بالبروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1989، القاضي بإلغاء العقوبة.
شكوك في "الإجراءات والنزاهة"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر العديد من الناشطين الفلسطينيين عن شكوكهم حيال عدالة المحاكمات التي حظي بها المعدومون الخمسة، فيما تباينت مواقفهم من عقوبة الإعدام بوجه عام بين مؤيد بداعي الردع ومعارض في المطلق باعتبارها لا توقف الجريمة.
من هؤلاء مديرة مركز مدار الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، د. هنيدة غانم، التي كتبت عبر فيسبوك: "الإعدام مجزرة قانونية. لا يمكن أن أستوعبها ولا أقبلها بأي شكل من الأشكال. الإعدام لا يردع ولا يحقق أي هدف غير نزعة الانتقام. هذا طبعاً ناهيك بانعدام ثقتي الكاملة بأن الخمسة الذين تم إعدامهم فجراً في غزة نالوا محاكمة عادلة".
أما المهندس هاني أبو عكر، من غزة، فأعرب عن تحفظه على "الإجراءات والنزاهة" في المحاكمات التي انتهت بإعدام الخمسة، مردفاً بأنه "يجب تبديد الشكوك في محاكم حماس التي بدأ المجتمع يتساءل هل كل ما أتبع قانوني رغم وجود الحكم غير القانوني دي فاكتو، نتيجة حكم انقلاب؟ أيضاً عدم تأجيل قضايا وتسريع أخرى!".
"اللي إيده بالمي"... دافع البعض عن عقوبة الإعدام، مشيراً لأن أحد المعدومين الخمسة هو آخر المدانين في جريمة خطف واغتصاب وقتل والتمثيل بجثة الطفلة ميادة أبو لمضي وإخفائها في مكب نفايات عام 2003
على الجانب الآخر، دافع البعض عن عقوبة الإعدام ورأى فيها "إنصافاً" للضحايا ولو بعد حين. من هؤلاء دعاء صفاء التي استشهدت بإعدام آخر المتهمين في جريمة خطف واغتصاب وقتل والتمثيل بجثة الطفلة الفلسطينية ميادة أبو لمضي (16 عاماً) وإخفائها في مكب نفايات عام 2003، ويُدعى إيهاب أبو العمرين ضمن الخمسة.
كتبت دعاء: "أهل ميادة أخيراً ليشعروا بشيء من السلام بعد تحقيق العدالة وبعد فترة طويلة! يسهل عليكم الحديث ولم تعايشوا عذاب أن تتعرض طفلتكم للتعذيب والاغتصاب والقتل وتنتظروا سنين طويلة لتأخذ العدالة مجراها؟ اللي إيده بالمي مش مثل اللي إيده بالنار".
يُشار إلى أن أربعة شبان أُدينوا في الجريمة، وحكم على ثلاثة منهم بالإعدام، ورابع بالأشغال الشاقة المؤبدة. وهرب اثنان من المحكومين بالإعدام في القضية خلال قصف إسرائيلي للسجن، وقضيا لاحقاً إبان الحرب على غزة (2008/ 2009).
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 4 ساعاتالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت