"أكبر غلطة بحياتي.. حبيت واحد واطي" هي الجملة التي استندت إليها نقابة الفنانين في سوريا لتوجه الاتهام بخدش الحياء العام للمغنية الشعبية ريم السواس وتمنعها من الغناء، وبحسب تصريحات صحافية لنقيب فناني حلب عبد الحليم حريري الذي تجاوب مع "توجيه" نقيب الفنانين السوريين المطرب محسن غازي، فقد تم مراسلة محافظ حلب لعدم منح الموافقة لإقامة أي حفل للمغنية المذكورة حتى تحصل على موافقة النقابة، والأخيرة اشترطت على ريم أن تراجع مقرها في دمشق لتقدم تعهداً بـ"عدم التلفظ بكلام نابٍ على المسارح أو التصرف بشكل غير أخلاقي".
لكن السواس لم تفعل، وقد صرح مصدر فضّل عدم ذكر اسمه من النقابة لرصيف22 أن المغنية التي صدر قرار منعها من الغناء ليست عضواً أساساً في نقابة الفنانين بأي صفة كانت، كما تشير المعلومات إلى أن كل فروع النقابة التزمت بالتوجيه الذي أصدره محسن غازي فألغيت حفلة ثانية لريم في أحد مطاعم منطقة "وادي النصارى" السياحية في حمص، وثالثة في مطعم في مدينة "صيدنايا" بريف دمشق.
في سوريا... لا يُسمح بالغناء لـ"واحد واطي"
بدأت حكاية ريم السواس، مع الإعلان عن نية إقامة حفل لها في "نادي الحرية" بمدينة حلب، وقد جاء الإعلان بناءً على تعاقد متعهد الحفل مع ريم أولاً، ومن ثم العرف القانوني المعمول به أن إقامة حفل في مطعم تتطلب موافقات روتينية، تستخرج من نقابة الفنانين والمحافظة المعنية فقط ولا تـُلزم هذه الموافقات المغني بأي نوع أو لون غنائي، كما لا تشترط أن يكون عضواً فيها وكل ما في الأمر هو دفع رسوم الحفلة لصندوق النقابة و(صلى الله وبارك)، كما يقول التعبير الشعبي السوري حين يصف الأمر السهل.
"أكبر غلطة بحياتي.. حبيت واحد واطي" هي الجملة التي استندت إليها نقابة الفنانين في سوريا لتوجه الاتهام للمغنية الشعبية ريم السواس بخدش الحياء ولتمنعها من الغناء
لكن البعض حملته الغيرة والحمية دفاعاً عن حلب "عاصمة الطرب" لشن حملة مضادة على مواقع التواصل الاجتماعي رفضاً لإقامة هذه الحفلة، مع تنمر عال المستوى ولغة شديدة الكراهية، ومن ألطف الجمل التي تم تداولها في هذه الحملة مثلا: "مين هي ريم السواس لتغني بحلب".
نقيب الفنانين محسن غازي أخذ الحملة على محمل الجد، واعتبر أن من واجبه كمدافع عن الفن السوري أن يصدر قراراً بمنع مغنية تصف من أحبته في أغنية بكلمة "واطي". والحُجّة هي محاربة الانحلال الأخلاقي والحفاظ على الذوق العام، لكن النقيب تجاهل وجود مطرب مثل بهاء اليوسف، في قائمة المنتسبين الجدد للنقابة وهو الذي يغني جمل نابية مثل "ضبي صدرك يا ولي نهودك طلعن"، أو "يلعن ابو فستانك لأبو اللي قصه"، ويمسك بالمايكرفون لما يزيد عن نصف ساعة من كل حفلة ليكرر كلمات "حَبي دَبي حِبي دَبي"، ولمن لا يفهم المقصود، فإن بهاء اليوسف نفسه لا يعرف المعنى، مثلما لا يعرف ما الذي يقصده من وصلة "جنوا نطوا"، التي يكررها لمدة لا تقل عن نصف ساعة أيضاً في كل حفلة.
لاني شيخ ولا باشا.. ربعي كلهم حشاشة
النقيب تجاهل وجود مطرب مثل بهاء اليوسف، في قائمة المنتسبين الجدد للنقابة وهو الذي يغني جمل نابية مثل "ضبي صدرك يا ولي نهودك طلعن"، أو "يلعن ابو فستانك لأبو اللي قصه"
القائمة تطول، فهناك مطرب مجهول الاسم أصدر أغنية بات مختلفاً عليها لكثر من رددوها في الملاهي الليلية ومن كلماتها "لاني شيخ ولا باشا.. ربعي كلهم حشاشة"، ولم يصدر قرار سابق بمنع هذه الأغنية من التداول على الأقل، ومثلها "هب الغربي وطار الثوب وبيّن رقم المحرك"، وثالثة تقول "لا تجينا بالميتور.. ميتورك ماهو مرخص.. والجنائية يا حبي.. سكرت باب المرقص"، ورابعة عنوانها "خوزقته"، يصف فيها المغني كيف أضاع محفظته وفيها صورة حبيبته، فوجدها صديقه ورفض إعادة المحفظة، فأكل الصديق "خازوق"، لأن صورة الحبيبة هي صورة "أخته".
نقيب الفنانين السوريين ينتصر للأخلاق العامة
بالعودة إلى ريم السواس، هي مطربة تتحدر وفقا للتوصيفات من عائلة تعمل نسوتها كمغنيات حالياً، وبمسمى سابق "حجيات"، ومفردها "حجية"، ومن مشاهير هذه العائلة المطربة "سارية السواس"، والتي واجهت أيضا موجات تنمر حينما علم الجمهور أنها تزوجت ثلاث مرات، في كل منها كان العريس من جنسية مختلفة، ولسارية أغنية "بسبوس عاشق بسة ويدلعها بسبوسة.. لاحقها من بيت لبيت يقلها عطيني بوسة"، ومن هذه العائلة كانت عمتَا سارية "سميعة" و "مطيعة"، مطربتَا أعراس (حجيات)، لهن مكانتهن في محافظة حمص، اشتهرتا في مطلع ثمانينات القرن الماضي، وهو تاريخ ولادة ريم بالمناسبة التي تبلغ من العمر 41 عاماً، لكن (عمرها الفني) لا يتجاوز ست سنوات من الشهرة.
معظم الغناء المسمى بالـ"شعبي" حاليا يحمل ما يمكن وصفه بـ"خدش حياء عام"، أو حتى التعرض للمقدسات مثل أغنية أحدهم "قالوا لي الله بطرطوس والمسيح بصافيتا"
ما جعل منع "ريم السواس"، يشعل مواقع التواصل الاجتماعي ويشغل السوريين، هو أنها المرة الأولى التي تتجه فيها نقابة الفنانين لمنع أحد ما بسبب الكلام البذيء وفقا لتوصيفها، علماً أن معظم الغناء المسمى بالـ"شعبي"، حاليا يحمل ما يمكن وصفه بـ"خدش حياء عام"، أو حتى التعرض للمقدسات مثل قول أحدهم "قالوا لي الله بطرطوس والمسيح بصافيتا".
الطريف أن نقابة الفنانين ذاتها تمنح من يعملنَ في الملاهي الليلية تراخيصاً للعمل تحت مسمى "راقصة استعراضية"، وكثيرات لا يمارسن الرقص أو الاستعراض، وكل ما يفعلنه في الملاهي الليلية هو الجلوس لطاولة هذا الزبون أو ذاك مقابل دفع مبلغ حسب مدة جلستها، وقد ينتهي الأمر باتفاق على "ليلة حمراء"، مقابل منفعة مادية.
تأويلات السوريين التي يمكن استنباطها من المنشورات التي ذهبت كالعادة إلى روايات موازية كما في كل "تريند"، فمثلا هنالك من اعتبر أن الحملة التي حركتها النقابة مصدرها أو مشعلها الأول منافسٌ لمتعهد حفل ريم السواس الذي كان يفترض به أن يقام في حلب؛ أو إحدى منافسات ريم أو "وحدة غيرانة منها" على حد تعبير البعض، فيما استيقظ "المحقق كونان" في عقل البعض الآخر وذهب نحو رواية المؤامرة على ريم كالقول مثلا "هناك مسؤول يريد أن يكسر رأس ريم السواس"، أو "شي صاحب مطعم يريد يعمل حفلة مع ريم وما عندها وقت فدفش النقابة لتلغي حفلاتها"، فيما ذهب بعض المغردين لتذكير نقيب الفنانين نفسه بأنه كمطرب كان يغني في المطاعم والحفلات، فلمَ يقطع بـ"رزقة ريم أو غيرها" أو جمل من نوع "شو وقفت الأخلاق ع ريم"، وفي المحصلة فقد زادت كل هذه الحالة من شهرة ريم.
ما هو الحياء العام في زمن الحرب؟
النقابة نفسها، لم تتحرك يوماً لوقف الصفحات التي تنشر مقاطع تمثيلية ذات محتوى يمكن تصنيفه بـ+18، كعناوين "أخذتو ع البيت وشوف شو صار" أو "طلع لعندها وبدو يشلح" وغيرها.
ذهب بعض المغردين لتذكير نقيب الفنانين نفسه بأنه كمطرب كان يغني في المطاعم والحفلات
بعض المصادر في النقابة تقول بأن هذه المقاطع تصوّر بعد الحصول على موافقة النقابة نفسها باعتبار أن هذه المقاطع هي "سكيتشات دراما" وبعض ممثليها هم أعضاء في نفس المؤسسة التي تخاف على "الذائقة العامة"، وتحارب "الانحلال الأخلاقي" في بلد مزقته الحرب.
لعل السؤال الأكبر هو ما معنى "البذاءة والانحلال" في بلد عاش سنوات من الحرب الأهلية والصراعات الطائفية والفقر والتشرد؟ وما الذي ظلّ من الحياء العام مع مشهد الأطفال اللاجئين والجوع اليومي الذي يعيشه السوريون.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع