شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
علاقة الهجوم على

علاقة الهجوم على "بطلوع الروح" بخصومة إلهام شاهين مع التيارات الإسلامية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأحد 1 مايو 202207:12 م

 يعد مسلسل "بطلوع الروح" للمخرجة كاملة أبو ذكرى، أحد أبرز مسلسلات الموسم الرمضاني في 2022، وأكثرها إثارة للجدل والاستقطاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ لحظة الإعلان عنه وطرح البوستر الترويجي الخاص به حتى البدء بعرضه، حيث تعرض صُناع المسلسل للهجوم قبل عرضه وجرى اتهامهم من البعض بمحاربة الإسلام، ولكن مع عرض الحلقات الأولى للعمل، قلّت حدّة الهجوم عليه، وطغت موجة من التعاطف الكبير مع بطلته "روح"، وسط إشادة كبيرة بأداء الفنانة منة شلبي، الذي أظهر نضجها الفني وموهبتها وقدرتها الكبيرة على التقمص.

وهو التجربة الثانية للكاتب الصحفي والسيناريست محمد هشام عبية، في كتابة مسلسل تليفزيوني بشكل منفرد، وأول تعاون بينه وبين المخرجة كاملة أبو ذكرى، بعدما شارك في تأليف مسلسل "رحيم"، وكتابة حوار مسلسل "سقوط حر"، وعدة حلقات في مسلسل "طلعت روحي"، وسبق أن فاز بجائزة نقابة الصحفيين ثلاث مرات، كما أصدر عدة كتب في الأدب الساخر وأدب الرحلات.

وحول الجدل الذي أثاره المسلسل وتجربته في كتابة سيناريو العمل، كان لـرصيف22، هذا الحوار معه.

الهجوم من داخل المسجد

ما سبب تعرض مسلسلك "بطلوع  الروح" لحملات هجوم واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه بأسابيع؟ ولماذا اتهم أحد الدعاة المعروفين المسلسل بأنه يسيء للدين الإسلامي؟

بدأ الهجوم على المسلسل منذ نشر صورة الأفيش الترويجي له، وكنت أتوقع أن نتلقى هجوماً، لكني لم أحسب أنه سيكون بمثل هذه الحدّة وهذا العنف، حتى أن بعض المهاجمين للمسلسل، هاجموه بمقاطع فيديو لهم مُصوّرة داخل مساجد، وهو ما يحمل دلالة مخيفة وصادمة، ولا أنكر أنني استشعرت القلق في مرحلة ما بسبب موجة الهجوم الكاسحة، التي لاقت رواجاً عند الجمهور العام على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تكن تقلقني دعوات المقاطعة بقدر ما أخافتني فكرة أن يتعرّض أحد أفراد فريق العمل للأذى بسبب هذا المسلسل وتلك الهجمة التي سبقت عرضه.

وأعتقد أن سبب الهجوم له علاقة كبيرة بخصومة الفنانة إلهام شاهين مع التيارات الإسلامية المتشددة، بسبب معارضتها لحكم الإخوان، وبعد فترة من كمون تلك الجماعات، بدأت تسيطر مرة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، وتروج لكونه ضد الإسلام.

كيف تجد تعاونك للمرة الأولى مع المخرجة كاملة أبو ذكرى في مسلسل تليفزيوني؟

بالنسبة إليّ هذه هي المرة الثانية التي أكتب فيها سيناريو مسلسل منفرداً، أما كاملة أبو ذكرى فهي ذات خبرة كبيرة في مجال الدراما، وحققت أعمالها نجاحاً وتأثيراً كبيرين، فقد كان تعاوني معها مفيداً جداً، لا سيما على مستوى الخبرة الفنية، واختيار طاقم تمثيلي ملائم للأحداث؛ فهي اختارت كل طاقم التمثيل ما عدا الفنانة منة شلبي التي كان العمل قائماً عليها، واستطاعت العمل والتصوير في ظروف صعبة ومربكة جداً؛ فالمسلسل تعرّض للكثير من الظروف المعقدة والصعبة، ومنح اسمها كمخرجة حالة زخم أكبر للعمل، وحالة أكبر من التوقع والاهتمام والتركيز.

بدأ الهجوم على مسلسل "بطلوع الروح" منذ نشر صورة الأفيش الترويجي له، حتى أن بعض المهاجمين للمسلسل، هاجموه بمقاطع فيديو لهم مُصوّرة داخل مساجد، وهو ما يحمل دلالة مخيفة وصادمة

مستوحى من تحقيق صحفي

هل أحداث المسلسل مستوحاة من قصة واقعية، أم أنه اعتمد كلياً على خيالك كمؤلف؟

في الحقيقة هو مزيج من الخيال والواقع، ومستوحى من تحقيق صحفي قرأته على صحيفة "الشرق الأوسط" في شهر سبتمبر، عن سيدة مصرية اضطرت للذهاب إلى الرقة مع زوجها الذي انضم لتنظيم داعش، وبعد مقتله في إحدى المعارك أُلقي القبض عليها، ووضعت في  مخيم الروج شمال شرقي سوريا، الذي يضم نحو 2500 سيدة من زوجات مقاتلي داعش، بعد انهيار دولتهم في أكتوبر 2017، وكانت تأمل العودة  إلى مصر، لكنها مصنفة أمنياً بأنها منضمة لجماعة إرهابية، وتمنيت أن أكتب عملاً عن ذلك، حتى جاءتني الفرصة لكتابة مسلسل "بطلوع الروح"، ومزجت فيه بين الخيال والواقع؛ فمثلاً شخصية أكرم التي ألفتها وجدها البعض تتشابه مع  شخصية شاب كان ينتمي للطبقة الراقية وتفاجئ به أصحابه مقاتلاً في داعش، ولعل الشخصية الحقيقية كانت في اللاوعي عند كتابتي للسيناريو.

تلقى أداء الفنانة منة شلبي لدورها بالمسلسل إشادة واسعة... هل كانت منة نموذجاً لبطلة مسلسلك في خيالك، وهل استطاعت إيصال أفكار ومشاعر البطلة كما تخيلتها؟

منة شلبي هي ممثلة تستطيع التلون لتلائم أي دور، وتقوم بكل المطلوب منها في الدور بدون أي شروط مسبقة تفرضها كمعظم النجمات، وتنجح في الدخول إلى تفاصيله بعمق شديد، سواء في قالب كوميدي أو درامي. سبق أن تعاملت معها في المسلسل ذي الأحداث الدامية والعنيفة "في كل أسبوع يوم جمعة"، وقد أجادت الدور بشدة، وترشحت عنه لجائزة الإيمي الأمريكية على المستوى العالمي، لذا تعد واحدة من أهم  نجوم جيلها على مستوى الوطن العربي، وهي مؤمنة بدور الفنان وأثره مما ينعكس على اختياراتها.

بالنسبة لدورها في مسلسل "بطلوع الروح" فقد كان أفضل مما تخيلته على ورق السيناريو؛ فهي أضافت إليه من روحها وتقمصها واندماجها مع الأحداث بصدق، حتى تعاطف الجمهور وتورط معها في محنتها بحثاً عن مخرج لها.

الاقتباس من الواقع

كم استغرقت فترة البحث قبل الكتابة، وكيف استقيت المعلومات عن لواء الخنساء النسائي والانتهاكات الداعشية بحق النساء، بجانب تفاصيل الحياة في الرقة تحت حكم التنظيم؟

كتبت المسلسل خلال ثمانية أشهر، وبدأت عملية البحث مع بدء  كتابة السيناريو، وتزامنت معها حتى كتابة المشهد الأخير، وفور كتابتي للحلقة الخامسة أدركت أنني بحاجة لمساعدة متخصص في عملية البحث؛ فلجأت للصديق الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية والإسلامية، الصحفي علاء عزمي، وكان خير معين لي في إيجاد الحلول الدرامية عبر أحداث  واقعية حدثت بالفعل، ساعدتني على مزجها لمع الأحداث المتخيلة، وإيجاد مخرج لإنقاذ البطلة روح من المأزق الدرامي الذي وقعت فيه.

يرى بعض النقاد أنه بظهور خط شخصية عُمر ( أحمد السعدني)، وتقرّبه من البطلة روح (منة شلبي)، تتشابه مع مسلسل "خليفة" السويدي إنتاج نتفليكس 2020؟

منذ بدء عرض المسلسل جرى اتهامه بالتشابه مع مسلسل "خليفة" السويدي، وفيلم أمريكي آخر، بسبب تكرار تيمة ثلاثي الزوج والزوجة والصديق والعلاقة العاطفية السابقة، وهي تيمة تتكرر في الدراما بشكل عام وتساعد على توالد الأحداث، والمهم كيفية توظيفها بشكل مبتكر.

وبشكل عام، أرى أن طريقة التجييش في الجماعات الإسلامية المتشددة تقوم بنسبة كبيرة على أن الأصدقاء يجلبون الأصدقاء، وتكون دوماً هناك مساحة لتشابك الماضي فيما بينهم، وهذه التيمة هي الأقرب للواقع والتصديق، مثلما حدث مع أكرم الذي جنده عمر، بعدما شاهد مقاطع الفيديو التي تلعب على وتر الشعور بالذنب من كون الإسلام والمسلمين يتعرضون للظلم وهو صامت، ويتم دوماً تجنيد الأشخاص ممن يثقون فيهم من الأصدقاء، وإن كان مسلسل خليفة اقتبس تلك المسألة من الواقع؛ فمن حقي أنا أيضاً اقتباسها.

الدم الذي سال على الأراضي السورية  

يرى البعض أن التيمة الرئيسية للمسلسل مأخوذة عن تيمة الفيلم الأميركي "ليس بدون ابنتي"؟

هذه التيمة موجودة ومعروفة منذ بدء الدراما قبل سنوات بعيدة، وهي المتعلقة بالأم التي تخوض صراعاً لتبقى وطفلها على قيد الحياة، وهي تيمة متعارف عليها في مختلف وسائل الإعلام حول العالم، ولا تمثل اختراعاً ولا اقتباساً.

ولكن الجزء الذي جعل البعض يستشعر وجود تشابه في الأحداث بين الفيلم الأمريكي وبين المسلسل، هو أن بطلة العمل الأول ذهبت إلى إيران، أما بطلة العمل الخاص بنا فذهبت إلى داعش، وكلاهما مجتمعات مغلقة، ما أثار ذلك الإحساس لدى المشاهد، وهي مقارنة غريبة. وهذه هي طبيعة المجتمعات المغلقة عندما تذهب إليها أم وطفلها، لكني في الحقيقة لم أر الفيلم من قبل، وهذا تقصير مني، ويختلف الزمان والمكان في العملين وردود أفعال الأبطال، أما التيمة فهي ليست حكراً على عمل بعينه أو شخص واحد. أما مسلسل "خليفة" السويدي فقد شاهدت حلقاته بعد انتهائي من كتابة معالجة السيناريو ووضع الخطوط العريضة والتعاقد مع الشركة المنتجة، لضمان عدم وجود تلامس في الأحداث.

كيف عالج المسلسل الدور المركزي لتركيا فيما حدث في سورية طوال العقد الماضي؟

محمد هشام عبية: لدي مشروع جديد لكتابة سيناريو فيلم سينمائي مأخوذ عن رواية "هدوء القتلة" للكاتب طارق إمام، كما أعمل على مشروع كتابة سيناريو مسلسل قصير عن الفترة الصعبة التي مرت بها الأديبة مي زيادة

كان تركيزنا في الأساس خلال كتابة وإخراج المسلسل على قضية إنسانية بالدرجة الأولى، ومحاولة التركيز على الأشخاص والتعمق في شخصياتهم وأفعالهم، والجزء الخاص بتركيا جاء، بطبيعة الحال، بسبب تورطها، لأن حدودها تكاد تكون في وقت معين المنفذ الوحيد الآمن للدخول والخروج من سوريا والرقة، حتى أنه تحول إلى بيزنس، وكانت تتحكم فيه حسابات سياسية للحكومة والدولة التركية في ذلك الوقت، ونظرتها لدورها في المنطقة وصراعاتها وحساباتها، وبالتالي لم يكن ممكناً  أن نتحدث عن داعش والرقة ومحاولات الدخول والخروج دون التطرق إلى تركيا، ولم نكن بصدد التطرق إلى حسابات سياسية بقدر ما هو دور توثيقي لما حدث، لأنه سبب رئيسي للدم الذي سال على الأراضي السورية منذ سنوات، وهي قضية إنسانية وليست سياسية فقط.

فيلم سينمائي ومسلسل جديد

ما هي أبرز المحطات الفنية التي مررت بها ككاتب سيناريو منذ اشتراكك في ورشة كتابة مسلسل "سقوط حر" في 2016 تحت إشراف وائل حمدي ومريم نعوم، وكيف نضجت وتطورت موهبتك وخبرتك خلال تلك السنوات؟

أهم المحطات في مراحل تطوري هو عملي الصحفي لمدة 15 عام بانتظام، أكسبني القدرة على الملاحظة واستخلاص الأفكار البراقة والقدرة على الكتابة بشكل جيد وسريع، وأن أستطيع التلامس مع الإنسان والقارئ والقدرة على الإنجاز، كما أفادني كثيراً الانضمام إلى ورش كتابة السيناريو، التي أكسبتني الوسائل والأدوات اللازمة لكتابة السيناريو.

كتبت أنواعاً مختلفة من المسلسلات، مثل: الكوميدي والدرامي والدرامي الثقيل، وأغلب الأشكال للمسلسلات، وتلك التي تتكون من 15، 30، أو 45 حلقة، وكتبت مسلسلات لشهر رمضان وأخرى خارج الموسم الرمضاني، وكل ذلك تراكم بداخلي، بجانب قراءاتي ومشاهداتي للأفلام والدراما ومتابعتي لكل جديد يخص السيناريو والدراما والمنصات المختلفة، واطلاعي على الكثير من الأدب، ما أكسبني المزيد من الخبرات، وأدين للصديقين، وائل حمدي ومريم نعوم اللذين فتحا لي الباب لدخول مجال كتابة السيناريو، والمخرجة مريم أحمدي التي منحتني فرصة كتابة أول مسلسل منفرداً، وهو "60 دقيقة"، وهي ثقة أشكرها عليها.

في مسلسل "60 دقيقة"، كيف عالجت قضايا خطورة المريض النفسي والتحرش والانتحار والمشكلات الزوجية، وهل لاقى المسلسل الصدى الذي كنت تأمله؟

هو من المسلسلات التي أعتز بها كثيراً، بسبب تناوله لقضية الاستغلال الجنسي، عبر شخصية رجل يستغل عمله أو سلطته لفعل ذلك، وهي قضية لم تأخذ حقها في الدراما العربية، وهي تحدث كثيراً على أرض الواقع.

والمسلسل حقق مشاهدات جيدة، رغم عرضه على منصّة للمشاهدة خارج السباق الرمضاني، ومع ذلك لاقى رواجاً كبيراً، ليس فقط من أبناء الوسط الفني والنقاد، بل تلقيت رسائل من أشخاص لا أعرفهم عن تجارب شخصية لهم مماثلة أو لأصدقائهم الذين تعرضوا لأمور مشابهة بنسبة كبيرة، وهو ما يدل على أنه كان صادقاً وحقيقياً، وهو الأثر الذي أتطلع له طوال الوقت.

هل من مشروع سيناريو عمل فني جديد تستعد له؟

لدي مشروع جديد لكتابة سيناريو فيلم سينمائي مأخوذ عن رواية "هدوء القتلة" للكاتب طارق إمام، كما أعمل على مشروع كتابة سيناريو مسلسل قصير عن الفترة الصعبة التي مرت بها الأديبة مي زيادة، مأخوذ عن رواية "مي: ليالي إيزيس كوبيا"، للروائي الجزائري الكبير واسيني الأعرج، وهو من إخراج مريم أحمدي، ومن المفترض عرضه خلال الشتاء القادم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image