شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هكذا أصبح عبدالمنعم إدريس نقيباً للصحفيين السودانيين بـ

هكذا أصبح عبدالمنعم إدريس نقيباً للصحفيين السودانيين بـ "207" صوتاً فقط

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 1 سبتمبر 202212:36 م

بالرغم من تجربته الصحفية التي تزيد عن عقد ونيف من الزمان، وضع محمد جادين (39 سنة) بداية الأسبوع المنصرم، صوته لأول مرة في صندوقي اقتراع منفصلين، لانتخاب عضوية نقابة الصحفيين السودانيين.

ولم تكن حالة محمد بدعاً عن زملائه، فما يزيد عن 650 صحفياً من جملة 659 صحفياً –على الأقل- ذهبوا للاقتراع في 23 أغسطس، لم يسبق وأن مارسوا حقهم في اختيار نقابة تمثلهم وتدافع عن حقوقهم أمام الجهات ذات الصلة.

وحتى لا يكون الحديث على عواهنه، وجدنا في رصيف22 صعوبة بالغة  ونحن نجول دار المهندس التي استضافت الحدث، بحثاً عن صحفيين سبق وشاركوا في آخر انتخابات لنقابة الصحفيين السودانيين العام 1986، فلم نعثر سوى على الصحفي المخضرم عبد الله رزق، الذي دلنا على عدد من رفاقه المشاركين في انتخابات يومذاك، ويمكن عدهم في فناء الدار على أصابع اليد الواحدة.

وكان نظام الرئيس المعزول عمر البشير، حلّ آخر نقابة منتخبة للصحفيين ضمن أولى قراراته فجر استيلائهم على السلطة في 30 يونيو 1989.

إعلان النتيجة

ليلة السبت، أعلنت في العاصمة الخرطوم، النتائج الأولية لانتخابات نقابة الصحفيين السودانيين.

وسادت حالة عارمة من الفرح عقب إعلان النتائج، بانت في التبريكات الحميمة التي حظي بها الفائزون، وفي إطلاق زغاريد الفرح في فناء الدار، فيما لم يجد قلة من المشاركين سوى البكاء والنحيب، وسيلةً للتعبير عن سعادتهم.

من الأمور اللافتة في انتخابات نقابة الصحفيين، هو وجود فجوة هائلة بين تاريخ اختيار النقابة الجديدة في 2022 وتاريخ آخر نقابة جرى حلها في 1989، ما يطرح تساؤلات مشروعة عمّن كان يمثل الصحفيين طوال تلك الفترة

وفاز مرشح قائمة (الوحدة الصحفية)، ومراسل AFP عبد المنعم أبو إدريس بمنصب النقيب بإحرازه 207 صوتاً، فيما حصلت قائمته على 36 مقعداً في المجلس الأربعيني للنقابة، مقابل ثلاثة أصوات ذهبت إلى قائمة شبكة الصحفيين السودانيين.

سر الانقطاعة

من الأمور اللافتة في انتخابات نقابة الصحفيين، هو وجود فجوة هائلة بين تاريخ اختيار النقابة الجديدة في 2022 وتاريخ آخر نقابة جرى حلها في 1989، ما يطرح تساؤلات مشروعة عمّن كان يمثل الصحفيين طوال تلك الفترة.

الإجابة على هذا السؤال تتمثل في اتحاد الصحفيين السودانيين المحلول الذي بدأ مزاولة عمله في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، وانتهي به الحال عقب تجرعه ذات كأس الحل على يد قادة الحكومة الانتقالية المعزولة العام 2019.

ويصر آخر رئيس للاتحاد، الصادق الرزيقي، بشرعية الاتحاد المحلول، واعتباره الممثل الشرعي للصحفيين السودانيين، ولذا لا غرابة أن ظل يطالب السلطات بوقف سير عملية انتخابات النقابة باعتبار أن ما يجري أمر مخالف للقانون.

وكان مسجل تنظيمات العمل (التابع لوزارة العدل)، أفتى هو الآخر بعدم قانونية إجراء الانتخابات، بحجة عدم إطلاعهم على إجراءات الجمعية العمومية، والنظام الأساسي للنقابة.

سر المقاطعة

يقول محمد جادين -أحد أعضاء المجلس الأربعيني لنقابة الصحفيين- إنه كان شاهداً على انعقاد انتخابات اتحاد الصحفيين لمرتين، ولكن اختار في المرتين مقاطعتها أسوة بالمشاركين في انتخابات النقابة الأخيرة.

مرجعاً ذلك إلى أن كشوفات الاتحاد في آخر انتخابات ضمت قرابة 6000 عضواً، فيما انتهى المسح الذي أجروه وقتذاك لحصر أعداد الصحفيين الممارسين للمهنة بالصحف والقنوات ووكالات الأنباء، بأن أعداهم لا تتخطى بحال الـ 700 صحفياً، ما يعني أن نظام المعزول البشير، تعمد اختطاف صوت الصحفيين بإغراق السجل بالآلاف من الموالين له ممن لا علاقة لهم بمهنة الصحافة.

وغير بعيداً من السجالات بشأن السجل، يقول الصحفي طارق عبد الله، قائد مجموعة (القاعدة الصحفية المستقلة) التي قررت مقاطعة الانتخابات، بوجود تشوهات كبيرة في سجل النقابة الحالية الذي ضم في ثناياه 1168 عضواً فقط.

"القانون الفضفاض الذي نهض عليه الاتحاد الموالي لنظام المعزول البشير؛ ساهم في إدخال الآلاف ممن ليس لهم علاقة بالمهنة إلى المهنة، كالعاملين في قطاع الإعلام بالوزارات والمرافق الحكومية بما في ذلك ضباط الجيش والأمن والشرطة، علاوة على العناصر الموالية للنظام المعزول"

وحصر هذه التشوهات في حديثه مع رصيف22 في إغفال السجل بصورة متعمدة لآلاف الصحفيين، بالرغم من اجتيازهم لامتحانات صارمة لمزاولة المهنة.

ويصف ما جرى من انتخابات بأنه تسييس للعمل النقابي، ومفارقة للقوانين التي تحكم النشاط النقابي، الأمر الذي سيفضي لا محالة لخسارة الصحفيين لمقاعدهم وفرصهم في الاتحادات الدولية والإقليمية.

في المقابل، يُذكر الأمين العام المعزول لمجلس الصحافة والمطبوعات حسام الدين حيدر بمطالبتهم طوال السنوات الماضية بتنقية السجل الصحفي.

ويقول لرصيف22 إن اتحاد الصحفيين المحلول بالقانون، اعتمد في تأسيسه على قانون نقابة المنشأة الذي لا يميز بين العمال والمهنيين والفنيين، وهو ما جعل السجل الصحفي يتضخم إلى حدود 6000 عضواً.

لافتاً إلى أن القانون الفضفاض الذي نهض عليه الاتحاد الموالي لنظام المعزول البشير؛ ساهم في إدخال الآلاف ممن ليس لهم علاقة بالمهنة إلى المهنة، كالعاملين في قطاع الإعلام بالوزارات والمرافق الحكومية بما في ذلك ضباط الجيش والأمن والشرطة، علاوة على العناصر الموالية للنظام المعزول في واجهاته الشهيرة كمليشيا الدفاع الشعبي والاتحاد العام للطلاب السودانيين .. الخ، وهم أفراد لا يظهروا –حسب حيدر- إلا في حالة الانتخابات، أو إبان انتزاعهم لامتيازات خاصة بالصحفيين كالمنازل والسيارات.

وأضاف حيدر بأن النظام الأساسي لنقابة الصحفيين، حرص على تعريف الصحفي، واعتبره بأنه (كل سوداني يمارس العمل الصحفي احترافاً وليس هواية وبشكل منتظم، والصحافة مورد رزق رئيس له. ولا ينتسب لأي نقابة أخرى سواء كان يعمل في مطبوعة أو وكالة أو إذاعة أو قناة مرئية أو مسموعة أو متفرغ ويشمل ذلك المخبر، والمحقق، والمحرر، والمترجم، والمصور، والمصمم، ورسام الكاريكاتير والكاتب المتفرغ، والمدقق ، العامل في الصحافة المطبوعة والإلكترونية، ومحطات الإذاعة وقنوات التلفزيون).

وبناء على هذا التعريف يقول حسام أن أعداد الصحفيين بما في ذلك المقاطعين للعملية، لن يتخطى السجل المعلن إلا بالنذر اليسير (حد قوله).

مشدداً على أن السجل سيظل مفتوحاً أمام الجميع، بما في ذلك صحفيي الخارج، وبالتالي فهو معبر تماماً عن الصحفيين وأرادتهم المستقلة.

فوز أبو إدريس

في أولى كلماته عقب إعلانه نقيباً للصحفيين السودانيين، سارع عبد المنعم أبو إدريس، للتأكيد على أنه مُدافع عن حقوق كافة الصحفيين، بما في ذلك من خسروا الانتخابات أو قرروا مقاطعتها.

وتعكس هذه الرسالة على أهميتها، حالة مكتومة من عدم الارتياح، مردها حصول النقيب على دعم 207 مسجلاً من ضمن 659 مشاركاً بعملية التصويت، في سجلات تتضمن 1168 عضواً.

فوز أبو إدريس الضعيف يؤكد ما ظلوا يقولونه عن مشكلات السجل الذي اعتمد في تأسيسه على التسجيل عبر البريد الالكتروني من إجراء عمليات التدقيق المعتادة، ليضم السجل المعلن بجانب الصحفيين نشطاء وموالين للحكومة المعزولة

يعود طارق عبد الله ليقول إن فوز أبو إدريس الضعيف يؤكد ما ظلوا يقولونه عن مشكلات السجل الذي اعتمد في تأسيسه على التسجيل عبر البريد الالكتروني من إجراء عمليات التدقيق المعتادة، ليضم السجل المعلن بجانب الصحفيين نشطاء وموالين للحكومة المعزولة.

تهمة يردها حسام الدين حيدر بالتأكيد على المهنية العالية لدى المنتخبين للنقابة، واصفاً من يهاجمونهم بأنهم ينطلقون في الأصل من منصات سياسية موالية للعسكريين والنظام المعزول.

مبرراً فوز أبو إدريس بهذا الرقم الضعيف نسبياً بأنه يعكس احتدام المنافسة بين المرشحين لمنصب النقيب (7 صحفيين)، حيث حصل أقرب منافسيه على 158 – 101 صوتاً على التوالي.

ومقراً في ذات الوقت بوجود صعوبات تقنية صاحبت التصويت الالكتروني الخاص بصحفيي الولايات والخارج، ما قلل من حجم المشاركة.

وعاد وختم بالقول إن الانتخابات تحظى بمباركة كبيرة من الصحفيين الذين ينشطون داخل بلاط صاحبة الجلالة، واكتسبت شرعيتها من انعقاد الجمعية العمومية في نهايات يوليو الماضي، ومن ومصادقة السودان في فترة الحكومة الانتقالية المعزولة على المادة (87) من قانون منظمة العمل الدولية التي تمنح الشرعية للنقابات المنتخبة عبر الجمعية العمومية.

رهان

يصف عضو نقابة الصحفيين السودانيين المنتخبة، محمد جادين، المسؤولية الملقاة على عاتقهم بأنها ضخمة جداً، وتتضمن إرساء تجربة تضمن تداول السلطة، مع الحرص على عدم غياب أو تغييب النقابة مجدداً.

وقال: أريد أن أذهب مع زملائي لانتخاب نقابة مهنية جديدة بعد أربعة سنوات نزولاً عند نصوص النظام الأساسي، ولا أريد أن يتطاول ذلك الموعد لقرابة الأربعة عقود.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image