شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"المدّ الشيعي" نبوءة العاهل الأردني التي تحققت... فلماذا تخيف بلاده؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 25 مايو 202201:38 م

يجدد العاهل الأردني تأكيد مخاوفه تجاه "الخطر القادم" من الحدود الشمالية مع سوريا، بعد تواجد المليشيات المسلحة الإيرانية في الجنوب السوري، بالقرب من الحدود المشتركة.

مخاوف الملك عبد الله الثاني، أعلنها بشكل واضح خلال حوار مع الجنرال الأمريكي المتقاعد هربرت ماكماستر، ضمن البرنامج العسكري المتخصص "ساحات القتال" (Battlegrounds)، قائلاً إن "الوجود الروسي في جنوب سوريا كان يشكل مصدراً للتهدئة... والفراغ الذي سيتركه سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".

تصريحات الملك ليست الأولى، بل تجددت في أكثر من ظرف إقليمي، لكن في الفترة الحالية هي ذات خصوصية أمنية وسياسية بالنسبة إلى الأردن، بعدما سيطرت المليشيات الإيرانية على الجزء الحدودي بين العراق وسوريا، وجزء واسع من الجزء الجنوبي السوري الرابط مع المملكة، وتحديداً معبر جابر-نصيب.
ليس ما سبق، يخيف النظام الأردني، إذ كان الملك قد كشف خلال لقاء متلفز، عن تعرض المملكة للهجوم من قبل طائرات مسيّرة إيرانية الصنع، من دون توضيحات أخرى.

"الهلال الشيعي... نبوءة الملك التي تخيفه"

الخوف من خطر إيران القادم عبر الحدود الشمالية الأردنية، يُذكرنا بالعداء التاريخي بين ولاية الفقيه والدولة الهاشمية، وهو ليس جديداً، ففي العام 2004 أطلق الملك الشاب -آنذاك- مصطلح الهلال الشيعي، في مقابلة مع الواشنطن بوست، معبّراً عن تخوفه من بروز هلال شيعي في المنطقة مكون من إيران، والعراق، وسوريا، وحزب الله في لبنان، ما جعله يدعو إلى التفكير الجدي في مستقبل استقرار المنطقة، متوقعاً أنه سيحمل تغيّرات واضحةً في خريطة المصالح السياسية والاقتصادية لبعض دول المنطقة.
بعد ثلاثة أعوام، في العام 2007، أعاد الملك توضيح ما قصده بمصطلح "الهلال الشيعي"، ليؤكد أن "الحديث عن التحالفات السياسية، ولم أقصد التصنيف المذهبي بالهلال الشيعي، وأن الأردن بتجنب إثارة الاختلافات الدينية والطائفية، بهدف خدمة الأجندة السياسية لأي دولة".
بعد 18 عاماً على مخاوفه من هلال شيعي أو مدّ إيراني في المنطقة، تجد المملكة نفسها في هذا الواقع السياسي والأمني، وتجد نفسها في مواجهة حقيقية مع حدود ملتهبة شمالاً (سوريا)، وشرقاً (العراق)، لتتحقق نبوءة العاهل الأردني، فالهلال الذي تحدث عنه أمسى على حدود بلاده، مما زاد من تخوفاته الأمنية.

"من المعروف سياسياً أن الأردن وضع نفسه مع محور الاعتدال الذي تقوده السعودية وفيه الإمارات ومصر، لكن المحور ذاته لم يعد يجدي نفعاً كبيراً للمملكة، خاصةً بعد فتور العلاقة بين الرياض وعمّان، عقب حادثة 'الفتنة'"

تحالفات الأردن "الضائعة"

من المعروف سياسياً أن الأردن وضع نفسه مع محور الاعتدال الذي تقوده السعودية وفيه الإمارات ومصر، لكن المحور ذاته لم يعد يجدي نفعاً كبيراً للمملكة، خاصةً بعد فتور العلاقة بين الرياض وعمّان، عقب حادثة "الفتنة" وارتباط مستشار ولي العهد السعودي، باسم عوض الله، بتفاصيل الحادثة.
يبدو واضحاً ضعف زخم العلاقة الأردنية مع السعودية، وتراجع حجم المساعدات المالية الخليجية والسعودية على وجه الخصوص، سواء القادمة إلى صندوق الاستثمار الأردني على صورة مشاريع أو المساعدات القادمة إلى خزينة الدولة، وبدا ذلك توجهاً جديداً مع صعود محمد بن سلمان إلى سدة الحكم.
التراجع الخليجي في المساعدات المالية، دفع الأردن للاستدارة ولو قليلاً نحو العراق وسوريا، بعد سنوات عجاف في العلاقة مع البلدين، مع اتساع النفوذ الإيراني فيهما. وعلى الرغم من فتور العلاقة مع الرياض، تبقى الاستدارة الأردنية بتوجس مع خطر "الفخ الإيراني"، كما يصفها خبراء.
بعيداً عن أن الأردن "الطفل المدلل" للإدارة الأمريكية الجديدة، إلا أن تحالفاته الإقليمية تبدو "ضائعةً"، فلا علاقة كاملة الدسم مع الرياض، ولا استدارة حقيقية نحو المد الإيراني في المنطقة، بل تشدد المملكة على أن إيران تشكل خطراً أمنياً وسياسياً عليها، في حال مواجهة إسرائيل أو القواعد الأمريكية، كسيناريو مستقبلي.

كيف تهدد إيران الأردن؟

بعد الانسحاب الروسي من دمشق، جراء الحرب الأوكرانية، أصبح هناك فراغ عسكري وأمني في سوريا، خاصةً في مناطق الجنوب المرتبطة بالمملكة، وأضحت فكرة مركز مراقبة التهدئة، التي كانت بالتنسيق أيضاً بين روسيا وإيران والأردن، من الماضي، بعد سنوات هادئة نسبياً. بمعنى أن إضعاف دور روسيا في سوريا، وتحديداً في الجنوب السوري، يشكل فراغاً تملؤه إيران التي طالما ملأت الفراغ في دول عربية من خلال المليشيات، والمنطقة الجنوبية السورية تشهد تصعيداً سابقاً، سواء عبر الإرهاب الفردي أو تهريب المخدرات، هكذا يرى المحلل الإستراتيجي عامر السبايلة، كيفية تشكيل الخطر الإيراني على الأردن.

"هناك واقعاً جديداً في المناطق الحدودية، يعدّه الأردن تغييراً للمعادلة الأمنية في المنطقة الشمالية من خلال ملء المليشيات الإيرانية والعراقية للفراغ بعد إضعاف روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا"

ويعتقد سبايلة في حديثه إلى رصيف22، أن هناك واقعاً جديداً في المناطق الحدودية، يعدّه الأردن تغييراً للمعادلة الأمنية في المنطقة الشمالية من خلال ملء المليشيات الإيرانية والعراقية للفراغ بعد إضعاف روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا.
أما عن سيناريو المواجهة بين المليشيات الإيرانية أو الشيعية وإسرائيل أو القواعد الأميركية في المنطقة، فتلك تمثل أكبر مخاوف الأردن، خاصةً المواجهات التي تكون بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، الأمر الذي يتفق معه الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار.
ينبّه أبو نوار أيضاً إلى أن وجود قواعد أمريكية في المملكة، يعني أهدافاً محتملةً لإيران، وهو ما يعلمه الأردن جيداً ويعلم ما يدور بالقرب من الحدود، ويضيف أن الطائرات المسيرة غيّرت موازين القوى العسكرية والأمنية في المنطقة، وهذا يهدد الأمن القومي الأردني.

هنا نفهم أن العاهل الأردني عبّر في تصريحاته الأخيرة عن مخاوف من توسع سيطرة إيران بعد روسيا في الجنوب السوري، والتي تمثل رسالةً إلى أمريكا، ودعوة للحلفاء، وبالأخص السعودية، للتنسيق أكثر في هذه المواجهة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image