من قلبِ حي السِرْكَال المجنون النابض بالحياةِ في دبي، افتَتَحت مؤسسة أتاسي غير الربحيّة، معرض "ثورات شخصيّة" يوم 9 مارس الحالي مُكمّلةً المشهد الفنيّ المُتنامي في الحي، للاحتفاء بالفنّانة السورية التي "لم تُكرّم حتى اليوم"، وفقاً لشيرين أتاسي، مديرة المؤسّسة.
ولفتت أتاسي في حديثها مع رصيف22 إلى أن اسم المعرض يعود إلى الثورات التي تقوم بها الفنّانات السوريات، على كافّة المستويات: الفنيّة والثقافيّة والاجتماعيّة وحتى السياسيّة.
معرض "ثورات شخصية" الذي افتُتح بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، ويستمرّ حتى 8 أبريل المُقبل، يُعدّ بمثابة تحية للنساء وتوثيق للحركة الفنيّة النسائيّة السوريّة، بتقديمه النضالات والإنجازات التي خاضتها الفنانات السوريّات، في مطلع القرن العشرين، إلى جانب الأسماء الرائدة والجريئة اليوم، خاصّةً في ظلّ الحرب التي تشهدها سوريا مُنذ ثماني سنوات.
وتُضيف أن معرض "ثورات شخصية" الذي افتُتح بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، والذي يستمرّ حتى 8 أبريل المُقبل، يُعدّ بمثابة تحية للنساء وتوثيق للحركة الفنيّة النسائيّة السوريّة، بتقديمه النضالات والإنجازات التي خاضتها الفنانات السوريّات، في مطلع القرن العشرين، إلى جانب الأسماء الرائدة والجريئة اليوم، خاصّةً في ظلّ الحرب التي تشهدها سوريا مُنذ ثماني سنوات.
وما بين المنزل والموقد، استكشاف الهويّة والنزاعات السياسيّة، الجسد الأنثوي والمحرّمات، النزوح والنضج الذاتي، ركّز المعرض على 11 عملاً فنياً، يُقدّم لكم رصيف22 لمحةً عن كلّ منها:
المقدس الملوّث (فيديو|2018)
بعُمقٍ، تختار الفنانة أليانا عامر أن تنتقد موقف الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة من الحرب في سوريا، "لقد بارك المقدّس ما هو ملوّث، أي السلاح": تقول أليانا لرصيف22، وهي الفكرة التي انطلقت منها لتحقيق عملها الفني عبر الفيديو.
وفي عملها، تجلس الفنانة المؤدية على كرسي عالٍ شفّاف، يوحي للناظر إليه بالسُلطة، مُرتديةً لباس القدّاس الكنسي الأبيض، وفي حضنها وعاء معدني يُشبه ذلك المستعمل في الكنيسة كوعاء للماء المقدّس، وتحتها تنتصب بندقيّة على كعبها.
خلال دقائق الفيديو، تنزل المياه من الوعاء لتغمر رويداً رويداً البندقية المنصوبة أسفل الكرسي، حتى تغمرها بالكامل، ويُرافقه "كولاج" صوتي لسياسيّين ورجال دين، يستخدمون المصطلحات الصحيّة والطبيّة في خطاباتهم التي تتناول الحرب في الشرق الأوسط.
توّضح أليانا أنها "استلهمت الفيديو من العلاقة بين السلطة الكنسيّة والسلاح، ومن العلاقة بين الماء المقدّس والبندقية الملوّثة، كموضوعٍ أخلاقي أرادت معالجته".
وتقول إن المُصطلحات جاءت "من القاموس الطبّي والصحّي في وصف الحرب على أنها عملية جراحيّة طبيّة وصحيّة.. حرب تنظيف، وتطهير، وتعقيم".
صوتي الصغير لا يكذب (أداء|2012)
تجلس الفنانة خديجة بكر بلا صوت ولا تُبدي أي تعابير وجه، تُتيح لزائري المعرض الاقتراب منها، أو لمس ضفائرها السوداء الطويلة، التي تُعدّ جزءاً من عملها الفنّي.
في أطراف ضفائرها سمّاعات، إما تمسكها بنفسك أو تقدّمها لك خديجة الصامتة، تُنصت من خلالها إلى قصص نساء نزحن وتعرّضن للخسارات من ضمنها قصّتها الشخصيّة.
تقول خديجة لرصيف22 إن فكرة العمل "بسيطة" ولكنها تحمل رسالة "مُعقّدة" تحمل أكثر من بعد، من بينها بُعد اجتماعي يتعلّق بالنظر لجسد المرأة الذي لا تعتبره خديجة مادّة للعرض، مُشيرة إلى أن أرضيّتها الثقافيّة تحول دون السماح للغرباء بلمس شعر النساء، ومع ذلك تسمح لثمانية "غُرباء" بمسك ضفائرها معاً بهدف "كسر الحواجز" ولذلك "تطلب منهم أن يقتربوا منها".
ولفتت إلى أنها أرادت من خلال السماح للمشاركين بلمس شعرها، أن تجعل القصص جزءاً من ذاكرتهم، بهدف "خلق الاتصال بيننا" مُضيفةً أن "الذاكرة هي التي تُوحّدنا" على المستوى الإنساني، كما يوّحدنا "الألم كسوريين ونساء"، على حدّ تعبيرها.
"هُناك من بكى معي، هُناك من أمسك يدي، هُناك من حضنني، هُناك من ضحك وهُناك من توقّف عن الاستماع، وهُناك من اهتمّ ومن لم يهتمّ، وهُناك من شاركني قصص مُشابهة": تقول خديجة عن ردود الأفعال التي تشهدها.
كتاب الرياضيات (نحت وتجهيز|2017)
تقول الفنانة هبة أنصاري عن عملها الفنّي، كتاب الرياضيات، إنه وأثناء تجوالها في الأحياء الغارقة بالأنقاض، دخلت إلى أحد المنازل الحديثة البناء والمدمّرة بسبب القصف، لافتةً إلى أنها لمحت من تحت السقف "جثة" كتاب رياضيات، فأخذته كمن يسرق ذاكرة المكان، على حدّ تعبيرها، وعرفت فيما بعد أنه لطفلة اسمها نورا بزكادي غادرت الحياة إثر تعرّض منزلها للقصف.
تقول الفنانة هبة أنصاري عن عملها الفنّي، كتاب الرياضيات، إنه وأثناء تجوالها في الأحياء الغارقة بالأنقاض، دخلت إلى أحد المنازل الحديثة البناء والمدمّرة بسبب القصف، لافتةً إلى أنها لمحت من تحت السقف "جثة" كتاب رياضيات، فأخذته كمن يسرق ذاكرة المكان، على حدّ تعبيرها، وعرفت فيما بعد أنه لطفلة اسمها نورا بزكادي غادرت الحياة إثر تعرّض منزلها للقصف.
يتكوّن العمل التركيبي من "الوثيقة " أي كتاب الرياضيات الذي عثرت عليه بين الأنقاض، كما يتضمن جزءاً أسمته "التخريب " وهو دفتر فيه صور فوتوغرافيّة لأواني المطبخ، كرموز لشرح عملية حسابيّة "ليس لها علاقة بالمنطق الرياضي الصحيح".
وتوضّح أن الأشكال التي ضمّتها في الكتاب، من مربع ودائرة ونصف دائرة ومستطيل، كُلها "أُعيدت صياغتها" تحت تأثيرات ضغط الانفجار.
قصيدة لا تمنح الشفاء (فوتوغراف|2018)
تحت هذا العنوان، تُقدّم الفنانة ليلى مريود صورتين فوتوغرافيتين لجسد أنثى تُدير ظهرها.
تعتبر ليلى التي يُمثّل جسد الأنثى "حجر الأساس" في أعمالها، أنه الصورة الخارجيّة للمشاعر، والواجهة المُطابقة للصورة النمطيّة للمرأة، موضحةً "إن كانت المرأة ساحة معركة مشرّعة لكل أنواع العنف، فهي أيضاً قوّة حيويّة لا تُقدّر".
وتؤكد ليلى أن "في جسد الأنثى تلتقي التناقضات والمفارقات والازدواجيّة والنزاعات الثقافيّة والاجتماعيّة"، لافتةً إلى أن لوحة "قصيدة لا تمنح الشفاء" تمحي كل الحدود ما بين الحياة والموت، والذاكرة والغياب، والمقدس والمدنّس، والقبح والجمال.
خياطة (وسائط متنوعة|2019)
تستلهم نور عسلية عملها الفنّي من التجربة التي عاشتها، حين "سلّمت" ابنتها بيدها لتجري عملية جراحيّة لعينيها.
"كنت طوال ساعات الجراحة أفكّر بطريقة لو بإمكاني أن أتعرّض للغرز بدلاً منها"، تقول نور، وهو ما دفعها لطباعة صور لعينها على ورق الأرز الهشّ، ومن ثم القيام بخياطات عديدة عليها، لافتةً إلى أن "هذا الفعل اليدوي المُتكرّر كان نوعاً من "التخدير النفسي" بالنسبة لها.
وتوضّح نور أن حساسيتها للعين بدأت بعد انحسار نظر والدتها، التي اضطرّت لتلقي حُقن في منتصف عينيها، ولكن عملية ابنتها هي التي فجّرت الموضوع.
ثوب (عمل تفاعلي|2019)
تقدّم الفنانة سلافة حجازي ثوباً رقمياً على الطريقة التراثيّة لمنطقة بلاد الشام، إلا أن العنصر الزخرفي المتكرّر هو رمز الاستجابة السريعة QR codes. تقول سلافة إنه "يمكن تصفّح كل رمز من رموز العمل من خلال الهاتف الذكي، ليقود كل منها إلى رابط مُعيّن، كمقال أو صورة أو فيديو أو مسوّدات فنية أو عناصر شخصيّة".
وتُشير إلى أن "الثوب الرقمي" كالثوب التقليدي، يهترئ أيضاً، إذ أن الروابط قد تنقطع بسبب اختفاء صفحاتها عبر الإنترنت أو قد يتغير محتواها.
منظر (فيديو|2017)
من سطح منزلها في مجدل عنجر، عند الحدود السوريّة الإسرائيليّة، حيث خط وقف إطلاق النار، تحاول الفنانة رندة مدّاح أن تصوّر فيديو بتركيبة معقدة من المرايا المتحرّكة.
من خلال هذه المرايا، توحّد مدّاح الرؤية للمناطق السوريّة والإسرائيليّة، قائلةً "إن السكّان على طرفي الحدود عرضة لنفس الاضطهاد، يتشاركون ضياع الهوية وفقدان الذاكرة".
قميص النوم (لوحة|2012)
تختار الفنانة نغم حديفة أن تتحدّث عن قميص النوم الذي أهدتها إياه جدّتها، لافتةً إلى أنها "هدية ينتقل عبرها الزمن الأنثوي".
وتقول إن أبعاد هذه اللوحة تحاكي "حجمها الواقعي، حجم جسدها ولكن دون الرأس أو الوجه"، موضّحةً أن الرداء الليلي لا يمكن أن يُعرض إلا لشخص مقرّب جداً، مُضيفةً أنه "لحظة حميميّة قد تُرى أحياناً ولكن من خلال المرآة".
وتتساءل نغم: ماذا نخفي بينما نحن في الظلام؟ ثنايا جسد وثنايا رغبة؟ ماذا يمكن أن تخلق هذه الصورة في طبقات اللوحة؟
الانفصال (فوتوغراف|2017)
تَمرَّد جسد الفنانة إيمان حاصباني عليها عدّة مرّات: حين كانت في العاشرة وقف "جسدها"، لا هي، تحت الثلج، رغم تحذيرات والدتها بأنه قد يصيبها "مكروه".
تمرّد عليها مرّة أخرى، حين وجدت نفسها نائمة في الممرّ، في شقتها القريبة من مطار دمشق دون غطاء، وكذلك حينما وصلت إلى برلين، فكانت "تطير في أحلامها وتزور أماكن لا تعرفها".
ضمن هذه الحالات من تمرّد الجسد، يمكن إدراك معنى الصورة الفوتوغرافيّة التي نرى فيها أنثى بثياب النوم أو فستان العرس، وهي تعبر من بين مجموعة من الآليات العسكريّة والدبابات، كأن هذه الحالة واحدة من حالات تمرّد الجسد على إرادة صاحبته، فها هو يقودها للتواجد في مكان وعوالم خطرة، تبدو متنافرة مع حالتها النفسيّة والذهنيّة.
عنوان الصورة الفوتوغرافية "الانفصال" يُحيل إلى انفصال الحضور الجسدي عن العالم المحيط به، وانفصال الوعي عن العوالم المحيطة به في الوقت ذاته.
سلام بالأخضر (لوحة|2013)
تعتبر الفنانة علا العبد الله أن الألوان هي جوهر التعبير، لذلك فإن لوحتها المستمدّة بعوالمها التشكيليّة واللونيّة من البيئة السوريّة، تركّز على مجموعة من الألوان الخاصّة، والعناصر البصريّة المرتبطة بالمنطقة، فالبني والذهبي هما اللونان اللذان تربطهما الفنانة بالشرق الأوسط: رمل الصحراء والماء.
مكان الذاكرة (لوحة|2018)
ترسم ريم يسوف مشهداً بصرياً مطبوعاً في ذاكرتها، تستعمل الكولاج للدلالة على طغيان الذاكرة المتعدّدة والمدوّنة على سطح واحد، في اللوحة نرى المدينة مؤلفة من أشكال هندسيّة، نوافذ أبنية، جدران شفافة، تصف الفنانة هذه المدينة بأنها "أجهضت سكانها وطيورها وحوّلتهم إلى أطلال".
تكرار الجماعات البشريّة في أعلى اليمين وأسفل اليسار، توحي برؤية لا منطقيّة، كابوسيّة، مُتشكّلة من ألوان داكنة، سوداوية، مُقلقة، هي التعبير الذي أرادته الفنانة، سواء في التعامل مع العناصر البصريّة التي تشكّل المدينة، أو عناصر الجماعات البشريّة.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...