شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
ما معنى

ما معنى "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 18 أغسطس 202210:49 ص

عندما سُئل السيد المسيح عن موقفه من دفع الضريبة، طلب الحصول على قطعة من العملة، وسأل عن الشخصية الموجودة عليها، فقيل له إنها صورة القيصر. كان رد السيد المسيح: "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله".

هل يُعدّ رجال الدين الممثلين الوحيدين للمسيحيين المتمسكين بوطنيتهم وعروبتهم؟

يبدو أن هذه الآية لا تزال غير مفهومة لدى البعض، وخاصةً من هم في مواقع السلطتين الدينية والمدنية. فهناك خلط غير صحي بين الأمور الدينية التي يجب أن تنحصر في علاقة الإنسان بربه، والأمور الدنيوية المرتبطة بالشأن الحياتي.

طبعاً في شرقنا الحبيب، هناك سبب لهذا الخلط، وهو وجود الثقافة المسيطرة التي تدمج الجانب الديني بالجانب المدني. لا شك في أن هذا حق مبنيّ على مبدأ أن الإسلام دين ودولة، ولكن هل ينطبق الأمر نفسه على من يتّبع ديانةً أخرى؟ هل لرجال الدين المسيحيين رأي مطلق في الأمور المدنية بالإضافة إلى الروحية؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر، هل رأي رجال الدين مطلق في موضوع التساوي في الإرث بين الرجل والمرأة، علماً أن الإنجيل يوضح أنه في المسيحية "لا فرق بين الرجل والمرأة" (غلاطية 3:27,28)؟

لا شك في أن هذا حق مبنيّ على مبدأ أن الإسلام دين ودولة، ولكن هل ينطبق الأمر نفسه على من يتّبع ديانةً أخرى؟ هل لرجال الدين المسيحيين رأي مطلق في الأمور المدنية بالإضافة إلى الروحية؟

والأمر نفسه ينطبق على السلطات الدنيوية التي يطلب منا السيد المسيح احترامها، كما يكرر ذلك الرسول بطرس بقوله: "اخضعوا، إكراماً لِلرَّبِّ، لِكُلِّ سُلطَةٍ بَشَرِيَّةٍ: لِلمَلِكِ فهوَ الحاكِمُ الأعلى، ولِلحُكَّامِ فَهُم مُفَوَّضونَ مِنهُ لِمُعاقبَةِ الأشرارِ ومُكافأةِ الصّالِحينَ".

ويبقى السؤال: هل للسلطة الحاكمة أن تفرض على المواطنين غير المسلمين الدمج بين الدين والدولة في ما يخص الأمور الدنيوية؟ هل للقائد الديني المسيحي أيضاً سلطة حصرية على الأمور المدنية الخاصة بالمسيحيين؟

يبقى السؤال: هل للسلطة الحاكمة أن تفرض على المواطنين غير المسلمين الدمج بين الدين والدولة في ما يخص الأمور الدنيوية؟ هل للقائد الديني المسيحي أيضاً سلطة حصرية على الأمور المدنية الخاصة بالمسيحيين؟

نحن ندرك أن في المنطقة العربية دوراً للمحاكم الكنسية في أمور الأحوال الشخصية، مثل الطلاق والحضانة والنفقة والإرث وغيرها، ولكن هل هناك دور حصري للكنيسة في الشؤون الأخرى؟ هل، على سبيل المثال، للقيادات الدينية رأي ملزم في ما يتعلق بشؤون المواطنين المسيحيين العامة، غير تلك المنضوية تحت بند الأحوال الشخصية، مثل حق التعبير أو التجمع أو التصويت أو العمل الإدراي العام؟ وهل يُعدّ رجال الدين الممثلين الوحيدين للمسيحيين المتمسكين بوطنيتهم وعروبتهم؟

لقد أصبحنا نرى أن القيادات السياسية أيضاً تتعامل مع المسيحيين من خلال حصر الزيارات والاجتماعات برجال الدين، متجاهلين نواب الأمة والأعيان وهم قيادات مسيحية أيضاً، لهم احترامهم كما رجال الدين. أضف إلى ذلك كله أن رجال الدين، وكلهم رجال، يقومون بالتحكم بمجتمع نصفه فقط رجال، وكأن المرأة المسيحية العربية أيضاً لا رأي لها في الشأن العام.

إن الدولة المدنية التي نطالب بها، والتي يضمنها الدستور الأردني في البند السادس بمساواة المواطنين من دون تمييز حول ديانتهم، مدخل مهم لتوفير مرجعية متفق عليها بين الجميع

قرأت قبل أيام عن ندوة حول القدس تشارك فيها قيادات مسيحية ومسلمة، وكان الممثلون الوحيدون للمجتمع المسيحي العربي رجال دين. لا بأس في أن قياداتنا الدينية لها دور نؤيده ونحترمه في الدفاع عن القدس والمقدسات، ولكن هل موضوع القدس محصور فقط في الجانب الديني لدى المسيحيين؟ أعتقد أن هناك قيادات فلسطينيةً مسيحيةً مدنيةً ومهمةً لها صوت وتأثير يجب أن يتم الاستماع إليه دعماً وتكميلاً لدور القيادات الدينية.

إن الدولة المدنية التي نطالب بها، والتي يضمنها الدستور الأردني في البند السادس بمساواة المواطنين من دون تمييز حول ديانتهم، مدخل مهم لتوفير مرجعية متفق عليها بين الجميع. لذلك فإنه من الضروري أن نعرف أن فكرة حصر الأمور المتعلقة بالمجتمع المسيحي العربي في رجال الدين فقط، أمر قد يكون غير مطابق لقول السيد المسيح: "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image