شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
إن كنت فعلاً تُحبّ... لماذا رحلت؟

إن كنت فعلاً تُحبّ... لماذا رحلت؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 31 مايو 202204:10 م

اعترف لي بإعجابه وحبّه، لكن بعد أيّام قليلة، قال إنّه لا يريد أن أنتظره 5 سنوات إضافية حتى "يؤمّن نفسه"، لذلك اعتبر من الأفضل أن نبتعد عن بعضنا البعض. فرحتي التي لم تكتمل سوى لأيّام عدّة، تحوّلت إلى صدمة وحزن، فأنا لم أفهم ما الذي تغيّر بين ليلة وضحاها.

وهنا بدأت التساؤلات: "هل أنا السبب؟ هل فعلتُ شيئاً سيئاً؟ مرّت الأيّام، وأنا ألوم نفسي على شيء لم أرتكبه، ومرّت السنوات وأنا أشعر بعدم الثقة، وكلّما أراد رجل أن يتقرّب مني، أخاف وأبتعد.

لم أكن أفكّر سوى بالشاب الذي غادرني، وسؤال واحد كان يخطر في بالي على الدوام: كيف لشخص أن يبتعد عمن يُحبّ؟

لماذا يبتعد الشخص عمّن يُحبّه قلبه؟

مرّت جويس، التي تعمل في مجال إدارة الأعمال، بالتجربة عينها، فشريكها السابق طلب الانفصال عنها بعد مرور 3 سنوات على علاقتهما من دون ذكر أي سبب واضح. قال لها حينها، إنّه يريد الابتعاد عنها لأنّها تستحقّ أفضل منه.

رفضت جويس، البالغة من العمر 29، تقبّل هذه "الحجة"، فبالنسبة لها كان عذراً أقبح من ذنب. صحيح أنّها تزوّجت الآن من رجل آخر، إلّا أنّها ما تزال تريد معرفة السبب الرئيسي الذي جعل حبيبها السابق يتخلّى عنها.

وفي حديثها مع رصيف22، قالت جويس: "لو يعود بي الزمن، لكنتُ تقبّلتُ رحيله بقوّة"، وأضافت: "لكنّني لا أندم على علاقتي به، لأنّني بفضله تعلّمت الكثير، سواء على الصعيد الشخصي أو النفسي".

وختمت بالقول: "سأعترف اليوم بأنّه على حقّ، لأنّني استحقّيت الأفضل وتزوّجت من رجل رائع".

أشارت الأخصائية النفسية، وردة بو ضاهر، لرصيف22، إلى أن أسباب رحيل المرء عن الشخص الذي يحبّه، تختلف من شخص إلى آخر:

• قد تكون مشاعر الشخص غير صادقة، وكلّ ما أراده هو تمضية بعض الوقت فحسب.

• من الممكن أنّ ينسحب من العلاقة، لأنّه لم ير بالطرف الآخر ميزات الزوج/ة الذي يبحث عنه/ا.

• لأنّه قد يشعر بأنّه غير مستعدّ للالتزام والخوض في العلاقة.

• قد يرى بأنّ الطرف الآخر يستحقّ أفضل منه، والسبب عدم ثقته بنفسه.

• لأنّه يرى بأن الحبّ ضعف، فيقرّر الرحيل.

انكسار ولوم الذات... هذا ما يحصل مع الطرف الآخر

ماريو، شاب لبناني يبلغ من العمر 31، انفصلت عنه حبيبته السابقة بحجّة أنّها لم تعد تشعر بأي شيء تجاهه، علماً بأنّها بقيت لفترة على تواصل معه حتى بعد أن تركته.

في هذه الفترة، لم يعد هذا الشاب مفعماً بالحيوية كالسابق، بل أصبح هادئاً للغاية. شعر وكأن قلبه انكسر، خصوصاً أنّه كان يحبّها جداً، كما أنّه بات يلوم نفسه، واعتبر أنّه السبب في الانفصال.

"لو يعود بي الزمن، لكنتُ تقبّلتُ رحيله بقوّة، لكنّني لا أندم على علاقتي به، لأنّني بفضله تعلّمت الكثير، سواء على الصعيد الشخصي أو النفسي"

بعد فترة، قرّر أن يعطي لنفسه فرصة ويتعرّف على فتاة أخرى، إلّا أنّه لم يستطع التوقّف عن التفكير بحبّه السابق.

بعد سنتين، تجاوز "وجع" غياب حبيبته السابقة، وخصوصاً بعد أن تعرّف على فتاة وتزوّجها العام الماضي: "زوجتي تاتيانا كان لها الفضل الكبير في تخطّي حبيبتي السابقة، فهي جعلتني أؤمن بالحبّ من جديد"، وأضاف: "الحبّ جميل إن عشناه مع الشخص المناسب، فهو إمّا يرفعنا أو يسحبنا إلى الأسفل".

في هذا الصدد، أوضحت وردة بو ضاهر، أن الانكسار، عدم الثقة بالنفس، إلقاء اللوم على الذات، الإحاطة بالمشاعر السلبية... كلّها أحاسيس قد يعيشها الشخص بعد رحيل الحبيب/ة.

أمّا عن الفترة التي يحتاجها المرء لتخطّي هذا الجرح، فهذا يختلف من أحد إلى آخر.

وشرحت وردة بالقول: "من الطبيعي أن يمرّ الشخص بهذه الفترة، فهذا ليس بأمر سهل. لكن من المهمّ أيضاً أن يدرك بأنّه في هذه المرحلة الصعبة حتى يتمكّن من تجاوزها لاحقاً وليس العيش على أمل انتظار عودته".

لا تنتظر مَن يرحل عنك

كلّ من جويس وماريو، انتظرا عودة الحبيب/ة السابق/ة لسنوات عدّة، بحيث إنهما لم يستطيعا التخلّص من الحبّ القديم بسهولة، بل تأثّرت صحّتهما النفسية بطريقة أو أخرى.

وطبعاً لم يتوقّفا عن طرح مثل هذه التساؤلات: "لماذا حُكم على العلاقة بالفشل؟"، "هل أنا السبب؟".

مشاعرهما السلبية كانت تتخبّط، وكانا يدركان أن هذا الأمر سيسحبهما أكثر إلى الأسفل.

صحيح أنّ كلّ واحد منهما احتاج سنوات عدّة للتفكير بإيجابية، إلّا أنّهما قرّرا بدء حياة جديدة. جويس مثلاً تسجّلت في النادي الرياضي، كما انخرطت في صفوف التمثيل، أمّا ماريو فعاد إلى الرسم، وبدء بعرض رسوماته للبيع على انستغرام.

في هذا الصدد، كشفت وردة بو ضاهر، عن بعض الخطوات الأخرى التي تساعد في تخطّي مَن يرحل عنّا:

• يجب أن نذكّر أنفسنا دائماً أننّا نستحقّ الأفضل، فلا فائدة من انتظار مَن يرحل عنّا.

• يجب أن نتذكّر أنّ الشخص الذي يريدنا، سيبقى معنا مهما كان الثمن.

• يجب أن نعمل على تطوير الذات أكثر فأكثر، وتعلّم أشياء جديدة، لإعادة بناء الثقة بالنفس.

كما أوضحت بو ضاهر، أنّه يستوجب اللجوء إلى معالج/ة نفسي/ة، في حال لم يتمكّن الشخص من تخطّي الماضي واستمرّ في انتظار الحبيب/ة السابق/ة من دون جدوى.

صديقتي عاشت وجع رحيل حبيبها

ما زلتُ أتذكّر مدى سعادة صديقتي، عندما أعلن عن حبّه لها، لكن بعد فترة، قال لها إنّها تستحقّ أفضل منه وانفصل عنها.

وبعد سنوات عدّة، أرسل لها رسالة نصية على الواتساب: "اشتقتلك، أنا راجع من السعودية على بيروت، بشوفك؟".

التقت به عند عودته، واعتذر منها وأراد أن يعود، لكنّه غادر مرّة أخرى.

لم يكن سهلاً على صديقتي، أن يغادرها الشخص عينه مرّتين. هو يقرّر العودة وهو يقرّر المغادرة.

"يجب أن نذكّر أنفسنا دائماً أننّا نستحقّ الأفضل، فلا فائدة من انتظار مَن يرحل عنّا"

سنوات عدّة مرّت، وهي تعيش في حزن شديد ولم تعد تثق لا بنفسها ولا بالآخرين. كانت تلوم نفسها وتشعر بالذنب على خطأ لم تقترفه. أتذكّر حينها أنّني كنت أقول لها: "لا ذنب لكِ، فهو لا يدري ما الذي يريده. أنتِ تستحقّين الأفضل".

بعد مرور وقت طويل، أدركت صديقتي أنّه لا يستحقّ الانتظار وأنّها فعلاً تستحقّ الأفضل، لذلك قرّرت أن تتعلّم لغة جديدة وأن تكتسب خبرة في مجال السوشيل ميديا. بدأت أيضاً بالقيام بكلّ ما تحبّه، فسافرت إلى تركيا وأرمينيا ولجأت إلى التاتو.

بدوري، كنت أحرص على التواصل معها يومياً ومشاركتها نجاحاتها. لم أتوقّف عن إرسال فيديوهات ومنشورات لها تذكّرها دائماً بأنّها امرأة جميلة، ناجحة، ذكية، قوية، مرحة، وأنّها لا تحتاج لرجل لتكون "امرأة كاملة". كنت واثقة أن هذه العبارات البسيطة ستقوّي صديقتي، تجعلها واثقة من نفسها أكثر، وستحفّزها للمضي قدماً حتى ولو بعد فترة طويلة. من الجيّد أنّ صديقتي أخيراً، أدركت قيمة نفسها، واقتنعت بأن من أراد الرحيل عن حياتها، لا يستحقّ حبّها. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image