أعلنت وزارة التربية العراقية، الخميس الماضي، عن تأجيل امتحانات البكالوريا للصف الثالث المتوسط، "حتى إشعار آخر"، بعد ثبوت تسريب الأسئلة للطلاب، وبيعها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مقابل مبلغ مالي لا يتجاوز الخمسة دولارات.
وكان ناشطون قد عبروا عن سخطهم وغضبهم من تسريب أسئلة مادة الرياضيات للثالث متوسط، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عبارة "التربويون بحاجة إلى تربية"، في إشارة إلى تورّط الأساتذة في هذه الفضيحة التي تُضاف إلى فضائح فساد كثيرة تجتاح العراق بشكل شبه يومي.
تقول جدة ضحى، وهي إحدى تلاميذ الصف الثالث متوسط، من العاصمة بغداد، لرصيف22: "نحن في حالة دهشة مما يحدث، فبعدما أتممنا، أنا وحفيدتي، مراجعة كتاب الرياضيات، طلبت منها في الساعة الثانية عشرة أن تغدو إلى النوم، على أن أصحّيها في الساعة الخامسة صباحاً كي تكمل مراجعتها، وبدأت أحتسي كعادتي اليومية الشاي وأتصفّح مواقع التواصل، لأتفاجأ بأن الأسئلة منشورة ويتم تداولها في مجموعات متعددة على تطبيقي تليغرام وفيسبوك".
أعلنت وزارة التربية العراقية عن تأجيل امتحانات البكالوريا للصف الثالث المتوسط، "حتى إشعار آخر"، بعد ثبوت تسريب الأسئلة للطلاب، وبيعها على صفحات مواقع التواصل
تُضيف: "سألت نفسي إن كان ما أقرأه صحيحاً! لم أصدق الأمر في البداية لكن ما أثار دهشتي أن علامة وزارة التربية مطبوعة على الأسئلة، في حين كنت أتحدث مع ذوي زميلات ابنتي ضحى، لأفاجأ أيضاً بخبر تأجيل الامتحان إلى إشعار آخر، وهنا كانت الصدمة الحقيقية وكانت حيرتي كبيرة؛ فكيف ستتقبل حفيدتي ورفيقاتها خبر التأجيل بعد المجهود الذي قمن به؟ وهل هذا وضع وزارتنا اليوم؟ خصوصاً أنني من عائلة تربوية وخدمت ما يقارب الثلاثين عاماً في التعليم ولم أرَ مثل هذه الحادثة على الإطلاق".
تورّط مسؤولين
يقول مصدر مطلع في وزارة التعليم العراقية، لرصيف22، إن "الأسئلة تسربت عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل حفيد سياسي ذي سلطة، وقام بإرسال الأسئلة إلى رفيقه الذي قام بتسريبها".
برأي المصدر، عوامل عدة اجتمعت وأدت إلى حال الفشل التي يعيشها العراق في ما يخص العملية التعليمية، منها: المحسوبية الحزبية وتسلم المدعومين مناصب مهمةً في وزارة التربية من خلال محاصصة لا علاقة لها بالكفاءة، أضف إلى ذلك المدارس الأهلية المنتشرة التابعة لأصحاب النفوذ والسلطة، والفساد الإداري، وهي عوامل بمجملها أدت إلى حال الفشل هذه، فضلاً عن الكليات الأهلية التي تخرّج أساتذةً غير أكفّاء".
تحرّش علني
لم تنتهِ الأمور عند هذا الحد، إذ تمّ تسريب تسجيل فيديو لأستاذ مرحلة إعدادية مع صوته وهو يتحرّش بإحدى طالباته، ويعرض عليها أن يعطيها درجةً كاملةً مقابل أن يمارس معها الجنس، وهي تتوسّله أن يعفيها من هذا الأمر، وهو يقابل توسلها بالرفض.
تقول الطالبة في الفيديو، ويبدو من لهجتها أنها من مناطق جنوب العراق: "أستاذ آني بنية عذراء"، فما كان منه إلا أن ردّ بأنه سيمارس معها الجنس "من الخلف". بدت الطالبة وكأنها خائفة وترتجف وهي تتحدث مع أستاذها، لكنّها في الوقت نفسه كانت تُسجّل له المكالمة، وما كان منها إلا أن بثتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي وقت لاحق، تم تسريب مراسلة لوزارة التربية تفيد بأن لجنة التحقيق المكلّفة بموضوع الحرش استطاعت الكشف عن هوية الأستاذ المتحرش (أ.ع) والمنتسب إلى إعدادية زنوبية للبنات، وقد تم فصله وإحالته إلى التحقيق.
ضحية أخرى
حصل رصيف22، على شهادة أخرى من ضحية تعرضت للابتزاز نفسه من قبل أستاذها. تقول مريم (اسم مستعار)، والتي لم تبلغ الـ18 عاماً بعد: "أستاذي في الثانوية كان يحدّق في جسدي دائماً. في بداية الأمر كنت أتجاهل الموضوع خوفاً من سطوته، إلى أن تطوّر الأمر ودعاني إلى غرفتة الخاصة، وبدأ بكلامه المعسول، فكان ردي بأنني أرغب في إكمال دراستي".
الضحية التي ترتاد إحدى المدارس الأهلية في المنصور، تروي كيف أخبرها أستاذها بأنه تحرّى حول حياتها الشخصية واتضح له أنها مطلّقة، وتالياً ما الذي يمنعها من ممارسة الجنس معه بغرض المتعة؟
تقول الطالبة التي يبدو من لهجتها أنها من مناطق جنوب العراق: "أستاذ آني بنية عذراء"، فما كان منه إلا أن ردّ بأنه سيمارس معها الجنس "من الخلف". بدت الطالبة خائفة وترتجف وهي تتحدث، لكنّها "انتصرت" حين نجحت بتسجيل كلامه وفضحه
تقول مريم: "رفضت عرضه وخرجت من الغرفة مسرعةً، وأنا في حال من الصدمة والخوف، وفي يوم تسليم الدرجات تبيّن أن درجتي الفصلية هابطة جداً، فقررت أن أتحدث معه وأخبرته بأن الدراسة هي الهدف الأول والأخير لي، فأجابني بأنه سيعفيني من ممارسة الجنس لكن بشرط. كنت متحمسةً للشرط ظناً مني أنه سيطلب مبلغاً مادياً أو ما شابه ذلك، فإذ به يطلب أن يمارس معي الجنس الفموي، وحين رفضت كل محاولاته، أرسل إلى أهلي أنني على علاقة مع شاب وعلى إثر ذلك قام أهلي بمنعي من إكمال دراستي، لأتحوّل إلى ضحية أستاذ متحرّش وأهل لا يثقون بي".
أسباب الانحطاط
في تصنيف مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس" هذا العام، حلّ العراق خارج مؤشر جودة التعليم، وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف"، إن الصراعات في العراق "دمرت نظامه التعليمي الذي كان يُعدّ في ما مضى أفضل نظام تعليمي في المنطقة، وأعاقت بشدة وصول الأطفال إلى التعليم الجيد، إذ إن هناك اليوم ما يقرب من 3.2 مليون طفل عراقي في سن الدراسة، خارج المدرسة".
تم تسريب مراسلة لوزارة التربية تفيد بأن لجنة التحقيق المكلّفة بموضوع الحرش استطاعت الكشف عن هوية الأستاذ المتحرش (أ.ع) وتم فصله وإحالته إلى التحقيق
وأضافت المنظمة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني: "النمو الأخير في العدد الإجمالي للمدرسين وعدد المدرسين المؤهلين في العراق ونسبتهم، انخفضا في كافة المستويات التعليمية". وذكرت أن "العنف والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والنزوح الجماعي للأطفال والأُسر، أدت إلى تعطيل تقديم الخدمات التعليمية"، مؤكدةً أنّ "الوضع مقلقٌ بشكلٍ خاص في المحافظات المتضرّرة من النزاع، مثل صلاح الدين وديالى، حيث ما يزيد عن 90% من الأطفال في سنّ الدراسة خارج النظام التعليمي".
الوزارة والحادثتان
بعد اتخاذ وزارة التربية العراقية قرار تأجيل امتحان مادة الرياضيات واعترافها بتسريب الأسئلة عبر موقعها الإلكتروني، نشرت الوزارة التي شغل مركز الوزير فيها علي حميد الدليمي، بياناً أكدت فيه "اتخاذ الإجراءات الفورية لضبط تسريب الأسئلة الذي حدث ومحاصرته"، وقد ذكرت الوزارة أنه في اجتماع اللجنة النيابية للتعليم، تم التأكيد على أن "من واجبها اتخاذ إجراءات جديدة في توزيع الأسئلة على المحافظات، من أجل إكمال الامتحانات وحفظ جهد الطالب العراقي".
وأكد الوزير أنه توصل إلى الخيوط الرئيسية في الحادثة، وستتم محاسبة المتورطين، وقد وعدت وزارة التربية بأنها "ستفصح عن هوية الفاعل أمام الإعلام، ليكون عبرةً لمن يتلاعب بجهد الطالب".
في المقابل، شُكلت لجنة تحقيق في حادثة المقطع الصوتي الذي تم نشره للأستاذ المبتزّ، ووعدت وزارة التربية بأنها ستعاقب كل من تراوده نفسه في أن "يتلاعب بحرمة التعليم".
يُعلّق المصدر في وزارة التربية على كُل ما يحصل بالقول: "ما يحدث من ابتزاز صار مألوفاً في المدارس العراقية، على أمل أن يكون التسريب الجديد دافعاً لكي يكون هناك تحرّك فاعل".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع