يقول المثل الشائع لدى النّوَر في الأردن (أقليات من أصول غجرية) يضربونه في المرأة التي تستطيبُ تحريك المشاكل العائلية الراكدة، فتقع على رأسها: "هي التي تعكّر الماء لتسمع زوجها وهو يتشردق".
بالطبع لا نشمل جميع النساء ولكن مناسبة هذا الحديث هي سلسلة أخيرة من إفرازات السوشال ميديا والإدمان عليها، بنمط حياة عائلية باتت معه الخيانة الزوجية شُبهة كابوسية، دفعت ثمنها عائلات كثيرة بدعوى الاستسهال.
الشك القاتل
يحصل أن تشكّ المرأة في زوجها المدمن على حساباته الخاصة، ويخطر لها أن تنصب له فخّاً لتتأكد من مدى إخلاصه أو مناعته في الوفاء، ثم لا تلبث أن تجد نفسها تشرب الماء الذي عكّرته، وقد لا تفلت منه.
تقول عزة (اسم مستعار) وهي ربة منزل، تحب زوجها وتحافظ عليه وعلى بيتهما: "لاحظت أن زوجي يقضي معظم وقته على الموبايل، لما اشتكيت لصاحبتي، اقترحت عليّ أن أعمل حساباً وهمياً بصورة فتاة جميلة وأطلب صداقته، فعلاً ردّيت عليها وطلبت صداقته".
أرسلتُ رسالة له على الخاص، عبارة عن تحية وسلام جعلته يطمئن أكثر، وهنا بدأت الكارثة، (تقولوا بالون وانفجر)، بدأ يبوح لي بأسراره العائلية، والتي في أغلبها غير صحيحة
وأضافت عزة لرصيف22: "رغم تأخره في قبول الصداقة، إلا أنني أرسلتُ رسالة له على الخاص، عبارة عن تحية وسلام جعلته يطمئن أكثر، وهنا بدأت الكارثة، (تقولوا بالون وانفجر)، بدأ يبوح لي بأسراره العائلية، والتي في أغلبها غير صحيحة، ثم بدأ يلحّ عليّ بإرسال صوري الخاصة، فأرسلت له صورة فتاة جميلة وجذابة، تعلق بي أكثر بعدما ألقى عليّ وابلاً من عبارات الغزل والإطراء، ولكن عندما طلبت صورته هو وزوجته أنكر وجود صور مشتركة تجمعهما".
وتابعت بالقول: "لم يكتفِ عند هذا الحدّ، بل أرسل صورة سيدة أخرى ادعى أنها زوجته، (ما شفت معها يوم هني) قال لي، ولكنني رويداً رويداً تمكنتُ من جعله يتعلّق بي أكثر، ولكن لا أعرف كيف أتملص من إصراره على مقابلتي للتعارف وجهاً لوجه، مندهشة من تصرفاته ومن كشف أسرار بيته ومن كذبه المتواصل".
دوافع الحساب الافتراضي
مواقع السوشال ميديا، وإن ساهمت بالتعارف الرقمي بين الأشخاص والأسماء، عملت في المقابل على تشكيل صدمة عند الزوجة التي باتت تحمل في رأسها مجموعة من الأسئلة تتعلق برغبة معرفة من هي الشخصيات التي تحتل وقت زوجها، وهل لدى زوجها القابلية للتعرف على أخريات؟
هذا السؤال المعقد بسبب إقبال بعض النساء لمثل هكذا مغامرة قد تودي بالزواج نحو الهاوية، حمله رصيف22 إلى الأخصائية النفسية والتربوية الدكتورة سوزان السباتين، والتي أجابت بأن التطور التكنولوجي وانتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على جميع المستويات، فتح أبواباً شتّى للخيانة.
وما لا شك فيه أن القصص التي تدور في جلسات النساء وتكاد لا تخلو من الحديث عن الخيانات الزوجية الناجمة عن التعرف عبر المواقع، ربما تثير فضول المرأة المعنية، وتخلق في نفسها الهواجس والريبة.
ولعلّ وَهْم الحفاظ على بيتها من الخراب، يزيد من جرعة جرأتها، فتنشئ أي حساب وهمي باسم وصورة لفتاة ملفتة، فتضيفه كصديق، ومن ثم "تجرجره" إلى ملعبها إن قبِل صداقتها.
عندها يبدأ اختبار الزوج الفعلي، فإما ينجح أو يخسر، فيما هي تحاول إطفاء نار شكوكها إن خالفها في التوقعات وعاملها بجفاء كصديقة افتراضية لا يرغب بالحديث معها، أو قبِل بها وبحسابها.
وفي هذه المسألة، أي انشغال الزوج بتطبيقات الهواتف الذكية لساعات طويلة بدلاً من قضائه مع زوجته، مدعاة لوقوعه في فخّ الشكوك من طرف شريكته، والتكهّن بوجود علاقات نسائية أخرى.
التكهّنات تصبح حقيقة
هذا الأمر لا يصب في مصلحة الزوجة بكل الأحوال، لأنها إن أصرّت عليه بالمتابعة والمحاولة المتكررة، فقد يضعف ويقع في شباكها حتى وإن كان حريصاً عليها وعلى بيتها، وقد يكون الأمر بالنسبة له من باب حب الاستطلاع لا أكثر.
وفي هذه الحالة، أي عند عودته إلى المنزل، قد يلحظ مزاجيتها السيئة دون أن يعلم حقيقة سلوكياتها نحوه.
قصة شيرين (اسم مستعار) الطريفة والغريبة في الوقت ذاته تؤكد على ذلك: "أنا وزوجي على خلاف دائم نتيجة إدمانه على الإنترنت، ويدعي دائماً أنه أدمن عدة غروبات لأصدقاء من ذات مهنته، ولما زادت شكوكي تعمدت فتح حساب باسم مستعار لشابة عزباء تمتهن المحاسبة، ومن كثرة اهتمامي بالمواضيع المتعلقة بمهنته صار عندي إلمام فيها ولو من ناحية نظرية".
وتضيف لرصيف22: "طلبت صداقته وبقيت أطلب استشارته ببعض المسائل الحسابية، واستمريت أمدحه وأقول له إني أغبط زوجتك عليك، لأنك راقٍ ودافئ القلب وحنون، ويا ريتني ما ضفته ولا قرأت شو كتب لي".
صدمات لم تكن بالحسبان
تعود عزة لتتساءل: "ما سبب لجوء زوجي لمواقع التواصل حتى يدمن عليها ويتركني بالساعات وحدي، ولماذا يكذب؟ رغم أنني سيدة جميلة وتزوجته عن حب، هل هو نقص عاطفي أم عقدة الرجل الشرقي؟ زوجي لا ينقصه شيئاً، فلماذا يختار طريقاً آخر لحياته؟".
وتتابع بالقول: "في الوقت ذاته، أُلقي بلَومي الأكبر على الفتيات اللواتي ينخدعنَ بالرجال ويسمحنَ لهم ولأمثالهم تمضية الوقت معهم ربما دون جدوى تُذكر".
"صدمني صدمة عمري، ومش مصدقة شو بقرأ"، هذا لسان حال شيرين عندما سألته عن زوجته وردّ عليها: "أنا عايش وحيد بعد وفاة زوجتي من عدة سنوات، وكانت (الله يرحمها) مشاكسة وحشرية ولو ما ماتت كان سببتْ لي جلطة"، أصابتني حالة من الذهول والجنون، كيف له إماتتي بجرّة قلم ليستعطف الطرف المقابل، وأنا زوجته التي ساندته في أحلك ظروفه وأجملها؟".
ترى الدكتورة سوزان السباتين أن ما يدعو للقلق هنا، هو حدوث مشكلة كبيرة، عندما يعلم الزوج، بطريقة ما، أن تلك الشخصية التي دخلت حياته وتدخلت في خصوصياته هي زوجته، فيعلن الحرب عليها كي يستر على فعلته بالصوت العالي، وبصورة تكون مكلِفة للجميع.
بالمقابل دعت السباتين إلى عدم المجازفة بدخول هذه اللعبة الخطرة، واستبدالها بالتروّي والحكمة في التعامل مع هذا الموقف.
انتهت اللعبة... ماذا بعد؟
"لم أتخيل أن أمري سينكشف أو أضطر لكشف شخصيتي الحقيقية"، بحسب قول عزة، والتي تضيف: "في مرة من المرات ضبطته بحاول يفتح تلفوني لما تلقيت اتصال من إمي عالماسنجر، وبالصدفة شاف حسابي الوهمي وحسيت قلبه راح يوقف من الصدمة، واضطريت أعترف له إني صاحبة هالحساب بعد ما قرأ محادثاتي معه، واحتدم النقاش بيننا وصرخنا على بعض، وهددته أخبّر أهله، ولكنه شعر بالخجل من عملته، فاعتذر وطلب مني كتم الأمر. بالمقابل، وافقت وصدقته لأني ما بدي أخسره كأب لأولادي وبعتبره سندي بعد وفاة أمي وأبي".
بدورها تقول شيرين: "قررت أواجهه ويصير إلي بده يصير، خصوصاً أن إعلانه للصديقة الافتراضية أنني متوفية، بدأ يزعجني ويستفزني وسكوتي على هذه الإهانة قد طال".
"أنا عايش وحيد بعد وفاة زوجتي من عدة سنوات، وكانت (الله يرحمها) مشاكسة وحشرية ولو ما ماتت كان سببتْ لي جلطة"، أصابتني حالة من الذهول والجنون، كيف له إماتتي بجرّة قلم ليستعطف الطرف المقابل، وأنا زوجته التي ساندته في أحلك ظروفه وأجملها؟
وتسرد لرصيف22، تفاصيل المواجهة بينها وبين زوجها: "انتظرت تناوله الغداء، وقلت له: انتبهتْ إنه عندك صديقة اسمها (فلانة) عالفيس، وهي أصلاً صديقة قديمة، وما بعرف كيف ضفتها رغم خلافي معها"، شعرتُ أن قلبه بدأ بالخفقان ولونه اختلف، بعدما طلبت وبشدة معرفة طبيعة الحديث بينهما، وأعطاني الهاتف رغماً عنه".
وتتابع بالقول: "مثّلتُ دهشتي وصدمتي من الحديث، لا سيما أنني أحفظه غيباً، وأيضاً كان لا بد من تسجيل موقف يردّ اعتباري وكرامتي، حينها فقدتُ سيطرتي وصرخت، أما هو فكان يجلس أمامي ويشعر بالانهزام، ومن هول المشهد هاجمني بركل الطاولة بقدمه، وضرب كأس الماء بالحائط، ما استدعى تجمّع الجيران من هول الأصوات والتكسير والصراخ. النتيجة، أنا الآن في بيت أهلي، قد لا أعود لزوجي وأولادي جرّاء تصرفاتنا الحمقاء، وقد نسير في إجراءات الطلاق".
في هذا الصدد، يؤكد الاستشاري والأخصائي في علم النفس الاجتماعي، أوراس كلاري، لرصيف22، أن حالات الطلاق بسبب مواقع التواصل أصبحت مشهداً مألوفاً عرف طريقه إلى أروقة المحاكم، من خلال قضايا تحوي ملفاتها الكثير من الأوراق التي تشير إلى خيانات إلكترونية أكثرها غريب.
ويبقى السؤال الذي يحتاج الإجابة: هل يصحّ أن تقوم الزوجة باكتشاف ما إذا كان زوجها خائناً أو لديه القابلية للتعرف على غيرها عبر إنشاء حساب وهمي؟
"إذا كان الزوج يحترم زوجته ويصونها، فلا داعي لاختباره بإنشاء حسابات وهمية، ولا بأي شكل من الأشكال"، تُنهي الأخصائية الدكتورة سوزان السباتين قولها.
في الختام، هل يدرك الرجل الذي يغرق لساعات في عالم التواصل الإجتماعي مدى خطورة انشغاله عن زوجته مدة طويلة؟ وهل يحق له توجيه تهمة الخيانة لها إن بحثت عن "صديق إلكتروني" أعطاها ما لم يتمكن هو من تقديمه لها؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع