شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
شهرة في العلن واضطهاد في المنزل... نجمات عربيات ضحايا العنف الزوجي

شهرة في العلن واضطهاد في المنزل... نجمات عربيات ضحايا العنف الزوجي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 26 مايو 202204:25 م

إذا ما قررنا أن نحصي عدد النجمات العربيات مقابل النجوم، نجد أنهنّ يتفوقن عدداً في مختلف المجالات الفنية، كالغناء والتمثيل وغيرها، ويحصدن محبة وإعجاب الملايين، خاصةً وأنه منذ بداية القرن العشرين ترافقت مسيرتهنّ مع الرجال بشكل مستمر، رغم العقلية القديمة التي كانت ترفض أن تصبح الفتاة "مغنواتية" أو "مشخصاتية" أو "رقّاصة"، وفقاً للمفهوم التقليدي الذي لم ينته في بعض البلدان حتى اليوم.

وفي الوقت الذي تقف فيه مغنية أمام عشرات الآلاف في حفل غنائي، مردّدين معها أغنياتها، ويمكن أن توقف حركة المرور حين تمرّ في الشارع من اكتظاظ المعجبين/ات حولها، قد لا تستطيع هي بالمقابل أن توقف زوجها عن منعها من السفر مثلاً إذا أراد، كما أن الممثلة التي تقف أمام فريق عمل "بطوله وعرضه" لإنتاج فيلم أو مسلسل يتم تسويقه على اسمها، يمكن أن يرتبط اسمها نفسه بقرار أو مزاج زوجها الشرقي الذي قد تزيد نجوميتها من رغبته في التحكّم فيها، إما خوفاً من اهتزاز ذكوريته، خاصةً إذا كان مدخولها المادي يتفوق عليه، أو غيرةً من فكرة أن يبقى هو المسيطر ولا يرغب في تزاحم المعجبين حولها، أو رغبة شخصية في إرضاء نفسه ومحيطه، كي يتفاخر بأنه الرجل وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة، ولذلك يمكن أن نلاحظ أن معظم النجمات العربيات مطلقات أو غير موفقات في زواجهنّ.

"سألوني الناس عنك يا حبيبي"... الرجل في حياة النجمة

جميعنا صادف هذا المنشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي يتحدث عن قصة مرض عاصي الرحباني بعد إصابته بنزيف دماغي وغناء فيروز أغنيتها الشهيرة "سألوني الناس" على المسرح، على أنها رسالة غير مباشرة لزوجها الذي اكتشف موهبتها وشكّل معها واحداً من أشهر الثنائيات الغنائية.

قد تكون القصة مفبركة أو من المبالغات الفيسبوكية، إلا أنها بحدّ ذاتها تكشف عن طبيعة العلاقة بينهما: فيروز، رغم اسمها الكبير، تشعر بالضعف وعدم القدرة على الغناء بدونه، وتفسّر الأمر في حوار أجرته في العام 1992، تحدثت فيه عن قسوة عاصي الرحباني، بقولها إنه دائماً ما كان يأخذ كل القرارات، والكلمة الأخيرة له دون أن يتجرأ أحد على أن يعترضه، بالإضافة للمواقف العنيفة والصراخ في الكواليس والذي بررتها فيروز بأن طبيعة العمل كان تفرضه، حالها حال معظم النجمات العربيات اللواتي يتحكم أزواجهنّ بمسيرتهنّ، ويتحوّل من مدير أعمال إلى "مسيّطر" على الأعمال.

في الوقت الذي تقف فيه مغنية أمام عشرات الآلاف في حفل غنائي، مردّدين معها أغنياتها، ويمكن أن توقف حركة المرور حين تمرّ في الشارع من اكتظاظ المعجبين/ات حولها، قد لا تستطيع هي بالمقابل أن توقف زوجها عن منعها من السفر مثلاً إذا أراد

أما الفنانة السورية ميادة بسيليس فقد تقترب تجربتها من فيروز بشكل كبير، لارتباط مسيرتها باسم زوجها سمير كويفاتي، الذي كتب ولحن ووزع أغنياتها، بالإضافة لدوره في إدارة الأعمال والتواجد في الحفلات وحتى اللقاءات الإعلامية، كما أنها تحدثت غير مرة عن قسوته في التعامل معها وتسلّطه في القرارات.

أما المطربة ماجدة الرومي، فدخل زوجها أنطوان دفوني في إنتاج وإدارة أعمالها لفترة زمنية طويلة، إلا أن الحدث الذي هزّ الوسط الفني كان طلاقها بعد خيانة زوجها لها واكتشافها الأمر، وقام بطردها من المنزل بعد مواجهتها له، واضطرت للتنازل عن كامل حقوقها المالية مقابل حقها في الحرية، حتى أن أغنيتها الشهيرة "اعتزلت الغرام" كانت صرخة وجع لتعبّر عن وجعها، بعد أن أوعزت للفنان ملحم بركات ليلحن لها أغنية تحمل هذا العنوان.

وقد يكون الحظ الجيّد هو الذي سمح لماجدة بمتابعة مسيرتها، ولكن تحت إشراف شقيقها الذي أخذ مكان زوجها في التحكّم بقرارتها الفنية.

إلا أن بعض النجمات لم يتمكن من تحقيق نفس مستوى النجاح بعد الانفصال الزوجي، على غرار نوال الزغبي التي بدأت مسيرتها مع زوجها إيلي ديب، الذي كان "الآمر الناهي" في كل القرارات، من اختيار الأغنيات وحتى الحفلات، لتتراجع مسيرتها بشكل كبير بعد أن تحوّل حسابها البنكي من 17 مليون دولار إلى صفر، بسبب تفويضها له بكل أموالها.

نفس الأمر ينطبق على ديانا حداد التي اكتشفها زوجها سهيل العبدول بعد إشهارها الإسلام، وكان المسؤول عنها فنياً، والمخرج الوحيد لكل كليباتها حتى الانفصال، بينما أصالة نصري من الواضح أنها تفضّل أن يأخذ زوجها على عاتقه كل القرارات الفنية وغير الفنية في حياتها، وهذا ينطبق على أزواجها الثلاثة.

وحتى في عالم الممثلات، نجد تجربة نادية الجندي مع زوجها المنتج محمد مختار مشابهة، لأنه أنتج معظم أفلامها في فترة زواجهما وحتى الانفصال، بينما جومانا مراد اكتشفها المخرج نجدت أنزور بعد زواجهما، ولكنه رفض الاعتراف بهذا الزواج، مما اضطرها لنشر عقد الزواج والطلاق في الصحف كي تثبت حقها.

أما ماغي بو غصن فاختلفت مسيرتها بشكل واضح بعد زواجها من المنتج جمال سنان، الذي جعلها نجمة شركته الأولى بأعمال سينمائية وتلفزيونية سنوية، في حين أن سيرين عبد النور تقحم زوجها فريد رحمة في كل أعمالها الفنية كمدير للأعمال أو مستشار فني، بينما ديمة بياعة كانت تتخلى عن معظم الفرص التلفزيونية كي تبقى مع أولادها، في الوقت الذي كان فيه زوجها تيم حسن مسافراً أو مشغولاً في المسلسلات، لينتهي زواجهما بالطلاق بعد تصريحاتها بأنه خانها مع زميلتها نسرين طافش.

من جانبها، تخلّت نورمان أسعد والتي كانت في عزّ الشهرة والمجد عن عملها الفني بعد طلب زوجها السياسي العراقي، نهرو محمد عبد الكريم الكسنزاني.

أفلحت بعض النجمات في وضع خطوط حمراء لا يتجاوزها الرجل رغم عمله الفني معها، كتجربة فايزة أحمد ومحمد سلطان والتي لم تسمح لها أن يؤثر على مسيرتها، وغادرت المنزل وطالبت بالانفصال وأكملت مسيرتها الفنية، كما أن تجربة أنغام مع أزواجها، كالموزعين الموسيقيين فهد وأحمد ابراهيم، تمثّل رغبتها في أن يبقى الزوج في دوره الفني كموزع وحسب، وكانت تخرج من هذه التجارب بأقل الخسائر الممكنة، حسب تعبيرها.

ولكن بعض النجمات ينغمسن في الزواج لدرجة أنهنّ يتخلين عن كل شيء مقابل أن يكون الشريك سعيداً أو راضياً عنها، وتظهر هذه الفكرة جليّة في تجربة الراحلة صباح مع أزواجها، ولا سيّما مع وسيم طبارة وفادي لبنان، اللذين يُقال أنهما استغلا اسمها وشهرتها وأموالها، وكانت الخيانة نهاية حبها لهما، لتنفصل في النهاية دون أي شكر أو امتنان، وحتى شيرين عبد الوهاب، استطاع زوجها المغني حسام حبيب إبعادها عن الإعلام والأضواء، حتى خرجت حليقة الرأس مؤخراً بسبب صدمتها النفسية من هذه التجربة التي انتهت بالانفصال بعد تسريب معلومات حول معاملته لها.

حول شكل علاقة الفنانة المشهورة بزوجها، تقول الأخصائية النفسية الاجتماعية زهراء الغول لرصيف22: "إن الشهرة والأضواء تسرق الأمان والثقة من بال النجوم أحياناً، فالمعجبون من جهة، والإعلام من جهة، يقلقون الشريك بسبب الغيرة، وخاصةً في المجتمع العربي الذي ما زال الدين يأخذ مكانته التشريعية فيه".

وتضيف زهراء: "قبول الرجل بالمرأة المشهورة يرتبط برجولته وكرامته، لأنه يُقال عنه (زوج الست) أي تابعها، وهذا يؤدي لقلة الثقة بالنفس جراء المقارنة بينه وبينها، وبالتالي التهور في اتخاذ قرارات منجرفة كي يفاجأها بوجوده"، مشيرة إلى أن الاختلاف في المكانة المهنية للشريكين تخلق اختلافات جوهرية في علاقتهما ورؤيتهما المتوقعة للحفاظ على الزواج.

"اسمك بشرّفني حبيبي"... الحب الذي ينتهي بصفعة!

حين غنّت نجوى كرم هذه الأغنية عقب زواجها من المنتج يوسف حرب، رغم اختلاف الأديان ومقاطعة أهلها لها، قيل أنها كانت تزفّ نفسها، ولكن هذا الزواج لم يستمر طويلاً، وخرجت نجوى بعد سنوات لتعترف بأنها كانت تتعرض للعنف من زوجها، ليرد بدوره أن "ضرب الحبيب زبيب".

"تتعرض الكثير من النجمات للعنف الزوجي بسبب وجود اضطرابات وصراعات نفسية لدى الزوج، وكلما زاد الشك زاد الضغط النفسي عليه ليزداد العنف طرداً، وذلك لأن الرجل قد يعتقد أن العنف سبيل للحفاظ على أمانه المسلوب من قبل الوسط الفني والمعجبين"

لم تكن هذه التجربة الوحيدة، بل أصالة نصري تعرضت أيضاً للعنف من زوجها الأول ومدير أعمالها أيمن الذهبي، الذي اعترف أنه صفعها إثر خلاف نشب بينهما، وحتى الممثلة علا غانم كشفت عن تعرضها للضرب المبرح أمام بناتها من زوجها الثاني أحمد المسلمي، كما ذكرت زميلتها الممثلة شيرين أنها كانت تتعرض للضرب المبرح من زوجها المخرج محمد أسامة، وكانت تختبئ منه في الخزانة خوفاً من الضرب، وحتى الممثلة إيمان العاصي، والتي تطلقت بعد أربعين يوماً فقط، ذكرت أنها لم تتعرض للضرب وحسب، بل وصل العنف إلى حبسها ومنعها من الطعام داخل المنزل لمدة أسبوع كامل، حتى يجبرها على التنازل عن ممتلكاتها، وعانت الممثلة والإعلامية ميساء المغربي من تجربة قاسية تخللها العنف والإهانة من زوجها الأول.

بعد طلاقها بفترة طويلة خرجت أيضاً المغنية رويدا عطية في لقاء كامل لتتحدث عن تعرضها للعنف من زوجها الأول حسام، وقالت بأنها حين سكتت عن الصفعة الأولى أصبح الأمر عادةً بالنسبة إليه، وكانت قد تعرضت للتهكم والسخرية أثناء مشاركتها في برنامج المواهب "سوبر ستار" لأن زوجها كان يقتحم كل اللقاءات الإعلامية مجيباً على الأسئلة دون أن يترك لها أي فرصة للحديث، لتطلب الطلاق بعد البرنامج لأنها بات يستغلها مادياً، وقد ينتهي الزواج والحب بالموت قتلاً، كما حصل مع الفنانة ذكرى والفنانة سوزان تميم.

حول تعرّض النجمات للعنف اللفظي والجسدي، تقول الأخصائية النفسية الاجتماعية زهراء الغول: "تتعرض الكثير من النجمات للعنف الزوجي بسبب وجود اضطرابات وصراعات نفسية لدى الزوج، وكلما زاد الشك زاد الضغط النفسي عليه ليزداد العنف طرداً، وذلك لأن الرجل قد يعتقد أن العنف سبيل للحفاظ على أمانه المسلوب من قبل الوسط الفني والمعجبين، الأمان الذي يراه بأنه يتعلق بوجوده كرجلٍ في حياتها، له الحق في أن يبدي رأيه في سفرها أو حتى عملها الفني من الأغنيات أو الأدوار التي تختارها، وتفسّر النجمة ذلك بأن زوجها يعارض تقدمها ويغار من نجاحها ووصولها إلى مكانة أعلى فنياً".

"بدك ترحل عادي بس تركلي ولادي"... الأطفال كسلاح للمحاربة

صدمت الفنانة نوال الزغبي الرأي العام بعد تقديم أغنية "فوق جروحي" التي تحدثت فيها عن سلب أطفالها من قبل زوجها ومنعها من رؤيتهم، ورفعت دعوى قضائية لاستعادة حضانتها واستطاعت أن تكسبها، وسبقتها إلى هذه التجربة الفنانة هيفا وهبي، والتي حُرمت من رؤية ابنتها "زينب" بعد طلاقها من زوجها الأول وإنجابها في سنٍ صغير، قبل أن تصبح بهذه النجومية.

لا يمكن للأضواء والشهرة والمال حتى أن يساعدوا النجمة المعنّفة أو المضطهدة في أن تحصل في مجتمعنا العربي على حقوق قانونية إضافية عن المرأة العادية، والمفارقة أنها حتى لو حصدت ملايين المعجبين والمحبين وجعلت العالم العربي يحفظ أعمالها الفنية عن ظهر قلبه، قد تضطر هي بدورها لحفظ نفسها عن زوجها

وخاضت الفنانة صباح هذه التجربة أولاً من خلال ابنها صباح الذي منعها طليقها نجيب الشماس من رؤيته لسنوات طويلة، وتكرّرت التجربة مع ابنتها هويدا التي خطفتها والدة زوجها أنور منسي بعد رحيله، واضطرت لإشهار أسلامها كي تكسب حضانة ابنتها، أما تجربة الممثلة نادين الراسي مختلفة، لأنها خاضت معارك قضائية مع طليقها جيسكار أبي نادر، وخسرت الحضانة، كما أنها مُنعت من رؤيتهم وصرّحت أنها وقفت تحت شرفة منزلهم لكي تشاهدهم، وهدّدها زوجها بالاتصال بالأمن العام في حال كرّرت فعلتها ثانيةً.

إذا كانت نادين قد استطاعت أن تشاهد أطفالها خلسةً، فالممثلة تولين البكري محرومة من رؤية أولادها، لأنهم يعيشون في السعودية مع والدهم الذي لا يسمح لها بالاتصال بهم، ولا تعرف كيف أصبحت أشكالهم اليوم، وحتى مي حريري عانت من حرمانها من رؤية ابنتها سارة التي تم اختطافها من منزلها، وحاولت أن تستعيد ابنتها المخطوفة من زوجها وتحصل على حضانتها.

لا يمكن للأضواء والشهرة والمال حتى أن يساعدوا النجمة المعنّفة أو المضطهدة في أن تحصل في مجتمعنا العربي على حقوق قانونية إضافية عن المرأة العادية، والمفارقة أنها حتى لو حصدت ملايين المعجبين والمحبين وجعلت العالم العربي يحفظ أعمالها الفنية عن ظهر قلبه، قد تضطر هي بدورها لحفظ نفسها عن زوجها، خوفاً من ذكوريته التي قد تلتهب فيما لو عبّر لها أي معجب عن حبه لها. 


إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image