شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
محاولات كاذبة لادعاء الترحيب... يوميات الأوركسترا الإسرائيلي في القاهرة

محاولات كاذبة لادعاء الترحيب... يوميات الأوركسترا الإسرائيلي في القاهرة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأحد 29 مايو 202203:58 م

في يوم 24 و25 مايو/ أيار، ظهرت تقارير إخبارية نشرتها قناة "كان نيوز" وموقع "تايمز أوف إسرائيل The Times of Israel" الإسرائيليين، تتصدرها صورة لفرقة موسيقية إسرائيلية تعزف وفي خلفيتها أهرامات الجيزة الثلاثة، مرفقة بتعليق: "أوركسترا فرقة النور الإسرائيلية تعزف أمام الأهرامات في القاهرة، في إطار احتفالات السفارة الإسرائيلية بيوم الاستقلال في مايو".

تلقفت الصحف والمواقع المصرية غير المحسوبة على الدولة الصورة، ومن خلال التعليق المصاحب للصورة، أعلنت جميعها أن الأوركسترا الاسرائيلي أقام حفلاً في ذكرى النكبة الفلسطينية تحت سفح الأهرامات. وأثارت الصورة حالة من الاستنكار بين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفوها بـ"فضيحة تطبيعية جديدة في ذكرى نكبة فلسطين"، وتناولتها بعض المواقع العربية بعناوين تبرز احتفال الإسرائيليين بذكرى تأسيس دولة الاحتلال عند سفح الأهرامات المصرية.

لكن رصيف22، تتبع "أوركسترا النور" الإسرائيلي، صاحب الصورة المثيرة للجدل، ومن خلال المعلومات المنشورة عبر حسابات الفرقة وأعضائها بشكل مفتوح، يعيد رصيف22 رسم خريطة حركة الفرقة الإسرائيلية في القاهرة، مستعيناً بحرصها على توثيق تلك الرحلة، في أكثر من 20 صورة ومقطع فيديو نشرها أعضاء الفرقة على "فيسبوك"، وأرفقوها بتعليقات تعبر عن شعورهم بالفخر والفرح لتمثيلهم دولتهم في واحدة من أهم دول الوطن العربي.

يعيد رصيف22 رسم خريطة حركة الفرقة الإسرائيلية في القاهرة، مستعيناً بحرصها على توثيق تلك الرحلة، في أكثر من 20 صورة ومقطع فيديو نشرها أعضاء الفرقة على "فيسبوك"

حفل رسمي وجولة سياحية

في التاسع من مايو/ أيار الجاري، أعربت الفرقة عبر صفحتها الرسمية عن سعادتها في المشاركة في إحياء حفل "عيد الاستقلال" في بيت الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ. واستعدت بعدها للسفر إلى القاهرة لإحياء حفل مماثل من أجل المناسبة نفسها.

الصورة جرى التلاعب بها لإعطاء إيحاء خاطئ بأنها التقطت تحت سفح الهرم

ورغم إقامة الحفل الرسمي لإحياء “عيد الاستقلال” الإسرائيلي، قبل يوم 20 مايو/ أيار، في منزل السفيرة الإسرائيلية بالقاهرة أميرة أورون، حرصت الفرقة المشكلة من خليط من العازفين العرب واليهود الشرقيين ألا تنشر أية أخبار أو معلومات عن وجودها في مصر وما قدمته من حفلات إلا بعد عودتها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في يوم 24 مايو/ أيار، وهو التوقيت الذي عرضت فيه صحف ومحطات إسرائيلية أخبار عرض الفرقة في القاهرة، مع استخدام صياغات توحي للقارئ أن الحفل أقيم في منطقة الأهرامات نفسها وعلى مسرح يجاور سفح الأهرامات، وهو ما ينفيه تحليل عناصر الصورة المنشورة، والذي يبين أن الفرقة التقطت تلك الصورة على سطح أحد الفنادق المطلة على الأهرامات، وأن الصورة جرى التلاعب بها لإعطاء إيحاء خاطئ بأنها التقطت تحت سفح الهرم.

بدأت رحلة الفرقة الإسرائيلية بصورة لها في مطار القاهرة توثق لحظة وصولهم "بناءً على دعوة من السفيرة الإسرائيلية في مصر"، لإحياء حفل استقبال أقامته السفارة بمناسبة "ذكرى الاستقلال" رقم 74. وعلق أفراد الفرقة عبر صفحتهم الرسمية: "من الصعب أن نصف بالكلمات مشاعرنا عندما وصلنا إلى القاهرة وعزفنا أمام السلك الدبلوماسي والأخوة المصريين، فخر وفرح وإثارة، نشكركم على تمثيل بلادنا في مثل هذا الحدث في واحدة من أهم دول العالم العربي". وأضافوا: "تشرفنا بأن نكون الأوركسترا الإسرائيلية الوحيدة التي أتت إلى مصر بعد 40 عاماً، وهذا شرف كبير". وقدمت الفرقة عدة أغنيات مصرية كلاسيكية منها: سواح للفنان عبد الحليم حافظ، الذي ارتبط صوته بنظام يوليو المبكر الذي لم يخف عداءه لإسرائيل وتأييده الكامل للحقوق الفلسطينية، وبحسب الفرقة والتقارير المنشورة في الصحف الإسرائيلية، يبدو أن المدعويين المصريين كانوا سعداء جداً بالأداء.

حرصت الفرقة المشكلة من خليط من العازفين العرب واليهود الشرقيين ألا تنشر أية أخبار أو معلومات عن وجودها في مصر وما قدمته من حفلات إلا بعد عودتها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة

وتحرص السفارة الإسرائيلية في مصر ومعها الخارجية الإسرائيلية في كافة منشوراتهما عن الحفلات التي تقيمها السفارة في مصر، على إخفاء وجوه المدعوين، خاصة المصريين منهم، بناء على طلب من مدعويها الذين يخشون ردة الفعل الشعبية على مشاركتهم في احتفالات إسرائيلية بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.


بعد صورة المطار، كان هناك صورة أخرى توثق نزول الفرقة الموسيقية بفندق قصر الماريوت "ماريوت مينا هاوس"، الذي يملك إطلالة كاملة على منطقة الأهرامات، والتي نسبت له مصادر حكومية مصرية الصورة المتداولة، مشيرة إلى أنها التقطت من سطحه.

وبعد إحياء الحفل الرسمي في منزل السفيرة الإسرائيلية، قامت الفرقة بجولة سياحية موثقة بالصور، مع إشارات لكونهم قاموا بالعزف خلال رحلاتهم، لكن طبيعة الأماكن التي التقطت فيها الصور تفيد أن ذلك العزف لم يكن مقدماً إلى أي جمهور، بما فيه صورة سطح الفندق التي قيل أنها عند سفح الأهرامات.

من بين الأماكن التي زارتها الفرقة: متحف أم كلثوم حيث التقط الأعضاء صوراً داخل المتحف وبجوار تمثال أم كلثوم الكائن في الميدان الذي يحمل اسمها بمنطقة الزمالك، كما استقلت الفرقة مركباً في نهر النيل وعزفوا خلال رحلتهم، وزاروا شارع "محمد علي" في القاهرة القديمة والتقطوا صورة داخل دكان جميل جورج، أقدم دكان لصناعة وبيع آلة العود في مصر، والتقطوا صورا لأنفسهم يعزفون على أحد مقاهي القاهرة القديمة، وكذلك التقطوا صوراً لأنفسهم خلال جولتهم السياحية في منطقة الأهرامات.

ومن الملاحظ أن جميع الصور المنشورة تظهر أعضاء الفرقة الموسيقية وحسب، من دون أي جماهير يتابعون العزف الذي أدوه في بعض شوارع القاهرة.

وبعد انتهاء الرحلة، أجرى بعض أعضاء الفرقة مقابلات مع وسائل إعلام إسرائيلية، ففي مقابلة مع قناة "كان نيوز" الإسرائيلية، قال قائد الأوركسترا أرييل كوهين، إنه لم يستطع حبس دموعه عندما دُعي لتقديم حفلاً في الدولة العربية التي وقعت سلاماً مع إسرائيل عام 1979، رغم أن العلاقات الشعبية لا تزال فاترة.

وأضاف: "كانت الموسيقى المصرية جزءً كبيراً من حياتي الفنية، وكان الأداء هناك بالنسبة لي بمثابة حلم تحقق"، مشيراً إلى اندهاش بعض المصريين عندما رأوا أوركسترا إسرائيلية تعزف الموسيقى المصرية كما عُزفت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، بينما كان بعضهم الآخر أقل حماسة.

وبحسب الصفحة الرسمية لفرقة النور، فهذه الأوركسترا تضم موسيقيين يهود وعرب ومسيحيين ومسلمين ودروز، وتسعى إلى إحياء التقاليد الموسيقية الشرقية المشتركة بين اليهود والعرب في إسرائيل وحول العالم، إيماناً بالموسيقى كلغة قادرة على ربط الشعوب والمعتقدات والأديان.

وتعد الفرقة "سفير إسرائيل الفني" لدى الدول العربية، فقد اختارت الخارجية الإسرائيلية الفرقة عينها لإحياء أول حفل موسيقي إسرائيلي في الإمارات احتفالا بتوقيع اتفاقية "السلام" بين البلدين.

تعد الفرقة "سفير إسرائيل الفني" لدى الدول العربية، فقد اختارت الخارجية الإسرائيلية الفرقة عينها لإحياء أول حفل موسيقي إسرائيلي في الإمارات احتفالاً بتوقيع اتفاقية "السلام" بين البلدين

مصر توضح

وتواصل رصيف22، مع مدير عام منطقة آثار الهرم، أشرف محيي، الذي نفى إقامة أي حفل في المنطقة الأثرية بالأهرامات أو بمنطقة الصوت والضوء، يخص المناسبة الإسرائيلية المشار إليها، لافتاً إلى أن إقامة حفل في تلك المنطقة يحتاج إلى أوراق كثيرة وتصاريح أمنية، وهذا ما لم يحدث.

وأوضح محيي أن منطقة الهرم الأثرية يحيطها العديد من الفنادق والمطاعم التي تمتلك إطلالة كاملة على الأهرامات، وربما عزفت هذه الفرقة فوق سطح أحد منها.

وقال إن الصورة المتداولة جرى التقاطها من مكان مرتفع بعيد عن سفح الأهرامات، وهو ما يؤكده ظهور الأهرامات الثلاثة وأبو الهول بشكل بانورامي في خلفية الفرقة الموسيقية، ما يعني بعد المسافة بين الأهرامات العملاقة ومكان العزف.

كما أن الفرقة الموسيقية التي تظهر في الصورة ترتدي ملابساً غير رسمية عكس الزي الذي ارتدوه خلال حفل السفارة الإسرائيلية، ما يدل على أن العزف أو الحفل أيضاً لم يكن رسمياً.

إسرائيل لم تذكر

ولم تذكر أي صفحة رسمية إسرائيلية إقامة عدة فعاليات لإحياء ذكرى استقلال إسرائيل، سوى الحفل الذي أقيم في منزل السفيرة، ففي 20 آيار/ مايو الجاري، نشرت الصفحة الرسمية للسفارة الإسرائيلية في مصر، مقطع فيديو للأوركسترا الإسرائيلية أثناء إحيائها عيد استقلال إسرائيل الـ74، بمعزوفات وأغاني مصرية قديمة.

وفي يوم 22 آيار/ مايو، نشرت صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" على "فيسبوك" و "تويتر"، خبراً يتناول إحياء حفل الاستقلال كما جاء ببيان السفارة الإسرائيلية، مع تركيز الضوء على أنه لأول مرة منذ 40 عاماً، تعزف أوركسترا إسرائيلية كلاسيكيات مصرية في مصر.

بدوره قال الباحث السياسي هيثم محمد لرصيف22، إن مشكلة الإسرائيليين منذ توقيع اتفاقية السلام قبل 43 عاماً، أنهم يريدون الخروج من إطار السلام الرسمي بين الحكومات والوصول إلى التطبيع الشعبي: "الحكومة عاملة سلام لكن الشعب رافضه، فربما يحاولوا تحقيق السلام مع الشعب عن طريق الفن، لكن الحفل الرسمي لإحياء ذكرى الاستقلال تم في منزل السفيرة الإسرائيلية".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard