شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
تساؤلات حول مخططات عسكر السودان بعد الإفراج عن كبار معاوني البشير

تساؤلات حول مخططات عسكر السودان بعد الإفراج عن كبار معاوني البشير

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 10 أبريل 202205:26 م

أطلقت السلطات العسكرية في السودان، نهاية الأسبوع الماضي، عدد من قادة نظام المعزول عمر البشير، على رأسهم رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، إبراهيم غندور، ورجل الأمن القوي الجنرال أنس عمر.

وجرى توقيف غندور وبقية المتهمين بعد تدوين بلاغات ضدهم بالإرهاب والحرب على الدولة والتخطيط لتنفيذ اغتيالات، قبل انطلاقة مواكب جماهيرية يوم 30 يونيو/ حزيران 2020.

وكانت لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو (نظام البشير)، التي جمد أعمالها قائد الانقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان، أصدرت ضمن أولى قراراتها في ديسمبر 2019، قراراً بحل حزب المؤتمر الوطني وكافة واجهاته.

وبعد إطلاق سراحهم مباشرةً، انطلقت تساؤلات عديدة بشأن نوايا العسكر السودانيين، وما إذا كانوا في طريقهم لإعادة قادة نظام البشير إلى الواجهة من جديد.

قادة المؤتمر الوطني المفرج عنهم ما بين متهمين بالفساد ونهب ثروات السودان، ومؤيدين علنيين لـ"داعش"

من هم المُفرج عنهم؟

يعد طبيب الأسنان، إبراهيم غندور، أحد أبرز قادة (جناح الحمائم) في حزب البشير. وعلى عكس بقية قادة الحزب، امتلك الرجل قدرات كبيرة في التواصل مع قادة المعارضة، وكان من ضمن الفاعلين في ملف تنفيذ اتفاقية السلام الشامل 2005 مع الحركة الشعبية لتحرير السودان.

وبرز نجم غندور حين تولى ملف وزارة الخارجية، وتمكن من تدشين حوار مع واشنطن، أسفر عن صدور أمر تنفيذي من إدارة الرئيس باراك أوباما في 2017، برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة على السودان، مع بقائه في قوائم الإرهاب.

ولكن جناح الصقور في حزب المؤتمر الوطني، شنّ هجمة على الرجل مخافة تمدد نفوذه، ما أدى إلى إقالته من المنصب في 2018، بعد تذمره علانية من تأخر دفع استحقاقات موظفي السلك الدبلوماسي بالخارج.

لكن مقابل تلك السيرة، هناك تساؤلات بشأن الثروات التي كونها غندور بما في ذلك امتلاكه لمنازل فخمة، وواحدة من أشهر الجامعات الخاصة.

مسؤول في "المؤتمر الوطني" المنحل: نعد للملاحقة القضائية لكل من أساء إلى رجال البشير المفرج عنهم 

أما أنس عمر، فهو من الجناح المتشدد (الصقور) بحزب البشير، ومن قادة العمل الأمني البارزين في صفوفه، وأسندت إليه عقب الإطاحة بالنظام، مهمة رئاسة الحزب بولاية الخرطوم، أكبر الولايات السودانية.

وانخرط عمر في الحرب الأهلية ضد المتمردين في جنوب السودان (دولة جنوب السودان حالياً)، وسبق له قيادة إحدى ولايات إقليم دارفور الخمسة (شرق دارفور)، قبيل سقوط نظام البشير.

وبالتالي تلاحقه تهمة العنف ضد الخصوم، ابتداءً من مسيرته في جامعة أم درمان الأهلية، مروراً بسيرته في المتحركات العسكرية بالجنوب ودارفور.

ولا يزال الناس يتذكرون فيديو شهير، لعمر يظهر فيه وهو يطالب بقتل عناصر المتمردة بطرق غير مكلفة، لكونهم لا يستحقون ثمن الرصاصة، ومن ثم قال بعدم دفن جثث قتلى الحركات، وتركها في العراء وليمة للصقور.


ومن ضمن القادة البارزين المطلق سراحهم، الدكتور محمد علي الجزولي، وهو من أصحاب الصلات الوثيقة بالنظام المعزول، وصاحب الآراء المتطرفة، التي وصلت في وقتٍ ما إلى تقديمه البيعة لزعيم داعش، أبوبكر البغدادي.


أمر قضائي

يؤكد عضو تحالف المحامين الديمقراطيين، محمد أنور، أن تبرئة قادة حزب البشير من تهم الإرهاب، "قرار سياسي لا يمت للعمل القانوني بصلة".

وعزز أيه الذي أدلى به إلى رصيف22 بأمرين، أولهما متمثل في ظهور لوحات إعلانية جاهزة تهنئ بإطلاق سراح الموقوفين في ساحة المحكمة، وقبل إعلان القاضي قرار براءة منسوبي الحزب المحلول.

وتابع: الأمر الثاني هو أنّ توقيف قادة الحزب قبل ساعات من موكب 30 يونيو/ حزيران 2020، تمّ على ضوء ضبط لجنة التفكيك وثائق وأسلحة وذخائر ومتفجرات، "ما يقدم بينة عملية لما كان ينتويه قادة الحزب المحلول، تجاه شباب الثورة السودانية الذين كانوا يجهزون لإطلاق موكب ضخم، احتفالاً بذكرى اضطرار العسكر لإعادة المدنيين للمشهد عقب استيلائهم على السلطة بعد فض اعتصام القيادة العامة".

وفضت قوات عسكرية اعتصام القيادة العامة الذي قاد للإطاحة بالبشير في 11 أبريل/ نيسان 2019 بالقوة المميتة، مخلفة أكثر من 128 ضحية طبقاً لإحصاءات لجنة التحقيق المستقلة برئاسة المحامي نبيل أديب.

من جانبه، ينفي عضو قطاع المحامين بحزب المؤتمر الوطني المحلول، مصدق خالد، فرضية أن يكون إطلاق سراح غندور وبقية رفاقه، يجئ في إطار تسوية سياسية يعد لها العسكر.

وقال لرصيف22، إن تبرئة غندور وأنس وبقية المتهمين جاءت تدليلاً على نزاهة القضاء السوداني، وعلى الظلم والكيد الذي حاق بهم في حقبة تحالف قوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة المعزولة).

مشيراً إلى شروعهم في التحضير لتقديم دعاوى بحق من أساء إلى قادة الحزب المطلق سراحهم، سواء باتهامهم زوراً، وصولاً إلى ملاحقة من ساقوا الإدانات المسبقة ضدهم فيما لا تزال قضيتهم بعد في طور المحكمة.

أبعاد سياسية

جاء قرار إطلاق سراح غندور ورفاقه، في وقت كشفت وكالة رويترز للأنباء عن اتفاق جديد من شأنه تعزيز سيطرة الجيش على مقاليد الحكم بالبلاد، وأطرافه قوى سياسية بعضها موالٍ للانقلاب وبعضها ظل شريكاً للبشير حتى ساعة سقوطه.

يذهب المحلل السياسي عثمان الرشيد، إلى أن البرهان يعمل بكل جهده لإعادة قادة نظام البشير إلى الواجهة، ضمن محاولاته لكسر حالة العزلة الدولية المفروضة عليه، وحالة الضعف البادية من قبل حلفائه السياسيين.

وأضاف في حديثه مع رصيف22، أنّ ذلك يظهر جلياً في تجميد عمل لجنة تفكيك نظام البشير، وإلغاء قراراتها بحق قادة النظام المُباد (حد وصفه)، وإعادة المفصولين منهم إلى المراكز المؤثرة في المؤسسات الحكومية والخاصة.

أطلقت خطوة الإفراج عن الغندور ورفاقه كماً هائلاً من التساؤلات والتوقعات. ما يؤكد أمراً وحيداً، هو أنّنا ذاهبون إلى مزيد من التعقيد في المشهد السوداني المعقد أصلاً

ولفت إلى أن مخطط البرهان في الاستعانة بالإسلاميين قائم على ثلاث مستويات، مستوى خارجي قائم على استغلال شبكة علاقاتهم بدول مثل قطر وتركيا لأجل استقطاب الدعم الاقتصادي لخزائن البنك المركزي التي تعاني من الشح، ومستوى سياسي لصالح تحشيد الأنصار لحكومة الانقلاب، ومستوى أمني لضمان مشاركة كوادر العنف الإسلامية في قمع الثورة المناوئة للعسكر، و"ضرب الأسافين بين قادتها وكياناتها".

في مقابل ذلك، يؤكد القيادي في قطاع الشباب، بحزب البشير، مزمل حمدون، إن حزبه لا يطمع في لعب أي أدوار في السلطة الحالية، ويعكف على مراجعة تجربة الثلاثين عاماً الماضية، لكنه من باب إسهامه في حل الأزمة السياسية سيعمل على لعب دور في التقريب بين وجهات النظر بين كافة الفرقاء السياسيين.

وقال لرصيف22: "المؤتمر الوطني يعمل على مناهضة قرار حلّه بالطرق القانونية، وعلى ترميم صفوفه، والتواصل مع بقية المكونات الإسلامية، استعداداً للانتخابات المقبلة، وضمان قيامها في بيئة معافاة".


وأدى انقلاب البرهان إلى تباعد المسافات بين العسكر وحلفائهم وقوى المعارضة وقادة الاحتجاجات، الأمر الذي أنهى جميع فرص التوافق وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.

مزيد من التعقيد

مع غضّ الطرف عن قانونية إطلاق سراح غندور ورفاقه من عدمها، فمن الواضح أن الخطوة أطلقت كماً هائلاً من التساؤلات والتوقعات، ما يؤكد أمراً وحيداً، هو أنّنا ذاهبون إلى مزيد من التعقيد في المشهد السوداني المعقد أصلاً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image