شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"بحثت لثلاث سنوات ودفعت سبعة آلاف يورو للسماسرة حتى حصلت على سكن في برلين"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والمشرّدون

الثلاثاء 28 يونيو 202203:52 م

"شوي بتوجّع برلين، حلوة وملانة ناس، بس بشتاق لإم صبري وبشتاقلِك أنتِ بالأساس".

 مقطع كتبه الكاتب مجد كيّال وغناه الفنان الفلسطيني فرج سليمان في أغنية أسئلة براسي ضمن ألبوم "أحلى من برلين" الذي يتغنى في الكثير من مقاطعه بالحياة في حيفا وتفاصيلها اليومية وشخوصها ويعتبرها "أحلى من برلين". 

قال سليمان في مقابلة سابقة لرصيف22: "برلين هي المكان الأول الذي يفكر فيه من يود الهجرة من فلسطين مؤخراً، فهي قريبة، رخيصة، شبابية، فيها طاقة وحركة فنية". ولكنه يؤكد أن حيفا أحلى وأحسن منها.

كيّال وسليمان أشارا من خلال الأغنية إلى أن الكثير من العرب إذا ما دفعتهم الحياة للهجرة أو اللجوء، فإن برلين واحدة من المدن التي يفضلون الإقامة فيها.

إلا أن هذا الطلب أدى إلى الضغط على القطاع العقاري الذي لا يستطيع تلبية حاجة السوق، وبالتالي تستمر رحلة البحث عن بيت في برلين لفترة طويلة جداً. 

لماذا برلين؟ 

سألنا عدداً من قاطني/ات برلين للتعرف على أسبابهم/ن في اختيار برلين كمكان للعيش.

(ألان درويش)، كردي سوري، قال إنه اختار برلين، لأن أخاه وخاله وصلا إليها قبله بسنوات، لذلك فضل هو أيضاً العيش فيها، بالإضافة لإحساسه بأنه في بلده، ففيها الكثير من السوريين : "كل شي متوفر فيها والأصدقاء من جميع الدول ومن جميع الأديان".

"برلين مدينة كبيرة، أسعارها معقولة، منفتحة على التنوع الجندري والجنساني، كما أن التعليم فيها جيد". تقول صبا التي انتقلت إلى برلين للدراسة من إحدى دول الخليج. 

يسكن ألان في نويكولن التي تعد أحد أجزاء المدينة الأكثر تنوعاً إثنياً، من المهاجرين/ات واللاجئين/ات بالإضافة للألمان، ويوضح: "حصلتُ على الشقة التي أقطنها بصعوبة، استمر البحث ثلاث سنوات، وانتهى الأمر بدفع ما يقارب السبعة آلاف يورو للسماسرة حتى حصلت على الشقة التي أعيش فيها". 

(صبا) من إحدى دول الخليج قالت إنها انتقلت لبرلين من أجل الدراسة، وقد اختارتها لأنها: "مدينة كبيرة ومتنوعة، أسعارها معقولة، تتمتع أيضًا بطبيعة جميلة، منفتحة على التنوع الجندري والجنساني، ولديها الكثير من الأشياء الرائعة والممتعة، كما أن التعليم فيها جيد".

لم تواجه صبا مشكلة في الحصول على سكن، لأنها انتقلت للعيش مع شريكتها التي تسكن في برلين في شقة في منطقة نويكولن أيضاً.

أما (فداء زعانين) فتقول لرصيف22: "كان حضوري لبرلين الخيار الوحيد المتاح بسبب مشاكل في مكان إقامتي السابق".

وتوضح إنه ليس لديها مانع أن تنتقل للعيش في مدينة أخرى في ألمانيا أو غيرها، فليس هناك ما يربطها ببرلين سوى العمل كمديرة مشروع.

وقدم (أمجد مستراحي) إلى برلين مؤخراً من الأردن، لينضم لزوجته الألمانية التي تعيش وتعمل وتدرس في برلين.

تبقى برلين مراد العديد من المغتربين للعديد من الأسباب، منها الانفتاح، وزحمة المدينة بالفعاليات الثقافية والفنية والسياسية. وتبقى أزمة السكن مشكلة إلى أن تجد الدولة حلاً حقيقياً.

هذا هو السبب الرئيسي في اختياره المدينة، وأضاف: "كما أن لدي تواصل مع جمعيات ثقافية موجودة في برلين، لديها برامج في الأردن، وكنت أحد المستفيدين من منحها لتأسيس أول مساحة فنية ثقافية في إربد، ووجودي في برلين منحني الفرصة للتعرف على كيفية عمل هذه المؤسسات وأخذ الخبرة منها".

وقال مستراحي لرصيف22 إن الحصول على مكان للسكن كان من أصعب الأشياء، واستغرق بحثه عنه حوالى الستة أشهر مع الكثير من المعوقات.

وأضاف مستراحي الذي يعمل كمدير ثقافي: "برلين جميلة ولطيفة، ولكن بإمكاني العيش في مدينة ثانية، كنورنبورغ التي هي مدينة هادئة وأنا أحب الهدوء".

الطلب أكثر من العرض

يواجه الباحثون عن شقة للإيجار في برلين العديد من المصاعب، اقتصادية وسياسية واجتماعية، عنها تحدثنا مع أحد العاملين في قطاع العقارات في برلين وبراندنبورغ، والذي فضل عدم ذكر اسمه فقال: "توقفت عن العمل في مجال التأجير، وأعمل حالياً فقط في مجال بيع البيوت والشقق بسبب قلة المعروض والذي أدى إلى جمود في التأجير، الكثيرون يطلبون شققاً، فيما لا نستطيع تلبية طلباتهم".

وأشار إلى الأسباب التي يراها وراء قلة عرض الشقق والمنازل للإيجار: "أثرت الحرب الأوكرانية على السوق، وكذلك جائحة كورونا بالإضافة لقرار المحكمة بعدم فرض سقف معين لرفع أسعار العقارات الذي صدر قبل عام ونصف".

"بعد فشل قانون وضع سقف لأسعار العقارات، أصبحت الكرة في ملعب الشركات الاستثمارية، مما أبقى على الأسعار مرتفعة، إلى أن بلغ سعر تأجير المتر المربع الواحد 16 يورو". يقول (ساهر حاجي) الذي يعمل في مجال العقارات في برلين. 

وكانت أعلى محكمة ألمانية قد قضت في أبريل/ نيسان من العام الماضي بأن سقف أسعار الإيجارات الذي طبقته حكومة برلين العام الذي سبقه (2020) غير دستوري وباطل، وذلك بعد تقديم الحد الأقصى في فبراير/شباط 2020 من قبل الائتلاف الحاكم للولاية بهدف الحفاظ على الإسكان الميسور التكلفة في المدينة. 

أما العقاري (ساهر حاجي) الذي يعمل في مجال العقارات في برلين منذ 1990،  فيرى أن الطلب أكثر من العرض، ويضيف: "بعد فشل قانون وضع سقف لأسعار العقارات في برلين، أصبحت الكرة في ملعب الشركات الاستثمارية الخاصة التي سيطرت على هذا القطاع مؤخراً، مما أبقى على الأسعار مرتفعة، إلى أن بلغت بعض الأسعار إلى تأجير المتر بـ16 يورو، وهو مبلغ كبير حتى أمام الطبقة المتوسطة".

ولفت حاجي إلى أن الشركات المدعومة من الدولة تؤجر الشقق بسعر المتر ثمانية يورو، وهو أيضاً مبلغ مرتفع، كما أن اللاجئين والمهاجرين تدعمهم الدولة للحصول على سكن بمبلغ معين، وفي هذه الحالة يكونون غير قادرين على تغطية قيمة الايجار، حسب تعبيره.

وأكد حاجي أن أغلب المدن الكبرى في ألمانيا تعاني من هذه المشكلة، وأرجع ذلك إلى ارتفاع سعر الفائدة، وارتفاع أسعار مواد البناء أثناء جائحة كورونا وبعدها بما يقارب الـ40٪.

"يصر الكثير من العرب على البقاء في برلين، لأنها تعطيهم إحساس الوطن، فهذا التكتل أو التجمع الكبير للجالية العربية في برلين يعطيهم الإحساس بعدم الغربة، ورغم إنهم شعوب مختلفة تجمعهم تقريباً نفس العادات والتقاليد مما يجعل تجانسهم أسهل، ناهيك بكون برلين من أرخص المدن في ألمانيا وأوروبا بالنسبة للحياة اليومية"، كما أوضح حاجي.

تبقى برلين مراد المغتربين للعديد من الأسباب، منها الانفتاح على الثقافات الأخرى، وزحمة المدينة بالفعاليات الثقافية والفنية والسياسية. وتبقى مشكلة السكن معها إلى أن تجد الدولة حلاً حقيقياً لزيادة الطلب على العقارات، ونقصان البيوت المتوفرة، والذي سيؤدي إلى أزمة إسكانية في المستقبل القريب.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

أكثر من مجرد أرقام

نظراً إلى الحروب والأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية، شهد العقد الماضي تشريد ملايين الأشخاص في منطقتنا.

سواء كانوا نازحين داخلياً، أو اضطروا إلى عبور القارات بحثاً عن منزل جديد، فإن الأشخاص الذين تم تشريدهم غالباً ما يتم تمثيلهم على أنهم أرقام ثقيلة العبء في وسائل الإعلام.

نحن مهتمون بقصصهم الشخصية. نؤمن بأن وسائل الإعلام لديها واجب تسليط الضوء على الكرامة الإنسانية، لا التقليل منها.

Website by WhiteBeard
Popup Image