مع اشتداد قصف قوات التحالف العربي على اليمن، لم يجد الشاب اليمني محمد سبأ بداً من مغادرة بلاده، بعد أن أدرك أن أمد الحرب التي بدأت في يناير/ كانون الثاني 2015 سوف يطول.
جاء سبأ إلى القاهرة لاستكمال الدراسات العليا في الفنون، بعد أن حصل على بكالوريوس التربية الفنية في جامعة "إب" باليمن. وعندما فكر في العمل، افتتح بالشراكة مع زوجته إستوديو خاصاً لتجهيز العرائس على الطريقة اليمنية، في وقت يزداد توافد أبناء بلده إلى مصر، وتزداد حاجتهم إلى كل ما يربطهم ببلادهم وتقاليدهم، وأطلق على الإستديو اسم "ملكة سبأ لحفلات الزفاف".
تستغرق تحضيرات العُرس اليمني أسبوعاً، إذ تقام الحنة في يوم والزفاف في يوم آخر وكل منهما له ملابسه الخاصة
حنين إلى اليمن
يقيم محمد وزوجته في مصر منذ نحو ستة أعوام، إلا أن شوقهما إلى اليمن يزيد بمرور الأيام، إلى بلاد سبأ لم ينقص بل يزداد يوماً تلو آخر. وهو يتمنى أن تخلص بلده من النزاعات والحروب التي فتكت بأوصالها ليعود لها. يعمل حالياً كمدير للدار اليمنية للفنون والتراث بالقاهرة بمشاركة مؤسسة سبأ للثقافة والفنون، التي تنشر الثقافة والتراث اليمنيين، وتحيي التراث الشعبي اليمني وتوثقه. قرر محمد أن يطلق على مشروعه الخاص اسم "سبأ" أيضاً، تيمناً بحضارة اليمن القديمة، وقخراً بلقب عائلته.
انقطاع المنحة
يقول محمد سبأ لرصيف22: "جئنا إلى مصر بعد الحرب، وفجأة توقفت المنحة التي كنا نحصل عليها من بلادنا، فقررنا أن نبحث عن مصدر رزق إلى جانب الدراسة، وافتتحت المشروع بمشاركة زميل لي قبل عامين. ولأني فنان تشكيلي ومصمم وأدرس بأكاديمية الفنون في مصر، قررت العمل بتنظيم الأعراس والمناسبات الخاصة بأبناء اليمن المقيمين في مصر من خلال طقوسنا الخاصة المتصلة بالقاعات والمجالس العربية والطعام والملابس الخاصة بمحافظات اليمن".
لا تسمح السلطات المصرية بدخول شحنات مستلزمات الزفاف اليمنية إلا بعد تدخل سفارة اليمن، وذلك بسبب الخنجر التقليدي "الجنبية"، الذي يُعامل كقطعة سلاح. وتدخل الشحنات عادة بعد قص الخناجر واقتطاع نصلها
يحرص محمد على تجهيز الملابس الخاصة بالأفراح اليمنية التي تقام بالمنازل، إذ من العادات اليمنية أن لا تخرج العروس من بيتها إلا إلى بيت الزوجية يوم الزفاف، ولا تقام حفلات الزفاف في قاعات خارجية. يوضح محمد أن خائطات يمنيات يقمن بتجهيز الفساتين والملابس الخاصة بالعروس، كما ينظم الإستوديو "حفل حنة" للعريس الجديد، ويوفر الملابس التقليدية اليمنية الخاصة بالزفاف للرجال كذلك، كل هذا مصحوب بالأغاني اليمنية الشعبية التقليدية.
وبحسب محمد سبأ، تستغرق تحضيرات العُرس اليمني أسبوعاً، إذ تقام الحنة في يوم والزفاف في يوم آخر وكل منهما له ملابسه الخاصة. أما العقبات التي تواجهه، فهي شحن الخامات المستخدمة كالأقمشة والملابس اليمنية الخاصة بالرجال، التي لا تخلو من الخنجر المسمى بـ"الجنبية"، إذ لا يسمح بدخول الشحنة إلا بتدخل السفارة اليمنية في القاهرة التي تبلغ السلطات أن استيراد الخناجر للأعراس فقط، وتتعرض الخاجر للقص إذ تعتبرها السلطات "سلاحاً أبيض" يمنع دخوله إلى البلاد.
زوجة داعمة
ويحلم سبأ بمشاركة شركة تدعمهم في التعهد وتجهيز الأفراح يوماً ما، ليكبر نشاطه. وحالياً تساعده زوجته في تسويق القسم النسائي الذي تتولى إدارته كاملة، بينما يتولى هو وزميله إدارة القسم الرجالي.
في سياق متصل، بحسب تصريحات سابقة لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، فإن مصر تستضيف أكثر من مليون يمني يلقون نفس معاملة المواطن المصري، خاصة على مستوى التعليم والرعاية الصحية.
وفقاً لـمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية يراوح عدد اليمنيين المقيمين في مصر بين 500 ألف و700 ألف، ويُعد ذلك ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بعددهم قبل اندلاع الحرب، إذ كان يبلغ حوالي 70 ألفاً، فيما يقدر عدد اليمنيين المسجلين كلاجئين أو طالبي لجوء مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 9,200 يمنياً فقط.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون