تسببت مشاهد اعتداء عنيف وتعذيب لمجموعة من فتيات دار التربية الاجتماعية (دار أيتام) بمحافظة خميس مشيط في منطقة عسير في صدمة داخل المجتمع السعودي الذي تحظر قوانينه التعامل العنيف مع النساء وتلفظه تقاليده.
وكان حساب مزعوم لإحدى فتيات الدار قد بدأ نشر مجموعة صور ومقاطع فيديو تُظهر المطاردة والضرب والسحل لبعض الفتيات، عبر وسم #أيتام_خميس_مشيط، مع مناشدة: "أرجو أن يصل المقطع للملك سلمان ولولي العهد محمد بن سلمان حفظهم الله وأن يتم التحقيق في ما يخص دار التربية الاجتماعية بخميس مشيط من ظلم وفساد بالدار وإدارة الشؤون الاجتماعية وغيرها، ومع المسؤولين الكبار".
تعذيب وتهديد ووصم
وزادت الفتاة: "تم تهديدنا بالتهجم مرة أخرى من مدير الشؤون الاجتماعية (هادي الشهراني) في حال لم يجرِ حذف المقاطع من مواقع التواصل الاجتماعي" و"بنفس اليوم الذي حدث فيه التعدي تم قذفنا ورمي كلام علينا، مثل: ‘أنتم بنات هوى‘ (زنا) و‘ما لكم كتف ولا سند‘، والضحك والاستهزاء بنا".
وأوضحت أن السبب وراء الاعتداء هو "أن الفتيات طالبن بحقوقهن بالدار وتم الرفض فقمن بالإضراب ضد الفساد والظلم وبسببه جرو التعدي علينا، مع العلم لم نعتدِ على أي من الموجودين وعلى أي موظفة. أيضاً تم التعدي على بعض العاملات والموظفات وفتيات الحضانة".
وصمهن المعتدون بأنهن "بنات هوى" وليس لديهن "كتف ولا سند"... مشاهد الاعتداء على فتيات دار #أيتام_خميس_مشيط تُحدث صدمةً في المجتمع السعودي، والسلطات تبدأ تحقيقاً
ولفتت: "أعرف أن من الممكن نشري للمقاطع يكون خطأ قانونياً والله أعلم. لكن وصلت لهذه المرحلة لأنه قد حصل من قبل لنا وتم السكوت عليه. لازم تصير قضيتنا قضية رأي عام وأن تصل لكبار المسؤولين بالسعودية ويتم التحقيق بوضعنا المزري"، مستدركةً "ومستعدة أتحمل أي مسؤوليات تنحط على راسي".
ونشر رئيس قسم الفعاليات في منظمة "القسط لحقوق الإنسان"، عبد الله الجريوي، الصور والمقاطع المصورة منتقداً "مداهمة رجال الأمن وعدد من الأفراد الملثمين بالزي المدني لدار للفتيات الأيتام، والاعتداء عليهن وضربهن!"
وحذّر: "جميع فتيات الدار الآن في خطر من قبل رجال الأمن وإدارة الدار والموظفات، وهناك تهديد لكل من قامت بالتوثيق، ويجب التدخل الفوري ومحاسبة كل من قام بالتعدي!"، لافتاً إلى أن عدداً من موظفات الدار كان شاهداً على التعنيف ولم يتدخل لوقفه أو حماية الفتيات.
استشهاد بأخلاق "أبي جهل"
وحصدت القضية تفاعلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي السعودية وبخاصة تويتر، لا سيّما عقب رواج فيديو كان واضحاً فيه صوت إحدى الفتيات وهي تصرخ وتستغيث: "والله ما عاد أصور، والله ما عاد أصور"، تحت وطأة الضرب المبرح الذي كانت تتعرض له.
وعبّر سعوديون عن صدمتهم بالقول إن "الشرطة اللي مفروض أنها مصدر الأمن والأمان صارت هي مصدر التخويف والإجرام" فيما غرّدت الأكاديمية المناهضة للنظام السعودي الحالي، مضاوي الرشيد: "لم أتوقع أن أرى يوماً ما في الجزيرة العربية يعذبون النساء ويهينون الرجال ويقطعون البشر والشعب لا يبالي إلا أقلية رفضت الظلم ودخلت السجون أو رحلت".
وأضافت متحسرة: "للأسف هذولا هم نفسهم اللي عادي يجمعون دية قاتل ثلاثة ملايين عشان يمكن أنه تغير. ويزوجون الزاني عشان يعقل، ويعذرون المتحرش لأنه طايش". ومن الأسئلة التي طُرحت بكثرة: "من المسؤول عن هذه المهزلة؟" و"عرفتوا ليش فيه بنات تخاف تروح تشتكي للجهات المختصة؟".
لأنهن "طالبن بحقوقهن بالدار" و"أضربن اعتراضاً على الرفض"... رجال أمن ومدنيون ملثمون يدهمون دار #أيتام_خميس_مشيط للفتيات، ويعتدون عليهن. إحدى الضحايا تؤكد: ليست المرة الأولى، وتستنجد بـ #محمد_بن_سلمان
وكتب نواف العتيبي: "حتى تعاملنا مع الإرهابيين دائماً راقي. أنا عسكري ولا عمري تعاملت مع مواطن أو مقيم بهكذا وحشية. وأقسم أني أخلص في عملي لأني واجهة لأمن البلد والدليل اهتمام قيادتنا برجال الأمن واحترامهم"، مردفاً بأن "هذولي العسكر لا يمثلوننا ولا لنا علاقة بهم. أتمنى أشد العقوبات فيهم".
وأشار البعض إلى الشعور بالعار لحدوث هذه الاعتداءات، مستشهداً بأخلاق "أبي جهل" ورفضه دخول منزل النبي محمد خشية ترويع بناته، متمنياً "يا ليت لكم من نخوة أبي جهل".
في غضون ذلك، أعرب فريق من المعلقين عن ثقته في حكومة ولي العهد السعودي، قائلاً "ما ينظلم أحد دام فيه أمير اسمه محمد بن سلمان وإن شاء الله كلهم راح يتحاسبون في الدنيا قبل الآخرة"، مذكراً بتعهد الأمير سلفاً بالقضاء على الفساد.
وفي الأثناء، لفت حساب "المستشار القانوني تركي البلوي" إلى أن المشاهد المتداولة تعكس "مخالفة قوية لنظام الإجراءات الجزائية بموادها 2 و36 و12 و41 و43 و53 و54 وأهمها عدم الضرب امرأة أثناء التحقيق والقبض"، معلناً استعداده "لتمثيل من تضرر من هذا القبض تمثيلاً قانونياً لطلب التعويض أمام القضاء".
تحرك رسمي ومخاوف من التعتيم
وفي أول رد فعل رسمي، وجّه أمير إمارة عسير، تركي بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، بـ"تشكيل لجنة للوقوف على ما تم تداوله من فيديوهات وصور في دار الرعاية الاجتماعية بخميس مشيط". وزاد بيان رسمي لاحقاً أنه سيتم "التحقيق مع كافة الأطراف، وإحالة القضية لجهة الاختصاص".
"يا ليت لكم من نخوة أبي جهل"... عبّر سعوديون عن شعورهم بالعار بسبب مشاهد سحل الفتيات اليتيمات وضربهن بوحشة، لافتين إلى مخالفة ذلك لأخلاق العرب وقوانين المملكة
لكن معلقين عبروا عن مخاوفهم من إدانة من روج للاعتداءات لا من ارتكبها، وحذروا من التعيتم على الانتهاكات لصالح كبار المسؤولين.
ولدور إيواء الفتيات في المملكة عموماً تاريخ شائن بما في ذلك دور الرعاية حيث كانت تُحتجز الفتيات بذريعة الاتهامات بسوء الخلق والتمرد من قبل العائلة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ اسبوعينلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...