عام 1935 في مدينة العرائش، شمال غربي المغرب، وُلدت مارسيل بنسيمون لأسرة مغربية يهودية. سنوات قليلة مرت قبل أن تصبح "سيدةً أولى" في بلد غير بلدها، وتقوم بدور "مهم" في هجرة مواطنيها اليهود إلى بلد ثالث كان قيد الإنشاء حين جاءت إلى العالم - إسرائيل.
انتقلت مارسيل في بداية شبابها إلى جبل طارق، منطقة الحكم الذاتي التابعة للتاج البريطاني. كان السبب الظاهري لسفرها هو العمل ممرضة. لكنها عملياً "كانت جزءاً من شبكات تهجير اليهود إلى إسرائيل في ستينيات القرن الماضي"، وفق صحيفة "الصحيفة" المغربية التي تضيف أن الشابة اليهودية سرعان ما تولت إدارة معسكر العبور الخاص باليهود المغاربة، و"مكَّنت الآلاف منهم من الوصول إلى ‘الدولة الجديدة‘ التي أقيمت على أراضي فلسطين التاريخية".
ساهمت مارسيل في تطبيب جراح وآلام المهاجرين عقب الرحلة الشاقة أيضاً.
وتُشير المعلومات التاريخية إلى فرار نحو خمسة آلاف يهودي من المغرب عبر ممر أرضي تحت مدينة مليلية ومنها إلى جبل طارق على متن قوارب، قبل مواصلة الرحلة إلى مارسيليا في فرنسا، وأخيراً ميناء حيفا.
لعبت دوراً مهماً في تهجير آلاف اليهود المغاربة لإسرائيل، وفي توطيد العلاقات بين إسرائيل وجبل طارق… رحيل الممرضة المغربية مارسيل بنسيمون
وأكد موقع "آي 24" الإسرائيلي أن مارسيل "لعبت دوراً محورياً في هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل في ستينيات القرن الماضي ثم تحولت إلى واحدة من أبرز الشخصيات النسائية ذات التأثير الاجتماعي والسياسي".
وكانت مارسيل قد تعرّفت عقب وصولها جبل طارق على جوشوا حسن، المحامي والسياسي ورئيس وزراء الإقليم، ونشأت بينهما صداقة وطيدة تحولت إلى زواج عقب نهاية ولايته الأولى عام 1969. قال جوشوا إنه أُعجب بـ"إنسانيتها وتعاطفها"، علماً أنه كان يكبرها بعشرين عاماً.
وعام 1972، عاد جوشوا لرئاسة الوزراء في جبل طارق، وبقي في المنصب 15 عاماً، احتفظت خلالها مارسيل بلقب "السيدة الأولى" في جبل طارق.
وتصف وسائل إعلام إسرائيلية جوشوا بأنه كان "صهيونياً فخوراً"، وأعطى موافقة فورية على جعل الإقليم معبراً لمرور المهاجرين المغاربة لإسرائيل بعد تواصل الوكالة اليهودية معه. آنذاك تعرّف على مديرة معسكر المهاجرين، مارسيل التي كانت لزوجها، خلال فترة حكمه، الناصحة والمستشارة والمعينة.
رثاء رسمي
الأحد 19 حزيران/ يونيو الجاري، توفيت مارسيل عن 87 عاماً. أعلن رئيس وزراء جبل طارق فابيان بيكاردو الخبر عبر حسابه في تويتر راثياً "شخصية بارزة" في مجتمع جبل طارق.
وأضاف: "سنفتقدها بشدة. لقد كانت زوجة السيد جوشوا حسن، ولذا، كانت جزءاً بارزاً من الحياة العامة لجبل طارق في السنوات التي كان فيها رئيساً للوزراء. أعرب عن أعمق تعازي مجتمعنا كله لابنتي السيدة حسن، اللتين اعتنتا بها في سنوات عمرها حتى أيامها الأخيرة. كانتا معها عندما ماتت. أفكارنا وصلواتنا الآن مع ابنتيها وأحفادها وأصدقائها وعائلتها في هذا الوقت الحزين".
في شبابها، انتقلت مارسيل بنسيمون إلى جبل طارق. ظاهرياً، للعمل ممرضة، وعملياً لـ"تلعب دوراً محورياً في هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل" لا سيّما بعدما تزوجت من رئيس وزراء الإقليم وأصبحت "السيدة الأولى" نحو 15 عاماً
وظلت مارسيل تتمتع بتأثير معنوي ملحوظ لدى المواطنين في جبل طارق حتى عقب وفاة زوجها عام 1997 إذ استمرت في تقديم الدعم والمساعدة للفئات الهشّة. ويُقال إنها لعبت دوراً مهماً في توطيد العلاقات بين إسرائيل وجبل طارق إذ يُدلَل على ذلك باستقرار إحدى ابنتيها في إسرائيل وحصولها على الجنسية وقيادة حياة سياسية بارزة هناك.
راهناً، تشغل فلور حسن ناحوم - ابنة مارسيل وجوشوا - منصب نائبة رئيس بلدية القدس المحتلة، والمسؤولة عن العلاقات الخارجية والتنمية الاقتصادية الدولية والسياحة في المدينة. وهي عضوة مؤسِّسة في مجلس الأعمال الإسرائيلي.
أما الابنة الثانية لمارسيل، مارلين حسن ناحوم، فهي مؤرخة وصحافية وسياسية في جبل طارق تحتفظ بعضوية البرلمان هناك منذ عام 2015.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...