شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
حذراً من خدش مشاعر الجمهور الطيب

حذراً من خدش مشاعر الجمهور الطيب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 13 يوليو 202210:39 ص

على هامش مهرجان أيام بيروت السينمائية، قام المهرجان بعرض فيلمين للمخرج مهدي فليفل ضمن خانة "المكان"، وهما "عودة رجل" و"ثلاث مخارج منطقية". مهدي فليفل الذي يصور في عين الحلوة منذ 12 عاماً، عُرضت أفلامه في "دار النمر"، وعلى الرغم أنها من الأفلام القليلة التي تناولت المخيم وحاولت البحث في هويته، المخيم الذي يعرّي سياسات السلطات اللبنانية مع موضوع اللجوء، والأفلام التي قد تخدش مشاعر وعواطف الجمهور الذي لا يرى الأمكنة الهامشية، فهي خارج نطاق رؤيته، أو يتجنبها، حيث تبادر إلى ذهني ذلك السؤال بعد مشاهدة الأفلام "لهذا عُرضت الأفلام في دار النمر، بدلاً عن سينما سيتي؟ هل يُخشى من أن يُصدم الجمهور بالواقع وتُجرح مشاعره؟ أم أن ثمّة أسباب أخرى أبعد من ذلك؟".

يقدم مهدي فليفل أربعة أفلام تتناول عين الحلوة على مدى 12 عاماً، لا يترقب مهدي حدثاً خلال فيلمه، بل يرصد يوميات عبر أحاديث روتينية وأفكار مرتجلة تطرحها شخوصه، مع بعض الوقائع والمعلومات التي يستلهمها من خلال أرشيفه من الفيديوهات، سواءً عن المخيم وتاريخه، أو فلسطين والأحداث الدولية، يوميّات قد تكون عادية في أي مكان ولكن ليس في عين الحلوة. أن تكون لاجئاً غير معترف به في عين الحلوة، فأنت قصة بحد ذاتها، وهوية عين الحلوة هي القصة التي ينبش فيها فيلفل، الذي حالفه الحظّ إلى حدّ ما، حيث وُلد في الإمارات وانتقل للعيش في الدنمارك، ليصبح طرفاً خارجياً يزور عين الحلوة كضيف يحاول البحث عن جذوره وانتمائه، لكن دائماً ما كان لديه امتياز الضيف، الامتياز الذي يجعله مراقباً متأملاً لا يتدخل في صيرورة الحدث، وإنّما يسجله، كما أنه ليس بحاجة إلى تعرية أي شيء، إذ إن المكان قاسٍ بما فيه الكفاية، لجعل كل شيء مباشر وفج.

حياة مستأجرة

ينبش فليفل في أفلامه الأربعة أرضاً مستأجرة لأناس لا يملكون مكاناً؛ ما يزيد عن 70 ألف نسمة رفضتهم كل الأماكن، يحملون المخيم كطوق فولاذي حول أعناقهم، فهم "لاجئو دول الطوق"، كما تسمّى دول الجوار الفلسطيني (سوريا ولبنان والأردن ومصر). بعد اتفاقية أوسلو، تُرك أهل عين الحلوة لمصير مجهول ومؤقت، فرض عليهم حصاراً أمنياً من سلطة لبنانية عنصرية، ولا تعترف بأدنى حقوقهم منذ التسعينيات وحتى يومنا هذا.

في "عالم ليس لنا" (90 دقيقة)، تتنقل كاميرا فليفل قافزة بين المواد الأرشيفية العائلية الخاصة بوالده، حيث كانت كاميرا الفيديو الخاصة به صلة وصل مع العائلة الكبيرة، وعالمه القديم الذي استطاع النجاة منه برفقة عائلته الصغيرة، وبين مواد أرشيفية عن فلسطين، وبين عيون وزواريب عين الحلوة وناسها.

أن تكون لاجئاً غير معترف به في عين الحلوة، فأنت قصة بحد ذاتها، وهوية عين الحلوة هي القصة التي ينبش فيها فيلفل

يسير أبو إياد مديراً للكاميرا. ظهره في دهاليز المخيم الذي يشبه متاهة مغلقة تؤدّي دوماً للنقطة ذاتها التي بدأت منها، لا يعرف دروبها غير أهلها، متاهة بمخرج واحد، على بابه وحش يكاد يشبه الـ"سفينكس" في الأساطير الإغريقية، ولا يسمح بدخول إلا من يملك تصريحاً رسمياً، ويمنع خروج العديد من اللاجئين تاركاً إياهم في حيرة من أمرهم أمام سؤال "هل بإمكاننا الخروج؟ أم أن السلطات اللبنانية ستعتقلنا لسبب لا نعرفه؟".

نستطيع أن نتلمس محاولات فليفل لتفكيك العلاقة الغريبة مع مكان استثنائي مثل هذا، حيث يتحدث المخيم عن نفسه من خلال ثلاثة أجيال متعاقبة، جيل النكبة، الجيل الذي عرف فلسطين وجاء إلى لبنان لاجئاً عبر الجدّ أبو أسامة الغاضب دوماً، الجدّ سريع الاستفزاز والذي يشتم في معظم الأوقات، الجد الذي قضى حياته بانتظار "العودة" برفقة زوجته التي توفيت قبل تصوير الفيلم، الرجل القديم الذي رفض الهجرة إلى أوروبا، حيث منزله في عين الحلوة هو الإثبات الأخير لشرعية حقه بالانتظار وشرعية ما سلب منه في فلسطين، والجيل الثاني يمثله الخال سعيد، جيل الحرب والفصائل، سعيد الذي تجمّد زمنه في الثمانينات بعد أن كان برفقة أخيه الذي يعتبر بطلاً من أبطال المخيم والذي مات متأثراً بإصابته، فجمد زمن سعيد التائه اليوم ما بين العمل بجمع عبوات المشروبات الغازية الفارغة لبيعها بالكيلو وتربية الحمام، المبتسم والضاحك دوماً، وكلما كبر العمر كلما زادت صورته اقتراناً بـ"بهلول الحارة" حتى يكاد الناس يصفونه بالجنون، سعيد الذي يرى صورة المكان مقترنة بالحرب ولم يستطع تغييرها إلى اليوم، يعيش في غرفة مستأجرة مكدّسة بالأغراض وصور أخيه ومؤنسه الوحيد، الطيور التي يربّيها، حيث ضاق ذرعاً من محاولات الخروج الفاشلة، مستسلم لقدر المخيم المفروض عليه، أما الجيل الثالث فهو جيل أبو إياد، الشاب الفتحاوي ابن الجنرال المتقاعد والمحلل الاستراتيجي لكيفية سقوط إسرائيل الأكيد اليوم، أبو إياد الذي انضمّ لفتح في السابعة من العمر، ولا ينفكّ عن لعن المخيم والفصائل والعالم طوال الفيلم، وكأن الكاميرا متنفس له، مساحة ليقول فيها ما لا يقال، عبر شخصيته وقراراته السريعة وأسلوبه العدمي الساخر أصبح أبو إياد بطلاً للفيلم وحاملاً لصورة حياة الشباب في عين الحلوة في مكان جعل من الحياة بحدّ ذاتها مستحيلة.

  يشبه المخيّم متاهة مغلقة تؤدّي دوماً للنقطة ذاتها التي بدأت منها، لا يعرف دروبها غير أهلها، متاهة بمخرج واحد، على بابه وحش يكاد يشبه الـ"سفينكس" في الأساطير الإغريقية

يصاحب مهدي أبو إياد لنغرق معه في عالمه العبثي، الشاب الذي اكتسب لقب تروتسكي فلسطين منذ الصغر، فأبو إياد لقبه تميناً بصلاح خلف أحد مؤسسي حركة فتح، ولكن أبو إياد المخيم عبثيّ، فقد إيمانه بأي فكرة، يشعل ناراً ويبدأ بحرق العديد من البيانات والكتب التي يمتلكها، فلا حاجة لها بعد الآن، يمسك بياناً أصفر اللون لمنظمة التحرير… يقرأ أعلى الصفحة ويضحك ثمّ يرميها في النار، يحمل كتاب غسان كنفاني "عالمٌ ليس لنا" ويضعه بعيداً عن النار ليحمل الفيلم اسمه، أبو إياد الآن في طور التخلي، ترك غرفته وترك كل ما يملك ليخفف من أجور استئجار منزل، ويفكّر بحلول عبثية للخلاص، فكلّ الطرق مغلقة بوجه ابن عين الحلوة، محاصر في 2 كيلو متر لا يستطيع الخروج منها، وغير معترف به. لا جنسية، ممنوع من العمل أو السفر، الاستملاك والحياة خارج هذه المساحة التي تضيق على ناسها.

حكايات أبو إياد والجدّ وسعيد تبني نفسها بنفسها، فنحن لسنا بحاجة لسرد وبنية معينة يكفي أن نستمع لأفكار أبو إياد التي لا تتوقف وخططه ومشاريعه المستقبلية، وننظر لعيون الجدّ أبو أسامة، ونراقب سعيد وانهماكه بطيوره ومحاولاته التهرّب من أي حديث يمسّه شخصياً.

يتتبّع مهدي أحداث كأس العالم 2010، حيث تغدو الحارات كلها شاشات للمشاهدة، من كل سطح منزل يطلّ علم دولة ما، يرتدي الأطفال والشبان قمصان الفرق التي يعشقونها، تتوتر الأجواء في النهائيات من دون دول أميركا اللاتينية التي يعشقها الكل، ومن دون حتى إيطاليا، فريق أبو إياد المفضل لمواقفه تجاه القضية، ففي هذا العام تفوز إسبانيا، نترقب عيون الناس المتجمعين حول شاشة 21 بوصة محدّقين بحدث يثبت ارتباطهم مع العالم، ويثبت أن لهم مكاناً فيه، عيون الكثير منهم شاردة تترقب الكرة والهدف، ولكنها في الحديقة تحدق في الفراغ اللانهائي بمكان يخنق أهله، مكان منسي من قبل الكل، يفيض عاماً بعد عام بالناس ويتوسع عامودياً كغزو للسماء، المتنفس الباقي الوحيد.

الغريب/ العدو

يتتبع مهدي صديقه أبو إياد في فيلمه الثاني بعدما استطاع السفر إلى اليونان، أملاً بأن يصل من بعدها إلى بلد ما يمنحه جنسيته. في فيلمه الثاني زينوس 2014 وهي كلمة يونانية تعني العدو أو الغريب، يترصد مهدي في أزقة أثينا وحدائقها عالم المهاجرين غير الشرعيين، ومنهم أبو إياد صديقة، ورضا بطل فيلميه القادمين، رضا الذي لم يغادر الكيلو مترين طوال حياته في عين الحلوة، إلّا بعد أن سافر إلى اليونان، ليكتشف مع رفاقه سجناً جديداً أقسى من عين الحلوة، سجناً، يكون الهرب الوحيد منه هو عبر المخدرات التي لطالما ابتعد عنها، ووجّه اللوم لمن يستعملها. في اليونان، كما يقول أبو إياد، أنت بحاجة للمخدرات لكي تستطيع أن تمضي نهارك، حيث يُفتتح الفيلم بعملية شراء مخدرات من تاجر ما، الخيارات واضحة، هنا، اسرق لتأكل، وإن ساءت الأمور أكثر، تستطيع العمل في الدعارة عبر جولة في الحديقة، إمّا أن يستأجرك رجل غريب، أو امرأة عجوز مقابل 50 يورو، الكل ينهش جسد اللاجئ وجوعه في اليونان، عبر مكالمة هاتفية مطولة مع أبو إياد شارحاً فيها الثاني تفاصيل عن حياته فيها، مكالمة تركت مهدي في نهايتها صامتاً لا يعرف كيفية الرد أمام ما رواه أبو إياد الذي تخلى عن كل شيء تماماً.

هروب جديد

تقوم السلطات اليونانية بترحيل رضا 26 عاماً، الشاب الذي صوّره مهدي في اليونان بعد ثلاث سنوات من محاولاته للنجاة. يعود رضا منكسراً من جديد لعين الحلوة، ليصور معه مهدي فيلمه الثالث "عودة رجل"، الفيلم الذي يلتقط حافّة الانهيار تماماً، رضا خسر ثلاثة سنوات، يحاول اليوم تعويضها بحقن الهيروين التي يتغير تمركزها ضمن كوادر مهدي، ولكن يبقى وجودها صارخ. يخطّط لزواجه من حبيبة طفولته التي قبلت بالزواج منه بالرغم من وضعه الخطر، فهو مطلوب خارج المخيم، وداخله لا يستطيع الحراك سوى بمساحة محددة بدقة وبرفقة صديقه القديم؛ مسدسه. وهو مدمن هيروين يتوعّد نفسه ويعدها بالإقلاع عنه عند الزواج، يستعرض مهدي تحضيرات رضا للزواج وأفكاره ومشاريعه حول المستقبل، فرحته بالغرفة التي أسسها بأقل التكاليف من ورق جدران يستخدم لديكور المغارات في عيد الميلاد غالبا، إلى استخدامه لشراشف وستائر لإغلاق بعض الجدران المفتوحة، وكأنه يتشبث بأي فرصة تعيد إثبات وجوده في هذا المكان بعد تجربة اليونان.

الخيارات واضحة، هنا، اسرق لتأكل، وإن ساءت الأمور أكثر، تستطيع العمل في الدعارة عبر جولة في الحديقة، إمّا أن يستأجرك رجل غريب، أو امرأة عجوز مقابل 50 يورو، الكل ينهش جسد اللاجئ وجوعه في اليونان

كانت رحلة الثلاث سنوات صفعة في وجه رضا، فبدلاً من أن يستطيع صنع هوية له في مكان جديد، عاد ليلملم أشلاء هوية مبعثرة فقدها عندما ترك عين الحلوة، رضا شاب مندفع قوي البنية وله حضور طاغي، أشبه بزعيم شلة الصبيان الذي كبر وخرج ليدرك أن العالم أكبر من عين الحلوة بكثير، والعالم لا ينفكّ أن يكون أقسى على اللاجئ الفلسطيني يوماً بعد يوم، فعاد إلى سجنه الصغير دون نيّة بالاعتراف بالهزيمة. تذكّرته السلطات اللبنانية في المطار وأنعشت ماضيه باعتقاله فور وصوله، عبر تقرير كاذب… ولم يعرف رضا برفقة ألف شابّ آخرين من عين الحلوة، أسباب هذه التقارير.

يكاد لا يخلو كادر من أصدقاء رضا؛ المسدس وحقنة الهيروين، في ظلام الزواريب وحرّ صيف لبنان، يتنقل رضا برفقة الأصدقاء أثناء تحضيره لعرسه وهويته الجديدة، منتقلا إلى شخصيّة "رجل المنزل" رامياً كل ما سبق خلفه، مع عيون محدقة بسؤال مشترك بين الكل هناك وماذا بعد؟

إجابات مفتوحة

عبر مكالمة هاتفية مطولة مع صديقته الباحثة ماري قرطام، يسعى مهدي فليفل للإجابة عن أسئلة معلّقة حول المخيم وخيارات الشباب حول اليأس، بالتزامن مع عودته لتصوير رضا، الذي أصبح أباً عام 2020 عبر فيلم "ثلاث مخارج منطقية"، نرى رضا اليوم وقد قرّر أن يجرّب السفر مرة أخرى، ولكن مع مسؤوليات جديدة، فهو اليوم أب، زالت تلك البسمات العابثة التي كان يلقيها طوال الأعوام السابقة، وتسمرت مكانها نظرة تحدّق بالمصير. اليوم رضا مسؤول عن عائلة، تحاول ماري قرطام اختزال أسئلة مهدي بطرحها لنظرية أن للفلسطيني في عين الحلوة ثلاث حلول أو مخارج، إما السلاح والانتساب لفصيل سياسي/إسلامي، أو المخدرات والضياع، أو نحاجه بالسفر كخلاص أخير من بؤرة مشبعة بالعنف والقسوة واللامنطقية.

مرّ رضا بالمراحل جميعها، يحاول اليوم إتقان الصبر، حتى تكرار تجربة، السفر لعله يكون منفذاً أخيراً لإنقاذ أسرته الصغيرة، برفقة مسدسة، يأخذ قيلولة الظهيرة حالماً بأمل يعرف أنه قد لا يكون موجوداً.

من الصعب توصيف العنف المطبق على اللاجئ الفلسطيني في عين الحلوة بشكل بسيط فهو عنف شامل، عنف مطبق على ما يزيد عن 70 ألف شخص اليوم يعيشون بانتظار اليأس الكبير، ابتسامات مكسورة يصوّرها مهدي عبر أفلامه الأربعة، تغيّرات كبيرة من عام إلى عام، ومفارقات كبرى بين ما يصوره مهدي اليوم وما صوّره والده قبل ثلاثين عاماً، في المخيم، أنت ضمن لعبة مراهنة مع القدر وخيارات الفوز عبثية ومحدودة، كنجاح ابنة الجيران في " عالم ليس لنا" بالنجاة عبر زواجها وسفرها لألمانيا، وهو ما مثّل نجاة مهدي التي جعلته يعود لينبش بمكان كان من الممكن أن يكون مستقبله.

السلاح والمخدرات! هذه الأمور لم تفارق أفلام فليفل، لم تتوقف المخدرات على الهيروين والحشيش فقط، فالخال سعيد في "عالم ليس لنا" يعيش على الحزن الذي غلّفه بعد فقدان أخيه، يشغّل التلفاز ليتابع قناة مخصصة للأطفال "طيور الجنة"، يعيش ليربّي طيوره التي يسجنها بقفص، ويطلب من مهدي تصويرها، يتشارك مع رضا بطل "عودة رجل" محبة الطيور المحبوسة، يطلب الاثنان من مهدي تصوير العصافير الجميلة الحبيسة.

تتبّع مهدي شباب المخيم لتغيب تقريباً فتياته عن المشهد، نساء وفتيات وأمهات عين الحلوة اللواتي بنينه، نساءه الذين أحرقوا خيام الأونروا بعد سقوط المخيم في 82، وأعادوا إدخال مواد البناء لإعمار المخيم، الذي بقي منذ يومها محاصراً لتسهيل ضبط أهله، كما قالت ماري قرطام، وإحكام السيطرة على مجتمع بأكمله وسلب حياته.

مفارقات كبرى بين ما يصوره مهدي اليوم وما صوّره والده قبل ثلاثين عاماً، في المخيم، أنت ضمن لعبة مراهنة مع القدر وخيارات الفوز عبثية ومحدودة

عيون تحاول البحث عن فرصة لأمل يعوّض عن يأسها وخذلانها، سواء من الحكومة الفلسطينية التي قررت التخلي عن عاصمة الشتات بعد مؤتمر أوسلو، أو اللبنانية التي جعلت الناس محبوسين سالبة منهم حياتهم، تخيفهم بتقارير كاذبة ليبقى أهالي المخيم يتكاثرون بين جدران المخيم وأسلاكه الشائكة، خارجين عن السلطة اللبنانية وأي سلطة، أمام مستقبل يتلاشى أمامهم منذ سنوات طويلة.

في المخيم كل شيء يتوسع عموديا ليلامس السماء، وتختفي الزواريب بعتمة أشد، لا شبّاك تستطيع النظر منه للأفق، فقط أسطح الأبنية المتراكمة كقطع ليغو، وسيأتي طفل مشاكس ويدمّرها في النهاية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image