"أبي اختار لي اسمي، وأسلافي اختاروا لي اسم عائلتي، هذا يكفي، أنا من أختار طريقي"/ علي شريعتي
لا يمكنني نسيان تلك اللحظة، بعد عودتي إلى العمل من إجازة الوضع، عندما حملت أمي ابنتي ورفضَت أن تسمح لي بوضعها لدى حضانة أطفال، كانت تأتي لأخذها إلى بيتها كل صباح، إعتنت بها كما لو أنني كنت أنا، فتربت ابنتي في بيت العائلة وسط جدتها وخالاتها وخالها، وانعكس هذا حتى الآن في جوانب عديدة، بعضها كان إيجابياً. فكل عائلة صغيرة محظوظة من جانب ما بوجود عائلة ممتدة لها، إذ لا يمكن تجاوز عاطفة الأجداد والجدات ولا التغاضي عن دورهم في دعم الطفل النفسي والعاطفي، ولكن هذا لا يعني أنني لم أمرّ بأوقات سيئة وأسئلة مهمة عن مهمة التربية التي وُضعتُ أمامها، وخصوصاً بسبب الاختلاف في شخصيتي وثقافتي الحرة المنفتحة عن عائلتي المتأقلمة المحافظة.
بيت العائلة الكبيرة، الجد والجدة الأخوال والأعمام، الاجتماعات الأسبوعية واستعراض قدرات أطفالنا والحديث عن آخر طرائفهم ومشاكلهم اليومية، التعليقات والمداخلات المزعجة أحياناً عن الاختلاف، بين الضحك والغضب يشعر أطفالنا أحياناً بالضيق ونضطر إلى التدخل لحسم بعض المواقف.
هواجس عائلية ممتدة
لا يمكنني نسيان تلك اللحظة، بعد عودتي إلى العمل من إجازة الوضع، عندما حملت أمي ابنتي ورفضَت أن تسمح لي بوضعها لدى حضانة أطفال، كانت تأتي لأخذها إلى بيتها كل صباح، إعتنت بها كما لو أنني كنت أنا، فتربت ابنتي في بيت العائلة وسط جدتها وخالاتها وخالها، وانعكس هذا حتى الآن في جوانب عديدة، بعضها كان إيجابياً. فكل عائلة صغيرة محظوظة من جانب ما بوجود عائلة ممتدة لها، إذ لا يمكن تجاوز عاطفة الأجداد والجدات ولا التغاضي عن دورهم في دعم الطفل النفسي والعاطفي، ولكن هذا لا يعني أنني لم أمرّ بأوقات سيئة وأسئلة مهمة عن مهمة التربية التي وُضعتُ أمامها، وخصوصاً بسبب الاختلاف في شخصيتي وثقافتي الحرة المنفتحة عن عائلتي المتأقلمة المحافظة.
بيت العائلة الكبيرة، الجد والجدة الأخوال والأعمام، الاجتماعات الأسبوعية واستعراض قدرات أطفالنا والحديث عن آخر طرائفهم ومشاكلهم اليومية، التعليقات والمداخلات المزعجة أحياناً عن الاختلاف، بين الضحك والغضب يشعر أطفالنا أحياناً بالضيق ونضطر إلى التدخل لحسم بعض المواقف.
التدخل بين الطفل والجد ليس رفاهية إنه الأمر الطبيعي الذي يجب أن يفعله الآباء لأبنائهم وخصوصاً عندما يتم التسليم بقيم تبدو ثابتة من قبل الأجداد وتأتي على عكس القيم الذي يرغب الآباء في تقديمها لأطفالهم.قد يبدو في ظاهر الأمر أن الموضوع بسيط ويمكن حله بدون تخطيط وإعداد، لكن علينا أن نتأكد قبل كل شيء أننا قمنا بالتفكير جيداً فيما نرغب أن نربي أبناءنا عليه، وهل الاختلاف بيننا وبين أهلنا يكمن في الأوامر الحديثة للتربية أم في أساليب التربية، أم في المبادئ التي تحتاج إلى قراءة للذات قبل الخوض في تطبيقها.
الأبناء أولاً
علينا الاتفاق بشكل أولي على أن كرامة الطفل هي الأساس والمرجعيّة الأولى في رسم حدود تدخل العائلة الممتدة سواء من طرف الأم أو طرف الأب، وأقصد تماماً هنا الكرامة بمفهومها المرتبط بحرية الإرادة، وليس مجرد طفل نظيف وبصحة جيدة ولكن أيضاً يتم النظر لرأيه على سبيل المثال. النقطة الثانية التي يجب الاتفاق عليها أيضاً هي أن الأم والأب الأكثر دراية ومعرفة وأحقية في تحديد السلوكيات والقيم التي يرغبان في تقديمها لأطفالهما، ومن هنا يمكننا مناقشة جوانب أخرى كحدود تدخل العائلة في الأبناء وطريقة الحد من التدخل، وكيفية التعامل مع الأهل في حالة تدخلهم.
وعلى الرغم من حداثة العصر وتوافر الروضات والحضانات، فإن وجود بيت العائلة في حياة الأطفال أمر ضروري من الناحية العاطفية ويؤثر بشكل إيجابي على صحتهم النفسية. يهتم الأجداد دائماً بلمّ شمل العائلة ولهذا عادةً يكون منزلهم مقرًّا لاجتماع جميع الأبناء والأحفاد، مما يسمح للصغار بلقاء أعمامهم وعماتهم وأبناء عمومتهم، وأخوالهم وخالاتهم وأبناء أخوالهم، كل هذا يساعد في تكوين ذكريات مشتركة بين الأحفاد وتعزيز الروابط العائلية.
لا يمكن تجاوز عاطفة الأجداد والجدات ولا التغاضي عن دورهم في دعم الطفل النفسي والعاطفي، ولكن هذا لا يعني أنني لم أمرّ بأوقات سيئة وأسئلة مهمة عن مهمة التربية التي وُضعتُ أمامها، وخصوصاً بسبب الاختلاف في شخصيتي وثقافتي الحرة المنفتحة عن عائلتي المتأقلمة المحافظة.
تبين أن ما نسبته 40% من الآباء يعتقدون أن أجداد أطفالهم كانوا متساهلين مع أحفادهم، بينما قال ما نسبته 14% من الآباء أن الأجداد كانوا صارمين، وكانت نقاط الخلاف الأكثر شيوعاً حول الانضباط بنسبة 57%، والتغذية بنسبة 44%، ووقت مشاهدة التلفاز بنسبة 36%.
بغض النظر عن الإحصائيات السابقة، يرغب القليل منا في تربية أبنائه برؤية عائلته، وجميعنا نقف حائرين أمام المواقف التي قد تحدث من وقت إلى آخر. ولعل التصرفات اليومية المتعلقة بمواعيد النوم ومشاهدة التلفاز واليوتيوب، أو حتى نوعية الطعام، قد يسهل السيطرة عليها بشكل ما ويمكن مناقشة الأهل وشرح أسباب هذه الأنظمة من خلال توضيح مصالح الطفل والتوصل إلى اتفاق حول السماح وعدم السماح بتجاوزات معينة، رغم تحفظي على نوعية هذه الرقابة. وبتجربة شخصية
رأيت كيف تعلمت ابنتي وتعودت على الأكل الصحي المنزلي بسبب العيش مع عائلتي، ولكن المعضلة الحقيقة تكمن عندما نختلف مع أهلنا في قضايا متعلقة بالإرادة الحرة وحرية الضمير.
الحرية دائماً
خضت أسئلة صعبة وكبيرة عندما فكرت فيما أريد أن تعرفه ابنتي أولاً عن مفهوم الحياة ومعنى الوجود، كيف أخبرها أن وجودها الفيزيائي مساوٍ تماماً لوجودها المعنوي. وكيف أتصرف تجاه وجودها وكيانها حتى تدرك معنى كرامتها، حتى عثرت على ضالتي: "الحرية". نعم، الكلمة السحرية، الحرية، حرية الإرادة، هو المبدأ الأول والأهم الذي أردت أن أعلمه لابنتي.
هل أنا أتفلسف؟ نعم أنا أتفلسف لأنني أحب الفلسفة، وأتمنى أن تصبح الفلسفة جزءاً من تصرفاتنا اليومية. في عمر السنتين أوصلت لابنتي بطرق متعددة أن الحرية أهم شيء في الوجود، والحب أقوى شيء في الوجود. أخبرتها لأؤكد على ذاتي قبل أي أحد، ثم لأخبر من حولي والذين يشاركونني في العناية بطفلتي عما أريد نقله لها، ولكن الاختلاف في مجتمعنا قد يفسد الود وخصوصاً عندما يتعلق الموضوع بالمعتقدات والأفكار التي من المفترض أن تنعكس على أبنائنا وتربيتهم.
هنا بدأت المواجهة الحقيقية، في جعل المبدأ تصرف يومي، وتجربة حقيقية باتخاذ قرارات مشتركة مع أطفالنا في كل ما يتعلق بأمورهم اليومية، نوعية طعامهم وأنشطتهم، طريقتهم في الكلام، الرد على القمع الذي قد يحدث لهم في غيابنا، بعيداً عن كل تلك الطرق القديمة التي تربينا عليها، وتسميتها بالتسمية الصحيحة. فالرفض ليس وقاحة، وعدم السماح للكبار بإهانة طفل، حتى بكلمة، ليست قلة أدب، وخوض نقاش مع الأعمام أو الأخوال ليس تدخلاً في شؤون الكبار.
قررت أن أولويتي هي منح أبنتي الأدوات لتحافظ على كرامتها في مواجهة العائلة وهي النموذج المصغّر عن المجتمع، علّمتها اتساع الخيارات في كل الأمور، وأن لا حدود للفكرة، علينا أن نعلمهم بأفعالنا، وهذا الاختلاف قد لا يظهر بذلك الوضوح إلا بعد أن يبدأ أطفالنا بتعلم الكلام والتفكير بصوت عالٍ وخلط الخيال بوعيهم للأشياء.
بينما يكون الرد على سؤال "كيفك؟" بالنسبة لي: "منيحة" يكون في عرف الأهل: "الحمد الله"، وهذا ليس مجرد رد. إنه ثقافة مختلفة متعلقة بالمعتقد وحرية الضمير، هنا يجدر بالطفل التعرّف على وجود تلك المساحات من الخيارات الأخرى المتاحة في المعتقدات والأفكار، الأمر الذي يُستبان في نمط الحياة اليومية حتى في أصغرها، وخصوصاً عندما تبدأ أسئلة الطفل عن معنى الله والوجود، وكل ما يرصده من بيئته الخارجية سواء في المدرسة أو في العائلة، وعلينا الاستعداد إلى الحاجة للاشتباك مع ثقافة العائلة لتقبل الاختلاف وتشكيل فريق داعم للأطفال، داعم لاختلافهم ورغباتهم ومشاعرهم التي تغيرت باختلاف الزمان.
ولكن من جهة أخرى، علينا ألا ننسى مع الأهل الحب أولاً وأخيراً، لذا من واجبنا لنحمي أطفالنا نفسياً ونحافظ على مشاعر الأهل ولا نفسد هذه العلاقة الجميلة معهم، أن نلجأ إلى أسلوب حوار منفتح وذي أبعاد تفاهمية، قد يمكننا من خلاله التجسير مع ثقافة المجتمع لتقبل الاختلاف، وتعليم أطفالنا أيضاً ضرورة الحوار مع جميع الأطراف.
تغيير ثقافة التراث القمعي
يُجمع معظم أبناء جيلي (الثمانينيات) على أننا جيل "هبايل"، لم يتح مجتمعنا لنا طرح الأسئلة، لم نرفض له أمرًا، نفعل الأشياء في الخفاء خوفاً من العقاب دون أن ندرك سبب المنع، ولم نكن لنغادر مكاننا ما لم يُسمح لنا،
لم تحتج أمهاتنا إلى الصراخ. إنها نظرة واحدة، وسيكون كل شيء على ما يرام (صديقتي أخبرتني إن أمها كانت تنادي ستة أطفال بالتصفيق وعلى الجميع أن يكون حاضراً)
بالخوف والطاعة هكذا عشنا وتربينا. وهذا تماماً ما لا نتمنى أن يحدث مع أطفالنا. أرغب دوماً أن تراددني ابنتي، إني أعلمها أن تفعل ذلك عندما أطلب شيئاً منها، حتى وإن كان يبدو منطقياً بالنسبة لي، لكني أعلمها أن تسأل لماذا؟ وأن تقول لا، حتى ولو كان ضد إرادتي ورغبتي وعلى حساب تعبي. نعم أرغب أن ترفض أوامري، أن تقرر وحدها أفعالها اليومية وتتحمل مسؤولية قرارها (في وقت ما).
لقد تربينا على ثقافة القمع، ممنوع الكلام، ممنوع السؤال، الشدة في التعامل، وقت للنوم ومكان مخصص للأكل، ممنوع التحدث على الطعام، ممنوع الحديث مع الكبار، وتطول قائمة الممنوعات، ولكن كيف يمكن تكرار هذه النسخة من التربية، مع كل ما نشعره هذه الأيام كأمهات وآباء من امتنان لوجود الأطفال في حياتنا؟
لنتوقف مع ذاتنا قليلاً قبل أن ننتقد تربية أهلنا، ربما ثمة اختلاف في طبيعة الأوامر ولكن هل اختلفنا في مبدأ التربية، إذ نقمع أطفالنا "بأساليب راقية" عبر منعهم من مشاهدة التلفزيون أو مزاولة الألعاب الإلكترونية وحثهم على الدراسة وعدم تناول الحلويات. تختفي أمامنا صور الماضي التي حملت نفس الأوامر ولكن لأفعال مختلفة. علينا أن نغير المبدأ في التعامل مع أطفالنا، نحافظ على حريتهم في التعبير عن آرائهم، وننسى فكرة وضع قانون لإدارة المنزل دون استشارتهم، ووضعهم أمام أسبابه وأخذ موافقتهم عن قناعة تامة، وألا نخشى من خوض حوار نكون الخاسرين فيه أمام منطق الأطفال الصحيح أحياناً، ومن ثم لنتذكر بعد ترتيب أمورنا الداخلية أن صراع التغير الذي يبدو صعباً مع العائلة سيكون أسهل الآن، لأنه متفق عليه مع أطفالنا وهذه الصراعات سيخوضونها يوماً مع مجتمع مشابه، ولكن سيكون أطفالنا قد أصبحوا شباباً وسيدركون أننا كنا حقيقيين، وقدمنا لهم جميع الأدوات التي سيحفرون بها الجدار معنا، ولنتذكر أن الكرامة لا تتجزأ، فأبدأوا بالعائلة الممتدة، وخوضوا تجربة التغير من هنا.
قد نرتبك أحياناً أمام تصرفات أهلنا مع أطفالنا، ولا ندري كيف نتصرف، وتكون ردة فعلنا عنيفة وجارحة مع الأهل، لأننا لا نمتلك الأسلوب والأدوات المناسبة للتغيير والمناقشة، لذا قبل أن نبدأ بردة فعل على تصرفات الأهل مع أطفالنا، لنفكر جيداً برغباتنا أتجاه أطفالنا، لنفكر في القضايا التي تتسبب في مضايقتنا من تصرفات الأهل، لنفكر في الجانب الجميل والمضيء من علاقة الأبناء بعائلتهم الممتدة، ولنتذكر أن الأهل قابلون للتغير بمحبة، ويمكن الحديث معهم بخصوص أطفالنا، وسواء كان الأهل من النوع الذي يصرّ على انضباط أبنائهم، أو من غير الآبهين لكل تلك الأنظمة والقوانين التي تحكم الروتين اليومي. فإن الاختلاف لا بد منه، لأن النزاعات المتعلقة بالانضباط والوجبات التي يتناولها الأطفال والوقت الذي يقضونه أمام الشاشات عموماً، هذا بالإضافة إلى وجود موضوعات شائكة أخرى مثل الآداب والسلامة والصحة ووقت النوم ومعاملة أحفاد معينين بشكل مختلف عن آخرين، ومشاركة الصور أو المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، هي مجرد أمور سطحية مقارنة مع تلك التصرفات المتعلقة بالحفاظ على كرامة أطفالنا وكيانهم، بجعلهم يتخذون القرارات حسب المراحل العمرية التي يمرون بها، بالحوار معهم ومنحهم اللغة التي تتيح لهم خوض تجاربهم الخاصة، وألا نتجاهل بينما نلقي بالأوامر على أطفالنا سواء أمام الأهل أو في البيت أو الشارع، أن طريقتنا ستكون بمثابة دليل أطفالنا في معنى الكرامة واحترام الذات والآخرين، وألا نتجاهل أن الالتزام بالقوانين والتعليمات هي مرحلة ثانوية بعد الحرية المطلقة.
لقد تربينا على ثقافة القمع، ممنوع الكلام، ممنوع السؤال، الشدة في التعامل، وقت للنوم ومكان مخصص للأكل، ممنوع التحدث على الطعام، ممنوع الحديث مع الكبار، وتطول قائمة الممنوعات، ولكن كيف يمكن تكرار هذه النسخة من التربية، مع كل ما نشعره هذه الأيام كأمهات وآباء من امتنان لوجود الأطفال في حياتنا؟
لنتوقف مع ذاتنا قليلاً قبل أن ننتقد تربية أهلنا، ربما ثمة اختلاف في طبيعة الأوامر ولكن هل اختلفنا في مبدأ التربية، إذ نقمع أطفالنا "بأساليب راقية" عبر منعهم من مشاهدة التلفزيون أو مزاولة الألعاب الإلكترونية وحثهم على الدراسة وعدم تناول الحلويات. تختفي أمامنا صور الماضي التي حملت نفس الأوامر ولكن لأفعال مختلفة. علينا أن نغير المبدأ في التعامل مع أطفالنا، نحافظ على حريتهم في التعبير عن آرائهم، وننسى فكرة وضع قانون لإدارة المنزل دون استشارتهم، ووضعهم أمام أسبابه وأخذ موافقتهم عن قناعة تامة، وألا نخشى من خوض حوار نكون الخاسرين فيه أمام منطق الأطفال الصحيح أحياناً، ومن ثم لنتذكر بعد ترتيب أمورنا الداخلية أن صراع التغير الذي يبدو صعباً مع العائلة سيكون أسهل الآن، لأنه متفق عليه مع أطفالنا وهذه الصراعات سيخوضونها يوماً مع مجتمع مشابه، ولكن سيكون أطفالنا قد أصبحوا شباباً وسيدركون أننا كنا حقيقيين، وقدمنا لهم جميع الأدوات التي سيحفرون بها الجدار معنا، ولنتذكر أن الكرامة لا تتجزأ، فأبدأوا بالعائلة الممتدة، وخوضوا تجربة التغير من هنا.
ربما ثمة اختلاف في طبيعة الأوامر ولكن هل اختلفنا في مبدأ التربية، إذ نقمع أطفالنا "بأساليب راقية" عبر منعهم من مشاهدة التلفزيون أو مزاولة الألعاب الإلكترونية وحثهم على الدراسة وعدم تناول الحلويات
الحوار والصراحة
قد نرتبك أحياناً أمام تصرفات أهلنا مع أطفالنا، ولا ندري كيف نتصرف، وتكون ردة فعلنا عنيفة وجارحة مع الأهل، لأننا لا نمتلك الأسلوب والأدوات المناسبة للتغيير والمناقشة، لذا قبل أن نبدأ بردة فعل على تصرفات الأهل مع أطفالنا، لنفكر جيداً برغباتنا أتجاه أطفالنا، لنفكر في القضايا التي تتسبب في مضايقتنا من تصرفات الأهل، لنفكر في الجانب الجميل والمضيء من علاقة الأبناء بعائلتهم الممتدة، ولنتذكر أن الأهل قابلون للتغير بمحبة، ويمكن الحديث معهم بخصوص أطفالنا، وسواء كان الأهل من النوع الذي يصرّ على انضباط أبنائهم، أو من غير الآبهين لكل تلك الأنظمة والقوانين التي تحكم الروتين اليومي. فإن الاختلاف لا بد منه، لأن النزاعات المتعلقة بالانضباط والوجبات التي يتناولها الأطفال والوقت الذي يقضونه أمام الشاشات عموماً، هذا بالإضافة إلى وجود موضوعات شائكة أخرى مثل الآداب والسلامة والصحة ووقت النوم ومعاملة أحفاد معينين بشكل مختلف عن آخرين، ومشاركة الصور أو المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، هي مجرد أمور سطحية مقارنة مع تلك التصرفات المتعلقة بالحفاظ على كرامة أطفالنا وكيانهم، بجعلهم يتخذون القرارات حسب المراحل العمرية التي يمرون بها، بالحوار معهم ومنحهم اللغة التي تتيح لهم خوض تجاربهم الخاصة، وألا نتجاهل بينما نلقي بالأوامر على أطفالنا سواء أمام الأهل أو في البيت أو الشارع، أن طريقتنا ستكون بمثابة دليل أطفالنا في معنى الكرامة واحترام الذات والآخرين، وألا نتجاهل أن الالتزام بالقوانين والتعليمات هي مرحلة ثانوية بعد الحرية المطلقة.
وتذكروا أيها الآباء والأمهات أن الخيارات كلها مفتوحة أمام الإنسان إلا خيار ألا يكون حراً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...