شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"فرحة ما تمت"... الحكومة المصريّة تتخذ قراراً يزيد التضخّم بعد أيّام من تراجعه

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 13 يوليو 202206:20 م

أصدرت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات النفطية في مصر قراراً برفع أسعار البنزين والسولار والمازوت للربع الثالث من العام الجاري 2022 ارتفاعاً راوح بين 50 و100 قرش (0.026 و 0.053 دولار)، اعتباراً من الساعة التاسعة صباح اليوم الأربعاء، 13 يوليو/ تموز.

 وبحسب القرار رقم 581 و582 لسنة 2022، الذي أصدرته وزارة البترول المصرية، ونشرته الجريدة الرسمية، والخاص بتعديل سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة والسولار، جاءت الأسعار الجديدة كالتالي: 8 جنيهات لبنزين 80 أوكتان بزيادة 50 قرشاً، و9.25 جنيه لبنزين 92 أوكتان بزيادة 50 قرشاً، و 10.75 جنيهاً لبنزين 95 أوكتان، بزيادة جنيه واحد. وإلى جانب أسعار البنزين، زادت أسعار السولار للمرة الأولى منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، 50 قرشاً دفعة واحدة، من 6.75 جنيه إلى 7.25 جنيه للتر الواحد، كما زاد سعر طن المازوت المورد لباقي الصناعات 400 جنيه للطن، ليصبح سعر الطن الواحد 5000 جنيه، مع ثبات سعر المازوت المورد للصناعات الغذائية والكهرباء.

يأتي القرار بعد يومين فقط من احتفاء مجلس الوزراء المصري بتراجع التضخم للمرة الأولى منذ 6 أشهر، على أمل أن يكبح ذلك من جماح تزايد الأسعار. إلا أن قرار لجنة التسعير أتى قرار ليضيف الكيروسين إلى نيران التضخم فيزيد اشتعالها

يأتي القرار بعد يومين فقط من احتفاء مجلس الوزراء المصري بتراجع التضخم على أساس شهري للمرة الأولى منذ ستة أشهر، على أمل أن يكبح ذلك من جماح تزايد الأسعار. إلا أن قرار لجنة التسعير أتى قرار ليضيف الكيروسين إلى نيران التضخم - بحسب التعبير الدارج- فيزيد اشتعالها، وذلك مع اعتراف اقتصاديين بضرورته في ظل تفاقم عجز الموازنة الجديدة في بداية العام المالي. 

واعتباراً من الربع الأخير من عام 2019، حررت مصر أسعار الوقود وفقاً للأسعار العالمية، وبدأت العمل بآلية التسعير ربع السنوي - كل ثلاثة أشهر- من خلال لجنة مشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء، تضم في عضويتها ممثلين من وزارتي البترول والمالية، مهمتها النظر في أسعار البنزين والمشتقات البترولية الأخرى، وفقاً لمعادلة تراعي ثلاثة مكونات هي: أسعار النفط العالمية من خام برنت، سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري وقيمة النقل والتكرير والأعباء الاخرى، مع الالتزام بألا يزيد السعر أو يقل عن 10% من السعر المتداول.

وكانت أكبر زيادة في أسعار السولار، في يوليو/ تموز 2019، وهي آخر زيادة قبل تحرير أسعار الوقود نهائياً، حينها ارتفع سعر بيع السولار بقيمة 1.25 دفعة واحدة، من 5.50 جنيه، إلى 6.75 جنيه.

القفزات المتوالية في أسعار المحروقات في مصر تأتي وسط نقص كبير في توفير وسائل المواصلات العامة، فيما توجه الدولة إنفاقها على النقل إلى قطاع الفطارات الفاخرة التي تتجاوز تعريفة ركوبها القدرات الشرئية لمعظم المصريين، الذين يقع ثلثهم تحت خط الفقر 

ونظراً لتأثير سعر السولار على أسعار تعريفات الركوب لوسائل النقل الجماعي، وكذلك نقل السلع، كلف رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي منظومة الشكاوى الحكومية بسرعة التعامل مع أي شكوى ترد للمنظومة بشأن المبالغة في زيادة تعريفة الركوب أو احتكار المنتجات البترولية، كما حدد وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوي الزيادة الجديدة في تعريفة الركوب لوسائل المواصلات بما يراوح بين 5 و7% على جميع الخطوط الداخلية بالمحافظة والخارجية بين المحافظات، و50 قرشاً في أسعار تذاكر النقل العام بالقاهرة والإسكندرية.

أسعار النفط العالمية

ورغم تغيير الحكومة أسعار المشتقات البترولية 11 مرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعد تحرير أسعار الوقود، إلا أنها كانت تبقي على أسعار السولار ثابتة عند 6.75 جنيه للتر، نظراً لأبعاده الاقتصادية، إذ يستخدم في حافلات النقل العام وبعض سيارات الأجرة وشاحنات نقل البضائع ومولدات الكهرباء، كما يستخدم في تشغيل آلات الري ومراكب الصيد والنقل النهري وأفران الخبز والمحاجر، وهو عنصر أساسي في مراحل نقل وشحن الإنتاج الزراعي ومستلزمات الإنتاج مثل التقاوي والأسمدة.

لكن أسعار النفط العالمية شهدت زيادات متوالية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط الماضي، إذ ارتفع سعر خام برنت من حدود الـ90 دولاراً للبرميل في نهاية عام 2021 وبداية 2022، إلى أكثر من 100 دولار، وبلغ السعر 139 دولاراً في مارس/ آذار 2022، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق منذ عام 2008.

خبير اقتصادي: كل ما هو مرتبط بالسولار أو المواد البترولية، سوف ترتفع أسعاره بنفس النسبة التي ارتفعت بها أسعار المشتقات البترولية هذا الشهر، ومعدل التضخم سيرتفع بشكل مؤكد نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات وقلة الإنتاج

لكنه عاد إلى حدود الـ100 دولار مرة أخرى خلال الربع الثاني من عام 2022، وأمس الثلاثاء، تراجعت أسعار النفط الخام أكثر من 7%، وانخفضت الأسعار إلى ما دون الـ100 دولار للبرميل، قبل أن تعود للزيادة 73 سنتاً، ليصل سعر البرميل إلى 100.22 دولار للبرميل. وبحسب رويترز، يأتي هذا على خلفية بيع المستثمرين عقود النفط الآجلة وسط مخاوف من أن الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة لوقف التضخم ستؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وتضر بالطلب على النفط.

أما صحيفة The New york times، فأرجعت انحدار أسعار النفط إلى عمليات الإغلاق التي دخلت فيها الصين مجدداً لاحتواء تفشي كوفيد19، إلى جانب تزايد علامات التباطؤ الاقتصادي، خاصة أن الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم وثاني أكبر مستهلك له بعد الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع المخزون وقلة الطلب.

الضغوط الاقتصادية على مصر

ويواجه الاقتصاد المصري مشاكل هيكلية كامنة، طفت على السطح مع أزمة فيروس كورونا المستجد التي اجتاحت العالم في نهاية عام 2019، وتفاقم سوء الوضع الاقتصادي مع اندلاع الحرب الروسية الأوركرانية، التي تركت البلاد في مواجهة مع تكاليف أعلى لاحتياجاتها الكبيرة من استيراد القمح وغيره من المنتجات الغذائية والدوائية والبترولية، فضلاً عن خسارة في عائدات السياحة من الزائرين الروس والأوكران، في ظل تضخم كبير تشهده دول العالم وارتفاع في أسعار الغذاء، في وقت تعتمد الدولة منذ سنوات على الاقتراض لتمويل جانب كبير من حاجتها من العملة الصعبة.

ومنذ بداية عام 2022، فقد الجنيه المصري أكثر من 16% من قيمته، إذ تراجع سعره اليوم الأربعاء، 13 يوليو/ تموز -رسمياً-، إلى 18.84 جنيه للدولار الواحد، وهو أدنى مستوى وصل إليه منذ خمس سنوات. إلا أن السعر في السوق الموازية وصل إلى العشرين جنيهاً.

وارتفع معدل التضخم خلال النصف الأول من عام 2022، من 8% في كانون الثاني/ يناير الماضي، إلى 15.3% في مايو/ آيار، قبل أن ينخفض 0.6% خلال حزيران/ يونيو، ليسجل 14.7% لإجمالي الجمهورية على أساس سنوي، وذلك للمرة الأولى في سبعة أشهر، وفقاً لبيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الخمس الماضي.

في سياق متصل، كشف البيان المالي لموازنة الدولة لعام 2022/2023، زيادة دعم المواد البترولية بنسبة 52.6% وبقيمة 9.68 مليار جنيه (512.8 مليون دولار) على أساس سنوي، تبلغ تقديرات دعم المواد البترولية خلال العام المالي الجديد 28.09 مليار جنيه (1.48 مليار دولار) مقابل 18.41 مليار (0.97 مليار دولار) بموازنة العام المالي الماضي 2021/2022.

أثر ارتفاع سعر السولار على السلع والخدمات

يقول الخبير الاقتصادي عادل عامر لرصيف22 إن عملية رفع أسعار الوقود هذا الشهر كان مخططاً له منذ بداية إستراتيجية الدولة نحو تحرير سعر الوقود ورفع الدعم المقدم له منذ عام 2019، ومع هذا كانت الأسعار شبه ثابتة خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى أن اضطرت الدولة هذا العام إلى رفع الأسعار نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية والحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع معدل التضحم وزيادة العجز في الموازنة العامة للدولة.

وأضاف أنه يمكننا القول باختصار إن كل ما هو مرتبط بالسولار أو المواد البترولية عامة، سوف ترتفع أسعاره بنفس النسبة التي ارتفعت بها أسعار المشتقات البترولية هذا الشهر، متابعاً أن معدل التضخم للشهر الجاري سيرتفع بشكل مؤكد نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات وقلة الإنتاج، كما يقلل قيمة الجنيه مقابل الدولار بشكل أكبر خلال الفترة القادمة.

بدوره يقول الخبير الاقتصادي هاني جنينة لرصيف22 إن الارتفاع في أسعار الوقود بما فيها السولار نسبته 6% تقريباً فقط، وهذه نسبة ليست كبيرة، لكن انعكاس هذا التحرك على الأسعار يختلف بين السلع والخدمات، موضحاً أنه في القطاعات الإنتاجية تكون تكلفة النقل 20% من التكلفة الإجمالية للسلعة، وزيادة هذه التكلفة بنسبة 6% تقريباً، يعني أن تكلفة المنتج النهائي ستزيد بنحو 1:2% فقط.

أما أثر ارتفاع الأسعار على قطاع النقل فهو مباشر ويمرر بنسبة 100%، وبالتالي ترتفع أسعار المواصلات بين 5 و7% كما أعلنت الحكومة. وأضاف جنينة أن القطاعات الخدمية تتأثر كذلك، نظراً لطلب الموظفين تحميل تكلفة ارتفاع الأسعار لجهات العمل، كما أن في مصر الكثير من العمال بنظام "اليومية" الذين يفدون من المحافظات إلى مواقع العمل، وهؤلاء أيضاً سيحمّلون فرق تكلفة المواصلات لأصحاب الأعمال.

وعن أثر ارتفاع أسعار الوقود على نسبة التضخم في مصر، قال جنينة إنه بالتأكيد سيؤثر معدل التضخم لشهر يوليو/ تموز الجاري، والذي يُعلن في بداية آب/ آغسطس المقبل، لأن الزيادات في أسعار الوقود تمرر سريعاً إلى أسعار السلع والخدمات، وبالتالي تظهر آثارها بشكل سريع.

لكن جنينة أشار إلى أن معدل التضخم الإجمالي الذي يعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بشكل شهري، والذي وصل في يونيو/ حزيران إلى 14.7%، يختلف عن معدل التضخم الأساسي الذي يعلنه البنك المركزي، والذي يخصم منه التضخم في أسعار السلع الخضروات والفاكهة لأنها متغيرة، وكذلك أسعار السلع والمنتجات والخدمات المحددة من قبل الدولة مثل الوقود والخبز، وبالتالي إذا أردنا معرفة تأثير ارتفاع أسعار الوقود على باقي السلع والخدمات بالتحديد، فعلينا انتظار إعلان البنك المركزي عن معدل التضم الأساسي لشهر تموز/ يوليو.

وفي بيان صحافي، الخميس الماضي، قال البنك المركزي المصري إن المعدل السنوي للتضخم الأساسي  ارتفع إلى 14.6% في يونيو/ حزيران مقابل 13.3% في مايو الماضي، مضيفاً أن المعدل الشهري للتضحم الأساسي انخفض إلى 1.2% في يونيو 2022، مقابل 1.6% في مايو الماضي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image