"في بلد زي اللى احنا عايشين فيها، ابن الدكتور لازم يطلع دكتور، وابن الضابط لازم يطلع ضابط زي أبوه، وبرضه ابن تاجر المخدرات يطلع تاجر مخدرات".
العبارة التي وردت على لسان الممثل المصري كريم عبد العزيز في فيلم المصري "خارج عن القانون ، إنتاج 2007 - تلخص حقيقة أن التوريث أصبح منذ سنوات المفتاح السحري الذي يفتح الكثير من الأبواب المغلقة في مصر.
مع كل عمل جديد يُعرض للفنان محمد إمام – ابن الممثل المصري عادل إمام - يتجدد السؤال: هل الفن قابل للتوريث مثل المهن أخرى؟ وهل كون محمد ابن عادل إمام نعمة أم نقمة؟ وهل أفاده هذا الأمر أم أضره؟
مع كل عمل جديد يُعرض للفنان محمد إمام – ابن الممثل المصري عادل إمام - يتجدد السؤال: هل الفن قابل للتوريث مثل المهن أخرى؟ وهل كون محمد ابن عادل إمام نعمة أم نقمة؟ وهل أفاده هذا الأمر أم أضره؟
محمد إمام ليس أول ابن لممثل كبير في مصر يحترف التمثيل ولن يكون الأخير. فالقائمة تضم عشرات الأسماء، من بينها أحمد السعدني ابن النجم صلاح السعدني، ودنيا وإيمي سمير غانم، وعمر ابن الفنان الراحل مصطفى متولي عديل الزعيم. ولكن، مشكلة محمد إمام من بين هؤلاء جميعاً هي أنه يبدو في جميع أدواره نسخة ثانية من أبيه.
التقليد لا يصنع نجماً
ليس لدي أدنى شك في أن محمد إمام يتمتع بموهبة فنية، ولكن استمراره في التمثيل داخل جلباب أبيه ربما يجعل حظوظه في النجومية تتلاشى مع الوقت، فالتقليد لا يصنع فناناً حتى لو وصل إلى البطولة سريعاً لأسباب لا تخرج في جزءٍ منها عن كونه ابن نجم الكوميديا الأول في مصر منذ زمن.
لست مشغولاً هنا بتحليل رحلة الصعود الصاروخية لمحمد إمام والتي تقاسم خلالها أدواراً مهمة على الشاشة مع أبيه، كما رأينا في مسلسل "صاحب السعادة" الذي جمع عادل إمام الأب وعادل إمام الابن، أو الأصل والتقليد كما يحلو للمصريين التوصيف عند المقارنة بين جودة منتج وآخر. ولكن، كيف يمكن إنقاذ موهبة الابن قبل أن تذهب مع الريح وينصرف الناس عن أعماله عندما يدركون الفارق الكبير بين النسخة الأصلية والنسخة المقلدة من الزعيم.
ليس لدي أدنى شك في أن محمد إمام يتمتع بموهبة فنية، ولكن استمراره في التمثيل داخل جلباب أبيه ربما يجعل حظوظه في النجومية تتلاشى مع الوقت، فالتقليد لا يصنع فناناً حتى لو وصل إلى البطولة سريعاً
أخشى أن يتحول محمد إمام مع الوقت إلى أداة في أيدي صناع الأفلام الذين ربما يحاولون إجباره على ارتداء جلباب أبيه من أجل حصد أكبر قدر ممكن من الأرباح.
استنساخ عادل إمام
الانطباع الذي يخرج به المرء بعد مشاهدة فيلم "عمهم" وهو الأحدث لمحمد إمام أنه أمام محاولة فاشلة لإعادة استنساخ عادل إمام بالخلطة نفسها التي شاهدناها من قبل عشرات المرات، إذ الأكشن الكوميدي وعدد كبير من الفنانين والفنانات الذين ليس لهم دور في العمل سوى أن يكونوا مجرد أداة في يد "الزعيم" لإضحاك الجمهور.
في فيلم "عمهم"، يتكرر الأمر نفسه. فالفنانة هدى المفتي ليس لها أي دور واضح في السياق الفني للعمل سوى أنها تلك الفتاة الجميلة التي يقع إمام الابن في غرامها. وهو الدور الذي قامت به الفنانتان يسرا ولبلبة في عدد كبير من أفلام ومسلسلات عادل إمام.
في الفيلم الذي يقوم فيه محمد إمام بدور "سلطان"، لا ينسى في مشهد واحد أنه ابن عادل إمام، إذ يصر على تقليد نفس تعبيرات الوجه وردود الفعل التي حفظناها عن "الزعيم" الذي تفتحت أعيننا على أفلامه ومسلسلاته ومسرحياته من مسرحية "شاهد ما شفش حاجه" التي عُرضت عام 1976 حتى مسلسل "فالنتينو" الذي عرض في رمضان 2020.
لغة الأرقام
أخشى أن يتحول محمد إمام مع الوقت إلى أداة في أيدي صناع الأفلام الذين ربما يحاولون إجباره على ارتداء جلباب أبيه من أجل حصد أكبر قدر ممكن من الأرباح.
نجح عادل إمام لأنه لم يكن يشبه فناناً آخر وتميز بتعبيرات وجه ومفردات وردود فعل أصبحت ماركةً مسجلةً باسمه حصرياً في عقول الملايين ممن شاهدوا أعماله عشرات المرات حتى باتوا يحفظونها عن ظهر قلب. وأي مقارنة بين عادل إمام وابنه محمد إمام ستكون ظالمة ومجحفة. لذا، فإن محمد عليه أن يراجع نفسه سريعاً. فسبب كونه ابن "الزعيم" فتح أمامه خلال السنوات الماضية الكثير من الأبواب المغلقة، لا يمكن أن يصل إلى النجومية الحقيقة على الشاشة إلا إذا خلع جلباب أبيه ونجح في إقناع المشاهدين بأنه قادر على أن يقدم جديداً وأن يترك بصمة مختلفة على الشاشة عبر التوقف عن التقليد.
لا تكفي الإيرادات وحدها للحكم على الموهبة، فلغة الأرقام خادعة في الكثير من الأحيان، خاصة في عالمنا العربي، حيث لا تخرج البيانات من جهات موثوق بها. ولهذا السبب، يمكن أن نفهم التهويل الذي يحيطه به بعض المنتجين أرباح أفلامهم والذي لا يخرج عن السياق الدعائي. وفيلم "عمهم" ليس استثناء من هذا بالطبع.
في اللحظة التي يفكر فيها محمد إمام ألا يكون إلا نفسه ويقلع عن محاولات استنساخ "الزعيم"، أتوقع أن يكون مشروع نجم يصعد تدريجياً درجات السلم بصورة طبيعية من أسفل إلى أعلى. في المقابل، إن لم ينتبه إلى ذلك، فيمكن أن يفوت على نفسه الفرصة ويبدأ رحلة الهبوط الكبير من قمة وصل إليها سريعاً إلى سقوط مدوٍّ. فمن المستحيل خداع كل الناس لكل الوقت.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...