وجدت هيئة الدفاع عن إسلاميي النظام المعزول بقيادة الرئيس عمر البشير نفسها في مرمى نيران السودانيين، بعد انتشار فيديو يحوي أحاديث جانبية من داخل قاعة المحكمة، انطوت على ما وجد فيه السودانيون سبّاً للعقيدة، وعبارات عنصرية، وأخرى مسيئة إلى المحتجين.
الفيديو المنتشر يعود إلى بث رسمي من وكالة السودان للانباء "سونا" واقتطع من بث مباشر قامت به الوكالة لوقائع جلسة المحاكمة. وتسبب الفيديو المجتزأ بصدمة حادة في الشارع السوداني، كون أطرافه قانونيين بارزين في صفوف الحركة الإسلامية التي ظلت طوال ثلاثة عقود من الحكم ترفع شعارات الشريعة الإسلامية.
وانخرط أعضاء الهيئة في أحاديث جانبية خلال جلسة الثلاثاء 12 أبريل/ نيسان الجاري، من دون أن يفطنوا إلى أن المايكروفونات المخصصة لنقل وقائع الجلسة مفتوحة.
ونعت أحد المتداخلين بالحديث مدير التلفزيون المُقال مؤخراً، لقمان أحمد، بأنه "عبد ذو أنف ضخم"، ومن ثم سب عقيدته الإسلامية، قبل أن يتدارك مستغفراً "اللهم إني صائم".
ولقمان أحمد إعلامي سوداني بارز ينحدر من إقليم دارفور غرب البلاد، سبق أن تبوّأ مناصب عليا في هيئة الإذاعة البريطانية، أهمها مسؤولية مكتب الهيئة في العاصمة الأمريكية.
وفي مفس المقطع، تم توصيف المحتجين ضد النظام العسكري بأنهم مجموعات من (الجهلة والتافهين).
وتضم هيئة الدفاع عن البشير ومعاونيه 34 محامياً، تصدوا للدفاع عن المتهمين بتدبير انقلاب 30 يونيو/ حزيران 1989 الذي أوصل البشير إلى سدة الحكم. وتتشكل الهيئة من قياديون بحزبي البشير والترابي، والأخير كان أستاذاً للبشير ومستشاره الأثير قبل أن يقع الشقاق بينهما.
ممثلي الدفاع في جلسة محاكمة البشير وقادة الكيزان في أنقلاب 89 فات عليهم إن المكرفون مفتوح وذكروا السبب الأساسي للإطاحة بلقمان من قبل البرهان لأنه نقل #زلزال6ابريل وتفوه أحدهم بلفظ عنصري تجاه لقمان وسخر من شكله وسب له الدين في نهار رمضان ..
— ملوك إشتباكات المواكب #رفاق_الثورة (@Moshtabk) April 12, 2022
هكذا هم الكيزان.#يسقط_حكم_العسكر pic.twitter.com/liRwsfCtsx
بعد انتشار الفيديو على نطاق واسع، أقدمت وكالة السودان للأنباء على تحرك مثير للتساؤل، إذ بادرت إلى منع الوصول إلى الفيديو جداً، وجعلته محتوى خاصاً يحتاج إلى إذن بالنشر.
تحت هذا الغطاء سارعت هيئة الدفاع عن رجال البشير إلى تدبيج بيان، أنكرت فيه ما جاء في الفيديو جملةً وتفصيلاً، وقالت إن الفيديو برمته "مفبرك"، والهدف منه بث الفتنة، مهددةً بملاحقة المتورطين في الترويج له.
وقالت في البيان: "نؤكد أن ما ورد من إساءات وكلمات، لا تشبهنا ولا تشبه أخلاقنا ولا قيمنا ولا قناعاتنا التي نؤمن بها ونعمل من أجلها". وزعم قيادي بارز في حزب المؤتمر الذي ترأسه البشير أن الأجهزة الأمنية أوقفت "مُفَبْرِك" الفيديو.
نعت أحد المتداخلين بالحديث مدير التلفزيون المُقال مؤخراً، لقمان أحمد، بأنه "عبد ذو أنف ضخم"، ومن ثم سب عقيدته الإسلامية، قبل أن يتدارك مستغفراً "اللهم إني صائم"
في المقابل، أكد عدد من المتابعين أنهم سمعوا الحديث الجانبي عبر تلفزيون السودان الذي نقل الجلسة، وشدد آخرون على أن المقطع المنشور مجتزأ من بث وكالة السودان المخفي على يوتيوب، ويحوي شعار الوكالة.
يُذكر أن مرصد "بيم ريبورتس" للتحقق من الأخبار حسم الجدل بنشره تقريراً يكشف عن فحصه الفيديو بتقنيات حديثة أكدت صحته، وصحة ما ورد فيه.
إذا لم يكن لديك الوقت الكافي للاطلاع على قصتنا في «مرصد بيم» اليوم، إليك الخلاصة:
— Beam Reports (@BeamReports) April 13, 2022
ما صحة مقطع الفيديو المتداول لمحامين بمحكمة مدبري انقلاب 30 يونيو المحتوي على عبارات عنصرية؟
صحيح
لقراءة التقرير كاملاً:https://t.co/YFkGoNrWYV#Sudan #Factcheck #BeamReports #السودان #مرصد_بيم pic.twitter.com/eqZ00Dbhkt
وكانت آخر النقاط المسجلة ضد هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول، صدور بيانات منددة بسلوك أعضائها من جهات عديدة، بعضها شريك للنظام العسكري الحالي.
وتضم هيئة الدفاع عن البشير ومعاونيه 34 محامياً، تصدوا للدفاع عن مدبري انقلاب 30 يونيو/ حزيران 1989 الذي أوصل البشير إلى الحكم. وتتشكل الهيئة من قياديين بحزبي البشير والترابي، والأخير كان أستاذاً للبشير ومستشاره الأثير قبل أن يقع الشقاق بينهما.
تحركات قانونية
أعلنت عدة جهات قانونية شروعها في ملاحقة أعضاء هيئة الدفاع في المحاكم السودانية.
أبرز الكيانات التي بدأت في ملاحقة الطاقم القانوني للبشير، هو هيئة محاميي دارفور، وهي هيئة مستقلة ظلت تدافع عن أبناء الإقليم الذي أنكوى بنير الحرب (2003 – 2008) ضد أي انتهاكات أو سلوك تمييزي.
#الراكوبه
— Daily Sudan Post (@DailySudanPost) April 13, 2022
شرعت هيئة محامي دارفور في مقاضاة اعضاء بهيئة الدفاع عن المخلوع واصدرت الهيئة وشركاؤها بيانا حول ما وصفته بالحديث العنصري والعبارات المسيئة والحاطة بالكرامة الإنسانية التي قيلت في حق مدير التلفزيون السابق، الأستاذ لقمان أحمد، أثناء محاكمة مدبري إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م . pic.twitter.com/N6GcKYmFBK
كما سارعت مجموعة محاميي الطوارئ، وهي كيان متخصص في الدفاع عن المحتجين ضد الحكم العسكري، إلى تدوين بلاغات ضد ثلاثة من عناصر هيئة الدفاع عن البشير، هم: عبد الباسط سبدرات (وزير عدل أسبق)، وأبو بكر عبد الرازق (قيادي بحزب عراب الإسلاميين الراحل حسن الترابي)، ومحمد شوكت (محامي وزير الداخلية الأسبق المطلوب في الجنائية الدولية عبد الرحيم محمد حسين).
وسيُلاحق أعضاء الهيئة بتهم سبّ العقيدة، والإهانة، والعنصرية بموجب القانون الجنائي.
#التغيير
— Daily Sudan Post (@DailySudanPost) April 13, 2022
أعلنت مجموعة “محامو الطوارئ”، المدافعة عن الحقوق القانونية، الشروع في فتح بلاغات جنائية، ضد 3 من محامي المتهمين في محكمة مدبري انقلاب 30 يونيو 1989، تتعلق بسب العقيدة والإهانة العنصرية، وهم كل من : عبد الباسط سبدرات، محمد شوكت وأبوبكر عبد الرازق .#صيام_قيام_اسقاط_نظام pic.twitter.com/40ZcKpkG5s
ردات فعل سياسية
أعلنت الجبهة الثورية، وهي كيان يضم حركات حليفة للنظام العسكري، إدانتها لـ"التنمر والعنصرية" بحق لقمان أحمد.
وقالت في بيان نشرته للمفارقة وكالة السودان للأنباء، إنها "تدين بأغلظ العبارات السلوك العنصري البغيض".
ودعت السلطات والجهات العدلية إلى تكوين لجنة تحقيق وتقديم المتورطين في الحادثة الشائنة- بحسب وصفهم- إلى المحاكمة.
الجبهة الثورية تدين التنمر والعبارات العنصرية الصادة من احد اعضاء هيئة الدفاع عن مدبري انقلاب 1989 بحق الاستاذ لقمان احمد المدير السابق للهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون https://t.co/eHgxWprRIj#سونا #السودان pic.twitter.com/GzX5jBoPvI
— SUDAN News Agency (SUNA) ?? (@SUNA_AGENCY) April 13, 2022
ودانت قوى الحرية والتغيير التي قادت الثورة على البشير، وتبرز في المشهد الاحتجاجي الحالي ضد النظام العسكري، في بيان، أحاديث منسوبة إلى أفراد من هيئة الدفاع عن البشير، لكنها استدركت بأنه سلوك يمثل خطاب النظام المعزول والحركة الإسلامية.
وأدت سياسات نظام البشير إلى اختيار مواطني جنوب السودان عام 2011 الانفصال، بنسبة تصويت ساحقة وصلت إلى 98.83%، فيما أدت حروب التطهير والإبادة في دارفور إلى ملاحقة البشير وأربعة من معاونيه بمذكرات حُمر صادرة عن قضاة المحكمة الجنائية الدولية.
ولفت قوى الحرية والتغيير في بيانها إلى أن "أي سلوك عنصري مدان أخلاقياً وقانونياً"، مضيفةً بأن "سب العقيدة جرم يهدد التعايش بين الأديان".
قوى الحرية والتغيير
— قوى الحرية و التغيير ( FFC ) (@FFC_SD) April 13, 2022
تصريح صحفي
تابعنا في قوى إعلان الحرية والتغيير، الحديث الذي دار بين عددٍ من أعضاء هيئة الدفاع عن مدبريّ إنقلاب الثلاثين من يونيو 1989، خلال جلسة المحاكمة بتاريخ 12 أبريل 2022م وتضمن حديثهما ألفاظاً عنصرية و سباً للعقيدة. pic.twitter.com/nr80h6W2Fj
ولم تتخلف الأحزاب السياسية المعارضة عن تدبيج إدانات للحادثة، شمل ذلك أحزاباً رئيسة، منها المؤتمر السوداني (وهو غير المؤتمر الوطني الذي ترأسه البشير)، والتجمع الاتحادي، والبعث العربي الاشتراكي، وحزب الأمة القومي.
وذهب حزب المؤتمر الوطني (المحلول)، وهو حزب الرئيس البشير، إلى القول بفبركة واختلاق الفيديو من قبل أنصار قوى الحرية والتغيير لتشويه صورة الإسلاميين.
وقال الحزب: "لا تخرج مثل هذه الألفاظ من أصحاب الفكر والعلم والدين".
♦️♦️♦️♦️ مش والله لو نفيتوا لو وضعتم أيديكم في الشمس مافي حد بصدقكم ♦️♦️♦️♦️
— Maha Mohamed (@AlmoftiMaha) April 12, 2022
المفروض تكون عندكم أخلاق وتعتذروا من السيد لقمان أحمد ومن المسلمين في جميع أنحاء العالم على سب الدين pic.twitter.com/XiQ36Fegpd
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...