شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
لبنانيات ينتظرن ممثلاتهن في البرلمان... لماذا حليمة؟ لماذا ستريدا؟

لبنانيات ينتظرن ممثلاتهن في البرلمان... لماذا حليمة؟ لماذا ستريدا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 25 مايو 202203:52 م

بينما تدور رحى الحرب الطائفية وبسط النفوذ وحجم الكتل النيابية في أقوال مختلف زعماء الأحزاب والطوائف وأفعالهم -الرجال حكماً- في لبنان، بعد "الانتصارات" التي يدعيها كل منهم على إثر الانتخابات النيابية، تخوض كل امرأة لبنانية يومياً معركة الوجود الحقيقية، إذ لا تدري في أي لحظة قد تكون الضحية الجديدة على عدّاد "جرائم الشرف" وقضايا العنف والقتل المنزلي من دون وجود قانون فعلي يجرّم هذه الأفعال ويحمي حقوقهن كنساء.

آخر الجرائم الموصوفة بحق النساء اللبنانيات كانت قتل ثلاث فتيات ووالدتهنّ في بلدة أنصار الجنوبية في واقعة مأساوية راحت ضحيتها عائلة بأكملها، وبعدها بيومين فقط قُتلت امرأة تُدعى شهرزاد على يد شقيق زوجها لخلاف على الميراث، وهذه المرّة في عكار في شمال لبنان، تضاف إلى كُل ذلك جرائم القتل بحجج واهية ومن دون روادع، وحرمان الأمّهات من أبنائهن من دون مراعاة حق الحضانة وحاجة الطفل/ ة الملحة إلى والدته/ ا، خاصةً مع أحكام المحكمة الجعفرية الاستنسابية بحق نساء الطائفة الشيعية، كذلك انعدام الأمان الوظيفي والمجتمعي مع ارتفاع نسب التحرّش في الشارع ومكان العمل وعلى الإنترنت وحتى في المدارس كحالة المدرّس سامر مولوي في طرابلس.

آخر الجرائم الموصوفة بحق النساء اللبنانيات كانت قتل ثلاث فتيات ووالدتهنّ في بلدة أنصار الجنوبية في واقعة مأساوية راحت ضحيتها عائلة بأكملها

اليوم، العين على ثماني نائبات دخلن المجلس النيابي، من مبدأ "النساء للنساء" وأنهن الأكثر قدرةً على الإحساس بآلام النساء الأخريات ومحاولة الوقوف إلى جانبهن بقوّة القانون والتشريع، والعين الأخرى على النواب والنائبات التغييريين/ ات عموماً كونهم/ ن يحملون/ ن أفكاراً تقدميةً تختلف عن نظرة نواب الأحزاب التقليدية للمرأة وقضاياها وإجحافهم في حقها طوال سنوات الحكم السابقة.

نساء مع ستريدا

حق المؤيّدات للأحزاب القائمة في لبنان، والإيمان بأنهن عبرها يمكنهن الوصول إلى ما يردن، مشروعٌ بالطبع، ومن بين هؤلاء سيدات اخترن النائب عن حزب القوات اللبنانية وزوجة زعيم الحزب ستريدا جعجع كصوت تفضيلي ورأين فيها المثال الذي يحتذى.

عبير سكّر الموظفة في بلدية بشرّي، اختارت التصويت لصالح حزب القوات اللبنانية، لأنهم يناضلون من أجل عقيدة وقضية تؤمن بها وفق تصريحها لرصيف22. تضع عبير رهانها على القوّات "بعد سحب الأكثرية من حزب الله اليوم، الكرة في ملعبنا، عليهم استكمال المشاريع التي طرحوها في مجلس النواب منذ تبوئهم المقاعد النيابية على صعيد السياحة والإنماء وخلق فرص عمل وغيرها".

أما عن اختيار النائب ستريدا جعجع تحديداً كصوت تفضيلي، فلأنها "سيدة الإنماء الأولى في بشرّي وصوت المرأة في البرلمان"، علماً أن جعجع لم تلمع في أي مجال نسوي طوال سنوات ولايتها السابقة، بمعنى أنها كانت تطلق مواقف وشعارات تصب لصالح النساء، لكنها لم تقدّم مشروع قانون واحداً فعلياً لنصرتهنّ بخلاف زميلها النائب السابق إيلي كيروز، وعضو الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الذي عمل منذ العام 2013 على إقرار مشروع لحماية النساء من العنف.

صوتٌ تفضيلي آخر لستريدا جعجع أعطتها إيّاه إيزابيت رحمة، فهي "انتخبت مشروع بناء الدولة لدى القوات خاصةً بعد تقاعس الدولة الحالية إثر انفجار مرفأ بيروت"، متمنيةً أن تملك القوات القدرة على الإنقاذ من الحضيض، "ستريدا تحديداً مثال المرأة المناضلة صاحبة الحكمة والحنكة التي تتفوق فيها على الرجال، وهي نظيفة الكف وقد وفت بكل وعودها السابقة ولها كل الفضل في تحقيق نقلة لمنطقة بشري".

"المرأة تحارب لأجل مبادئها ومواقفها ولديها صلابة في اتخاذ القرارات"، تقول إيزابيت لرصيف22، وهي تفنّد مطالبها كامرأة وكمواطنة بين ضرورة إكمال طرح قانون رفع العنف وتحسين وضع البلد مع خلق فرص عمل جديدة للحفاظ على شباب الوطن من دون دفعهم إلى الهجرة، بالإضافة إلى العمل على تأمين الحماية اللازمة للنساء في حالات التحرش.

لا تفوّت عبير سكّر الفرصة للتنبيه إلى ضرورة إلغاء التمييز في العمل بين الرجال والنساء، لكن موقفها الحالي "سيادة بلدي أهم من كافة حقوقي".

جعجع لم تلمع في أي مجال نسوي طوال سنوات ولايتها السابقة، بمعنى أنها كانت تطلق مواقف وشعارات تصب لصالح النساء، لكنها لم تقدّم مشروع قانون واحداً فعلياً لنصرتهنّ

وحلّ لبنان في المرتبة 145 في تقرير السعادة الذي أطلقته الأمم المتحدة في آذار/ مارس الماضي، وحلّ الأخير عربياً أيضاً، ويُعدّ اليوم رابع أكثر الشعوب اكتئاباً في العالم، ويعاني من أزمة اقتصادية حادة، فضلاً عن تبعات انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020.

الأولويات النسوية

تضع الناشطة الحقوقية النسوية ومديرة جميعة Female، حياة مرشاد، الأولوية اليوم لإقرار قانون الأحوال الشخصية في المجلس النيابي، فهي البداية لتحقيق العدالة للنساء، وهو ما تعوّل فيه على النواب التغييريين الجدد فـ"هذه معركتهم الأولى في وجه رجال الدين الذين يسعون إلى استمرار بسط سلطة الأحكام الدينية الأكثر تمييزاً في حق النساء"، تقول لرصيف22.

وبالفعل يبدو أن جولات هذه المعركة قد بدأت، إذ يشنّ مشايخ ورجال دين تابعون لدار الفتوى الإسلامية حملةً عنيفةً على عدد من النواب الجدد بعد تأييدهم الزواج المدني ضمن حلقة برنامج صار الوقت على قناة mtv اللبنانية، وعلى رأس هؤلاء النائب إبراهيم منيمنة، صاحب أعلى نسبة أصوات تفضيلية بين نواب التغيير بعد فوزه عن دائرة بيروت الثانية.

تلفت مرشاد، إلى أن "بنى الأحزاب تقليدية ذكورية قائمة على قرار الزعيم من دون أي نوع من الديمقراطية. الأحزاب تختلف في الظاهر لكنها تتقاطع في نظرتها الذكورية تجاه المرأة وأكبر مثال هو إسقاط الكوتا النسائية في المجلس بدقيقة ونصف"، منوهةً بأن النائب السابق إيلي كيروز، دعم حملة تجريم الزواج المبكر كثيراً، لكن بعد استلام جورج عدوان، "خاف من الاحتكاك برجال الدين والطوائف".

نساء مع حليمة

لارا سرحال، خريجة الحقوق من الجامعة اللبنانية كانت واحدةً من الذين صوتوا للائحة "توحدنا للتغيير" في دائرة الشوف-عاليه، تقول لرصيف22: "برنامج اللائحة كان يشبهني ويمثلني. فيها أشخاص مستقلون يحملون مشاريع أطمح إلى تحقيقها، وقد منحت صوتي التفضيلي لحليمة قعقور، كونها ناشطةً سياسيةً وحقوقيةً تملك رؤيةً في ما يخص الاقتصاد المنتج والتغطية الصحية الشاملة والتعليم الإلزامي المجاني والسيادة الكاملة، وسبق أن عملت من أجل تحقيق هذه الرؤية قبل دخولها البرلمان".

وقعقور كانت من الثلاثي الذي استطاع أن يخرق لوائح السلطة في منطقة الشوف-عاليه، إلى جانب مارك ضو ونجاة عون، وهي عضو المكتب السياسي لحزب لنا الذي يضع في تعريفه على موقعه أنه "حزب ديمقراطي اجتماعي يهدف إلى إحداث تغيير جذري في السياسة والمجتمع في لبنان".

اللواتي اخترن التصويت لستريدا أردن التأكيد أن أولوياتهنّ المواضيع السياديّة ويعتقدن أيضاً أنها ستسعى لتحقيق مطالبهن كنساء رغم أنها طيلة فترة نيابتها لم تُقدم أي مشروع "نسوي"، بينما من اخترن حليمة مقتنعات أن نضالها خارج البرلمان سيُكمل بعد نجاحها وأنها لن تكون سوى صدى لأصواتهن داخل المجلس

تطلب لارا من ممثلتها الجديدة في مجلس النوّاب، وسائر النواب، المساواة في الدرجة الأولى خاصةً كونها فتاةً محجبةً تتعرض للتمييز ولا يمكنها العمل في القضاء ولو حازت الشهادات والمؤهلات اللازمة، "حليمة تحمل هذه القضية منذ زمن وأنتظر منها العمل على آليات أكثر فاعليةً للتبليغ عن التحرّش ومحاسبة مرتكبيه من دون استخفاف".

في 20 أيار/ مايو الحالي، نشرت فتاة تدعى دينا الدرّ، على مواقع التواصل الاجتماعي تعرضها لحادثة تمييز على أساس المظهر في السوق الحرة لمطار بيروت الدولي، وكتبت دينا أنها ذهبت لإجراء مقابلة عمل في المطار وبعد انتهاء المقابلة أبلغتها مسؤولة القسم أن الشركة لا تقبل توظيف المحجبات لتجيبها: "الحجاب يغطّي رأسي لا يغطي عقلي وقدراتي"، مطالبةً كل النواب والوزراء والمسؤولين برفع الظلم عن المحجبات والتمييز الذي يتعرضن له.

النائب قعقور كانت أوّل من لبّى النداء، فأعادت نشر المنشور على صفحتها الرسمية في فيسبوك معلّقةً: "بينما تتصاعد حدّة الأزمة الاقتصاديّة، يبدو مذهلاً استمرار فصول التمييز الديني الذي تمارسه مؤسسات لبنانية على مواطنات محجبات، مع رفض متجر السوق الحرة في مطار بيروت توظيف الشابة دينا الدّر لمجرد ارتدائها الحجاب".

‎هذه الإجراءات التي تمارَس على أرض مرفق عام، تناقض حق النساء في اختيار لباسهن وكذلك حقهنّ في اختيار الرّموز الدينية، وهو ما تكفله مقدمة الدستور اللبناني وكذلك التزاماته الدولية، لا سيما المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وبالإضافة إلى المنطلق الحقوقي الذي لا يمكن المسّ به، فإن الأزمة الاقتصادية اليوم تتطلب اعتماد سياسات لدمج النساء من دون تمييز في العجلة الاقتصادية، كشرط أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي.

التفضيلي والثقة

قعقور كانت من الثلاثي الذي استطاع أن يخرق لوائح السلطة في الشوف-عاليه، وهي تنتمي إلى "حزب ديمقراطي اجتماعي يهدف إلى إحداث تغيير جذري في السياسة والمجتمع في لبنان"

منحت الشابة جوري يونس، صوتها التفضيلي لقعقور أيضاً، بناءً على تبنيها قضايا تمثّلها وتنقل أوجاعها، "أنا لا أريد خدمات شخصيةً من حليمة، أريد أن تمارس دورها التشريعي والرقابي على الحكومة وفي التشريع تحديداً والعمل لإلغاء نظام الكفالة وتعديل بعض المواد في قانون العقوبات مثل تجريم الاغتصاب الزوجي ومنح المرأة حق الجنسية"، وعلّقت جوري آمالها على بدء حليمة بتنفيذ أجندتها التشريعية انطلاقاً من إقرار الكوتا النسائية بتمثيل ملزم نسبته 50% والعمل ضمن كتلة تغييرية على تنفيذ كافة الوعود المتعلقة بحقوق الإنسان والنساء.

برأي لارا سرحال، "النساء أكثر وضوحاً وأقل فساداً. النساء يعرفن ما يردن خاصةً التغييريات منهن لأن نساء الأحزاب لا يملكن سلطة القرار، فهي نائب لتنفيذ أجندة الحزب والزعيم".

والنساء الثمانية حالياً في المجلس، ينقسمن إلى قسمين؛ منبثقات عن أحزاب السلطة: عناية عز الدين حركة أمل، ستريدا جعجع وغادة أيوب القوات اللبنانية، ندى البستاني التيار الوطني الحر. أما اللواتي وصلن بأصوات طامحة إلى التغيير فهن حليمة قعقور، نجاة عون، بولا يعقوبيان وسينتيا زرازير العونية سابقاً.

ترى مرشاد أن النقاش اليوم ليس حول الوجود العددي للنساء في البرلمان، بل النوعي، وإن كان العدد "فضيحةً" كما تصفه، و"الارتفاع بين 2018 و 2022 لا يتخطى 2%، وإذا استمرينا هكذا، فنحن في حاجة إلى 160 سنةً لنصل إلى المساواة"، علماً أن اللبنانيات كن من أوائل النساء في المنطقة اللواتي انتزعن حق المشاركة النسائية في الحياة السياسية والمناصب، لكن معظم الدول العربية اليوم تفوقت على لبنان في هذا المجال.

الأمل بالتغيير يبقى حاضراً في ذهن حياة التي تشيد بخرق نساء عديدات ووصولهن ببرامجهن وليس لأنهن أخت الزعيم أو زوجته. التغيير بدأ لدى لارا وجوري اللتين تؤمنان بمبدأ المراقبة والمحاسبة من موقعيهما لمن انتخبتا ولجميع النواب، والتغيير آت لا محالة، وستتحقق مطالب النساء مع الوقت أكثر وأكثر بالنسبة إلى القواتيتين إيزابيت وعبير.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image