شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
كيف لأسرة أن تدفع 2 مليون دولار ثمن حقنة واحدة لعلاج ضمور العضلات الشوكي؟

كيف لأسرة أن تدفع 2 مليون دولار ثمن حقنة واحدة لعلاج ضمور العضلات الشوكي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 26 يوليو 202201:39 م

ربما مرّ على معظم الأفراد الذين يتابعون أخبار السوشيال ميديا بعض الاستغاثات لعلاج رقية والتوأم علياء وفريدة، وفي السياق نفسه نداء لجمع تبرعات لعلاج حالة سيلين، واللافت أن جميع هذه الحالات تصب في خانة واحدة: الإصابة بمرض ضمور العضلات الشوكي والذي تبلغ كلفة حقنة العلاج حوالي مليوني دولار.

ما هي أعراض ضمور العضلات الشوكي خاصة لدى الأطفال؟ وهل هذه الحقنة تحقق الشفاء التام من المرض؟

ما هو ضمور العضلات الشوكي؟

يحدث مرض ضمور العضلات الشوكي نتيجة وراثة جين تالف من الآباء، أو به خلل مختص بإنتاج بعض البروتينات المساهمة في عملية نقل الإشارات العصبية الحركية.

يترتب على عدم وجود هذا الجين أو تلفه ضعف إرسال الإشارات العصبية من النخاع الشوكي إلى العضلات، حيث يسهم هذا البروتين في الحفاظ على عمل الأعصاب الحركية وأداء وظيفتها.

يحدث انهيار تدريجي في الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي، ويتوقف الدماغ عن إرسال الإشارات العصبية المتحكّمة في حركة العضلات، ومن ثم تضعف عضلات الطفل وتنكمش، ولا يتمكن من الحركة والتحكم في حركة الرأس أو المشي أو حتى الجلوس.

يصيب هذا المرض الأطفال والرضع بنسبة أكبر لكونه مرضاً جينياً بحتاً، والسبب الرئيسي للإصابة به يكمن في توارث جين تالف يسمى 1 SMN من كل من الأب والأم.

يحدث انهيار تدريجي في الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي، ويتوقف الدماغ عن إرسال الإشارات العصبية المتحكّمة في حركة العضلات، ومن ثم تضعف عضلات الطفل وتنكمش، ولا يتمكن من الحركة والتحكم في حركة الرأس أو المشي أو حتى الجلوس

تقول هناء (32 عاماً) وهي أم مصرية لطفلة مصابة بضمور العضلات الشوكي، وتعمل محفِّظة قرآن: "لاحظت تأخر ابنتي في الحركة والمشي وعدم تمكنها من تحريك رأسها بالمقارنة مع الأطفال في مثل عمرها، نصحني أقاربي بالذهاب فوراً إلى الطبيب، وسرعان ما أخبرني بمرضها، وزاد ضيقي عندما علمت بتكلفة الحقنة".

وأضافت لرصيف22: "أتمنى أن تستمع لنا الدولة وتُدخل مرضى ضمور العضلات الشوكي لمنظومة العلاج على نفقة الدولة؛ لأنها بذلك ستُحيي قلوب الكثير من الأمهات اللائي يفتقرون لتكلفة العلاج الباهظة".

ما هي أعراض ضمور العضلات الشوكي؟

تظهر معظم الأعراض على شكل صعوبات في الحركة، ولكن لا يؤثر المرض على ذكاء الطفل أو يحدّ منه، بحيث يكون الطفل قادراً على تكوين صداقات والتعامل مع الآخرين، ولا يسبب المرض صعوبات في التعلم.

يعتمد وقت ظهور الأعراض على النوع المصاب به الطفل، ومن أعراض ضمور العضلات الشوكي عند الأطفال ما يلي:

• ضعف الذراعين والساقين.

• مشاكل في العظام والمفاصل، مثل انحناء العمود الفقري بشكل غير طبيعي؛ بسبب ضعف العضلات المحيطة بالعمود الفقري.

• ارتعاش أو اهتزاز العضلات.

• مشاكل في الحركة، مثل صعوبة الجلوس، الزحف أو المشي.

• صعوبات في التنفس والبلع وذلك في المراحل المتأخرة.

أنواع ضمور العضلات الشوكي

توجد عدة أنواع لمرض ضمور العضلات الشوكي وتختلف بناء على حدّة الأعراض وبدء ظهورها:

1. النوع صفر: النوع النادر من الضمور وينشأ ويتطور أثناء الحمل، وفيه تكون حركة الجنين في الرحم أقل. يولد الجنين مع ضعف في المفاصل والعضلات بالإضافة إلى ضعف عضلات التنفس، وغالباً ما يفارق الحياة بسبب مشاكل في التنفس.

2. النوع الأول: هو الأشد والأصعب من حيث الأعراض وتدهور الحالات، ويصيب الأطفال أقل من 6 أشهر، وتكون أعراضه حادة، وتتمثل في عدم قدرتهم على دعم الرأس أو الجلوس دون مساعدة، وغالباً لا يتمكن الطفل من مواصلة الحياة بعد سن الثانية بسبب مشاكل التنفس.

3. النوع الثاني: وهو أقل حدّة في الأعراض من النوع الأول، ويظهر لدى الأطفال من عمر 7 أشهر إلى 18 شهراً، وتختلف الأعراض من المتوسطة إلى الشديدة، وتصيب الساقين أكثر من الذراعين، ويكون الطفل قادراً على الجلوس والمشي ولكن يحتاج للمساعدة.

4. النوع الثالث: تبدأ أعراض هذا النوع عندما يتراوح عمر الطفل من سنتين إلى 17 عاماً وحدّة أعراضه بسيطة، ويمكن للطفل الوقوف والمشي دون مساعدة، ولكنه يواجه صعوبة في الجري أو النهوض من الكرسي أو صعود السلالم.

5. النوع الرابع: يصيب ضمور العضلات الشوكي الكبار أيضاً، بدءاً من عمر 35 عاماً ولكن بنسبة أقل، وتكون حدّة الأعراض أقل كثيراً بالمقارنة بظهور الأعراض لدى الأطفال، وتتمثل أعراضه في صورة ضعف العضلات، خاصة في الجزء العلوي من الذراعين والساقين، بالإضافة إلى الوخز ومشاكل في التنفس.

كيف أعرف أن طفلي مصاباً بضمور العضلات الشوكي؟

تحتاج كل أم للاطمئنان على طفلها والتأكد من سلامة صحته، لذا يمكن التأكد من إصابته بضمور العضلات الشوكي من عدمه من خلال:

أولاً: ملاحظة الأعراض الخاصة بالمرض التي ذكرناها سابقاً.

ثانياً: استشارة الطبيب/ة المختص/ة لطلب فحوصات خاصة للتأكد من إصابة الطفل.

في هذا الصدد، أشار الدكتور محمد مزيد، أستاذ جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري في كلية الطب في جامعة عين شمس ومستشفى عين شمس التخصصي، في حواره مع رصيف22: "إن الطريقة الأساسية لمعرفة إصابة الطفل بالمرض تكون أولاً من خلال ملاحظة حركة الطفل من المشي والجلوس، وعند الشك بتأخر الطفل في هذه المراحل يجب الذهاب إلى الطبيب لإجراء الفحوصات للتأكد من إصابة الطفل من عدمه".

من الفحوصات الضرورية التي تؤكد الإصابة من عدمها ما يلي:

1. الاختبارات الجينية: تسهم الاختبارات في تحديد طبيعة الجينات في جسم الطفل، ما يجعلنا نتأكد من تحور الجين أو عدم وجوده، ما يعني إصابة الطفل بضمور العضلات الشوكي.

2. أخذ عيّنة من العضلات: يأخذ الطبيب عيّنة صغيرة جداً من الخلايا العضلية بواسطة إبرة لتحليلها.

3. التصوير بالأشعة: قد يطلب الطبيب من الآباء بعض الأشعة مثل: أشعة الرنين المغناطيسي، والأشعة المقطعية لأخذ صور للأجزاء الداخلية بجسم الطفل.

ما هو علاج ضمور العضلات الشوكي؟

غالباً ما تسهم العلاجات في تحسين الأعراض التي يعانيها المريض، وتقلل من مدى التدهور الحادث للطفل وتزيد من الفترة التي يعيشها الطفل، ولكن لا يوجد علاج نهائي شاف تماماً حتى الآن.

كشف الدكتور محمد مزيد أن ضمور العضلات الشوكي يسبب صدمة للأهل عند معرفتهم بالأمر، و"أكثر ما يواجهه الأطباء صعوبة هو مصارحة الأهل بأن المرض جيني ولا يمكن علاجه، والحقنة المتاحة للعلاج تكلفتها عالية".

وأضاف الدكتور محمد: "يعتقد الكثير أنه من خلال جمع ثمن الحقنة سوف يشفى الطفل تماماً من المرض، وهذا غير صحيح، ولكن قد تتحسن الحالة أو تبقى كما هي"، موضحاً أن "التحسّن نسبي ولا يمكن الإقرار بقدرة الطفل على الحياة لسنوات طويلة حتى بعد تحسنه عند أخذ الحقنة، كما أنه سوف يحتاج إلى عدة جرعات متتالية منها".

تعد تكلفة علاج ضمور العضلات الشوكي باهظة جداً؛ نظراً لأنه مرض نادر، وعندما تجرى دراسات وأبحاث لتطوير المرض فإنها تكلف المليارات، حينها ترغب الشركات في تعويض الأموال المنفقة على الأبحاث بالإضافة إلى الربح، وبما أن هذا المرض نادر فإن العيّنة المستفيدة من الدواء لن تُدر دخلاً كبيراً للشركات المطورة للأدوية، لذا يقومون برفع سعر الدواء لإدرار الأرباح وتعويض الشركة عن المليارات المنفقة على الأبحاث.

تعليقاً على هذا النقطة، قالت سندس (37 عاماً) أم لطفلة مصابة بضمور العضلات الشوكي وربة منزل، في حوارها مع رصيف22: "حزنت بشدة عندما علمت بمرض طفلتي، ولكن تجدد الأمل عند اكتشافي لحقنة لعلاج ضمور العضلات الشوكي، ولكنها باهظة الثمن، فكيف لأسرة تكاد تعيش أن تدفع 2 مليون دولار ثمن حقنة واحدة على أمل علاج طفلتها؟".

ما هي حقنة ضمور العضلات الشوكي؟

إنها عبارة عن دواء نوسينرسن تحت مسمى تجاري "Spinraza"، ويسهم هذا الدواء في إنتاج المزيد من البروتين الهام في عمل الأعصاب الحركية والمسؤول عن إنتاج الجين التالف SMN1.

يحقن هذا الدواء في السائل المحيط بالنخاع الشوكي على 4 جرعات خلال شهرين من التشخيص، وكلما أخذ الطفل الحقنة مبكراً بعد التشخيص كلما زادت استجابته للعلاج وتحسنت حالته.

 "حزنت بشدة عندما علمت بمرض طفلتي، ولكن تجدد الأمل عند اكتشافي لحقنة لعلاج ضمور العضلات الشوكي، ولكنها باهظة الثمن، فكيف لأسرة تكاد تعيش أن تدفع 2 مليون دولار ثمن حقنة واحدة على أمل علاج طفلتها؟"

بعد ذلك، يأخذ الطفل جرعة كل 4 أشهر على مدار حياته، مما يعني أن هذا الدواء يحتاج لعدة حقن وليست جرعة واحدة بمليوني دولار وانتهى الأمر.

يساعد هذا الدواء حوالي 40% فقط من المصابين بضمور العضلات الشوكي، ودوره في العلاج يكمن في إبطاء المرض وتحسين الأعراض وزيادة العمر المتوقع للمريض، ما يعني أنه ليس دواء شافياً تماماً.

أدوية تحت الاختبار

توجد أدوية أخرى تمثل أملاً في الشفاء من هذا المرض الجيني، وتعتمد في طريقتها على استبدال الجين التالف أو المتحور المسبب للمرض بجين آخر سليم يمكنه إنتاج البروتين، ومنها دواء زولجينسما "Zolgensma" ويستخدم لدى الأطفال أقل من عامين.

يعطى الدواء عبر الوريد بواسطة قسطرة، ويتم إيصاله إلى مجموعة محددة من الخلايا العصبية الحركية، وجرعته مرة واحدة فقط، وخلال الدراسة تمكّن الأطفال من الجلوس والتحكم في حركة الرأس دون دعم.

يوجد دواء آخر يعرف بالريسديبلام "Rasdiplam" ويؤخذ عن طريق الفم مرة واحدة يومياً، ويسهم في وصول البروتين إلى الخلايا العصبية، وقد ساعد هذا الدواء على تحسين وظيفة العضلات بعد 12 شهراً لـ 41% من الأطفال الذين تناولوا هذا الدواء. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image