"أنا امرأة متزوجة وأحب زوجي كثيراً. هو يمنحني العطف و الاستقرار، لا يبخل عليّ بشيء ويعاملني أفضل معاملة. حياتنا الجنسية جيدة جداً. لكن رغم ذلك أجد نفسي أبحث خارج العلاقة عن لفت نظر رجال آخرين... تُفرحني تعليقاتهم الإيجابية على شكلي أو نجاحي المهني، وأحياناً أستفز شعورهم من خلال بعض الصور المثيرة. هذا الأمر يشعرني بالذنب، مع أنني لا أريد أي شيء منهم سوى ذلك، ولا أسعى أن أطوّر أي شعور مع أي منهم. هل أنا أخون زوجي؟".
هذا الحديث الصادق والمضطرب في آن، لفرح، وهي أم لثلاث أولاد، لخّص حالة العديد من الأشخاص الذين يختبرون حاجات يمكن أن يحكم عليها المجتمع سلباً، لذلك تبقى سرّاً ولكنّها تُشعرهم بالذنب والخوف، الأمر الذي قد يؤثر على علاقتهم الزوجية وعلى حياتهم بشكل عام.
هل الحاجة للاهتمام والإطراء المستمر من أشخاص غير الشريك/ة، تعتبر خيانة؟ هل يجب أن يعرف شريكنا بذلك أم أن هذا الأمر يدخل ضمن خصوصية الشخص وبالتالي لا داعي للبوح؟
أنواع الخيانة
تتعدد تعريفات الخيانة بتعدد الأشخاص، كلّ يعرّف الخيانة على طريقته. منهم من يلخّصها بفعل التورط في علاقة جنسية مع شخص خارج الإطار الزوجي، وآخرون يعتبرون أنها تتجسّد في كسر الثقة بين الشريكين بهدف إشباع رغبة جنسية أو عاطفية من شخص آخر دون علم الشريك/ة.
ومع الانفتاح العالمي على وسائل التواصل الاجتماعي، تطوّر مفهوم الخيانة ليشمل أيضاً الخيانة الإلكترونية التي قد تبقى محصورة خلف الشاشات، أو تتطوّر في بعض الأوقات إلى لقاء جسدي وربما جنسي.
"أنا امرأة متزوجة وأحب زوجي كثيراً. حياتنا الجنسية جيدة جداً. لكن رغم ذلك أجد نفسي أبحث خارج العلاقة عن لفت نظر رجال آخرين... تُفرحني تعليقاتهم الإيجابية على شكلي أو نجاحي المهني، وأحياناً أستفز شعورهم من خلال بعض الصور المثيرة"
بحسب علم النفس، هناك 5 أشكال للخيانة: الخيانة العاطفية، الخيانة الجنسية، الخيانة الإلكترونية، الخيانة الكاملة (عاطفية وجنسية معاً ) والخيانة المصغرة Micro cheating وهي التي يصعب فهمها.
نشير هنا إلى وجود مصادر أخرى تضيف نوعين لما قد يُعتبر خيانة وهما: التورط بما قد يشكل ضرراً على العلاقة ،كالإدمان أو الميسر وغيرهما من النشاطات التي تلهي أحد الشريكين وتبعده عن العلاقة الزوجية، والخيانة المادية بحيث يخفي أحد الشريكين مقدّراته وممتلكاته عن الآخر لأسباب لها علاقة بالثقة أو أمور أخرى.
رغم أنه لا إجماع حول النقطتين الأخيرتين، إلا أن الـ Micro cheating يبقى أكثر السلوكيات غموضاً، لكونه يحمل تأويلات وتفسيرات متناقضة.
ال Micro cheating أو الخيانة المصغّرة... هل كلنا خائنون؟
يُعرّف تاي تاشيرو، الكاتب والمتخصص في علم الاجتماع والعلاقات الزوجية في كتابهThe science of Happily ever after ظاهرة الـ Micro cheating كأفعال محدودة وملتبسة مع شخص خارج العلاقة الزوجية، ليس بهدف علاقة جنسية أو توريط عاطفي، بل بغية نيل اهتمام ومجاملات في نواحٍ معيّنة، إما لها علاقة بالشكل أو بالحياة المهنية أو بإنجازات معيّنة قد قام بها الشخص.
يمكن أن يحدث ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أم عند التواصل المباشر مع شخص أو أكثر.
في رأي تاشيرو، تصنّف هذه الأفعال في خانة الخيانة حتى وإن خلت من الكلام أو السلوك الجنسي أو العاطفي، وحتى ولو اقتصرت على الغزل، إلّا أن الفعل بذاته يعتبر انتهاكاً للثقة بين الشريكين لأنه يحدث بالخفية أو لا يُباح عنه.
نجد من يتفق مع تعريف تاشيرو للخيانة المصغرة، مثل الكاتب والمعالج النفسي المتخصص في علاج الإدمان على الجنس سام لوي، الذي يعتبر أن الأساس في الحكم على مثل هذه السلوكيات يجب أن يتركز على سرّيتها ونيّة الشخص خلف ذلك.
واعتبر لوي أن تلك الظاهرة تفاقمت مع تطوّر العالم الافتراضي وسهولة التحكم بالمعلومات، بحيث يمكن للفرد السيطرة على خصوصيته وحمايته دون معرفة الشريك/ة.
عن الأسباب التي يمكن أن تؤدي لمثل تلك السلوكيات، نذكر: أسباب شخصية (إدمان على الجنس مثلاً)، خلل أو نقص في العلاقة مع الشريك/ة أو أسباب لها علاقة ببعض الظروف الخارجية، مثل السفر وطبيعة العمل.
خيانة أم شعور طبيعي بالإشباع الفردي؟
ليس هناك أرقام واضحة لا عالمياً ولا عربياً عن نسبة الأشخاص الذين يلجأون للإشباع العاطفي عبر تلقي المديح والغزل، ولعلّ السبب أن هذه الأفعال مدرجة تلقائياً ضمن خانة الخيانة التقليدية.
لكن الواقع أن هناك من يختلف مع آراء تاشيرو ولوي وغيرهم ممن يجرّمون تلك الظاهرة ليعتبرها حاجة طبيعية فردية، ليست موجهة ضد الشريك أبداً ولا الهدف منها إيذاءه، بل تأتي نتيجة تربية منزلية لم تُشبع حاجة أساسية لدى الشخص المعني: الثقة الفردية بالنفس.
هل الحاجة للاهتمام والإطراء المستمر من أشخاص غير الشريك/ة، تعتبر خيانة؟ هل يجب أن يعرف شريكنا بذلك أم أن هذا الأمر يدخل ضمن خصوصية الشخص وبالتالي لا داعي للبوح؟
وفي سياق متصل، تشير معظم الأبحاث النفسية التي لها علاقة بتأثير الأهل على شخصية أولادهم، أن الشعور باهتمام الآخر بنا حاجة أساسية تضاهي بأهميتها الحاجة إلى الطعام والدفء، ما يعني أن الطفل الذي عانى من الإهمال العاطفي أو الجسدي من أهله ولم يحظ بعلاقة صحية معهم، سوف يتحول في وقت لاحق إلى شخص يستجدي هذا الاهتمام من أي كان، تعويضاً عما كان ينقصه سابقاً.
وهنا أشار المتخصص في علم النفس و العلاقات الزوجية، روبيرت ويلس، إلى أن تلك السلوكيات لا يمكن أن تعتبر دليل خيانة، وهي متعلّقة بطبيعة العلاقة وخصوصيتها بين مختلف الشركاء.
وشدد ويلس على أهمية المصارحة بين الشريكين، في حال كان أحدهما يشعر بتلك الحاجة المستمرة، وهدف المصارحة إخراج المسألة من السرية، وبالتالي كسر مفهوم اللاثقة والخلل الذي قد ينتج في حين تم كشف ذلك.
وفي بحث عن أهمية الحفاظ على جزء من الخصوصية بين الشريكين وما لهذا الأمر من فوائد خصوصاً في الإشعال المستمر للشغف والاشتياق بينهما، فرّق الكاتب بين الخصوصية و السرية المتعمدة وبين شخص وآخر في تعريفه لما يعتبر خصوصية وما يعتبر حقاً للمشاركة، معتبراً أن المديح المتلقى من آخرين مسألة خاصة لا يجب بالضرورة البوح عنها أو الشعور بالذنب تجاهها، خصوصاً إذا كان الشريك لا يتقبل ذلك، أو في أحيان أخرى غير جاهز لمنحنا ما نحتاج من مشاعر إيجابية.
لكنّه أكد أن هذه المسألة قد تتحول إلى خيانة متعمدة، في حال كان للشخص أجندة عاطفية أو جنسية سرّية وليس متعة آنية مجرّدة من الأهداف.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع