في عام 2017، تراجع عدد الزيجات في مصر نحو 3%، نظراً إلى ارتفاع تكاليف الزواج، وهي ترتفع منذ بداية التسعينيات وفي الوقت نفسه تتزايد نسب الطلاق التي وصلت حالياً إلى 13%. بمرور الوقت يدرك المصريون أن هناك مشكلةً، فيحاول وجهاء المجتمع مد يد العون.
تخرج المبادرات من هنا وهناك، على مستوى الدولة مثل مبادرة السيسي الأخيرة "بوابة الخير"، أو على مستوى أصغر في القرى والأقاليم، مثل مبادرات "تيسير الزواج" أو حملات الشباب الوسطي الطيب على السوشال ميديا، مثل مبادرة "تزوجني بلا مهر".
يجرب المصريون كل الحلول الموروثة والدينية، لكن الأمور لا تفلح. ما زالت المحاكم تمتلئ بقضايا لا حصر لها وتمتلئ البيوت بحوادث عنف أسري وتشتعل التراندات بين كل لحظة وأخرى حول "المشكلات الأزلية"؛ "القايمة والشقة والتكاليف"، وفي الخلفية تبقى مشكلات التحرش.
ما زالت المحاكم تمتلئ بقضايا لا حصر لها وتمتلئ البيوت بحوادث عنف أسري وتشتعل التراندات بين كل لحظة وأخرى حول "المشكلات الأزلية"؛ "القايمة والشقة والتكاليف"، وفي الخلفية تبقى مشكلات التحرش
انظر أولاً
في مصر تحديداً، من يسأل نفسه: لماذا يتزوج؟ ويجيب بصدق، لن يخرج عن إجابتين. تعرف الأولى حين تعرف أن مصر من بين أكثر الدول زيارةً للمواقع الإباحية، والثاني "هو أنك كبرت ولازم تتجوز" كما أخبرك أهلك، وغالباً ما يكون السببان معاً.
دعنا نتفق أولاً على أنك لا تضع في بالك مسؤولية "بناء أسرة"، أو ربما لا تفهم حجمها، لأنه كونك شخصاً عاقلاً لن تتزوج إذا كان دخلك أقل من 35 ألف جنيه حالياً (1،800 دولار). هذا إذا أردت أنت وأسرتك المحتملة أن تعيشا حياةً آدميةً، وما دون ذلك لا يستحق المحاولة فعلاً. لا شيء في الأفق ينبئ بأن الزواج "خطوة صحيحة"، (ارتفاع حالات الطلاق إلى 13% وتوقعات باستمرار الارتفاع بسبب المستوى التعليمي الـ42 على العالم، وفي مجال الصحة تحتل مصر المرتبة الـ18 من بين الدول العشرين الأسوأ أداءً).
لو سلمنا بأن الزواج هو كل الغايات والأهداف، دعنا نتخيل مسارين يذهبان بنا إلى هناك: الأول وهو المرسوم مسبقاً، وجربت أن تسير فيه، واكتشفت أنه لا يناسبك.
الآن عليك الانتقال إلى المسار الثاني، لكن عليك أن تدفع كلفته أولاً. كلفته ليست ماديةً مثل المسار الأول. كلفته هي أن تخرج من تلك الدائرة التي رُسمت لك مسبقاً، وأن تتحمل النبذ والرفض ومشاعر الإحساس بالذنب، بل ربما المطاردة، خاصةً إذا كنتِ فتاةً. لكنك في النهاية ستتجاوز، فكل الذين فعلوها تجاوزوا.
بحكم ثقافتنا، أنت مجبور على طاعة والديك، ومن ناحية أخرى أنت ضمن ممتلكاتهم، بالإضافة إلى أن احتياجات العائلة مُقدمة على احتياجات الفرد. خروجك من هناك لن يكون سهلاً، ستُمنع إما بسبب حبهم لك أو بسبب مرضهم أو لأسباب دينية مثل صلة الرحم
تحرر من آسريك
بحكم ثقافتنا، أنت مجبور على طاعة والديك، ومن ناحية أخرى أنت ضمن ممتلكاتهم، بالإضافة إلى أن احتياجات العائلة مُقدمة على احتياجات الفرد. خروجك من هناك لن يكون سهلاً، ستُمنع إما بسبب حبهم لك أو بسبب مرضهم أو لأسباب دينية مثل صلة الرحم. وعليك أن تتجاوز هذا. هذه هي الضريبة الأولى التي يجب أن تدفعها. عليك أن تتجاوز مشاعر الإحساس بالذنب وربما سيكون عليك حتى تجاوز اعتدائهم عليك لو اعتدوا. عليك أن تدرك أن دورهم انتهى وأنهم أدوا ما عليهم.
ثم عليك أن تواجه مشاعر الخوف التي غُرست في داخلك منذ الصغر، مثل فكرة الحلال والحرام. عليك أن تعيد التوازن إلى تلك المنطقة. أن تعترف باحتياجاتك كإنسان، وأن تدرك أن تحقيقها ليس عملاً سيئاً بل هو جيد حتى من منطق "حب نفسك". من يحدثونك عن فكرة الحلال والحرام، هم مهووسون بالجنس، ويناقضون أنفسهم دوماً. ومن يناقض نفسه لا يستحق أن تلتفت إليه.
دعهم وعد إلى وقت كان فيه أجدادك أكثر تحرراً من ذلك ومجتمعك كان أكثر تسامحاً من الآن. إلى وقت لم يكن شيوخ السلفية قد ظهروا بكثرة في المجتمع، مثلما هم حالياً، وإلى وقت لم تظهر فيه أخلاقيات "الفلاح والبواب المتدين او اختلاط ثقافة الريف بالمدينة"، قبل موجات الهجرة إلى الخليج.
وعليك أن تدرك أن هؤلاء هم ألدّ أعدائك. اختفِ عنهم، فربما تصبح قوياً يوماً وتواجههم بصديقتك بينما تصعدان إلى الشقة.
دعهم وعد إلى وقت كان فيه أجدادك أكثر تحرراً من ذلك ومجتمعك كان أكثر تسامحاً من الآن. إلى وقت لم يكن شيوخ السلفية قد ظهروا بكثرة في المجتمع، مثلما هم حالياً
ثم تعالَ نتناقش...
في عام 2009، طالبت المذيعة والفنانة، إيناس الدغيدي، بتقنين بيوت "تجارة الجنس"، فقامت الدنيا ولم تقعد، وحتى الآن يستشهد الجميع بالتصريح المثير للجدل، بصرف النظر عن أنها كانت مُقننةً في مصر حتى عام 1949، وكانت "عاملات الجنس" يُتابَعن بشكل دوري، وكانت هناك رقابة، وإلى الآن يوجد مستشفى "الحوض المرصود" الخاص بهن في مصر القديمة. حتى من دون تقنينها هي موجودة شاء المجتمع والدولة أم أبيا.
لكنها موجودة الآن وفي وصورتها الأسوأ، وبالتأكيد تشهد وقائع مثل عنف واغتصاب إلى جانب انعدام الوعي الصحي. وحتى غير ذلك، انظر إلى التعامل الشرطي معهم. العالم تجاوز هذه النقطة من قديم الأزل، والآن التركيز على تغيير الانطباع عن وظيفتهم وجعلها كما الانطباع عن وظيفة الدكتور أو المدرس.
كل الأمور تدور حول الجنس، إذا استطعت أن تمارسه لن تدور معها وستفكر في الأهم.
غيّر بيوت "تجارة الجنس" ما دمت قد أصبحت مستقلاً ومؤهلاً. يمكنك أن تتزوج مدنياً، حيث لا ضوابط مثل التي يتطلبها الزواج الشرعي، وأنا متأكد من أنك لن تصل إلى تلك المنطقة إلا إذا كنت ناضجاً بما يكفي وكذلك رفيقتك. أو أن تكون جريئاً أكثر وتطالب بتطبيق مبادرة مثل "الزواج التجريبي"، التي طرحها المحامي المصري "أحمد مهران"، العام الماضي.
وهو زواج يُشترط فيه الطلاق بعد مدة محددة يتفق عليها الطرفان، فإن أراد طرف الطلاق قبل المدة يتنازل عن حقوقه، وبعد انتهاء المدة يمكن الطلاق، وتأخذ المرأة كافة حقوقها. وقد يضيف الزوج والزوجة شروطاً مفصلةً إضافيةً في العقد يمكن حتى أن تطال العلاقة مع الأهل وبينهم، وحتى المصريون القدماء تزوجوا بطريقة مشابهة لتلك الطريقة، وهي المبادرة التي رفضها الأزهر، وقال عنها "اشتراط فاسد".
أنت إنسان صالح
كل الأمور تدور حول الجنس، إذا استطعت أن تمارسه لن تدور معها وستفكر في الأهم. مشكلة الجنس هنا أنها مغلفة، إما مُغلفة بالحجاب أو مُغلفة بـ"القايمة" ومشكلات الزواج أو على هيئة تحرش وعنف أسريين. لكن لا أحد يعترف بهذا، ولا أحد يعترف بأن اختفاء الكبت ربما يكون اختفاءً لكل المشكلات التي تدور حول فكرة الزواج والعلاقات في مصر.
تأمل معي في ما قاله الضابط لأحد أصدقائي بينما كان يحاول القبض عليه من محل سكنه بعد بلاغ من الجيران بأنه صعد مع فتاة إلى الشقة وهو غير متزوج. قال له الضابط: "أنت عايش حياتك وإحنا طالع دين أبونا"
الجنس مسألة محورية ومهمة لأننا محرمون منه. أما إذا مارسناه فسنكتشف أنه عادي، وغالباً أول ما يفكر فيه الشاب أو الفتاة بعد ممارسة الجنس للمرة الأولى، هو لماذا استحق كل هذه العناء؟ استحق كل هذا العناء لأنهم أقنعوك بذلك وإلا كيف يسيطرون عليك؟ منظومة الزواج بشكلها الحالي مُصممة للسيطرة على المجتمع، بمساعدة رجال الدين، وحالات الطلاق الكثيرة تهديد لتلك الأسرة التي يهتمون بها أكثر منك.
تأمل معي في ما قاله الضابط لأحد أصدقائي بينما كان يحاول القبض عليه من محل سكنه بعد بلاغ من الجيران بأنه صعد مع فتاة إلى الشقة وهو غير متزوج. قال له الضابط: "أنت عايش حياتك وإحنا طالع دين أبونا". الضابط رأى صديقي مختلفاً ولا يدور في فلكهم ولا يفعل ما يفعلون: "مش طالع دين أبوه زي ما طالع دين أبوهم".
العلمانية هي الحل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع