لم تكن ملامحه وتكوينه الجسماني يؤهلانه إلا لدور "الجان" بالمفهوم الكلاسيكي، فلا هو يتمتع بأداء حركي يُمكّنه من أداء أدوار الأكشن مثل زميله الممثل أحمد السقا، أو من هؤلاء الذين يستطيعون تجسيد الشخصيات المعقدة كتلاميذ المخرج المصري يوسف شاهين الذين هم من جيله، مثل هاني سلامة وخالد النبوي. هكذا تحدد مسار الممثل والمخرج السينمائي كريم عبد العزيز من البداية. ولعل دوريْه في فيلمي "عبود على الحدود" – فيلم مصري من إنتاج عام 1999 - و"ليه خلتني أحبك" – فيلم مصري من إنتاج عام 2000 - أثبتا ذلك. ففيهما، جسّد دور "الجان" الذي لا يخلوا من "الصياعة".
رغم تلك البداية، كانت أول بطولة لعبد العزيز في "حرامية في كي جي تو" – فيلم كوميدي رومانسي مصري تم إنتاجه عام 2001 - الذي خالف فيه كل التوقعات بتقديمه دور لص يضطر إلى تربية بنت صديقه حتى ينجوا من السجن. ورأى الجمهور أن ما ظنّه ليس أكثر من "جان" بإمكانه أن يُجسّد دور بطل الأحياء الشعبية بكل تناقضاته، فهو يرتكب أخطاء وجرائم أحياناً، لكنه في الوقت نفسه ابن بلد ويحب بصدق. وبالتأكيد، يتوب في النهاية عما يفعله بعد أن يكُفّر عن الأخطاء والجرائم.
لم يكن كريم عبد العزيز ليصل إلى هذا الصورة لولا وجود شريكه الفني، بلال فضل، فالأخير ليس فقط كاتب سيناريوهات قادر على التقاط نبض الشارع والتعبير عن الفقراء. لكنه يُدرك جيداً حيلهم ومنطقهم لتبرير الأخطاء وكوارثهم أحياناً، وهو ما لعب عليه كخط درامي ينتج مواقف كوميدية.
لم يكن كريم عبد العزيز ليصل إلى هذا الصورة لولا وجود شريكه الفني، بلال فضل، فالأخير ليس فقط كاتب سيناريوهات قادر على التقاط نبض الشارع والتعبير عن الفقراء. لكنه يُدرك جيداً حيلهم ومنطقهم لتبرير الأخطاء وكوارثهم أحياناً، وهو ما لعب عليه كخط درامي ينتج مواقف كوميدية
نجحت ثنائية كريم وبلال في "حرامية كي جي تو" وما تلاه من أفلام لعبت على نفس النهج، حتى وصلت إلى ذروتها في فيلم "أبو علي" عام 2005. وفي عام 2006، تكرّست نجومية ذلك الثنائي بفلمين هما "في محطة مصر" و"واحد من الناس". وأثبت عبد العزيز أنه يتقن ما يفعله وأنه يستطيع تصدّر الإيرادات وأحد أبطال جيله.
لكن كل ذلك تغيّر عام 2007 حين قدّم الاثنان فيلم الحركة المصري "خارج عن القانون" وبعدها قررا الافتراق للبحث عن التجديد بحسب شهادة بلال فضل. ورغم أن هذا القرار تم التراجع عنه في عام 2012 حين قدّما مسلسل "الهروب" - آخر تعاون فني بينهما – فقد كان أثره سلبياً على الاثنين. وكان بلال فضل قد قدّم أعمالاً جيدة بعده لكنها لم تكن بنفس البريق، وفقد كريم عبد العزيز بوصلته الفنية منذ ذلك الوقت حتى الآن.
فقدان البوصلة هذا حصل بعد عام 2007 لأسباب عديدة. لعل أولها إخفاقه في إقناع الجمهور أنه يمكن أن ينتقل بسهولة من تجسيد الفتى الشعبي المظلوم دوماً من قِبل أجهزة الدولة، إلى أحد أفرادها. ولذلك لم ينجح في "أولاد العم" عام 2009، أو في "الاختيار 2" عام 2021
فقدان البوصلة هذا حصل بعد عام 2007 لأسباب عديدة. لعل أولها إخفاقه في إقناع الجمهور أنه يمكن أن ينتقل بسهولة من تجسيد الفتى الشعبي المظلوم دوماً من قِبل أجهزة الدولة، إلى أحد أفرادها. ولذلك لم ينجح في "أولاد العم" عام 2009، أو في "الاختيار 2" عام 2021. بل بسبب هذا العمل تحديداً، تم صنع فيديوهات مقارنة بين ما كان يقدمه وما صار إليه. وإن كان الفنان يؤدي كل الأدوار، ففي النهاية ليس سهلًا أن تقنع الجمهور أنك صادق في جميع ما تقدم. وفي الأخير، أنت تدفع ضريبة ما رسّخته في عقلية الجمهور.
ثاني الأسباب هو القفزة التي قفزها في "الفيل الأزرق" – فيلم درامي مصري عام 2014 - بجزئيه، ورغم اعتقادي أنها قفزة كان فيها كريم عبد العزيز يحاول استعادة بوصلته بتقديم نوع فني غير منتشر في مصر وهو الرعب. لكنه تناسى أن تلك الأفلام تعتمد أكثر على "الحبكة والخدع". ومساحات التمثيل فيها قليلة. وبمجرد أن يُدرك المشاهد "اللغز" لا يشاهدها كثيراً حتى لو حققت أرباحاً خرافية.
بقي السبب الأخير الذي يجعل عبد العزيز تائهاً. فبعد أعمال كوميدية غير مؤثرة مثل "نادي الرجال السري" و"البعض لا يذهب للمأذون مرتين"، اتجه إلى أداء الشخصيات التاريخية مثل ما حدث في "كيرة والجن" – فيلم تاريخي مصري أنتج عام 2022 - وإعلانه عن نيته تقديم عمل يجسد فيه شخصية حسن الصباح زعيم جماعة الحشاشين التي ظهرت في القرن الحادي عشر الميلادي.
ما حدث مع الممثل عبد العزيز حدث لغيره أيضاً من فناني جيله. لكن الفرق هو أن كثيرين من زملائه ربما انتهى عمرهم الفني الحقيقي وأصبحوا غير قادرين على تقديم المزيد. أما كريم، فلديه المزيد لكنه يحتاج "لإعادة ضبط"
إن التيه سيستمر لأن فيلم "كيرة والجن" أثبت ما قلته من البداية، وهو أن عبد العزيز لا يستطيع أداء الأدوار المركبة والتاريخية. لذلك، لم يكن آداؤه فيه مقنعاً، بل أقرب إلى السطحية. وهذا ليس رأيي فقط بل رأي الكثيرين أيضاً، ناهيك بأن الفيلم بطولة مشتركة بينه وبين أحمد عز، وهو أمر لم يفعله عبد العزيز طوال مشواره الفني. لست من المؤمنين بمقولة إن الفنان يحب مشاركة الآخرين. في النهاية، الفنان يحب الظهور منفرداً. وما فعله كريم يثبت أنه ربما أراد ضمان النجاح بنجومية عز. وهذا دليل أنه يُدرك تماماً أنه في أزمة الضياع.
ما حدث مع الممثل عبد العزيز حدث لغيره أيضاً من فناني جيله. لكن الفرق هو أن كثيرين من زملائه ربما انتهى عمرهم الفني الحقيقي وأصبحوا غير قادرين على تقديم المزيد. أما كريم، فلديه المزيد لكنه يحتاج "لإعادة ضبط". وليس شرطاً أن يعود فتى للأحياء الشعبية. لكن على الأقل أن يستغل علاقة الترابط مع جمهوره ليعبر عنه بدلاً من قفزات الفراغ.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع